( خريف الأحبة )
وداعكم
صدف ٌ وما للدّر ِ عندك َ جاحد ُ ؟
والقلب ُ ملتهب ٌ وحزنك َ بارد ُ
يا بحر ُ هل خانتك َ أمواج ُ الهوى ؟
أم أن َّ ماءَك َ في التـّأمـُّل ِ راكد ُ ؟
أبـَكـَت ْ عليك َ الريح ُ عند نفيرِها ؟
أم خاب َ فألـُك َ في الذين توافدوا ؟
قـَلـّم ْ رموش َ العين ِ سهرتـُنا انتهت ْ
وأتت ْ برائحة ِ الصباح ِ مواقد ُ
صبح ٌ ينام ُ الطير ُ فيه ِ مهانة ً
شمس ٌ مزيفة ٌ وظل ٌّ حاقد ُ
وهنا يسف ُّ الفكر ُ سعفة َ ظنـّه ِ
والبوح ُ مشلول ٌ ولا يتعاود ُ
الحبر ُ ذات ُ الحبر ِ لكن ْ غـُيـّرَت ْ
أقلامـُه ُ فتغاير َ المتوارد ُ
جمدت ْ على نار ِ التأسـّف ِ زفرة ٌ
وتـَرَمـّلت ْ فوق َ النحور ِ قلائد ُ
وأراك َ تبتاع ُ المصير َ بدمعة ٍ
خرساء َ يسحقـُها حبيب ٌ خالد ُ
تأسى ومفتاح ُ انسجامـِك َ ضائع ٌ
مع كل ِّ ما في بوحـِه ِ يتعامد ُ
وتريد ُ من دنياك َ ما لك َ وانتهى
قدرا ً لغيرِك َ واعتزالـُك َ شاهد ُ
فاضرب بسوط ِ اليأس ِ أمنية َ الهوى
ودع ِ الحنين َ يـَعد ْ فإنـّك َ عائد ُ
لك وَحدة ٌ ختمت ْ شعورَك َ بالردى
طوع َ اختلافـِك َ والمـُحـَتـِّم ُ راصد ُ
ها أنت َ بعد الذكريات ِ تؤول ُ في
نزق ٍ لمحراب ٍ بكاه ُ العابد ُ
فشل ٌ إلى فشل ٍ يجرّك َ نادما ً
وتـُقـِر ُّ دعوى الإنحطاط ِ مشاهد ُ
أوراق ُ هذا الصيف ِ ليست مثلما
كانت وآمال ُ القرين ِ تـُعاود ُ
وتـَغرّبت ْ كالأغنيات ِ ولحنـِها
روح ٌ بها أمل ُ التـَّخـَلـُّص ِ صاعد ُ
لكن ْ عـَذرت َ الحاضر َ المـُزجى به
منوالـُك َ المشؤوم َ إذ يتعاهد ُ
بقي َ اعتراف ُ النـّهر ِ بالرمل ِ الذي
تجري به لرؤى الظنون ِ مشاهد ُ
ومواسم ُ الأحزان ِ خضراء ُ الـ ( أنا )
ولها طوال َ العام ِ فصل ٌ واحد ُ
رسبت ْ بقاع ِ القلب ِ أملاح ُ الأسى
والواقع ُ المرهون ُ عندك َ جامد ُ
ها أنت وحدك َ في الطريق ِ مجرّد ٌ
ممـّن لهم بين الضلوع ِ مواجد ُ
ممـّن ْ رسمت َ لها الحياة َ قصيدة ً
لحروفها كل ُّ الفحول ِ حواسد ُ
ممـّن ْ صبغت َ له الصداقة َ بالفـِدا
وكأنـّه ُ في ناظريك َ الوالد ُ
من كل ِّ مفترق ٍ لعبرتك َ التي
قذفتك َ وانتبهت لديك َ مقاصد ُ
من كل ِّ مصباح ٍ مسحت َ جبينه ُ
ويغوص ُ بالنوم ِ العميق ِ المارد ُ
الكل ُّ قد باعوك َ بالنبض ِ الذي
نـَذرَتـْه ُ روحـُك َ والجراح ُ تشاهد ُ
وتلوح ُ خيبتـُك َ التي أجـّلـْتـَها
ظنـّا ً بأن ّ القافيات ِ شوارد ُ
يا مسحة َ الرأس ِ اليتيم ِ كفاك َ من
