هذيان عـاشق
ليتَ اللغة كانت في يدي كهذه البرتقالة، فأعصرها لكِ ماءَ أدب تشربينهُ هنيئا مريئا، يُغذي أوصال ذوقكِ، و يهذبُ تفاصيلَ حسك، فتنعمينَ بسحر البيان،و تعرفينَ معنى دقات الحروف،و مدى تأثيرها بالنفس و الوجدان.
ليتني كنتُ أستطيع أن أشكّل من ملامح الحروف وجها جديدا فترتضينه بدل هذه التفاصيل البلهاء ، ليسدل رونقهُ على محياك ، فتغدينَ كما رسمتكِ في حلمي ذات مساء !!.
أيتها المتكونة خارج نطاق الحلم، أما عرفتِ أن ّ الجمال عندي لا تفرضهُ المساحيق أو تخطهُ الأقلام لتعتدي به على الحقيقة و على الأحجام !!أما عرفتِ أنّ سرّ انجذابي نحوكِ هو انعكاس الطبيعة على غدير روحكِ المورقة بالعطاء، و تحمّلكِ لجنون عاشق افترستهُ ذئاب الشوق و مزّقت أوتار أغنيتهِ القديمة ، ليصدح بموّال ما اعتقدَ يوما أن يدغدغ مخارج الحروف بحلقهِ ليحترف بعدها فنّ الغناء !!.
هيّأتُني عند المساء ، قطعتُ النور عن حينا لأنعم بالهدوء ، اشتريتُ من سوق العصر شمعدانا جديدا و شموعا مختلفة الألوان ، و احتفظتُ بلحن " السنباطي " بمخيلتي ، و سجنتكِ بصومعة أفكاري ، و هيّأتُ كل العصافير لتزقزق في شرفتي عند الصباح ، و انتظرتُ الفاضلة " إلهام " علنّي أسترقُ منها السمعَ و هي تضاجع جنون الشعراء ، فأقتنصَ كلمة ما ، عبارة ما ، صورة ما تليقُ بحضرة مقامكِ في ضلوعي ، و أبدي دهشتي بامتداد جذوركِ في أحداق منديل أتعبهُ البكاء.
من ألف عام و هذي الرؤى تشربُ من دمي و ما جفت الأقاحي، ما زال في الشريان نبض يا حبيبتي، و ما زال في القلب متسع ليستقبلَ الوجع من جديد !! ها هو الحرف يعلنُ توبته و يُقدّم عند جفنيكِ اعترافا صادقا بهشاشة عظمه و فجيعة ضعفه أمام روعة عينيك. ما زلتُ أحاول أن أستجيب لصوت هاتف صرخ فجأة من هناكـ، من ركن غرفتي المظلم يـا عاشقُ نَـمْ، إنكَ على وشكِ الهلاكـ !!.
و لكنّ بنّ قهوتي يذهلني في تمددهِ بين اليقظة و الغفلة ، فأستحضرُ رؤاكِ و الكلمات ، ثم أمزج اللحظة باللحظة و أرجهما لأرتشف رغوة حضور ملامحكِ فوق فنجاني المعتق بالحكايات ، أبتلع طعم أمنيتي فقد تأتي التي تحتوي غربتي قبل أن أذبل كالعشب و أسلّم مفاتيح روحي للممات .
أمعنتُ في وجه برتقالتي التي ما زالت تنتظرُ مصيرها المجهول، و أحسستُ برعشة جسدها في كفي، سألتها من ذا يخلصني سواكِ من شقاء سكرات النوم ؟ !! و رؤى قصيدتي تنمو الآن على جسد السطور !! تدحرجت من كفي و سقطت على الفنجان ،و بدورهِ سقطَ الفنجان على أوراقي .. !! آآآهٍ يا قصيدتي أعرفُ عصيانكِ !! فأنتِ ماكثة ماكرة لن تخرجي يوما من أعماقي !! .
30/01/2010