أحدث المشاركات
صفحة 1 من 4 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 35

الموضوع: محطات معرفية

  1. #1
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    المشاركات : 852
    المواضيع : 19
    الردود : 852
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي محطات معرفية

    1 الانتباه أولا
    ***
    · قال لي صديقي الجالس بجواري في السيارة المسافرة بنا :
    - ما أرفع هذا الجبل الشامخ !!
    - أي جبل ؟
    - الذي مررنا به قبل قليل ألم تره ؟
    - لا , للأسف لم أره , فلم أكن منتبها
    - طيب ألم تسمع الدويّ الشديد بفعل الكسارة التي تعمل أسفل الجبل ؟؟
    - عن أي دويٍّ تتكلم فلم أسمع شيئا ؟؟
    - لكن كادتْ أذناي تصمَّان من شدة الصوت
    - الحمد لله , لم أسمع شيئا , فلم أكن منتبها
    - لكن كيف لم تر ولم تسمع هل كنت نائما ؟
    - لا بل كنت غافلا , والغافل كالنائم لا يشعر بما حوله
    - أنت يا صديقي تذكرني بقصة صويحبات زليخا اللاتي قطعن أيديهن ولم يشعرن بألم السكاكين
    - نعم أنا من هذه الناحية فعلا مثلهن , فأنا لم أر الجبل الرفيع , ولم أسمع الدويّ الهائل وهنَّ لم يشعرن بالألم الشديد , جراء تقطيعهن أيديهن بالسكاكين , والجامع بيني وبينهن هو عدم الانتباه
    - وهل للانتباه كل هذا الدور وهذه الأهمية ؟
    - نعم يا صديقي العزيز .. فالإنسان الغافل قد تغيب عنه أوضح الواضحات .. فلا يعود يرى الجبل الشامخ .. ولا يسمع بالصوت المدوي .. ولا يشعر بالألم الشديد .. والإنسان الغافل والنائم سيان تغيب عنهما أوضح الواضحات كما وسبق أن قلت لك .. وحين تريد أن تعلم بأمرٍ ما , أي أمر , فلا بد أن تنتبه إليه أولا , وإلا فلن تستطيع التعرف عليه .. الانتباه يا عزيزي هو الخطوة الأولى في طريق المعرفة , أية معرفة كانت ..
    - وهل يصدُق هذا الأمر - يا صديقي - على معرفة الخالق تعالى أيضا ؟؟
    - نعم يا صديقي .. فمن لا ينتبه إلى نفسه , وإلى ما حوله , فإنه لن ينتبه لوجود الخالق تعالى , مع أن الله تعالى هو أوضوح الواضحات .. أليس الله تعالى هو مظهر الموجودات كلها ؟؟!! فكيف يكون لها من الظهور ما ليس لمظهرها ؟؟!!
    - لكن يا صديقي : الفرق واضح وجلي بين الموجودات وبين الله تعالى .. فأنا أرى الجبل .. وأسمع الصوت .. وأشعر بالألم , لهذا أقول بأن الجبل والصوت أشياء موجودة ..
    - نعم يا صديقي أنت الآن ترجعنا لما كنا فيه قبل قليل في السيارة ..
    - كيف ؟
    - نعم .. أنت وحدك من رأى الجبل أما أنا فلم أره .. وأنت وحدك من سمع الصوت المزعج القوي .. أما أنا فلم أسمع به .. والسبب هو أنك كنتَ منتبها للجبل فرأيته .. وكنتَ منتبها للصوت فسمعته .. أما أنا فلم أكن منتبها , فلم أر ولم أسمع .. وكذلك الأمر بالنسبة لله تعالى بالضبط .. فالله خالقنا تعالى يعلم به المنتبهُ إليه .. ويجهله الغافل عنه .. فالجهل بالله , لا يعود ذنبه لله - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - وإنما يرجع سبب الجهل به إلى غفلتنا عنه ..
    - وكيف عسانا نعلم بوجود خالقنا تعالى ؟
    - إذا أردت أن تعلم بوجود الخالق عليك أولا أن تنتبه إلى وجوده ..
    - طيب يا صديقي : حينما أعلم بأمر ما , وغيري لا يعلم به , فكيف عساني أخبره به كي يعلم بوجوده ؟
    - إذا أردت يا - صديقي العزيز - أن تـُعلم شخصا بأمر ما , فعليك أولا , أن تنبهه إلى ذلك الأمر .. فالغافل كالنائم لا يمكن له أن يعلم شيئا , حتى لو كان أمرا واضحا جليا .. كما وقع لي , قبل قليل , ونحن في السيارة , فلم أر الجبل الشامخ , ولم أسمع الدوي الهائل , لأنني كنت غافلا عنهما .. وكذلك لو كنتُ نائما في السيارة , فإنني كذلك , ما كنت لأرى الجبل ولا لأسمع الصوت ..
    - وهل يكفي الانتباه إلى الأشياء كلها , كي نعلم بها ؟
    - يا صديقي العزيز الأشياء على أنواع : منها الأشياء الجلية , ومنها الأشياء الخفية الغامضة , و الأمور الجلية مثل كل ما نره من جبلٍ وشمسٍ وبحرٍ وأرضٍ وسماء .. وكل ما نسمعه من أصوات .. وكل ما نلمسه ونشعر به من حرارة وبرودة .. وكل ما نتذوقه .. وكل ما نشمه .. فكل هذه الأشياء أشياء واضحة جليه , يكفي لكي نعلم بها أن ننتبه إليها .. فإذا أردت أن تعلم بوجود جبلٍ ما, ما عليك إلا الانتباه إليه , لتراه .. وإذا أردت أن تعلم بوجود الشمس ما عليك , إلا الانتباه إليها , و هكذا بقية الأشياء الواضحة .. وهناك أمور غير واضحة , لا يكفي للعلم بها , الانتباه إليها .. بل تحتاج إلى أمور أخرى أكبر من الانتباه كي نعلم بها .. مثل مكونات الماء .. ومثل مكونات الهواء .. ومثل كيف تسري الكهرباء في الأسلاك .. ومثل كيف تنتقل الأصوات عبر الهاتف من بلد إلى آخر .. ومثل كيف تنتقل الصور .. وغيرها من الأمور التي نراها ونسمعها , لكن لا نعلم بحقيقتها ولا كيف تمَّت ..
    - طيب يا صديق , وجود الله خالقنا العظيم , هل هو من الأمور الواضحة , التي لا تحتاج إلا إلى مجرد الانتباه أم من الأمور الغامضة ؟
    - أحسنت يا صديقي , أرى أنك بدأت تـُعمل تفكيرك وتستفيد مما يمر عليك .. يا صديقي العزيز , وجود الله تعالى , من الأمور التي لا تحتاج إلا إلى الانتباه فقط .. لأن الله تعالى هو خالق الواضحات , وخالق الأمور الواضحة أكيد بأنه أوضح منها ..
    - يا صديق العزيز , ممكن تزيد لي الأمر وضوحا ؟ كيف أن خالق الأمور الواضحة أوضح منها ؟
    - نعم يا صديقي الأمر سهل , إذا تنبهت إلى هذا المثال الذي سأضربه لك
    - تفضل فأنا مصغٍ إليك جيدا
    - المثال هو : يا صديقي العزيز أنا وأنت الآن راكبان في سيارة صح ؟؟
    - نعم يا صديقي , وهي سيارة يابانية الصنع ..
    - الآن انتبه لي جيدا , سأسألك سؤالا عن هذه السيارة : هل لهذا السيارة صانع ؟
    - هههههه ما هذا السؤال يا صديقي ؟؟!! أكيد لهذه السيارة صانع , وإلا كيف وجدت ؟؟ لابد أن يكون لها صانع هو الذي صنعها ..
    - إجابتك صحيحة يا صديقي .. ولكن سؤالي لم يتنهِ .. انتبه لي جيدا سأسألك سؤالا آخر يتعلق بإجابتك الأولى , السؤال هو : كيف علمت بأن هذه السيارة صنعها صانع ؟
    - يا صديق هذا أمر واضح وجلي , ولا أحد ينكره , أو يتردد فيه , كل الناس يعلمون به ..
    - ممتاز .. انتبه لي جيدا فسؤالي لم يتنه بعد .. والآن أسلك السؤال التالي : أين الأكبر والأعظم والأهم الشمس أم هذه السيارة ؟ السماء العالية أم هذه السيارة ؟ الأرض الشاسعة أم هذه السيارة ؟ أين الأعظم والأكبر والأهم : كل ما نره حولنا من مخلوقات كبيرة وصغيرة ومتنوعة أم هذه السيارة ؟؟
