عقائدية وجُعل تصفيتها بعد أن أدت مصالحهم وشعروا أن هــــذه الـــحركة مـــوجهة ضـــد الشركات البريطانية ، لأنه من الطبيعي وجود تناقض بين المبادئ والمصالح .
وربما يحدث لهم الآن في الشيشان بعد أن يؤدوا دورهم في طرد الروس وصدامهم مع الأمريكيين ولـو كان الروس أكثر ذكاءً لأعطوهم حقوقهم وتحالفوا معهم حلف مبدئي ضد المصالح والأطماع الأخرى .
ونعود لهؤلاء المليارات من البشرية من أصحاب القضايا الخاسرة نتيجة لهذه الأوضاع التــــي تـــحكمها المصالح والجشع على حساب المبادئ .

فالمبادئ وسيادة القانون والشريعة هي الحصن الذي يقي الأمة من السقوط فريسة بين صراع المتناقـــضات العالمية ، ولما
كان الأغلبية الساحقة من المجتمع تدفع ثمن ذلك الوضع إن كان من خـــــــلال الــــحروب أو التجهيز لها وتحصين المواقع الحيوية للشركات العملاقة الناهبة وتهميش ما يعادل 85% من البشرية يبــــدأ البحث عن حل ، وأي حل لمواجهة قوى غاشمة ومسيطرة ، يتطلب أول شيء قاسم مشترك من الأفكـــــــار تجتمع عليه هموم ومعاناة الشعوب ، فوحدة الحال ووحدة المصير ووحدة الإحساس بالظلم والغـــبن تــــشكل دافعاً اجتماعياً هائلاً للتذمر وكل فرد يعبر عن تذمره بطريقة تتلائم مع وعيه ومقدراته الشــــــخصية وذكائه
كما أن وجود أي قوة مهما كانت صغيرة تلوح في الأفق وتكون مناهضة للأوضاع القائمة تلقــــى تعاطـــــفاً حقيقياً رغم دور الإعلام السلبي في تمويه الحقائق وهكذا تبقى ردود الفعل بين مد وجذر حتى تبرز قــــــــوة حقيقية يلتف حولها الناس وإذا لم يكن هناك تكافؤ بين من يدفعون هذه القوة فإنها قد تشكل بديلاً عما كــــــان قائماً … وفي حال عدم وجود هذه القوة التي يندفع من خلالها المجتمع عبر مفكريه وعلمائه يــــلوذ أفــــراد المجتمع بالصمت والتأوه ، وبالنسبة لمن يؤمن بالآخرة ويرى أن قواه قد خارت ، واستحالة الـــتغيير بـــسبب وجود عصابتان تتناقضان في بعض القضايا والمصالح ولكنهما متكاملتان من حيث الغاية وهي الهيمنة على مقدرات الشعوب ، فهناك هيكلية دولية أي قوى عملاقة تحكم باسم دول كبيرة تهيمن على دول صغيرة ومن خلالهما يُحكم البشر .. وأمام هذا الواقع يلجأ الفرد إلى ربه وهذا اللجوء يتخذ شكلين ، يختار فيه اللاجئ ذلك لعجزه عن المواجهة محاولاً أن يكسب الآخرة بعد أن خسر الدنيا .(وهذا بالضبط ما أعنيه بصحوة الــموت) لأولئك الذين اتخذوا من المساجد ومظاهر التصوف الديني في اللباس والمظهر والخنوع متوهمين أن كــسب الآخرة هو أسهل الخيارات المطروحة أمامهم ، وكسب الآخرة تعويض عما خسروه في هذه الدنيا .. وبالتالي يكون مصير أولادهم وأحفادهم مجهول ، لأن هذا الإحساس السلبي ناتج عن الضعف والـوهن الذي يصيب الجسم في الفرد وخاصة بعد الزواج وكثرة الأولاد لما لأثر الدافع الجنسي من ناحيـــــــة فــي كونـــه مصدراً من مصادر الحيوية والطاقة في الجسم الذي يحركه العقل .
