نزيف القريون(1)
" عندما ينحب جبلُ النارِ… وتتهاوى أبنيته الأثرية .. وتصادرُ الكلمات الموؤدة تحت الصمت الإعلامي المهزوم، والسحق العدواني الغشوم.
عندما تذوبُ معالم البراءة في بيارات الطفولة ، وتذوي كل آهات الثكالى ؛معلنة لحظة الإفلاس الممكن والمستحيل في آن واحد .عندما يخرج لنا من رام الله أو من شرم الشيخ من يزعم أن العملية السياسية قد أصابها بعض التهديد دون أن يلتفت إلى هدير الطائرات أو تهاوي البنايات .
عندما ترقص غانيةٌ فلسطينية أو عربية في ثوبها الخلاعي في عيد رأس السنة الميلادية ثم لا يعنيها طفل تندلع أمعاؤه وتتشظى أوردته في حي القريون .
عندما ينتظر طفل فلسطيني مدرجّ بدمائه في حي الدرج أو في حي الشيخ مسلّم ينتظر أن تصل صرخة أخته إلى أذن عربية أو أذنا لصبي يركد منتبها خلف متراسه الحجري كي يثأر لصبي الأمس المجروح .
عندما تدرك أن التاريخ المعاصر قد أسقطَ فصلا فلسطينيا فعبثت تلكآت المتعفنين في قماقم السياسة لتجثو كل الأزقة في حي القصبة وتنهار كل الأعمدة في حارة الياسمينة
عندها فقط يصبح قول الشعر هو الوسيلة الكسيحة الوحيدة في الصراخ الطروادي الأليم أو في هتافات أصحاب الأخدود أمام دقيانوس اللعين ……. اسمحوا لي معاشر الشعراء أن أنزف شعرا بالكلمات كما نزف حي القريون بالجماجم والعمارات .
نزيف حي القريون
هذا المدادُ
أخطه من أدمعي
ويخطهُ
طفل من القريون
تحت المدفعِ
يشكو ويندبًُ
ثم يخلد تارة
للموت .. دهرا
وهو دون الأربعِ
……
تتهافت الأركانُ
فوق جبينهِ
فيصدها بتأوهٍ
وتوجع
…….
لله در حضارة
في بلدة فيها
انطوى
زمن التراث اليعربي
الأروعِ
سالت بها مسك الجداول
…..زُينت
بدلالها
لكنها أضحت
مع الإجرام
مثلَ البلقعِ
ويذيبها
الوتر الحزين ترنما
بمصارع الأبطال
تحت المفجعِ
ويصوغها الشهداء
أبدع قصةٍ
بشذى الرصاص ِ
وبالعراك المترعِ
وتحن ثكلى
حين
يندب أبنها
أنْ لو رأتهُ
قبيل ذاك المفزع
فيحولُ أصحابُ
التغطرسِ
دونها
فتقول حسبي
يا إلهي …كن معي
إن أغمضوا
عينا على الإجرام
فافتح من لدنك
ايا عظيم
لكل قلب مفُجعٍ
واحشر يهود العرْبِ
معْ أسيادهم
من ثلة التوراةِ
في المتجمع
ضجتْ بنا القريون
يا أهل الحمى
وحطامها
لزجٌ
نديٌ بالدم المتجمعِ
تدمى وتصهر
والشواهد أمةٌ
لا خيرَ فيها
دون رد مسمع ِ
الحواشي : القريون ، الشيخ مسلّم ، حي القصبة ،حي الياسمينة بمدينة نابلس جبل النار
الشاعر رمضان عمر نابلس فلسطين