    - يا صديقي ما هذه الأسئلة السهلة البديهية التي يعرفها كل أحد .. أكيد الشمس أكبر وأوضح وأهم من هذه السيارة .. والسماء والأرض أكبر من هذه السيارة .. وما نشاهده حولنا أكبر وأهم م هذه السيارة ..
    - ممتاز جدا يا صديقي العزيز .. والآن انتبه لي جيدا : إذا كنت علمت بأن هذه السيارة لها صانع , وأنها مستحيل أن توجد بدون صانع .. وأنت قلت بأن معرفة هذا الأمر أمر واضح لا ينكره أحد .. وقلت أيضا أن الشمس والأرض والسماء أشياء أعظم من السيارة , فهل يمكن أن توجد هذه الأشياء بدون خالق ؟
    - بالفعل يا صديقي كلامك حق , وبدا لي الأمر سهل جدا .. لابد أن يكون للشمس وللأرض وللسماء ولكل المخلوقات صانع وخالق .. وأن وجود صانع لهذه المخلوقات أمر واضح يكفي للعلم به , مجرد الانتباه فقط ..
    - لكن يا صديقي لو سمحت لي , لِمَ ير البعض أن وجود صانع للسيارة أوضح من وجود خالق للأرض والسماء والكون الفسيح ؟
    - نعم يا صديقي سؤالك جيد ومهم , لكن الإجابة عنه سهلة جدا .. لأن السبب كما وسبق أن قلنا هو في الغفلة لا أكثر .. لأننا ننتبه إلى السيارة وصانعها , نعلم بأن لها صانعا .. ولو انتبهنا إلى الكون بما فيه وصانعه , لعلمنا عن يقين بأن له صانعا ..
    - لكن يا صديقي هل كل هذا الجهل سببه عدم الانتباه فقط ؟
    - يا صديقي لو تـُرك الإنسان ونفسه , على طبيعته , لم يحتج كي يعلم بوجود خالقه , إلى سوى الانتباه فقط .. كما سبق وقلت لك , حينما قارنا بين السيارة ومخلوقات الكون العظيمة ..
    - يا صديقي أفهم من كلامك هذا , أن هناك أسباب أخرى , وراء الجهل بوجود الله تعالى ؟؟
    - نعم يا صديقي فهمك صحيح .. فالعلم بوجود خالقنا العظيم أمر بديهي و واضح , بل هو أوضح من الشمس الساطعة , لكن ذلك لمن ترك على طبيعته .. أما لمن حال حائل دونه ودون طبيعته الصافية النقية , وتراكمت الأوساخ على مرآة عقله , حتى بات لا يرى أوضح الواضحات , فهذا وأمثاله , لا يكفيه مجرد الانتباه , بل عليه أولا من إزالة ما علق على مرآة عقله من أوساخ , وحينها يكون مجرد الانتباه إلى خالقة , كافيا في علمه بوجوده , .. وهذا مضمون الحديث الذي ورد عن رسولانا الكريم صلى الله عليه وآله الذي يقول : كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجِّسانه .. فحين تأثر البيئة والتعليم الخاطئ على الإنسان , فلا يعود يكفي له مجرد الانتباه , وهذا مثل المرآة الحقيقية , لو كانت متسخة , فهل يمكن أن ترى فيها نفسك ؟؟ لا يمكن أن ترى وجهك , مع أنك تعلم بوجودك يقينا , لكن لا ترى نفسك , نتيجة الأوساخ التي تراكمت على هذه المرآة .. وإذا أردت أ ترى وجهك في هذه المرآة عليك أولا أن تنظف المرآة .. وكذلك من تربَّى في مجتمع وبيئة فاسدة , لقنته أمورا خاطئة , هذه التربية الخاطئة صارت حائلا بينه وبين أن يرى الحقائق .. وعدم رؤيته لها , لا يدل على عدم وجود الحقائق , بل العيب في تربيته وبيئته التي قلبت عنده الموازين ..
    - نعم يا صديقي كما تقول .. لكن دعني أسألك الآن : قلت بأن وجود الله الخالق العظيم أمر بديهي واضح لا يحتاج من أصحاب الفطر السليمة إلى سوى الانتباه فقط .. فهل كل ما يتعلق بالله تعالى أمر واضح لا يحتاج إلا إلى مجرد الانتباه ؟؟
    - إذا انتبهت يا صديقي لما سبق وأن قلنا : فقد قلنا أن الأمور تنقسم إلى : أمور واضحة جلية وأخرى خفية غامضة .. وقلنا بأن الأمور الواضحة لا يحتاج للعلم بها إلى سوى الانتباه .. وأن وجود الله تعالى من تلك الأمور الواضحة – بل أوضح الواضحات – التي لا تحتاج على سوى الانتباه .. أما الأمور الخفية , فلا يكفي للعلم بها إلى مجرد الانتباه .. بل تحتاج إلى أشياء أخرى ..
    - نعم يا صديقي العزيز .. وحبذا لو قلت لي الخطوات الأخرى للعلم بالأشياء من حولنا ..
    - نعم يا صديقي أول خطوة للعلم بأمرٍ ما , - والتي سبق وإن قلنا بأنها الخطوة الأولى والتي لابد منها في العلم بأي أمر ما - هي خطوة الانتباه .. لكن بعض الأمور لا يكفي فيها الانتباه فقط , بل لابد فيها من خطوات أرقى من الانتباه للعلم بها ..
    - والخطوة الثانية بعد الانتباه هي التفكر في الأمر .. وأعمال عقلنا فيه , للكشف عن ملابساته والعلم بخصوصياته .. فحين نريد أن نعلم بأمر غامض , علينا أن نفكر فيه مليَّا , ونتدبر فيه كي نكشف عن خفاياه ..
    - وهل كل الأمور الخفية يمكن أن تحلّ بالخطوة الثانية فقط وهي التفكر في الأمر المراد معرفته ؟
    - أحسنت يا صديقي العزيز على هذا السؤال .. وللإجابة عليه أقول : الأمور تتفاوت فيما بينها من ناحية السهولة والصعوبة والأهمية وعدم الأهمية – كما قلنا سابقا - فهناك أمور تحل بمجرد الانتباه وهناك أمور تحل بالانتباه والتفكير البسيط فيها , وهناك أمور أكثر خفاء , تحتاج إلى المزيد من التفكر , وهناك أمور معقدة تحتاج إلى وقت طويل , للتفكر فيها والتدبر , وتحتاج على المزيد من الصبر والمثابرة والإرادة ..
    - طيب يا صديقي , بالنسبة للتفكر في الأمور والتبر فيها , هل هذا التفكر والتدبر محصور في معلومات الإنسان نفسه ولا يتعداها على الخارج ؟؟
    - سؤال جيد يا صديقي ومهم , وأقول في الإجابة عنه : الأمور أيضا مختلفة , من هذه الناحية .. فبعض الأمور يمكن أن يجد لها حلا في معلوماته التي يختزنها .. لكن بعض الأمور , لا يجد الإنسان لها حلا في معلوماته المختزنة , وحينها ولكي يعلم بها ويكشف غموضها , عليه أن يستعين بمعلومات الآخرين , عليه أن يزيد من حصيلة معلوماته , كي يكشف النقاب عنها .. عليه أن يقرأ ويجرب ويسأل ويتعلم ويسعى ويجمع المعلومات ويتمثلها ويهضمها , ويعاود التفكير فيها مرة ثانية للخروج منها بحلّ ما يريده ..
    - طيب ممكن يا صديقي , أن تجمل لي خطوات العلم بالأمور والأشياء ؟؟
    - حسنا يا صديقي .. قلنا إن الخطوة الأولى الانتباه – والثانية التفكر - ودعنا نسمي الخطوات التالية كالتالي : الثالثة : زيادة المعلومات – والرابعة : هضم وتمثل المعلومات الجديدة – الخطوة الخامسة معاودة التفكر في الحصيلة الجديدة من المعلومات للخروج منها بالحل النهائي
    - وهل تجري هذه الخطوات , في كل أمر نريد أن نعلمه , من الأمور الدنيوية والدينية ؟
    - نعم يا صديقي العزيز في الأمور الدينية والدنيوية لكن .. أمور آخرتنا أهم من أمور دنيانا , لأن الآخرة هي دار المقر , وما الحياة إلا معبر إليها
    - جزيت خيرا يا صديقي العزيز على تحملك عناء هذا الحوار ..
    - وأنت أيضا جزيت خيرا أخي العزيز على سؤالك وبحثك واستقصائك .. زادك الله علما وعملا ..

