· النقطة الخامسة :
كيف نقرأ :بعد أن حددنا نقطة البدء بالتدبر في القرآن .. علينا أن نعرف كيف نقرأ ونتدبر فيما اخترناه على غيره من القرآن وقدمناه على غيره ..
· هذه النقطة إخواني وأخوات الأعزاء .. من النقاط المهمة جدا .. والتي لم تعط حقها من البحث .. على الصعيد التطبيقي لا النظري .. أما النظري فيمكن أن يكون ما قيل فيها كافيا بل وفوق الكافي ..
- فلا أظن احد لم يسمع مرة عن أهمية التدبر في القرآن .. وأن القراءة بتدبر أهم من القراءة الخالية من التدبر .. فمثل هذا الكلام يقوله الجميع .. لكن حين التطبيق يخفق الأغلب ويخالف فعله قوله .. وهنا المصيبة ..
- فالبعض – وهو الأغلب – يخطئ في التطبيق عن عمد لأغراض شيطانية في قلبه ..
- والبعض يخطئ في التطبيق غفلة وعن حسن نية ..
- طيب فلنعد إلى أصل : كيف نقرأ ؟؟
- أولا : علينا أن نسير في قراءتنا للعمق والطول لا عرضا .. كما وسبق أن بينا هذا الأمر .. فهذا الأمر مهم جدا في التدبر في القرآن الكريم .. وهذه نقطة فاصلة بين القراءة بتدبر من القراءة الخالية من التدبر ..
- والمقصود من السير باتجاه العمق لا السير باتجاه العرض هو :
- حين تبدأ بالقراءة من أول آية وهي البسملة الكريمة – مثلا - اقرأها ولا تتجاوزها اقرأها وقف عليها ..
- طبعا نقول اقرأ الآية كلها وقف عليها لأنها من الآيات القصيرة المتصلة كلماتها ببعض ..
- وإلا ففي بعض الآيات الطويلة نقول اقرأ كلمة كملة وقف عند كل كلمة ولا تتعداها لتفعل بها ما سنقوله بعد قليل ..
- طيب إذن نقرأ البسملة ونقف عليها .. وكأن هدفنا من البداية من قراءة القرآن قراءة هذه الآية فقط ..
- حين تقف عليها انظر إلى نفسك .. هل يدور في ذهنك سؤال بشأن هذه الآية أو لا يدور ؟؟ فهنا احتمالان .. سنتكلم عن كليهما ..
- الاحتمال الأول : أن يدور في ذهنك بعض الأسئلة بشأن ما قرأت أي شيء :
- مثلا : ما معنى (الله) .. أو ما الفرق بين الرحمن والرحيم ؟؟ أو لم الرحمن والرحيم هنا دون غيرهما من الأسماء والصفات ؟؟ أو لم قال : باسم الله وليس بالله مباشرة .. أو ما معنى الاسم .. أو أو أو ..
- إذا وقفت عند البسملة انظر إلى نفسك هل تجد فيها سؤال يخص هذه الآية .. إن كان : نعم يوجد سؤال بخصوصها .. فامسك به بأسنانك ويديك فقد وقعت على طلبتك ..
- هذا السؤال حاول أن تفرض له الإجابات .. وبعدها حاول أن تستبعد الإجابات التي لا تراها صحيحة .. وتبقي الإجابات التي تقتنع بها أنت شخصيا .. ولا دخل لك بما يقول غيرك الآن .. فقط ما تقتنع أنت به ..
- وحاول وأنت تقوم بهذه الخطوات وهي : فرض الإجابات واختيار الإجابة الأكثر إقناعا حاول أن تكرر قراءة نفس البسملة من القرآن نظرا والقرآن مفتوح بين يديك .. وأن تفكر .. تقرأ وتكرر .. في البداية كرر كرر إلى أن ترى نفسك أنك اندمجت في التفكير وترى أن التكرار سيشغلك عن متابعة التدبر .. حينها اقطع التكرار وأغلق القرآن واستمر في الغوص الذهني في الآية .. إلى أن تسقط على الإجابة المقنعة التي يطمئن إليها قلبك .. حين يطمئن قلبك بها فهذا يعني أن عملية تأملك انتهت في هذه النقطة وذلك بإتيان عملية التأمل ثمارها ..
- فعليك إلى الانتقال إلى سؤال آخر دار في ذهنك وتفعل به كما فعلت بالسؤال الأول ..
- طبعا لا ترهق نفسك إذا كانت العملية الأولى استغرقت منك وقتا طويلا وجهدا مضنيا .. فأغلق القران الكريم وقم فقد انتهت حصة تدبرك هذا اليوم .. إما إذا كانت عملية التدبر قصيرة وليست مرهقة فانتقل إلى العملية التالية .. وهكذا تنتقل من نقطة إلى أخرى إلى أن تشعر بالملل والتعب فقم ولا تستمر في التأمل مع الملل والتعب لأنه سيكرهك في القرآن وستصاب بردة فعل معاكسة ذات أعراض جانبية سيئة جدا عليك ..
- حاول دوما أن يبقى القرآن الكريم محبوبا عندك .. وذلك بأن لا تجهد نفسك به .. وإلا فلن تعود إليه مرة أخرى بعد أول عملية تدبر ..
- هذه نقطة مهمة جدا أرجو الاهتمام بها جدا .. حاول أن يبقى القرآن محبوبا لديك ولو تتدبر في اليوم كلمة واحدة فقط ..
- لأن تتدبر كلمة واحدة فقط ويبقى حبك لقرآن يملأ قلبك لهو خير لك من أن تتدبر القرآن كله ويتحول حبك لقرآن إلى كره وقطيعة ..
- انتبهوا إلى هذه النقطة أرجوكم وإلا فالعواقب وخيمة جدا .. وقد أعذر من أنذر .. فلا احد يتهمني بعد ذلك بأن كنت السبب في إيقاع القطيعة بينه وبين القرآن !!
· طيب بعض الأحيان يدور في ذهنك بعض الأسئلة .. ولكن مهما تأملت فإنك لا تجد الإجابة المقنعة من الإجابات المحتملة .. يعني المعلومات المختزنة عندك لا تؤهلك إجابة على تلك التساؤلات .. فماذا عليك فعله حينئذ للتوصل إلى الإجابة المقنعة وإلى الاطمئنان ؟؟
· هذا ما سنحاول معرفته في الدرس القادم بإذن الله تعالى ..
· والآن استودعكم الله تعالى الذي لا تضيع ودائعه .. والحمد لله رب العاملين في الآخرة والأولى .. وصلى الله على حبيبه المصطفى وآله