وحينما يخمد الدافع الجنسي في الإنسان تخمد جذوة الاندفاع واستسهال المصاعب .. أما من ناحية ثانية ..
وجود الأولاد وهموم تربيتهم والحصول على لقمة العيش التي تأخذ كافة وقت وجهد الفرد المتبقي فيه .. وهكذا نرى أن أكثرية الأفراد الذين يلجون الاتجاه الأخروي في حياتهم بعد إحساسهم بالخذلان من حصص الدنيا وربما الكثير منهم لو حقق بعض المكاسب الدنيوية لما استهوته الآخرة .. أما القسم الآخر من هــؤلاء والذين يلجون المساجد يرون فيه أسهل الحلول الموجودة أي أن الصدام مع الآخرين والسلطات خطر وخال من الأمن أما اللواذ بالله والدين مدخل للأمان الطمأنينة إلى نفوسهم ولو كانت حياتهم على الكفاف وغالبا ما يكون لهؤلاء شيوخهم الذين يشكلون لهم نبع المعرفة والنصح وكل شيخ قادر على اقتياد أتباعه حيثما يشاء .
وهناك الآخرين من هؤلاء الذين يرون في الإسلام ثورة ضد الفقر والاضطهاد وأن الدين لـــــــيس عبــــادة وضوابط وحسب بل يرون أن الدين في تطبيق أوامره ونواهيه على الواقع وأنه لا انفصال بين الدين والدنيا والآخرة ولا يكون اعتمادهم على علماء الدين والفقهاء فحسب بل على ما يقع بين أيديـــــهم من كتب السلف كمصدر إضافي لتكوين فهمهم بعد الكتاب والسنة وهكذا أو في ظل هذه الأوضاع الــــتي تمضي بالأمم نحو الأسوأ في ظل هذاالاستعباد الداخلي والخارجي تحت شعار العولمة يصعب الـــــتمييز إلى أين يمكـــــن أن تمضي هذه الصحوة .. أهي نحو الموت .. أم أنها شيء آخر تتشكل نوياته في أكثر من مكان.
أما ما يسمى بالعلمانية وهذه المظاهر التي تُضخ عبر الإعلام أولا" والأسواق ثانيا" ما هي ..؟
نرى العلمانية بأنها مصطلح اتخذه أرباب الشركات العملاقة عبر سياسي ما يسمى بالدول الغنيـــــة لتغليف أهدافهم بالعلم وتسويق هذه الأهداف وبالتالي السلع بفرض الهيمنة على معتقدات وأسواق العــــالم حيال هذه المنتجات ..أي وضع المصلحة حيث يكون المبدأ وابتذال أشكال جديدة ومشوهة تعمل في تــبادل وتناغم بين داخل الفرد في شهواته ونفسه وعقله وخارج الإنسان في ملبسه ومسكنه وتطلعه .. واســــتحداث قيم وأجيال جديدة تتناسب مع هذا الزحف ولا تدخل العلمنة أغلب الأحيان في صدام مباشر مع البنى الفكرية والأخلاقية والدينية القائمة عبر تاريخ البشرية .. بل هي تزحف ببطيء لإلغاء مالا يتناسب مع مفهوم المنفعة بدل المبدأ وقد كان للاشتراكية العلمية ذات الهدف خلال القرن العشرين مع اختلاف الــوسائل لتطبيق هذا الفكر أو البرنامج أو الإيديولوجية أو المنفعة الاقتصادية أو كل هذه الأشياء وغيرها .
وإن أردنا أن نبحث عن الخلاف في كل هذا أين نجده وما هو الخلاف القائم بين المذهب الجديد الــــــزاحف عبر القارات إلى كل سوق وفكر وبين الأيديولوجيات السابقة والعقائد والشرائع ..