    ***

    حسن العطية

  2. #2
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    المشاركات : 852
    المواضيع : 19
    الردود : 852
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي 2التفكـُّر ثانيا

    2التفكـُّر ثانيا
    ***
    - عرفنا في موضوع " الانتباه أولا " وجود الخالق العظيم تعالى , وأنه تعالى أوضح الواضحات , وأن معرفة وجوده , لا يحتاج إلى أكثر من الانتباه إليه تعالى , من ذوي العقول النيرة , والنفوس الصافية .. كل هذا عرفناه من خلال موضوعنا السابق " الانتباه أولا " ..
    - والآن بعد أن عرفنا بوجود الله تعالى .. يبدأ الإنسان بالتأمل في نفسه وفي كل ما يحيط به من أشياء .. ومن هذا التأمل , تثور في نفسه , عدة أسئلة , تقلقه , فيحاول التخلص من وطئتها , فيسعى للإجابة عليها , لإراحة نفسه من وطئتها ..
    - ونحن قبل أن نذكر بعضا من تلك الأسئلة , التي تثور في داخل كلٍّ منا , جراء تفكره و تأمله في نفسه , وفيما حوله .. قبل أن نفعل هذا , يتوجب علينا , أن نتكلم عن أمر في غاية الأهمية .. لأنه يعتبر الأساس , لكل ما قمنا وما سنقوم به .. وبدونه , لن نستطيع أن نتحرك خطوة واحدة في أي اتجاه ..
    - وإن كنا قد أطلقنا على الدرس الأول عنوان " الانتباه أولا " , للإشارة إلى كون الانتباه هو الخطوة الأولى للمعرفة .. فإن هذا الأمر المهم سيكون الأول والآخر ..
    - هذا الأمر المهم سنحاول التعرف عليه قريبا جدا في الدرس الثالث إن شاء الله تعالى فلا تذهبوا بعيدا ..
    - أستودعكم الله تعالى ..
    ***
    حسن العطية

  3. #3
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    المشاركات : 852
    المواضيع : 19
    الردود : 852
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي 3 العقل أولا وأخيرا

