|
جَاءَتْ تُذَكرُنِي الهَوَى العُذْرِي |
فِي ليلةٍ قَمرَاءَ ، فِي الفَجْرِ |
طَرَقَتْ عَليَّ البابَ فِي قَلَقٍ |
وَتَلَفّتَتْ مِنْ شِدَّةِ الذُّعْرِ |
مَا كُنتُ أُبصِرُ غَيرَ هَالَتِها |
وَشذَا العَبِيرِ بِجِسمِها يَسرِي |
أَخفَى النِّقَابُ بَهِيَّ طَلعَتِها |
وعَدا على الوَجَناتِ والثَّغْرِ |
كَمْ كُنتُ أرغَبُ أنْ أُمَزِّقَهُ |
قِطَعَاً ، وَأكشِفُ وَجهَهَا الخَمرِي |
دَخلَتْ وألقَتْ عَنْ مَفاتنِها |
ذَاكَ النِّقابَ ، وَدَمعُها يَجرِي |
مَاكَفْكَفَ المَندِيلُ فِي يَدِها |
نَـهرَ الجُمَانِ وَسَاقِطَ الدُّرِ |
لَمْ أدرِ أنَّ الحُزنَ يَملؤُها |
فَلقَدْ شُغلتُ بِخَدِّها البِكْرِ |
لَمْ أدرِ أنَّ الدَّمعَ يَغْمُرُها |
مِنْ فَرْطِ سِحْرِ عُيونِها الخُضْرِ |
لاقيتُها كالبَدرِ مُشرِقَةً |
بَلْ دُونَها إشرَاقَةُ البَدرِ |
لاقيتهُا أشذاءَ سَوسَنَةٍ |
مَلأى بِكُلِّ رَوائِعِ العِطْرِ |
لا قيتُها أصدافَ لؤلؤةٍ |
تُغرِي المَحَارَ وَكَوكباً دُرِّي |
سَاءلْتُها : مالخَطْبُ ؟ مُلهِمَتي : |
سِحْرَ البَيانِ ورِقَّةَ الشِّعْرِ |
قَالَتْ - فَديتُك يازَكيُّ - فَقَدْ |
أضنانِيَ التَّفكِيرُ فِي الهَجْرِ |
أغفُو على أنَّاتِ مُحتَرِقٍ |
وأفيقُ فِي دُنياً مِنَ الجَمْرِ |
ألّليلُ أطوَلُ مَا يكونُ إذا |
يَغزُو فِراقُكَ لَحظَةً فِكرِي |
هِيَ أنَّةُ المَوجوعِ أُطلِقُها |
فَتَكَادُ أنْ تَقضِي على الصَّدْرِ |
يَالَلهُمومِ الكُثْرِ أحمِلُها |
فَكَأنَّها جَبَلٌ مِنَ الصَّخْرِ |
ياَ مَنْ بَذْرتَ الشَّكَ فِي جَسَدِي |
إنَّي قُتلتُ بِذلِكَ البَذْرِ |
يَا مَنْ وَثقتُ بِهِ فَخَادَعَنِي |
أرهَقتَنِي مِنْ كَثرَةِ المَكْرِ |
أينَ الأمَانِيْ إذْ تُدَبِجُهَا |
فِي مُقلَتَيَّ كَلامعِ الدُّرِ |
أينَ الوعودُ فقدْ مَضَى زَمَنٌ |
وَلقدْ سَئِمتُ لِقاءَنا السِّري |
ألعَامُ تِلوَ العَامِ يَطحَنُنِي |
والذّكرياتُ تَئِنُ فِي صَدرِي |
والنَّاسُ تَأكلُنِي بِنَظرَتِها |
يَا ثِقْلَ هذِي النَّظرَةِ الشَّزْرِ |
وَصدِيقَتي دَومَاً تُعَنِفُنِي |
وَتقولُ : وَضعُكِ هَكَذَا مُزرِي |
لا بُدَّ أن يَحيَا غَرامُكمَا |
أو يَستَرِيحَ بِظُلْمَةِ القَبْرِ |
يَا حُبَّيَ الغَافِي عَلى نَغَمِي |
والمُستَلِذُّ بِلَحنِهِ السِّحرِي |
ارحَمْ جَرِيحَتَكَ التي عَصَفَتْ |
فيها الشُّكوكُ كَهائِجِ البَحْرِ |
أقسمتُ لم أعرِفْ سِواكَ كمَا |
أقسَمْتُ إنكَ عَاشِقٌ غَيرِي |
هَلْ تَحسبُ الأُنثَى إذا انكَسَرَتْ |
أحلامُها تغفو عَلى الكَسْرِ |
هَلْ تَعرِفُ الأُنثَى إذا انتَقَمَتْ |
مِنْ لاعِبٍ بفؤادِها مغري |
تَنقَضُّ كالإعصارِ نَاشِرَةً |
لهَلاكَها وَدَمَارَها الذّرِي |
وَتُحِيلُ دُنِيا العَابِثِينَ لَظَىً |
مُتَحَرِقَاً للأخذِ بالثَّأْرِ |
فَتَّانَةَ العَينَينِ والثغرِ |
يَا أعذَبَ الألحَانِ فِي عُمرِي |
يَا جَنَّةَ الفِردَوسِ زاخِرَةً |
بِالحُورِ وَالوِلدَانِ والخَمرِ |
يَا درها المكنون في صدفٍ |
يانَهرَها مِنْ تَحتِها يَجرِي |
قَسَماً بِسحرِكِ والهَوى العُذرِي |
والأُمنياتِ وَخدِّكِ البِكْرِ |
والليلِ نَقطَعُهُ بِشقوَتِنا |
مَرِحَينِ حَتى مَطلعِ الفَجر :ِ |
مَا راقَنِي إلاكِ سَيدَتِي |
وَلو التقيتُ عَروسَةَ البحرِ |
فَخُذِي رَبيعاً وَارِفَاً ألِقَاً |
مُتَضَوِّعاً بِنسَائمِ الزَّهْرِ |
لَمْ يَبقَ فِي شَفَتيَّ مِنْ كَلِمٍ |
وَيدِيْ تَشُدُّ بِقوّةٍ ثَغرِي |
أمسَكتُ كَفَّيها وقد طَفَحتْ |
فَوقَ الجبينِ عَلائِمُ النَّصْرِ |