إن العلمانية تطور طبيعي لوضع قائم عبر قرون خلت والتسارع في الشكل الجديد للعلمانية هـــــو النمو الصناعي وشبكة الاتصالات والمواصلات الحديثة وتكدس الثروة وهذا المصطلح الذي يدعى بالعلمانية قوى تتصارع على الربح ومصادر الثروة وتأكل بعضها البعض وتخلق قيم جديدة وغير مجربة تلائم الوضـــــــع الجديد لتكوين كتل اقتصادية ومادية عملاقة محاولة اتخاذ الديمقراطية والحرية الصورية والانفتاح سبيلا في الهيمنة على حاجات البشرية وبالتالي على المستقبل .
وتكريس اله بديل وقريب هو المال ولهذا يتهافت الحكام في العالم الثالث على الاستئثار بباقي أموال شعوبهم بعد إذلالهم ليكونوا مكمل لهذه الهيكلية الدولية التي تتشكل.. ، ومثلما حدث في آواخر أيام الإتحاد السوفيتي ، حيث نهب كل قادرٍ ومسؤول ماتحت يده من ثروات الشعب وكوّن عصابة صغيرة ضمن عصابة كبيرة .
إن كل القوانين الوضعية القائمة في العالم ومنذ قرون خلت هي القوانين التي تتلاءم مع مصالح الحكام و أصحاب الثروات وعدم وجود معنى واضح وعميق للعدل والحق هو امتداد طبيعي عبر التاريخ للعلمانية ...
ولهذا نرى أن التناقض بين الشرائع السماوية والأنظمة الوضعية ليس وليد اللحظة أو هذا القرن بل هو إفراز طبيعي لاوضاع كانت منذ البداية مفترقة عن الشريعة بدءاً بولاية العهد وطريقة الحكم قديما وحديثا وانتهاء لما آل إليه وضع الأمم في هذا القرن الجديد وهذا التناقض الحاد بين ما استقرَّ في وجدان الإنسان عن وجود الحاكم وجوهر عمله ومعنى الحق والعدل في شكليهما المطلق والنسبي وفق الشريعة وما يراه الإنسان من وجوه وأقنعة متعددة للحاكم والمعاني الكثيرة والمتناقضة للعدل والحق والآثار المدمرة على الفرد والقيم التي تتكاثر مضارها على البشرية والمستقبل ..
والعلمانية هي تطور طبيعي لما ألمَّ بالأمم عبر سيرورة التناقضات والصراعات في العالم وأشكال الإيديولوجيات التي برزت على سطح المجتمع ..وهي بالتالي الشكل الأخير في هذه المرحلة المراد سيادته على العالم من خلال ربط المصالح الاقتصادية بين ما يسمى بالدول العملاقة عبر الشركات الموجودة في هذه الدول مع مصالح الشركا ت والرأسماليات الأصغر ومحاولة الدمج فيما بينها في ما يسمى بالدول الأصغر وإيجاد شبكة قوية وكبيرة تتضافر خيوطها للملمت خيرات الكرة الأرضية وتطوير العالم بشكل يخدم مصالح العناصر التي تشكل خيوط العقد في هذه الشبكة ، وما يربطها هو المصلحة ..
مع الإبقاء على أشكال المبادئ التي تخدمها إلى حين ولا تتناقض مع هيمنتها كالدين بعد تطويقه وحذف التعاليم التي تتناقض مع مصالح هذه الشبكة من حقوق الإنسان وغيره مما انتقته البشرية عبر تاريخها العميق والمديد من سلافة التجارب الإنسانية التي مرت بها وإيجاد أشكال أخرى تلائم تطلعات هذا الزحف الهائل للعلمانية.