    3 العقل أولا وأخيرا
    ***
    · حين ينتبه العاقل إلى نفسه وما حوله (( الانتباه أولا))
    · تثور في نفسه أسئلة عديدة ((التفكـُّر ثانيا))
    · وقلنا بأننا سنؤجل الحديث عن هذه الأسئلة وما يتعلق بها إلى ما بعد الحديث عن أمر بالغ الأهمية .. وقد جاء أوان الحديث عنه ..
    · قلنا بأن الانتباه , هو الخطوة الأولى للعلم بالأشياء , وبدونه لن تكمل المعرفة مسيرتها التصاعدية .. وسيراوح الغافل مكانه الذي كان فيه .. أما المنتبه فإنه سيصعد درجة أخرى في سلم المعرفة , وهذه الخطوة , هي خطوة الاستجابة لهذا المنبه الذي تعرض له .. الخطوة الأولى المنبهات .. والثانية الاستجابة لهذه المنبهات ..
    · الخطوة الأولى يشترك فيها كلُّ منتبهٍ من إنسان أو حيوان , بل ربما نقول ونبات بل وجماد .. لكن دعونا – الآن – نقصر الحديث على المنتبه من إنسان وحيوان ..
    · والانتباه في كليهما – الإنسان والحيوان – يكون بواسطة الحواس الظاهرة والباطنة ..
    · فالإنسان المنتبه يرى البحر أمامه بعينه , وكذا الحيوان .. والإنسان المنتبه يشم الرائحة بأنفه , وكذا الحيوان .. والإنسان المنتبه يشعر بحرارة النار بجلده , وكذا الحيوان ..
    · إذن الانتباه يمكن أن يتأتـَّى من الإنسان ومن الحيوان على حد سواء .. وأن انتباههما يكون بالحواس .. وهذه الحواس مشتركة بين الإنسان والحيوان - وإن اختلفت شدة ًوضعفـًا بينهما كما تختلف شدة وضعفـًا بين أفراد الإنسان نفسه , وبين إفراد الحيوان نفسه ..
    · وبعد الانتباه تأتي مرحلة الاستجابة للمنبهات .. وفي هذه المرحلة يشترك فيها الإنسان والحيوان أيضا .. فالإنسان المنتبه للبحر يستجيب لهذا المنبه بأن يحمي نفسه من الغرق فيه , وكذا الحيوان .. والإنسان المنتبه يستجيب لمنبه النار بالابتعاد عنها , وكذا الحيوان .. فالابتعاد عن النار استجابة من الإنسان والحيوان ..
    · إذن فالإنسان والحيوان يشتركان في المرحلة الثانية أيضا , وهي مرحلة الاستجابة للمنبهات ..
    · ونسأل هنا – كما سألنا في المرحلة الأولى – بـِمَ تتم الاستجابة للمنبهات في كلٍّ من الإنسان والحيوان ؟؟ وهل وسيلة الاستجابة واحدة في كليهما , كما كانت أداة الانتباه واحدة في كليهما ؟؟
    · للإجابة نقول : لا , ليست أداة الاستجابة للمنبهات واحدة في الإنسان والحيوان .. بل لكلٍّ منهما أداته .. وهنا بالذات يفترق الإنسان عن الحيوان , فهما يفترقان في : أداة الاستجابة للمنبهات ..
    · فبـِمَ يستجيب الإنسان للمنبهات ؟ وبـِمَ يستجيب الحيوان للمنبهات ؟
    · يستجيب الحيوان للمنبهات بالغريزة المودعة فيه ..
    · فحين يرى الحيوان النار مشتعلة .. يقوم بالهرب والابتعاد عنها لحماية نفسه .. فالنار منبه .. تم الانتباه لها بواسطة حاسة العين – وهي من الحواس الظاهرة - والهرب من النار استجابة للمنبه .. تمت هذه الاستجابة بواسطة الغريزة التي أودعت فيه ..
    · و حين يشعر الحيوان بألم الجوع , يستجيب بدافع ٍمن غريزته لهذا المنبه , ويفترس حيوانا ليسدّ جوعه .. فالجوع منبه .. حصل بحاسة باطنة .. والافتراس لسد الجوع استجابة لهذا المنبه .. حصل بواسطة الغريزة المودعة في الحيوان ..
    · وهكذا في بقية المنبهات والاستجابات , تتم بواسطة حاسة , ويستجاب لها بواسطة غريزة ..
    · أما الإنسان .. فلا يستجيب للمنبهات بواسطة غريزته .. بل هناك أمر أهم وأشرف من الغريزة يتم به الاستجابة للمنبهات في الإنسان .. إنه العقل .. تلك الجوهرة التي وهبها الله تعالى كي يصرف بها حياته ..
    · فحين يشعر الإنسان بألم الجوع , يستجيب لهذا المؤثر , فيقوم بسد جوعه .. لكن لا يسد جوعه بأيِّ ما يسد الجوع – كما يفعل الحيوان – بل العاقل , يحكـِّم عقله فيما يسد به جوعه .. ويشترط فيه اشتراطات قبل أن يقدم على أكل ما يسد جوعه ..
    · الحيوان حين يشعر بالجوع يسد جوعه بأي ما يلائمه , ولا يعنيه أكان حلالا أم حراما .. ظلما أم عدلا .. يأكل أخاه أو عدوه ..لا يهم أكانت الطرق مشروعة أم محرمة .. لأنه لا يميز بين الصواب والخطأ ..
    · أما الإنسان , فإنه لا يفكر في أي ما يسد جوعه وفقط .. بل العاقل يسد جوعه بالحلال .. بالعدل .. بالطرق المشروعة ..
    · الحيوان حين تثور به غريزة الجنس .. يطفئها بأي ما يسكن ثورانها .. في أي زمان .. أو أي مكان .. ولو على قارعة الطريق ..