عض ِّ البنان ِ فـَشـَعـْر ُ ذاتـِك َ ساجد ُ
والليل ُ في عين ِ الصباح ِ سهامـُه ُ
خجلى وأشلاء ُ الضياء ِ فراقد ُ
لا تمضغ ُ الأنهار ُ رمل َ جروفـِها
إلا وأمواج ُ الضجيج ِ شدائد ُ
والمنطق ُ المشدوه ُ قال مجدّدا ً :
مهلا ً فإنـّك َ في البرية ِ زائد ُ
الفقر ُ أبعد َ عنك َ كل َّ مـُحـَبـّب ٍ
للنفس ِ والإيمان ُ بعدك َ بائد ُ
ومحاجر ُ الحرمان ِ شاخصة ُ الرؤى
والحزن ُ في أنـّات ِ طـَورِك َ سائد ُ
ها أنت َ وحدك َ في خريف ِ أحبـّة ٍ
تشكو وسمع ُ المـُبتغى متباعد ُ
أشجارُك َ احترقت بماء ِ وعودِهم
وضلالـُك َ انصهرت ْ ولومـُك َ فاسد ُ
لم يبق َ للأحلام ِ درب ٌ حافل ٌ
ببصيص ِ آمال ٍ فهن َّ زوائد ُ
حـُبـْلى عروس ُ الحزن ِ زُفـّت ْ بعد أن
رُفـِع َ الغشاء ُ وعرسـُها متعاهد ُ
وعليه شـَذّب ْ عبرة ً كسرت ْ يدا ً
بالمسح ِ فالجرح ُ الجديد ُ قصائد ُ
لك هـَدْيـُها الأوجاع ُ فاقبل ْ هديـَها
مفقودة ٌ وقد التقاها الفاقد ُ
راهنت َ بالعشق ِ الذي رقصت ْ به
كل ُّ الحروف ِ وهن َّ فيه كواسد ُ
ورسمت َ بالمجهول ِ دربـَك َ للغمو
ض ِ وفكرك َ استشرى وأنت َ معاند ُ
فاسمع ْ لأوّل ِ مرة ٍ رؤياي َ في
تحكيم ِ عقل ٍ فالمـُجـَرّب ُ راشد ُ
واجمع ْ سراب َ الأمنيات ِ فباعـُها
يـُلـْقي مطاردة ً وليس يـُطارَد ُ
هي هكذا دنياك َ فارحم ْ ضدّها
فالضد ُّ في ساح ِ القريحة ِ قائد ُ
عكس َ الفـِرار ُ عقيدة َ الذات ِ التي
فرّت ْ بجوهرها الغداة َ فوائد ُ
قدر ٌ عليك ترى شبابـَك َ عاقرا ً
من كل َّ ما قد كنت َ فيه تجاهد ُ
صفر ٌ يداك َ من الذي أملتـَه ُ
حتى التفاؤل ُ في عيونـِك َ نافد ُ
الآن َ قد وضـُح َ الدفين ُ من الهدى
وهـُديت َ والأيام ُ عنك َ تراود ُ
لك حائط ٌ فاضرب ْ به رأس َ الهوى
فالحب ُّ أجفان ٌ وحظـُّك َ عاقد ُ
ما عدت َ ، يا محض َ الهوى ، ذا قيمة ٍ
أوَ هكذا رجع َ الشباب ُ الواعد ُ ؟!!
أوهكذا سهر ُ الليالي ينتهي ؟
ومصيرُه ُ في عين صُبـْحـِك َ واجد ُ ؟
أناْ ها هنا أبكي عليك َ وأنت َ في
عـَقد ٍ به ِ موت ُ الرغائب ِ وارد ُ
عقد ٍ أليم ٍ فيه قد كثـُر َ الذي
يعدو عليك َ وفيه قل َّ مساعد ُ
والموت ُ صار لديك َ حلما ً آخرا ً
تبكي عليه وأنت َ فيه تناشد ُ
قـُلـْها بليلـِك َ واثقا ً واصدح ْ بها
- ولـْتسترح ْ ويد ُ الممات ِ تـُساند ُ - :
سأموت ُ قـِسرا ً يا خريف َ أحبـّتي
فالموت ُ أرحم ُ من أناس ٍ عاهدوا
******
وربما هو وداع الشعر
تحياتي
سراب
الوصول
زيد خالد علي