ويتم دحض إرادة الشعوب وإرهاصها عبر البطالة التي قد تصل حتى 85% وتجويع هذه الشعوب لسهولة السيطرة عليها وبالتالي على مقدرات هذا الكوكب .. لأن أهم أهداف هذا الزحف الإمبريالي العالمي إيجاد وضع لا يستطيع أحد أن يهدد هذا النظام المنشود … ولهذا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي سارع هؤلاء ذاتهم الذين كانوا يقفون في وجه هذا الزحف للالتحاق به عبر سرقة مقدرات هذا الاتحاد وتكوين مؤسسات مكملة لهذا النظام الإمبريالي العالمي الذي اخترع العلمانية وسيلة لبلوغ أهدافه في تطويق العالم اقتصاديا وبالتالي أمنيا وجعله مزارع تصب غلالها في جيوب الرأسمالية والإمبريالية العالمية .
وحذا حذو الاتحاد السوفيتي السابق في العقد الأخير من نهاية القرن العشرين أكثر العصابات التي اتخذت من الفكر الاشتراكي سبيلا لتضليل الشعوب واستخدامه لوصولها لسدة الحكم في ما يسمى دول نامية .
وإن جوهر عمل الحكومات في ما يسمى بالدول المتقدمة هو الحفاظ على مصالح الشركات وتبادلها التجاري وتأمين الأسواق لشراء المواد الخام وتصدير المواد المصنعة بطريقة توفر أقصى ربح لهذه الشركات على حساب الشعوب الفقيرة في هذا العالم وحماية أنظمة العصابات الصغيرة التي تسهل لها أعمالها.
أما جل اهتمام حكومات ما يسمى بالدول النامية هو تكوين أجهزة استخباراتية متنوعة وأحكام عرفية وجيوش لكي تحافظ على الزعيم والحاكم واستمراريته ومصالحه الخاصة ليستمر في الحكم ومن دون هذا الجيش لا يستطيع البقاء في الحكم وجيش مثل هذا وجوده كعدمه أمام التوازن الدولي ، ولكن وجوده ضروري للاستمرار في قمع الشعب بالحذاء العسكري والحفاظ على مصالحه وتمرير مصالح الشركات في ما يسمى بالدول الكبرى أي العصابات الكبرى لنهب خيرات الشعوب
المسترقة وإذا لم تعامل وفق ما يسمى بالمصالح لهذه العصابات الكبرى فيتم تغييرها بطرق كثيرة وهناك الكثير من الانتهازيين والبدائل .. ووجود عصابات صغيرة كهذه سهل السيطرة على قوادها تحت اسم رئيس الدولة .. وأمن أي دولة هو أمن العصابتان المرتبطتان بالمصالح ربطا قويا وهيمنة من العصابة الكبرى على العصابات الصغرى تحت الكثير من المسميات مثل الصداقة.. أو الحماية أو غيره من المسميات ويتم ربط كل هذه العصابات بطريقة كاريكاتورية مضحكة مبكية هي منظمة الأمم المتحدة التي لا علاقة للأمم في تكوينها بل في دفع ميزانيتها فقط وإن هذه المنظمة كما هو معروف
تمثل مصالح هؤلاء العصابات الذين يتخذون اسم حكام ولا علاقة للشعوب باختيار هؤلاء الحكام لأنهم أقيموا بالدبابة والطائرة واستمروا بالحذاء العسكري على رأس شعوبهم وبالتعاون مع أنظمة الشركات العملاقة وبأساليب كثيرة تدعى ديمقراطية وما أكثر الأساليب الملتوية لهؤلاء.
وليس من خلاص سوى باستخدام العلماء في توجيه الشركات وفرض إرادتهم عليها وليس العكس كما هو قائم.
لا خلاص للأمم بسيادة رأس المال والشركات على العلماء والعالم .. بل الطريق الصحيح هو سيادة العلماء على رأس المال وفتح الحدود بين الشعوب والأفراد ووقف محاصرتهم فيما يسمى بدول وجنسية وهوية وفيزا وإلا يمضي العالم وقضايا أفراده الخاسرة نحو حرب نووية لا مناص منها لأن الأغلبية العظمى من هؤلاء الشعوب ليس لديهم شيء يخسرونه وقد استوى فيهم الوجود والعدم ولم يعد ينقصهم سوى الوسيلة التي تجمعهم من جديد بعد أن سقطت كل الإيديولوجيات والأفكار التي يلتف حولها الثوريون في هذا العالم .