    · أما الإنسان العاقل , فإنه يحكـِّم عقله فيما يسكن به غريزته الجنسية .. ويشترط فيه عدة اشتراطات .. فيسعى للحلال .. وللتكتم .. والمحدودية .. بدافع من عقله ..
    · العقل هو الفيصل بين الحق والباطل ..
    · ما قبله الحق فهو مقبول .. وما رده فهو مردود ..
    · ما صوَّبه العقل فهو صواب .. وما خطأه العقل فهو خطأ ..
    · العقل هو المرجع والحَكـَم في فض المنازعات التي تدور في داخل الإنسان وخارجه ..
    · العقل هو الأول والآخر في مسيرة التكامل الإنسانية ..
    · العقل هو الجوهرة الثمينة والشعلة المضيئة للعالم الأصغر ( الإنسان ) والعالم الأكبر( الكون ) ..
    · العقل هو رسول الله إلينا ..
    · العقل حاكم لا يعزل , ورسول لا يختم ..
    · للعقل من المنزلة أكثر مما قلت ومما يقوله القائلون ..
    · لهذا كان لزامًا علينا , أن ننصبه حكما عدلا في كل نزاع يثور بيننا وبين أنفسنا أو بيننا وبين خارجنا أو بين خارجنا وخارجنا ..
    · وبدون أن نتفق على هذه المرجعية المطلقة للعقل , فستبقى كل التساؤلات بلا إجابات .. وكل المنازعات قائمات ..
    · العقل هو السائل وهو المجيب .. هو الخصم والحكم .. هو الأول والآخر ..
    · لهذا أجَّلنا الحديث عن الأسئلة التي تثور في داخل كلِّ منا , حين تفكـُّره وتأمُّله في نفسه وفيما حوله ..
    · لنقول بأن العقل , هو من يطرح هذه الأسئلة , وهو خير من يجيب عليها ..
    · ويمكن أن يقال : فهل يعني هذا أن العقل لا يخطئ ؟
    · نقول في الإجابة : بل العقل يخطئ .. لكن من يكتشف خطأ العقل ؟ العقل نفسه ..
    · أو يقال : فهل يعني هذا أن العقل لا حدود له ؟
    · نقول في الإجابة : بل للعقل حدود .. لكن من يضع الحدود للعقل ويدعوه إلى عدم تجازها ؟ العقل نفسه ..
    · أو يقال : وهل العقل واحد في الجميع ؟
    · الإجابة : العقل ليس واحدا في الجميع .. لكن من يستطيع أن يعرف تفاوت العقل في الجميع ؟ العقل نفسه ..
    · وحينها قد يقال : إذا كان العقل متفاوتا فأي عقل ٍنتـَّبع ؟
    · الإجابة : على كل إنسان , أن يتبع عقله هو .. لأن عقل كل إنسان , رسول الله إليه , فعليه أن يطيع رسوله .. لأن إطاعة رسول الله إطاعة لله تعالى ..
    · وقد يقال : لكن أنا أعلم يقينا , بأن هذا النبي أو الإمام أو العالم , هم أكبر عقلا مني , فلِمَ لا اتبعهم بدلا من اتباع عقلي ؟
    · الإجابة : حين تتبع من هو أكبر عقلا منك , هذا اتباع لعقلك .. لأن عقلك هو من يرشدك إلى أن تتبع من هو أكثر علما وأكبر عقلا منك .. العقل هو من يرشد إلى أن تتبع الطبيب في طبه .. والمهندس في مجاله .. والعالم الديني في مجاله .. في اتباعك لكل هؤلاء اتباع لعقلك نفسه ..
    · وقد يسأل : هل العقل يزيد وينقص ؟
    · نعم العقل يزيد وينقص .. يزيد العقل باتباع العقل وبالتدبر في العقل وفي الأشياء بالعقل .. ويزيد بالإيمان والطاعة والتقوى .. والدعاء .. والتأمل .. والثقافة .. والسؤال .. والتجربة .. والجد والاجتهاد .. كل هذه وغيرها تزيد العقل , وتجعله أقرب للصواب وأبعد عن الخطأ ..
    · تذكير بأمور مهمة :
    1- العقل رسول الله إلى الإنسان .. وفي طاعة رسول الله طاعة لله ..
    2- علينا أن نتتبع العقل في كل أمورنا .. في أصول الدين وفروعه .. في إثارة الأسئلة وفي الإجابة على الأسئلة المثارة ..
    3- كل دليل يرجع في آخر المطاف إلى العقل ..
    4- لا تعارض بين العقل والنقل الصحيح ..
    5- كي نسعد في الدنيا والآخرة علينا بالاهتمام بالعقل والاهتمام بتنميته عن طريق التأمل .. والقراءة .. التجارب .. والتعلم .. والجد والاجتهاد .. والتقوى فاتقوا الله ويعلمكم الله ..
    6- بقدر ما العقل ممدوح , فالتقليد مذموم .. والتقليد لا يجوز في أصول الدين .. لكن انتبه أن بعض ما نسميه تقليدا , كسؤال عالم الدين أو الطبيب أو المهندس أمور تحكم عقولنا بحسنها وهي من اتباع العقل ..
    · و بهذا – إخواني وأخوات الأعزاء - نكون قد وضعنا لنا المرجعية التي سنتحاكم إليها , في كل ما سيمر علينا , في دروسنا القادمة .. والتي بها سنسأل وسنجيب كل ما يعترض طريقنا في رحلتنا الإيمانية ..
    · وإلى أن ألقاكم في إكمال الدروس العقائدية أستودعكم الله التي لا تضيع ودائعه ..

