في شرنقة السؤال
هذا الحزن / أتراه هو من لا يغادرنا أم نحن الذين لا نودّ مفارقته ؟؟؟
سؤال كلّما أجبتُني عليه , أعادَ تشكيل استفهامه متعجبا و أطلّ عليّ من زاويا متفرقة ساخرا مني و من عبثية أجوبتي الحمقاء .
ما يزالُ يتفننُ في تشكيل أروقته داخل كياني, و ما زلتُ أتفننُ في مداعبة ملامحهِ و إراقتها حبرًا على دفتري القديم. مذُ أعوام مضت و أنا أصارعُ رؤى ذكريات الصبا, مخلصًا لتوتراتها التي تعصف بداخلي , و كأنّي نأيتُ عن الحدث ذاته ,عن مضمون الذكرى و أحقيتها في الاجترار , و رحتُ أُمَجدُُ عبثا تداعياتها في هيكل جسد روحي المتآكل .
يقرأني البعض بطلاً أفنى عمرهُ في ملحمة من الوفاء , و يقرأني البعض الآخر وترًا يدقُ على الأحاسيس بكلّ غباء , و أنا برغمِ ذلك ما زلتُ أكتُبنِي و مستمرًا في تقطيعِ أوردتي كلّ مساء .
ما زلتُ أتجرّعُ من الوهم طاقة المُضي نحو حياة مشرقة, و البعض يحثنّي على المغامرة و خوض لعبة السباق و انتزاع الفرحة من أحداق السرور, أراهنُ معهم على الأمل و ما أن ينتصّبَ واقفا بشموخ الأمنيات حتى ينهارَ فجأة تحتَ قسوةِ الضربات.
يُرهقني سؤال آخر و ينخرُ منقاره في عظم مخي و أخافُ أن أجد له جوابًا يُعرّيني من مثالية أمقتها لكننّي صدقا لا أستطيعُ التخلي عنها, لأننّي أعرفُ مسبقا أنّها ملاذي الآمنَ من وحوش آكلة للجمال, وحوش تراها وديعةً أنيقة بأسنان ناصعةَ البياض تستحيلُ في لحظة إلى ذواتِ أنياب شرسة .
و ما أحسبُني بعد ذلك كله إلا ّ قادرا على أن أعيشَ الواقع بكل تفاصيله المؤلمة رغمَ أنف نرجسية الرؤى و طغيانها, و أن أستوردَ لغةً غير لغتي و ملامحَ غير ملامحي لأقبضَ ثمنا مسروقا من صندوق النسيان.
12/12/2009