ولهذا برز ما يسمى بالصحوة الإسلامية كقاسم مشترك لمجموعة بشرية كبيرة وردود الأفعال من الأديان الأخرى التي تحاول الهيمنة وبروز ما يسمى بالدولة الإسرائيلية على أساس ديني وعنصري وغيره من التطورات التي بدأت في بداية هذا القرن ولا نعلم إلى أين ينقاد هذا العالم .
والصحوة الإسلامية في بداية القرن الواحد والعشرين وأواخر القرن العشرين تعطي مؤشرين حقيقيين .. الأول إما أنها صحوة الموت واندثار هذا الدين على المسرح السياسي .. أما المؤشر الثاني إيجاد طريق جهادي لا بديل عنه بعد التشتت والضياع في معترك النظام العالمي وعدم جدواه ، والحل الأكثر وضوح هو تشريع إلهي لا يخضع لشهو ا ت وعواطف البشر ولا مصلحة فيه لواضعه سوى الهدى وعدم الضياع ..
أما في صدد المؤشر الأول أي أن هذه الصحوة هي صحوة الموت فنعود للبعد النفسي في الفرد لنرى أن هذا الارتداد نحو الدين ليس سوى خوف الشخص الذي يأتيه الكرب فالراكب في سيارة تتعرض لحادث سير مثلا يلوذ بربه ويلقي كلمات يعبر فيها عن دين كامن في أعماقه يحاول أن يفارق الحياة معبرا عن إيمانه بربه مهما يكن دينه وهناك مقولة تُردد كثيرا في أنواع من التهكم " الآن فطن لربه" أي في الشدائد ولا يوجد أكثر من هكذا شدائد على الأمم في هذا العالم نتيجة هذا النظام العالمي القائم وخاصة الأمة الإسلامية بما فيها العربية .. وهذا كله يشير إلى أن الأمم تحتضر في داخلها عقائدها لهذا ولجت الخنوع والمساجد طريقا لها يقيها في العالم الآخر بعد الموت من عذاب الآخرة .. وهذا الاحتضار بشكل تحليلي يتبدى في مظاهر متعددة .
أولا : التصوف الديني والبعد عن مشاكل الحياة اليومية بأسبابها الإقليمية والدولية.
ثانيا : بروز المشعوذين والدجالين كتعويض عن خيبة الأمل التي تصيب أفراد المجتمع وهناك تحالف بين التخلف والجهل والشعوذة والإحباط وخنوع الأمة.
ثالثا : قوة تحالف العصابات الحاكمة في ما يسمى بالدول النامية مع العصابات الحاكمة في ما يسمى بالدول الغنية ماديا ومحاربة الطرفين لأي نهوض إسلامي إنساني علمي حقيقي .
رابعا : شبه إجماع إعلامي ضد أي حقيقة في مصلحة الفرد على حساب مصالح الأجهزة والأنظمة القمعية الحاكمة وتضليل الحق والعدالة في أ بعادهما التاريخية وبالتالي إبعاد الأجيال القادمة عن فهم الواقع العالمي وحتى في حال تأمل الفرد العالم وفهمه يكون قد قضى القسم الأغلب من حياته وبات لا حول له ولا قوة ولهذا يلوذ بربه منشدا النجاة .
خامسا : تطور الأجهزة القمعية وسهولة الاتصال العالمي والسلاح والتجسس واستحواذ أسباب القوة المادية والعمل على بقائها بيدالعصابات الحاكمة تحت اسم دول وتحالفها فيما بينها ضد الشعوب .