    ***



    حسن العطية

  4. #4
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    المشاركات : 852
    المواضيع : 19
    الردود : 852
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي 4 محطات المعرفة

    محطات المعرفة



    ***



    · حين أتأمل في نفسي أرى أن المعرفة تسير داخلي على النحو التالي :
    أنتبه أولا لأمر ما (منبه) .. أتأمل فيما انتبهت إليه تأملا مبدئيا .. وهذا التأمل المبدئي هو الاستجابة الأولى للانتباه الأول أو للمنبه الأول ..
    · ويتم في هذا الانتباه المبدئي إلقاء نظرة عامة على ما انتبهت إليه .. وكأنني ألقي عليه عباءة أحوزه فيها إلى نفسي .. ثم أقوم بتفحص أجزائه بنظرة أكثر دقة ..
    · ثم أقوم بفحص سريع على ما انتبهت إليه لأحدد مدى أهميته .. ومدى فائدتي منه ..
    · والأمور تختلف فيما بينها بشأن اكتشافها .. فبعضها يكتشف ويتضح بتأمل بسيط فيه فحينها يكتفي العقل بذلك التأمل المبدئي بانكشاف ذلك الأمر و وضوحه لدى النفس .. وبهذا تقف عملية التفكير والمعرفة هنا .. انتباه – تأمل – انكشاف
    · وبعض الأمور – التي ننتبه إليها – لا يكفي في إيضاحها التأمل القليل والسطحي بل تحتاج إلى المزيد من التأمل والغوص في أعماقها .. فيبدأ العقل في المزيد من التأمل والغوص محاولا اكتشافها ..
    · وحين يستعصى عليه اكتشافها – وذلك بغرض التخلص من تعب الاكتشاف والتأمل – ينتقل من محاولة الاكتشاف إلى محاولة معرفة مدى أهمية ما يقوم باكتشافه فيقوم بسؤال نفسه : ما مدى أهمية هذا الأمر بالنسبة لي ؟
    · فحين يعود الجواب بأهمية ذلك الأمر وضرورة اكتشافه .. يعود مرة أخرى إلى محاولة اكتشافه ..
    · وهنا أيضا يختلف الناس .. فمنهم الصبور ذو العزيمة القوية الذي يظل خلف الأمر المهم بالتأمل بالسؤال بالتجربة بأي وسيلة يراها مفيدة في اكتشافه ولا يتركه حتى يتمكن من اكتشافه .. وحين يتم له اكتشافه ينتهي عنده عملية التفكير : انتباه – تأمل – انكشاف .. وبسبب طول الملازمة والتعايش بين الإنسان والأفكار المهمة لديه - التي يحاول اكتشافها أو تلك التي تم لها كشفها - تظل هذه الأفكار حاضرة عنده وملازمة له في عقله الظاهر لا تغيب عنه .. فالعقل الظاهر هو مخزن الإنسان للأمور المهمة المكتشفة أو غير المكتشفة ..
    · ومن الناس قليل الصبر .. ضعيف العزيمة الذي يحاول مرة أو عدة مرات ثم يمل ويضجر ويترك الأمر .. ومع مرور الزمن ينسى ذلك الأمر نهائيا .. فينتقل هذا الأمر – شيئا فشيئا – من العقل الظاهر على العقل الباطن .. هناك في عمق أعماق الإنسان .. وهذه الأمور المختزنة في العقل الباطن لابد أن يأتي لها يوم وتظهر .. فإن لم تظهر في الحياة الدنيا بسبب أمر ما يذكر الشخص بها .. فإنها لابد أن تظهر في ذلك اليوم حين يحصل ما في الصدور ليسأل الإنسان حينها عنها ..
    · وكلما تأمل الإنسان أكثر تكشفت له أمور خفية عنه وكل انتباه لأمر خفي يستتبعه تأمل مناسب له .. كل منبه يستتبعه استجابة مناسبة ..
    · والإنسان في تأمله في أمر ما .. يحاول تفكيك وتفتيت الأمر المجهول الغامض إلى أمور أصغر منه أقل غموضا وأقل جهالة .. وهكذا يبدأ في التفتيت والتوضيح إلى أن يصل بالأمر الغامض المجهول إلى منتهى الوضوح والكشف وحينها تنتهي عملية المعرفة إلى هنا أيضا ..
    · وقبل أن أستخلص لكم الزبدة مما مضى وأعددها في نقاط .. أود أن اضرب مثالا حسيا للعملية الفكرية المتقدمة .. تأنس بها العقول أكثر من الأفكار المجردة ..
    · عملية المعرفة التي مرت علينا تشبه إلى حد بعيد بإنسان يمشي وفي أثناء ما هو يمشي وجد أمامه شيئا ما ( فعل ) ألتقطه ( ردة فعل ) ألقى عليه نظرة عامة مبدئية محاولا معرفته ( التأمل المبدئي ) إذا عرفه وكان مهما له أخذه و وضعه في مكان قريب منه ( العقل الظاهر ) أما إذا لم يعرفه فإنه يقوم بتفحصه جيدا ( التأمل الفاحص ) حين يشعر بالتعب من محاولة معرفته .. يسأل نفسه ما أهمية هذا الشيء كي أتعب نفسي في اكتشافه ؟ فإن كان الجواب – لأمر أو لآخر - : الأمر مهم ينبغي معرفته .. فإن كان الشخص صبورا وذا عزيمة صلبة فإنه سيعاود تفحصه مرة ومرتين ومرات .. و إذا لم يعرفه يأخذه معه ليتفحصه في بيته أو معمله أو يسأل عنه أصدقاءه .. ولا يتركه إلى أن يعرفه .. وحين يتم له اكتشافه ويستبين له أهميته فإنه يبقيه قريبا منه أمام ناظريه دوما ( العقل الظاهر ) ..
    · أما إذا كان الشخص قليل الصبر .. ملولا .. فإنه سوف يسوف ويقول : سأترك اكتشافه إلى الغد .. وفي الغد يقول : بعد أسبوع .. وبعد أسبوع يقول بعد شهر .. وهكذا يبدأ يسوف ويسوف على أن ينسى الأمر نهائيا ليغيب في عقله الباطن .. وقد يجد – في يوم من الأيام – شيئا مشابها فيتذكر ما قد رآه سابقا .. وإن لم يمر عليه أمر مشابه ولم يسمع فلن يتذكره مطلقا إلا يوم القيامة حين يخرجه الله تعالى من صدره ليحاسبه عليه ..
    · والآن تعالوا معا نستخلص الزبدة في نقاط سهلة وبسيطة :
    · عملية التأمل في الأمور الواضحة .. وعملية التأمل في الأمور المعقدة , تسيران في طريق واحدة , وتمران بنفس المحطات , والاختلاف الوحيد بينهما إنما هو في قصر وطول الطريق لا أكثر ..
    · كل عملية تفكير تمر بثلاث محطات رئيسة : الانتباه – التأمل – الانكشاف
    · الغاية في كل عملية تفكير هي الوصول إلى انكشاف و وضوح المراد كشفه فمتى ما حصل هذا الانكشاف فقد انتهت عملية المعرفة ..
    · الاختلاف بين عمليات التفكير والذي يسبب الطول والقطر ينشأ بسبب المحطة الثانية التأمل .. والأمور الأقل غموضا تحتاج لتأمل اقل لوضوحها .. وكلما زاد الأمر غموضا احتاج – إيضاحه – إلى المزيد من التأمل والتفتيت وبالتالي احتاج إلى طريق أطول للوصول إلى المحطة الأخيرة وهي محطة الكشف التام ..
    · غموض أو وضوح الأمل المتأمل فيه هو العامل الوحيد لتطويل أو تقصير عملية التفكير .. بل العوامل المسببة لهذا الطول ثلاثة أنواع : أمور تعود إما إلى الشيء المتأمل فيه .. أمور تعود إلى المتأمل نفسه .. أمور تعود إليهما معا .. وسنتكلم عن هذا لاحقا ..
    · ويمكن أن نضرب لكلتا العمليتين – القصيرة والطويلة – بأمور دينية من أصول الدين ..
    · فكما سبق وأن قلنا بأن وجود الخالق العظيم من الأمور الواضحة – بل هو أوضح الواضحات – والتي لا يحتاج فيها المنتبه غليها على المزيد من التأمل والتفكير .. فالعقل يصل إلى محطة الكشف فيها بسرعة فائقة .. وهذه هي النوع الأول من عمليات المعرفة التي يجتاز فيها العقل البشري على محطات المعرفة الثلاثة بلمح البصر .. إلى درجة أنه لا ينتبه إلى مروره بهذه المحطات ..
    · وهناك أمور ترجع إلى الخالق العظيم أكثر غموضا وتحتاج إلى المزيد من التأمل .. مثلا مسألة الهدف من الخلقة .. لم خلقنا الله تعالى ؟؟ فمثل هذه العملية تحتاج – من البعض – إلى المزيد من التأمل للوصل فيها إلى الوضوح والانكشاف ..
    · في الإنسان صندوقان لخزن المعلومات صندوق للأمور كثيرة الاستحضار ويسمى العقل الظاهر .. وصندوق لخزن المعلومات قليل الاستحضار ويسمى العقل الباطن .. ومن الفروق الأخرى بين هاذين الصندوقين أيضا : أن استفادة الإنسان من العقل الباطن تتم عن طريق غير واعية ولا إرادية أما الاستفادة من العقل الظاهر فتتم بوعي .. لهذا قد يسميان العقل الواعي والعقل اللاواعي أيضا ..
    · محطة التأمل هي أهم مراحل المعرفة .. وأيضا كما أن التأمل محطة من محطات المعرفة هو أيضا طريق من طرقها .. لكن كيف ؟
    · هذا ما سنحاول التعرف عليه في الدرس القادم الذي سنخصصه لهذا الأمر ..
    · أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ..




