تتمة : الحب :
• ثالثا : بم يمتاز الحب الجنسي :
قلنا - آنفا – بأن حب اللذة الجنسية إنما هو فرع من فروع الحب .. وأن الحب ليس محصورا فيه .. فأنواع الحب لا تعد ولا تحصى .. والجامع بين الأنواع كلها هو : الملائمة بين المحب والمحبوب في امر ما !!
• والحب لا يختص بفرد دون آخر .. ولا بالبشر دون غيرهم .. بل هو صفة فطرية تعم الكائنات كلها .. بل كل الوجود فيهم هذه الصفة الجليلة !!
• لهذا كان النظام الكوني كله أزواجا .. يتوق الزوج إلى زوجه ..
• ويمكن أن نفهم كون الحب ساريا في كل الكائنات .. عندما ننتبه للغاية من الحب التي ذكرناها سابقا !!
• فقد قلنا سابقا بأن الحب هو المحرك الكبير للسعي لنيل الصفات الملائمة ..
• فإذا عرفنا بأن كل ذرة من ذرات هذا العالم تسعى إلى كمالها نفهم جيدا بأن محرك كل ذرة من ذرات هذا الكون في سعيها الى الكمال إنما هو الحب ..
• فالحب هو الدينمو المحرك لكل ذرات الكون في سعيها الى كمالها المنشود ..
• لولا الحب لتوقف الكون وشل !!
- لكن مع أن الحب لا يختص بفرد دون آخر ولا نوع دون آخر .. نرى أن المتبادر الى الاذهان حين تطلق كلمة الحب هو الحب الجنسي .. فهل لهذا سبب يسوغ هذا التبادر ؟؟
- الجواب : نعم هناك مبرر لانصراف الذهن من كلمة الحب الى الحب الجنسي .. والمسوغ هو كون الحب الموجود في الغريزة الجنسية يعم كل البشر – بل كل الكائنات لكن كلامنا الآن في البشر - ..
- فحب الغريزة الجنسية هو الحب الذي يعرفه كل البشر .. فهو حب يعمهم جميعا .. ويشتركون فيه قاطبة ..
- أما بقية أنواع الحب فيختص به ناس دون آخرين ..
- فمن الطبيعي أن يتبادر الى الذهن من الحب ذلك النوع الشامل العام الذي يسيطر على مساحات واسعة من البشر !!
• وكون الحب الجنسي هو الحب العام لا يدل على أنه افضل انواع الحب !! بل ربما يكون الامر على العكس تماما !! .. بمعنى لأنه حب يعم الجميع فلا فضل لأحد فيه على آخر ..هذا العموم يستبطن في طياته دليلا على أن هناك انواعا أخرى مخصوصة من الحب يمتاز بها أناس مخصوصون من البشر .. لهم صفات تمكنهم من نيله والحصول عليه !!
• ولتقريب الفكرة اكثر .. يمكن ان نطلق على الحب الجنسي : الحب الشعبي أو حب العوام .. ونطلق على الأنواع الأرقى من الحب : الحب الخاص .. أو حب الخواص
• وهذا مشابه الى حد ما .. للإسلام والإيمان .. فمساحة الإسلام اكبر من الإيمان .. إلا أن الإيمان اعلى مرتبة من الإسلام .. فكل من أقر بالشهادتين يدخل في الاسلام .. إلا أن الايمان يحتاج لدخوله الى أمور أخرى أكثر من الاقرار اللساني بالشهادتين .. فالاسلام اعم من الأيمان إلا أن الايمان افضل من الاسلام .. وكذلك ما نحن فيه .. الحب الجنسي أعم من الحب الروحي – مثلا – إلا أن الحب الروح افضل منه !!
• وأيضا .. هذا مشابه الى حد ما .. للجهاد الاكبر والجهاد الاصغر .. الجهاد الأكبر جهاد النفس وهي العدو الداخلي .. والجهاد الاصغر جهاد العدو وهو العدو الخارجي .. فالجهاد الأصغر يعم كل المجاهدين في المعركة .. إلا أن الجهاد الأكبر يختص ببعض أولئك المجاهدين فقط !!
- ومن هذا يمكن أن نفهم لم كان الحب الجنسي هو الحب الشعبي العام لكافة طبقات البشر !!
- فلأن هذا الحب هو أول درجة من درجات سلم الحب .. كان عاما لكل الطبقات .. لأن الطبقات فيهم الضعيف وفيهم القوي .. فلو كان الحب العام هو الحب الروحي لا الجنسي لما عرف حلاوته من لا يقدر على الروحي من عموم الناس .. وبالتالي يصعب علينا أن نشرح لهم معنى الحب وأهميته .. وبالتالي سنكون كمن يشرح للرجل عن الحيض .. أو يشرح مسائل الحج لمن لم يحج !!
- ربما تكون الحكمة في عمومية الغريزة الجنسية .. كي يتذوق الجميع حلاوة أول درجات الحب .. ليعرفوا من خلاله أن باقي الدرجات أحلى من هذا الحب فيسعون لطلبها لينالوا أضعاف تلك اللذة التي ذاقوها في اول درجات الحب!!
- وبهذا تكون عمومية الحب الجنسي ليتمكن منها الجميع من ناحية ويكون حجة على الجميع .. لكي لا يقول أحدهم أنا لم اذق حلاوة الحب في عمري فكيف تطلبون مني أن أسعى للحب ؟؟!! ومن ناحية ثانية يكون محفزا للأقوياء الممتازين من البشر لطلب لذة باقي درجات الحب !!