ضريحُ العدالة
أمعاءُ من حولي
تُنَقِّبُ جاهِداتٍ في الأزِقَّةِ عن اُكُلْ.
وأنا حثيثٌ في المسير ِ ،
يقودُ ساقَيَّ الفضولُ من الّذي
يمشي يُحدِّثُ نفسَهُ.
ومضيتُ أتبعُه لأعرفَ سِرَّهُ،
عيني تُدارُ متى أدارَ
فلا أَكَلُّ ولا أَمَلْ.
استَوقَفَ السيرَ البطيءَ مُفتِّشاً
في السوقِ عن( سيجارةٍ )
بلغَ العناءَ ولم تُطِلْ.
وكأنَّ من ألقوا بها
لم يحرقُوا فَاهَا
ولكن..
أحرقُوا طرْفَ العُقَلْ.
**
أَوقفتُهُ..
وشَهِدتُ شَعْراً يستبيحُ حدودَهُ
ورأيتُ وجهي في سُويداءِ المُقَلْ.
(وتعطَّلتْ صفةُ الكلامِ ) لبُرْهةٍ
وتكلَّمتْ منه الدُّموعُ، ورجْفَةٌ في كَفِّهِ.
مَسَحَتْ يدي دمعَ الهزيلِ،
وَخِلْتُها..
مسحت لهُ الخطْبَ الجَلَلْ.
لا يُمسحُ المنقوشُ في أعماقِهِ
مهما أزلْتُ عن السطوحِ من العِللْ.
*****
" لا تبكِ عمَّاهُ بِرَبِّكَ
فالدّموعُ لها ثِقَلْ.
عمَّاهُ أخبرني مصابَكَ
فالنُّفوسُ لها احتمالٌ ،
والجروحُ متى تُشَخَّصْ تندمِلْ."
هزَّ الهزيلُ مفاصِلِي إذ قال لي :
" إنّي بغزةَ لا أرى وجهَ الأملْ.
فذوو البطونِ المتخماتِ ال تشتكي فضلاتُهم ضيقَ المخارجِ
يجهلون ذوي بطونٍ خاوياتٍ
يُشرِكونَ معَ المُعِزِّ أَكُفَّ أربابِ العملْ.
وهناكَ جُنَّ العاقلونَ،
وكلُّ مجنونٍ عَقِلْ.
إياكَ أن تحتارَ منها سائِلاً
وإذا جرى واحترتَ فيها
لا تسلْ."
قاطعْتُهُ..
وهَمَمْتُ أكْنُسُ شؤمَهُ مستعتباً
فأزاحَ مكْنستي
وأكملَ مطبِقاً كلتا يديهِ على فمي : ـ
" يا لائمي..
لمَّا أقولُ حقيقةً
أنا ما زَلَلْتُ ... ولم أزلْ،
ألقي السلامَ على العدالةِ في الضريحِ مودعاً
وأنا الذي..
حُرِمَ التعلقَ بالأملْ."
[/size]