ألا هبي يا مصر..
ألا هبي بسيفك فانصرينا *** و لا تبقي رؤوس المفسدينا
لا شك أنني تابعت مباراة مصر و الجزائر..!! و لا شك أنني تابعت المعركة الإعلامية و شبه العسكرية بينهما!! و تابعت الهجوم الإعلامي المصري الكاسح على الجزائر بعد المباراة !! و تابعت ردود فعل الجمهور الجزائري الذي غير المنكر بيده !! بعدما غيرته مصر بلسانها !! ولله الحمد و المنة لا أحد منهم ضعيف الإيمان ليكتفي بتغيير المنكر بقلبه ..!!
يا للعجب ...!!!
أقيمت الدنيا و لم تقعد ، و رأينا قنوات إعلامية متخصصة في زرع العداوة و البغضاء، قنوات لا تنام و بالمباشر 25 ساعة على 25 و عشرة أيام في الأسبوع، مهمتها القذف والتجريح و التهكم من الشعوب و تاريخها، لأن مصر طبعا أم الدنيا. ولا بأس أن تشتم الأم أبناءها، و تذم سلوكهم و سوء تربيتهم، فقد علمتهم الكرة و النضال و اللغة العربية و الدين ... و من بر الولد بأمه ألا يرد شتائمها ف " الجنة تحت أقدام الأمهات " و ليست في أقدام اللاعبين.
و رأينا سخاء و غيرة الحكومات و الرؤساء : لا ينامون حتى يعود مواطنوهم ، ولا يقبلون أن تمس كرامة أحدهم خارج الوطن – فكيف يقبلون أن تمس داخل الوطن !!؟؟- و سخروا الطائرات لنقل المجاهدين عفوا المشجعين إلى الخرطوم تقريبا "ببلاش/ فابور" فشكرا سيدي الرئيس أقصد الغاز و البترول..!! فهذا كرم إضافي على الشعب المتخم بالنعم و الحرية و العلم ...!!
وسمعنا كلاما لو وعاه جبل لرأيته صاعقا متصدعا من هول ما سمع، و اختار البعض دون أن يشعر - ربما- أن ينسب نفسه لشعوب بائدة كافرة وكأن سلمان لم يقل :
أبي الإسلام لا أب لي سواه *** إذا فخروا ببكر أو تميم
و بدأ البعض يتساءل من الصهاينة : إسرائيل أم مصر أم الجزائر!!؟؟
و هاهي الشعوب تسير بلا توقف ..تغني .. تندد.. تخرب.. ترقص.. تهلل.. تبكي على وطنها، و تاريخها، و منتخبها المغدور في عز شبابه أو المسرور في عز شبابه أيضا.
و الفنانون و الفنانات ..أهاه !! على الخط تماما يقررون/ يقررن مقاطعة بلد - و الحمد لله - اللهم زد في مقاطعتهن لكل بلداننا ، ليقاطعن الغناء والرقص و العري بالمرة .. وتتقلص القنوات الفضائية و يسهل على جدتي استعمال آلة التحكم عن بعد..آمين!! يا للكرم و يا للعجب !!
وحسب جهلي فالدول العربية ليس لديها مشاكل، وشعوبها غنية، ولا مواطن " يشتم في طعم المية.. و الطعمية.. و القهوة.. و روادها.. وفي مراتو.. وأولادها.. وحر و زحمة الأتوبيس.. وفي اللي بيعملو إبليس.. وفي التفليس" - و لله الحمد- و غزة لم تحاصر.. و لم تدمر، و أفغانستان ليست مسلمة ، و العراق مجرد أسطورة أو فيلم خيال علمي للبالغين فقط...
فهنا المباراة الحقيقية.. و هنا يجب أن يتجه الجمهور، وأصحاب الحناجر، و هنا يجب أن تنفق أموال الكرماء، و ليس على قنوات الفيديو "كلاب" و ناطحات السحاب في الرمال، و مهرجانات البساط الأحمر كنهر دمائنا المتدفق، ولهذه الغاية يجب أن تسخِّر تلك القنوات ولو عشر أعشار ما خصصته لمباراة مصر و الجزائر، وتعمل على نشر الوعي و استنهاض همم الشعوب كي تنهض لتستعيد كرامتها المستباحة وأراضيها المغتصبة.
ألا هبي بسيفك فانصرينا *** و لا تبقي رؤوس المفسدينا
الأم مجبولة على حماية أبنائها، فإذا هاجمهم عدو خبأتهم في حضنا، و لا يتمكن منهم هذا العدو إلا بعدما تصير الأم جثة هامدة خاصة إذا تعلق الأمر بطفلة صغيرة بريئة أراد وحش أن يغتصب عفتها و يدنس شرفها ... و أظن أن غزة.. طفلة.. صغيرة.. بريئة.. شريفة.. عفيفة.. باسمة.. ضاحكة.. باكية.. دامعة.. مظلومة.. منكوبة.. طائعة.. بارة بأمها..!!
أين هؤلاء الإعلاميون؟؟
و ها نحن نسمع بجدار فولاذي لتطويق غزة و حماية أمن مصر!!! ألا هبوا لهدم الجدار و فك الحصار.
أقمتم الدنيا بسبب المشاركة في كأسٍ.. أما لو كان الأمر يتعلق بقنينة أو صنبور أو منبع ماء طبيعي فماذا كنتم فاعلين .. اشغلوا أنفسكم قليلا واسألوا عن الابن.. و الأب.. و الجد.. و الأم.. و الجار.. و الصديق.. و البيت.. و الشجرة.. و الأرض.. و العِرض.. و اللغة.. و التاريخ.. و الدين ... فاطمئني يا إسرائيل!!
تأكدوا كما تأكدت أن مشاكلنا أعمق و أكبر، و لن تحل حتى لو فازت .... البرازيل أو غيرها - ليس نحن طبعا- بكأس العالم .
أما نحن فيكفينا شرف المشاركة... ولنا أن نتذوق العلقم من كأس الأخوة و الجوار ووحدة الدين و اللغة و التاريخ.
ابراهيم السكوري
17/12/2009