أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: (بيتزامن أجل ذكرى مريم)

  1. #1
    الصورة الرمزية معتزابوشقير قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Aug 2009
    المشاركات : 303
    المواضيع : 26
    الردود : 303
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي (بيتزامن أجل ذكرى مريم)


    كانت نسمات تشرينية باردة، كنتُ أتسكع في الطريق، وثمة أفكار تدور في رأسي المُثقل ببعض المشكلات، كنتُ ذاهلاً تماماً عما يصادفني في الشارع الذي انتهى بإشارة مرورية، وحالما وقع نظري عليها تذكرت على الفور (الماغوط) وقفتُ أتأمل كيف كان يودّ أن يُلبسها ملاءة سوداء، ويناديها يا أمي..! بدأ الأسى يشتعل في أوصالي، شعرتُ بقشعريرة تدب في أطرافي، ورغم (الزمامير والدوشة)، أحسستُ بأنني وحدي في الطريق..!. الله يا مأساة هذا الرجل..! التي يضيق بها الخيال، صورة مرعبة للأسى، وأكاد أزعم أنني لم أقف عند تأثير صورة مثلها قط.. تمنيتُ لحظتها لو يتسنى لي أن أدس رأسي تحت الغطاء، وأغفو طويلاً..‏

    لكنني تابعتُ السير وأصابعي تتشابك خلف ظهري (كحنظلة) العنيد حتى أوقفني، منذ مدة طويلة لم أجتمع به، ولم أسمع عنه شيئاً..! كان يرتدي المانطو الطويل، وفي يده حقيبة جلدية تبدو فاخرة.. وعلى رأسه (طاقية) سوداء جميلة.. وكان (البايب) يتدلى من زاوية فمه إلى أسفل ذقنه البيضاء..‏

    قلتُ أهلاً أيها الشاعر الجميل، كيف حالك يا صديقي اللدود.؟ قال يا رجل لا تفاول عليَّ ألا تعلم أن هذا عنوان قصيدة (ممدوح عدوان) التي نظمها في رثاء (غالب هلسا) (مرثية الصديق اللدود)..؟ قلتُ بل والله لقد قرأتها منذ زمن، حتى أني والحق أقول، وجدتها تتطاير في الشارع وكانت منشورة في إحدى الصحف فالتقطتها.. ولكن قل لي يا صديقي.. هل اقتنيتها أنت بنفس الطريقة..؟ قُلتها متمتماً بنفسي..‏

    سألته أين تتواجد وفيم الغياب.؟ أجاب أيها المشاكس مشاغل كثيرة، غالباً ما أتواجد ببعض الفنادق..‏

    قلتُ: وماذا تقرأ هذه الأيام..؟ فصمت.. قلت وكيف الشعر، أما زلتَ على جفاء مع قصيدة النثر..؟‏

    قال يا رجل (سيبك) من الشعر والنثر (يا عمي) ماذا فعل لنا الشعر.!؟ قلتُ وماذا فعلنا للشعر..!؟‏

    قال: (إنسى سيبنا) تركنا الشعر لأهله.. قلتُ ماذا تعمل إذن..!؟ قال أكتب.. تكتب!! والله هذا النهار (دراما من أوله) قال أكتب أغاني لمطربين جدد، أقبض (دولارات).. اقتنيت سيارة جميلة.. وبيت .. ومزرعة أتنقل من فندق إلى آخر.. ومن عاصمة إلى أخرى.. وكتابة الأغنية لا تستغرق ساعة من الوقت.. فهل يفعل لي الشعر ما تفعله الأغاني..؟ (هذه الهابطة) فالشعر بحاجة إلى قُراء.. إلى طباعة على (حسابك) (ويا عالم من يشتري نسخة) بعد إحراج طويل..‏

    عندها أحسستُ بوخز في جسدي كله، كانت عناوين كثيرة لروايات وقصص.. وقصائد.. تمرُ في مخيلتي، لكنني في هذه اللحظة بالذات تذكرت (علي فوده) تذكرتُ (الغجري) و(قصائد من عيون امرأة) و(الفلسطيني الطيب) شاعراً منسياً وأعمالاً قلما يعرضها أحد، تذكرت (رشاد أبو شاور) ومرارة البيتزا وحلاوتها لا زالت في حلقي، منذ زمن بعيد (بيتزا من أجل ذكرى مريم) كان لها تأثير موسيقا (زوربا) التي ذكرها الروائي (عبد الإله الرحيل) في مقالة له تحت عنوان (قارب للصمت) تذكرت الأدباء الذين حملوا السلاح، وحُمِّلوا أوزار هذه الأمة، وكانوا ينتظرون فسحة من هدوء، ليتمكنوا من توزيع صُحفهم التي كانوا يحررونها، تحت القصف العشوائي في بيروت.. تذكرتُ (السياب) الذي أرسل إلى المجلة قائلاً.. ما معناه: ((أرجو أن ترسلوا لي مكافأتي المالية عن المادة التي وصلتكم لأتمكن من شراء الدواء))..‏

    وصرت أحدث نفسي، ربما يكون هذا الرجل على صواب بعض الشيء، فنحن أمة تُكرِّم عباقرتها عندما يرحلون، هذا من جهة، ثم لا تنفك أقلام النقاد تشريحاً وتشهيراً بجثث القصائد والروايات من جهة أخرى، منذ زمن بعيد استشهد (عبد الرحميم محمود) (سأحمل روحي على راحتي/ وألقي بها في مهاوي الردى).‏