سادسا : لأن الدافع الجنسي في الفرد يقف خلف أغلب الدوافع التي تحرك الأفراد وبالتالي الجماعات… ولأن هذا الدافع يحتاج إلى عدو ، ولأن العدوانية أثر من آثار هذا الدافع .. فكان العدو المخترع هو الإسلام … لأن الإسلام يهذب هذا الدافع ويقولبه كغيره من الدوافع في أطر تخدم التجمعات الإنسانية دون الإساءة للفرد والمجتمع .
سابعا : ولأن هذا الدافع - الجنسي – يعطي حيوية للعضلات في الجسم ويشحن خلايا الفكر بالطاقة إذا خرج عن الإسلام فيخرِّب أكثر مما يعمِّر ، أما إذا قاده التعليم الديني فإنه يعمِّر أكثر مما يخرِّب .. ويكون أكثر الذين يلوذون بالله منقذهم مِن مَن استُنزِفَ دافعهم الجنسي عبر زواج طويل ومسؤوليات تربوية وواقع متخلف ومأزق الفكر في الخلاص .. ، لذلك يرون في الله هو المخلص فيهربون إليه مستسلمين أملاً باليوم الآخر وضعف القوة في داخلهم لا تحرك أحاسيسهم بعنف فيما يدور حولهم.
ثامناً : بعد أن كانت طموحاتهم كبيرة في بداية حياتهم وخيبة الأمل في تحقيق أي من هذه الطموحات وتطويق إمكاناتهم وأفكارهم وأشخاصهم تارة بالجنسية ومرة بالقومية وأخرى بالضبابية للمستقبل وإحساسهم أنهم على هامش الحياة والتاريخ والحضارة وعدم وجود أي فرصة للخروج من هذه الشرنقة العالمية والداخلية المحاكة حولهم فيستسلمون لربهم أملاً بالخلاص .
ويوجد غير ذلك الكثير من الأسباب لجعلنا نرى أن هذه الصحوة هي صحوة الموت واندحار أي إمكانية للوجود ليس على أساس ديني فحسب بل على أي من الأسس التي تراعي مصالح الأغلبية الساحقة من المجتمعات البشرية وخاصة في البلاد النامية اقتصادياً فيكون هروبهم لله هو كسب الآخرة بعد أن أخذت منهم الدنيا التي قدموا إليها دون ذنب أو إرادة أو علم في هذا القدوم إلى هذه الحياة .
أما المؤشرات التي تجعلنا نرى أن هذه الصحوة استيقاظ وجداني وعودة للذات واستنهاض الإمكانات العقائدية والمبدئية والوجدانية التي عليها أن تسود في حكم المجتمعات الإنسانية فهي كثيرة ، ومثالاً عملياً في أي من هذه البلدان نرى أن رجل الدين في وجدان أي مواطن .. لا يسرق .. لا يرتشي .. يطبق القانون على الجميع دون تفضيل .. لا يكذب .. لا يخون .. لا يفرط بالحقوق .. لا يظلم .. أي أن هناك جملة من المعايير متوفرة في رجل الدين ومستقرة في لا وعي الفرد في أي مجتمع ولو تحقق القليل من هذه الصفات أي صفات رجل الدين وتم وضعهم في مناصب الحكم ولو بنسبة بسيطة لاختلف وضع المجتمع نحو الأفضل …
إن الاندفاع الحقيقي وراء اختيار رجل الشارع لرجال الدين كبدائل في الحكم أوفي مواقع المسؤولية أو كشخصيات اعتبارية في مناصب الحكم هو محاولة لا واعية من الفرد في الحصول على هذه الصفات في الشخصية الاعتبارية في مناصب الحكم وخاصة القضاء والعدل أ وجميع أجهزة الحكم .. أي أن رغبة رجل الشارع بأن يكون رجل الدين في الحكم ليس رغبة بهذا الدين عموماً ، ولكن رغبة في وضع حد للفساد القائم في أجهزة حكم ما يسمى بالدول من القمة حتى القاعدة وغياب الحد الأدنى من الأمن والعدل بكل أنواعه ، وذلك من العدل الاقتصادي حتى العدل الاجتماعي والتربوي وغيره الكثير .. وهذا أس الأسس في نجاح الحركات الدينية رغم الحصار والتهديد والقمع .