    ***




    حسن العطية

  5. #5
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    أستاذي الكبير حسن
    موضوع تفكري معرفي جميل
    لي عودة معه
    الموضوع للتثبيت
    تظل جماعات من الأفئدة ترقب صباح الانعتاق,لترسم بسمة الحياة على وجوه استهلكها لون الشحوب و شكلها رسم القطوب ,يعانقها الشوق و يواسيها الأمل.

  6. #6
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    المشاركات : 852
    المواضيع : 19
    الردود : 852
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالصمد حسن زيبار مشاهدة المشاركة
    أستاذي الكبير حسن
    موضوع تفكري معرفي جميل
    لي عودة معه
    الموضوع للتثبيت
    أستاذي المبجل ..عبد الصمد زيبار ..
    غمرتني بلطفك وتواضعك ..
    ستبقى شهادتك وساما يزين صفحتي المتواضعة ..
    ربي يخليك ويبارك لنا فيك ..

  7. #7
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    المشاركات : 852
    المواضيع : 19
    الردود : 852
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي 5 عناصر التأمل

    5 عناصر التأمل




    ***



    · عرفنا في موضوعنا السابق – محطات المعرفة – أن التأمل هو المحطة الثانية من محطات المعرفة ..
    · وقلنا – أيضا - بأن التأمل كما أنه محطة من محطات المعرفة , هو أيضا طريق من طرقها ,
    وأنهينا الموضوع السابق بالتساؤل عن كيفية كون التأمل محطة من محطات المعرفة , وطريق من طرقها ..
    · والآن جاء وقت الإجابة على ذلك التساؤل فنقول :
    · قلنا سابقا : إذا أردتُ أن أعرف أمرًا ما : فإني أنتبه إليه أولا – أتأمله ثانيا – ينكشف لي ثالثا
    · وقلنا بأن هذه هي محطات المعرفة الثلاث ..
    · والآن إذا سحبنا المحطة الثانية - محطة التأمل - من بين المحطات الثلاث , لنشرحها ونتأمل فيها , فماذا عسانى واجدين فيها ؟؟
    نجد بأن التأمل الذي هو المحطة الثانية , عبارة عن : التفكير والتدقيق في أمر ما , وتقليبه على مختلف وجوهه , لمعرفته جيدا .. ومحاولة الإجابة على التساؤلات التي يطرحها العقل عليه .. أو قل : هو إعمال العقل في أمر ما , هذا هو معنى التأمل ..
    · فحين أتأمل مثلا في نفسي , من ناحية خالقها ..
    هذا التأمل في نفسي يثير في نفسي عدة أسئلة .. وكل سؤال أحاول الإجابة عليه بعدة إجابات .. بعدها أبدا في اختبار الإجابات إجابة إجابة .. وأبدأ باستبعاد الإجابة التي لا اقتنع بها , إلى أن أصل إلى الإجابة المقنعة , التي اطمئن إليها , وتهدئ من ثوران نفسي .. هذه الأمور مجموعة تسمى تأملا ..
    · إذن التأمل في أمر ما هو : طرح مجموعة من الأسئلة تخص ذلك الأمر .. ومحاولة البحث عن إجابة مقنعة لكل سؤال يطرح , مِنْ كمِّ الإجابات المحتملة ..
    · فإذا أردنا أن نعدد عناصر التأمل – كما شرحناه قبل قليل - , فإن عناصره ستكون التالية :
    1) الأمر المتأمَّل فيه .. وهو العنصر الأساس في عملية التأمل .. و بدونه لن توجد عملية التأمل من الأصل .. لأن التأمل لابد أن يتوجه لأمر ما ولا يحصل في ألا شيء .. وكما يقال : العرش ثم النقش ..
    2) تشريح الشيء المتأمَّل فيه إلى حيثيات وجوانب عديدة .. فحين يكون محور التأمل هو النفس .. لابد أن أحدد أمرًا خاصا من أمور النفس , أتأمل فيه .. هل سأتأمل في النفس من حيث التكوين الجسمي الفسيولوجي مثلا .. أو من حيث خالقها .. أو من حيث لونها .. أو شكلها .. أو جمالها ... إلخ , و بدون تحديد نقطة محددة في الأمر المتأمل فيه , فإننا سنكون كمن يبحث عن إبرةٍ في كومة قش .. نعم يمكن أن نتأمل في جميع جوانب النفس لكن إذا أخدنا كل جانب على حدة , نتأمله جيدا ونخرج بقناعة تجاهه .. ثم ننتقل إلى الجانب الآخر .. إلى أن نأتي على كل الجوانب .. في مثل هذه الحالة المنظمة يمكن أن نتأمل في النفس بجميع جوانبها المفروضة ..
    3) ثوران الأسئلة .. من طبيعة الإنسان , أنه يسأل نفسه دوما عن كل ما ينتبه إليه .. لهذا عبرنا بـ ثوران , للإشارة إلى أن الأمر غريزي تلقائي , يحصل بدون إرادة الإنسان .. فحين نحدد الأمر المتأمل فيه .. ونحدد نقطة معينه فيه .. يبدأ العقل بطرح عدة أسئلة حول تلك النقطة المحددة .. من خلق نفسي ؟ من يبقيها ؟ لم خلقت ؟ ...إلخ
    4) الأجوبة المحتملة .. والعقل بعد أن تثور داخل النفس تلك الأسئلة , يحاول أن يجيب على كل سؤال إجابة مقنعة .. وذلك بأن يجيب بصورة مبدئية على كل سؤال بإجابات كثيرة محتملة , وكأنه يفرض فروضا .. ثم يبدأ بسبر وفحص هذه الفروض و الإجابات إجابة إجابة .. ويتمّ - في هذا السبر والاختبار – استبعاد الإجابات غير المقنعة , واستبقاء الإجابات المقنعة ..
    5) الاطمئنان .. وكلما كانت الإجابات الباقية أكثر إقناعا , فإنها ستؤدي إلى هدوء النفس واطمئنانها , وبالتالي سكونها من ثورانها .. وبالتالي يمكن أن نعد حالة الطمأنينة , نجاح عملية التأمل وحصول المتأمل على ثمرة تأمله والتي هي الطمأنينة , وبهذا يمكن أن نعد الطمأنينة آخر عنصر من عناصر التأمل .. وهو بمثابة التسليم للصلاة .. فهو إشارة إلى أن الصلاة قد انتهت .. كذلك الاطمئنان يدل على أن عملية التأمل قد انتهت بسلام .. أم في حال لم يصل الإنسان إلى الإجابة المقنعة فإن حالة الثوران ستستمر .. مما يشير إلى أن عملية التأمل ما زالت مستمرة قائمة في النفس .. وقد تهدأ هذه الثورة في النفس بالحصول على الإجابة الشافية , وقد لا تهدأ أبدا .. وهذا الهدوء إن حصل قد يحصل في وقت طويل أو في وقت قصير .. حسب عوامل كثيرة قلنا سابقا أنها هي من يطيل أو يقصر عملية التأمل وبالتالي عملية المعرفة برمتها ..
    · بهذا نكون قد عرفنا جيدا المقصود من التأمل , الذي هو المحطة الثاني من محطات المعرفة ..
    · وبقي علينا معرفة أمرين :
    الأول : أهمية هذا التأمل في حياتنا ..
    الثاني : معرفة التأمل الذي هو طريق من طرق المعرفة ..
    · ونحن سنتكلم عن كلٍّ من هذين الأمرين في موضوع يخصه ..
    · وإلى أن ألقاكم على خير .. أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ..




    ***




    حسن العطية

  8. #8
    الصورة الرمزية زهراء المقدسية أديبة
    تاريخ التسجيل : Jun 2009
    المشاركات : 4,596
    المواضيع : 216
    الردود : 4596
    المعدل اليومي : 0.85

    افتراضي

    انتبهت للعنوان دخلت
    فتأملت المكتوب
    وتكشفت لي حقيقة أننا أمام رجل
    يفكر ولهذا فهو موجود

    واسمح لي بسؤال

    هل فعلا لا تعارض بين العقل والنقل؟؟
    وعن أي عقل تتحدث؟؟
    هل تنكر وجود عقول متمردة تتنكر للنقل
    سواء في القرآن أو السنة بحجة أن العقل لم يستوعبه؟؟

    وقد يخرج علينا أصحابها بقولهم أن ما ورد في المنقول من الأحاديث مثلا
    هو من الإسرائيليات فعقله لم يقره ولم يستوعب مثلا
    لما الغسل في حالة بول الرضيعة
    والنضح في حالة بول الغلام ؟؟


    أستاذ حسن
    من آهات إلى خطرات إلى محطات
    تسعدنا متابعتك بكل شغف وفضول للمزيد

    دمت مفكرا
    ـــــــــــــــــ
    اقرؤوني فكراً لا حرفاً...

  9. #9
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    المشاركات : 852
    المواضيع : 19
    الردود : 852
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهراء المقدسية مشاهدة المشاركة
    انتبهت للعنوان دخلت
    فتأملت المكتوب
    وتكشفت لي حقيقة أننا أمام رجل
    يفكر ولهذا فهو موجود

    واسمح لي بسؤال

    هل فعلا لا تعارض بين العقل والنقل؟؟
    وعن أي عقل تتحدث؟؟
    هل تنكر وجود عقول متمردة تتنكر للنقل
    سواء في القرآن أو السنة بحجة أن العقل لم يستوعبه؟؟

    وقد يخرج علينا أصحابها بقولهم أن ما ورد في المنقول من الأحاديث مثلا
    هو من الإسرائيليات فعقله لم يقره ولم يستوعب مثلا
    لما الغسل في حالة بول الرضيعة
    والنضح في حالة بول الغلام ؟؟


    أستاذ حسن
    من آهات إلى خطرات إلى محطات
    تسعدنا متابعتك بكل شغف وفضول للمزيد

    دمت مفكرا
    انتبهت للعنوان دخلت
    فتأملت المكتوب
    وتكشفت لي حقيقة أننا أمام رجل
    يفكر ولهذا فهو موجود
    ثنكس .. وما عليك زود أستاذتي
    واسمح لي بسؤال

    هل فعلا لا تعارض بين العقل والنقل؟؟
    هذا رأيي المتواضع .. وما الغريب في هذا ؟؟
    وعن أي عقل تتحدث؟؟
    كل سيحاسب حسب عقله .. وحين يتبع عقل غيره فعقله من يرشده الى اتباع ذلك العقل .. فلا مفر من العقل !!
    هل تنكر وجود عقول متمردة تتنكر للنقل
    سواء في القرآن أو السنة بحجة أن العقل لم يستوعبه؟؟
    المكابرة شيء والعقل شيء آخر !!

