|
كَبِّرْ عَلى وَطَنِي الجَزائِرِ أَرْبَعَا |
مِنْ بَعْدِمَا أَمْسى الجَبانُ الأَشْجَعَا |
مِنْ بَعْدِما صَارَ الجَهُولُ مُبَجَّلاً |
والعَالِمُونَ غَدَوْا ذُيُولاً تُبَّعَا |
مِنْ بَعْدِمَا الكُرَماءُ دُسُّوا فِي الثَّرى |
واللِّصُّ فَوْقَ العَرْشِ جاءَ تَرَبَّعَا |
مِنْ بَعْدِما غَدَتِ الجَعَالةُ فِطْنَةً |
ذاكَ الكَريمُ بِها المُوَظَّفَ شَجَّعَا |
مِن بعدما صارَ القضاءُ مُهَنَّدًا |
بِيَدِ الغَنِيِّ عَلى فَقيرٍ مُشْرَعَا |
مِن بعدما غَدَتِ المَحاكِمُ بُقعةً |
بِالذُّلِّ فيها كَمْ ضَعيفٌ أُشْبِعا |
مِن بعدما صار الجحيمُ إِدارَةً |
فيها أخي مُرَّ الحميمِ تَجَرَّعَا |
من بعدما صار الغريبُ مواطنًا |
والشَّعب مُغْتَرِبًا بِقَهرٍ رُكِّعا |
منْ بعدما أمْسى النِّفاقُ شريعةً |
في مسجدٍ واحسْرَتاهُ تَجَمَّعا |
جُلُّ العبادِ مَعَ الإمامِ صَلاتُهُم |
وَغَدًا جَميعٌ للرّشاوى مُسْرِعا |
من بعدما قِطَطُ الكرامةِ أُعْدِموا |
والفأرُ أمسى بالنَّعيمِ مُرَعْرَعا |
من بعدما أَلِفَ البطالةَ طالِبٌ |
أمْسى قتيلاً في الحياةِ مُشَيَّعا |
نالَ المُحَنَّكُ بالوِسامِ مَناصِبًا |
وجميعُها بالمثْلِ ظُلْمًا وُزِّعَا |
أمَّا المُعَلَّمُ مَنْ تَعَذَّبَ سَاهِرًا |
فَلَقَدْ جَنَى شَوْكَ السَّآمَةِ مَرْتَعا |
آهٍ بلادي كيْفَ صِرْتِ كَسِيرَةً |
وَحليبُ ضَرْعِكِ لا يَمَلُّ الرُّضَّعا |
أنْتِ الجِنانُ على التُّرابِ وَتَحْتَهُ |
لِمْ يا تُرى بِالفَقْرِ اِبْنُكِ ضُيِّعا |
حتّى الخزائنُ بالدّراهمِ أُتْخِمَتْ |
مَا شَمَّ شَعْبٌ رِيحَها إذْ أُسْمِعا |
أَتُراهُ كَيْ تبقى الكراسي في الهَنا |
لا بُدَّ أن يبقى الجَميعُ مُجَوَّعا |
آه بلادي كمْ نفوسٌ أهْرِقَتْ |
لِيعيشَ اِبْنُكِ سالمًا وَلِيُرْفَعا |
أَفَبَعْدَ ذاكَ السَّيْلُ مِنْ شُهَدائِنا |
يَبْقى المُواطِنُ شاردًا وَمُرَوَّعا |
أسفًا بِلادي رغْمَ ذاكَ وَجَدْتِنا |
بِالعَجْزِ نَذْرِفُ كالنِّساءِ الأدْمُعا |
أجَزائرَ الأحْرارِلَيْلُكِ زائِلٌ |
حتّى وإنْ طالَ الدُّجى وَتَنَوَّعا |
سَتُبَدَّلُ الأيَّامُ والأجْيالُ كَيْ |
يأتيكَ منْ يدعُو النَّهارَ لِيَطْلُعا |