    ونسبة قليلة جداً ممن يعرفون (عبد الرحيم محمود) ونسبة قليلة أخرى، يسمعون هذا البيت من الشعر ولكن لا يعرفون شاعره!‏

    ألم يمت (أمل دنقل) جائعاً متسكعاً، باحثاً في أكثر الأحيان، عن صديق يدفع له ثمن الغداء..!؟..‏

    (أمل دنقل) صاحب قصيدة (لا تصالح) التي ما زال البعض يعتقد أنها للشاعرة (أمل دنقل) وهناك الكثير من الحكايات، عن عباقرة هذا العالم..‏

    قلتُ في نفسي.. كيف لشاعر كصديقي هذا، أن يُطّلق الشعر والأدب بشكل قطعي..؟ حتى أنه كان يتكلم عنه بقرف عجيب..! ثم أعود لأقول من المحتمل أن يكون للرجل مبررات أجهلها أنا، هكذا بنفسي أتساءل..؟‏

    ثم إني أنظر إلى واقع الأدب عندنا فأجده يتأرجح بينَ بين.! وأجد (الواسطة) تدس أنفها حتى في الأدب..! ومما أذكره أن أحدهم عمِلَ في مجلة كمحرر في قسمها الثقافي، حيث تلقى قصيدة لأحد الأسماء اللامعة في الوسط الأدبي، ولجهل الأول بالقصيدة وبالاسم معاً، نشرها في (بريد القراء)، والطامة الكبرى، أنه كتب لصاحبنا في باب (ردود سريعة) ناصحاً إياه بالقراءة المتواصلة، وخاصة الشعر القديم، فقصم ظهر البعير بقشته تلك..‏

    ثم أليست تقام الأمسيات والمهرجانات الأدبية وما أكثرها، وما أكثر الكُتّاب في زماننا هذا، ولكن مَنْ ذا الذي يتابع أمسية أدبية..! فتنظر إلى القاعة فتراها خالية إلا من الكُتّاب أنفسهم وحضور لا يذكر أبداً.‏

    معاذ الله أن أسوق المبررات لصديقي (أبو الأغاني) ولكن هي تساؤلات مشروعة، ثم أليس هناك الكثير من الشعراء الذين طلَّقوا الشعر وتفرغوا للتنظير السياسي..؟ أليست المحسوبيات (والشللية) في الأدب والمنابر الأدبية قائمة حتى هذه اللحظة..؟ ولا تزال المواد الفاسدة والتي لا تصلح للنشر، تُنشر وبجدارة!‏

    ألم يلجأ الكثير من كُتّابنا للنأي بأقلامهم عن صحفنا؟ لا أقول مجلاتنا، لأنها تكاد تكون ظاهرة منسية في بلدنا..! أقول ألم يلجأ هؤلاء الكُتّاب للصحف والمجلات العربية والدولية الأخرى..؟ بلا واسطة ولا هم يحزنون؟‏

    فمن أظلم ممن طيّرهم إلى هناك.. وما أكثر المواد التي يتكرر نشرها سهواً، وتعاد فتُنشر تارة أخرى في جهة أخرى وتحت عنوان آخر! ولما تزل تخيِّم على القصائد نفس الضبابية، ونفس المفردات في الكثير من النتاج الشعري وكأنها مفردات جاهزة، ولكن تختلف من شاعر لآخر في الأسلوب..!‏

    أعود لأقول معاذ الله أن أبرر موقف صديقي (أبو الأغاني) من الشعر لكنه أيقظ في نفسي هذه التساؤلات عن واقعنا الأدبي، فليست مهمة الشعر أن يطعمك.. ويسقيك.. وإذا مرضت يشفيك، ولكن الحد الأدنى وطوبى للأدباء لأنهم فقراء العالم.‏

  2. #2
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : May 2009
    المشاركات : 14
    المواضيع : 2
    الردود : 14
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    الأستاذ :معتز ابو شقير
    أكثر شيء أتعبني في بوحك
    هذا الخط الذي كتبت به
    أرجوك ألا تكتب به ثانية ،فقد أتعب عيني
    مهما كان الألم ومهما كان ما رأيناه بسبب عشقنا للشعر
    لا زلنا نسعى وراء حضور أمسية نتنفس فيها الحروف
    ما زلنا نتطلع إلى السفر لبلد نلتقي فيه وأصدقاء الروح الذين قاسمونا رغيف الشعر الجاف فشبعت أرواحنا ونامت!
    ما زال ذاك العذب/ المعذب يسكننا كعفريتٍ عصيّ لا يفلح أي زارٍ في طرده!
    أخي معتز
    إنه الشعر1!!
    تحياتي إلى صديقك الذي طلقه واعتنق الأغاني السهلة له المعذرة ربما قاوم طويلا!
    ولك دعائي بدوام الجهاد!

المواضيع المتشابهه

  1. " ذكرى رحيلك " فى ذكرى رحيل الزعيم جمال عبد الناصر
    بواسطة سعيد ماضى ابوالعزائم في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 28-09-2016, 03:02 PM
  2. من أجل .... سلمى
    بواسطة ابن حيزان في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 27-03-2009, 08:24 PM
  3. من أجل رأس صدام لا من أجل عرض عائشة رضي الله عنها
    بواسطة أديب قبلان في المنتدى النَادِى التَّرْبَوِي الاجْتِمَاعِي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 22-01-2007, 11:37 AM
  4. أجل رحلوا...!!
    بواسطة رمضان عمر في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 21-03-2004, 09:47 AM
  5. لي ذكرى ، ولكِ ذكرى
    بواسطة النجم الحزين في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 14-07-2003, 06:47 AM