وقبل أن تصطرعوا
شعر: يوسف أحمد
15/1/2010
وقبل أن تصطرعوا
كنا نَعدّ شعبَنا
مليونَ مستحيلْ
كنا نرى اللهيب في رماده
والنصرَ في فؤاده
من ألف ألف ميلْ
*************
وقبل أن تصطرعوا
كنّا نرى في قدسِ قبة الرؤى
براق حلمها محلقا
وفي خليلها كنا نرى
الأطفال
يحفظون درسَ جرحهم
ويقرؤون نبضَ قمحهم
ويكتبون
من عظامِهم
حكاية َالفداء في نبوّة " الخليل"
وكان شعبنا الأبيّ
صابرا مرابطا
على ثغورِ أرضِها
يئنّ في ضلوعها
يعبّ من دموعها
لكننا
كنا نرى في صبره الزيتونَ وارفا
لا يعرف الذبولْ
********************
وقبل أن تصطرعوا
كان الشتاءُ في سمائنا
ملبّدا بالقصف والغيومْ
وكان سربُ طائراتِهم
يطيرُ غاشما مدججا
بإثر سرب غاشمٍ
يسحّ ما أراد من قذائفٍ
تزلزل التخومْ
لكننا
كنا نرى الهلال باسما
من ظلها الثقيلْ
*******************
وقبل أن تصطرعوا
كانت قنابلُ الفسفور
ترتوي هنيئةً من عظمِنا ولحمِنا
وتستبدّ حرةً بيومنا
لكننا
كنا نرى من ضوئِها الجحيمِ واللظى
فردوسَنا المفقودَ
والعناءَ في سبيله
ضريبةَ الوصولْ
******************
وقبل أن تصطرعوا
كانت بيوتُنا تلوكها جرافة المحتلّ
في شراهةٍ
تدورُ بالجنزير في بلاهةٍ
لكننا
كنا نرى من كوّة الأنقاض قبةَ البراقِ
حرّةً تقاومُ الأفولْ
*******************
... وقبل أن تصطرعوا
كنا نموت واقفين كالنخيلْ
كنا نكفنُ الشهيدَ بالشهيدِ
في مخيّماتِ حزننا
لكننا
كنا نرى من دفقةِ الدمِ الطهورِ
حُلْمَنا الجميلْ
***************
وقبل أن تصطرعوا
كانت قيودُ سجنِنا قصيدةً
يرددُ الجميعُ نصَّها
ويحفظونَ درسَها
وتكمل الأجيالُ بالعذابِ نقصَها
لكننا
كنا نرى في عين طفلة الأسير ِ
خُضرةَ الجليلْ
**************
وقبل أن تصطرعوا
كنا نشاهد الحياة في شواهد القبورْ
وجَنة النعيمِ غضّة من جُنّة الصدورْ
كنا نرى الحياةَ في مماتنا
والنصرَ في ثباتنا
والموتَ في شتاتنا
والقيدَ والرحيلْ
**************
وقبل أن تصطرعوا
كنا نعدّ كلّ حزب منكمُ
جناحَ نورس حبيبْ
نطير نحو حلمنا بريشه
ونرسم الغد الجميل والهوى
على رؤى نقوشِه
ونستمدّ من علاقة الإخاء والفداء بينكم
شهامة الرجالِ
في ردائها الأصيلْ
****************
وقبل أن تصطرعوا
كانت " سجاح "
تنفث انحرافَها
في كل عقدة
عقيدةً
وتشعل الأحقاد في صدور إخوة البلاء
توقد التحيّز المقيتَ في مسارب العقولْ
لكننا
كنا نرى الأخوّة الفيحاء
من جراحنا
توحّد الأكفَّ والرؤى
على خطى الرسولْ
وتنسف التحيّز الأثيم
في قِماط مهده
وتوقد البكاءَ
في عيون جندِه
كنا نرى
الخليفة الأشمَّ
في سروجه
يوجّه الخيولْ
*******************
من قبلكم
كان الأسى يلفّنا
كان الردى يحفّنا
لكننا
كنا نراكم الحياةَ
في
مفاصل الحقولْ
*****************
وقبل أن تصطرعوا
ما زار شعبَنا يأس ولا قنوط
وما خبتْ في نفسه عزيمةُ الإباء
ما انحنى مقبلا أكفّ
مَنْ يحدد الشروط ْ
والآن باصطراعكم
فتحتم الطريق للأسى
فتحتم الطريق للسقوطْ
نكأتم الجراحَ باختلافكم
ليبسمَ الدخيلْ
********************
والآن باصطراعكم
يا إخوة البلاء
تزرعون قِبلة الرسولِ
فُرقة
وتنسفون بالقنابل البلهاء
كلَّ بسمةٍ
وتقتلون بالفضائياتِ
كلَّ نسمة
تحاول الوصولْ
*************
كنتم لشعبنا الأمان والمنى
فصرتم لحلمه السكينْ
وتلّه التحيز اللعينُ للجبينْ
فأينَ تذهبونْ ؟
وأين تذهبونَ
والبلاد تحتمي
من جرحها بجرحها
وتستحمّ بالدماء
في حقول قمحها
وتصرخ السهولْ
***************
يا سادة السياسةِ البلهاء
كيف تحكمونْ
وكيف تكتبون من دمائنا
وثيقةَ اختلافكم
وكيف تُشغلون أعين
الفضائياتِ
باعتسافكم
وكيف
تصنعون من جلودِ شعبنا
الطبولْ
أعمتكم المناصب البلهاء
عن جراحنا
وصوّبت أكفُّكم إلى
صدورِ أهلنا
سلاحَنا
حتى جرى
القنوط في صباحنا
والخزيُ والذهولْ
يا سادة السياسة البلهاء
والتفرّق المهينْ
أما دعاكم إلى اللقاء
جرحُ شعبنا بغزّةٍ
وأنّة الجَنين في جنينْ
أما دعاكم للوحدة المجيدة العصماء
سوطُ آسرٍ
ورعشة الإباء في مفاصل السجين؟ ؟؟
أما دعاكم إلى اللقاء
ألف نكبة جديدة
وألف ألف غولْ ؟؟؟
*/*/*//*/*/*/*/*/*/*/
بالله لا تكابروا
وأطفئوا جهنّم
الخلافِ قبل أن نقولْ
صرنا هنا
كنا هناك
ليتنا لم نختلفْ
ولم نُدِر عن البلاد للشتاتِ
مِقْودَ الرحيلْ