    وقد يخرج علينا أصحابها بقولهم أن ما ورد في المنقول من الأحاديث مثلا
    هو من الإسرائيليات فعقله لم يقره ولم يستوعب مثلا
    أستاذتي : من يقول هذا دليل على أنه يذهب أن لا تعارض بين العقل والنقل الصحيح .. لهذا ترينه يخدش في صحة النقل حين يجده يتعارض مع العقل الصريح .. وليس هذا منه ردا للنقل !!لم الغسل في حالة بول الرضيعة
    والنضح في حالة بول الغلام ؟؟
    أعجب لمن – لست أنت قطعا – يحاول التشكيك بالعقل بالعقل نفسه !! فالأمر لا يخلو : إما أن المشكك (بالكسر ) صحيح أو المشكك فيه صحيح وكلاهما عقل


    أستاذ حسن
    من آهات إلى خطرات إلى محطات
    تسعدنا متابعتك بكل شغف وفضول للمزيد

    دمت مفكرا
    دمت أستاذتي

  10. #10
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    المشاركات : 852
    المواضيع : 19
    الردود : 852
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي 6 طرق المعرفة

    6 طرق المعرفة

    ***
    · قلنا سابقا : حين أريد أن أعلم بأمر ما , أنتبه إليه أولا – أتأمله ثانيا – ينكشف لي ثالثا .. وقلنا بأن هذه هي محطات المعرفة الثلاث .. ثم قمنا بتحليل المحطة الثانية وهي التأمل لنحدد عناصرها الخمسة .. وكنا قد قلنا بأن التأمل تارة يكون محطة وتارة يكون طريقا .. وهذا ما سنتناوله في هذا الدرس ..
    · التفريق بين التأمل المحطة والتأمل الطريق ..
    · حين أنتبه إلى أمر ما .. أقوم بتأمله .. وعملية التأمل عملية مركبة من عدة أشياء يطلق عليها التأمل .. وفي هي العملية يقوم العقل بتصنيف الأمر المنتبه إليه والمراد معرفته ..أنه سيوجه إلى الفرع المختص به من العلوم ليقام في ذلك المعمل بتشريحه واكتشافه .. هل سيواجه إلى مختبر المواد كالحديد والذهب والنحاس .. أم أنه سيوجهه إلى معمل اللغة – فيما إذا كان الأمر يتعلق باللغات .. أو سيوجهه إلى معمل آخر ..
    · ومن المعامل التي يمكن أن يوجه العقلُ إليه الأمر المجهول الجديد , يوجه إلى العقل نفسه وإلى المخزون الشخصي للإنسان نفسه .. ليقوم عقله نفسه بتحليله وتأمله وتشريحه بالعقل ..
    · إذن لاحظوا : أول ما يتسلم العقل المجهول - الأمر المراد معرفته – يقوم بتأمله بغرض تصنيفه وتوجيهها إلى معمل الفرع المختص به .. و من المعامل المحتملة أن يوجه إليها : معمل العقل نفسه ليقوم بتأمله ..التأمل الذي يوجه المجهول إلى المعمل هو التأمل المحطة .. والتأمل المعمل الذي سيشرح المجهول هو تأمل الطريق ..
    · وكما تلاحظون درسنا السابق (( عناصر التأمل )) كان أقرب إلى التأمل الذي هو طريق من طرق المعرفة لا التأمل الذي هو محطة من محطاته .. نعم التأمل المحطة يشمل كلا التأملين إلا أن خلاصته إنما هو في التأمل الطريق .. إما التأمل المحطة فهو فقط طريق وصول المجهول إلى معمل التأمل الطريق لا أكثر .. وإن كان التدقيق في تأمل المحطة يتضح أنه أيضا نوع من أنواع التأمل الطريق إلا أنه نوع قصير منه أو قل تأملي أولي .. أما الآخر فهو تأمر تفصيلي مركز ..
    · إذن يمكن أن نفرق بين التأمل المحطة والتأمل الطريق بأن التأمل الطريق أكثر تركيزا من التأمل المحطة ..
    · ولكي يتضح الأمر أكثر سنتكلم عن طرق المعرفة , حتى يتبين جليا كيف أن التأمل الطريقي طريق من طرق المعرفة :
    · طرق المعرفة : هي تلك الوسائل التي يستعين بها الإنسان في اكتشاف المجهولات التي يرد معرفتها .. ولكل شيء فرع من فروع المعرفة يختص به .. اللسانيات .. الماديات .. النبات .. الطب .. ...إلخ
    · وهناك فرع يختص بالأمور العقلية الصرفة .. والتي لا تدخل تحت أي فرع من الفروع الأخرى دخولا مستقلا .. وهو شديد اللصوق بعلم الفلسفة المعروف بل ربما يكون التأمل هو روح الفلسفة وأهم ميزاتها .. وهذا الفرع وهذا الطريق أهم طرق المعرفة قاطبة.. لأنه يدخل في كل فروع المعرفة .. فهي تعتمد عليه اعتمادا كثيرا أو قليلا .. فهو من يمدها بالقوانين العامة والكلية ..
    · مثلا : من يجري تجارب على قطعة حديدية في مختبره .. يجدها تتمدد بالحرارة وتنكمش بالبرودة .. هذه القطعة التي بين يديه فقط .. لكنه لا يستطيع أن يعمم هذا الحكم على كل قطعة حديدية إلا عن طريق التأمل والفلسفة .. فعن طريقهما يستطيع العقل أن يعمم حكم هذه القطعة على كل قطعة حديد ..
    · هذا الفرع هو ما نركز عليه ونطالب به تحت عنوان التأمل والذي هو محطة للمعرفة وطريق من طرقها بل طريقها العظمى ..
    · بهذا نكون قد ميـَّزنا بين التأمل المحطة والتأمل الطريق .. وبقي علينا أن نتكلم عن أهمية التأمل الطريق .. أي كشف المجهولات عن طريق العقل المحض .. ومع أنه اتضح قبل قليل أهمية التأمل إلا أننا نريد أن نخصص موضوعا كاملا للحديث عن أهمية التأمل ..
    · وهذا ما سنتكلم عنه في الدرس القادم بإذن الله تعالى .. وأظن أنه أهم درس مطلقا ..
    · وإلى ذلكم الحين أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ..




    ***



    حسن العطية

صفحة 1 من 4 1234 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. تأملات معرفية
    بواسطة ريبر أحمد في المنتدى التَّفكِيرُ والفَلسَفةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 30-04-2013, 12:14 PM
  2. نحو نظرية معرفية إسلامية
    بواسطة علال المديني في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 13-05-2012, 11:01 PM
  3. استفتاء عن محطات الأنباء
    بواسطة فاطمة جرارعة في المنتدى نُصْرَةُ فِلِسْطِين وَالقُدْسِ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 13-01-2009, 07:14 PM
  4. محطات ٌقادمه..
    بواسطة ريمة الخاني في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 21-11-2008, 08:57 AM
  5. حكاية انفجار محطات الوقود بسبب المحمول
    بواسطة أبو القاسم في المنتدى عُلُومٌ وَتِّقْنِيَةٌ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 23-03-2005, 08:32 PM