وليس بخافٍ على أحد أن أي حزب أو مجموعة أو حركة دينية يتاح لها العمل في الشارع الجماهيري تحصد كل مقاعد الحكم .. وهذا رد فعل عفوي من الشعب لما استقر في خلده عن صفات رجل الدين .. وأرى لو أن هؤلاء العصابات يرون أن الحركات الدينية هي التي ستصل إلى الحكم لاتخذوها وسيلة ولكانوا أول المنتمين إليها ، لأن الانتهازيين تارة يأخذون وجه الشيطان وتارة يأخذون وجه الملائكة وأخرى وجه البشر ، ولا يترددون في أي من الوجوه التي ستوصلهم للحكم .. وليعلم العالم أن رغبة رجل الشارع العفوية عند البعض والإرادية عند البعض الآخر ليس مردها فقط سيادة التشريع الإسلامي في تسيير شؤونهم المدنية والاجتماعية والاقتصادية وتمثيلهم الدولي فحسب .. بل هي رغبة بوجود قانون حقيقي يعبر عن وجدان الأمة وطبيعة فهمها لهذا التشريع وآثاره من مكافحة للفساد والعبثية وتناقض القوانين الوضيعة فيما بينها ثم فيما بين البعد التاريخي وأثر الهيكلية الدولية في تكوين هذا التناقض .. ولو كان هناك أي وضع يواجه الرشوة والفساد والتخاذل والمطبات الاجتماعية والواقع الديكتاتوري لخف الاندفاع نحو الله .. والأحزاب في البلاد النامية والتي تكون ديكتاتورية بالضرورة وفاسدة لأنها غير مستندة إلى قوى وفعاليات اقتصادية داخلية قوية أو على المسرح العالمي لكي تدعمها ، ولهذا أي حزب يصل إلى السلطة يلغي بقية الأحزاب من الداخل بالضرورة ويستأثر بالسلطة ثم يلغي رئيس الحزب بقية أعضائه الفاعلين والمؤثرين في الحزب ليكون الزعيم المطلق فوق رقاب الشعب .. ولكنه من جهة أخرى يكون أكثر خنوعاً للقوى العالمية المهيمنة ويجعل من نفسه أداة لتمرير مصالح هذه الشركات والقوى العالمية عبر الأرض بمواردها والشعب بأسواقه لكي لا يدعموا بديلاً له لإسقاطه واستجلاب غيره للحكم بتسهيلات ربما أكثر وقمع أشد على رقاب العباد والبلاد .
أما الأحزاب في البلاد الغنية مادياً فإنها تتناوب إلى الحكم لتسيير أمور الاقتصاد في الداخل عبر خدمة الشركات والمؤسسات الاقتصادية العملاقة وتأمين أهداف هذه الشركات ، ولا تستطيع هذه الأحزاب الاستئثار في السلطة بشكل دائم لتنوع الدعم المادي للأحزاب وتوزعه على كافة هذه الأحزاب التي أقامتها هذه الشركات أصلاً لخدمة مصالحها في الداخل والخارج ، وبعدها تأمين أفضل ما يمكن لمواطنيها بالتدرج المادي وذلك لكي لا يثوروا عليها وعلى هذه الأحزاب .. وهذا فرق جوهري بين أسباب تشكل العصابات الحاكمة في البلدان الغنية اقتصادياً ، ومن خلال هذا المشهد على الساحة العالمية يبرز الدين كصرخة استغاثة من الفساد والقسوة ، وأن الآخرة تمر عبر الدنيا ..والجهاد فريضة .. ولا جنة في الآخرة بدون تطبيق الفرائض ، وأسباب ذلك:
أولاً : بالإضافة للأسباب السابقة وما يدور في فلكها قد يشكل هذا أهم الدوافع لإيجاد وضع تجتمع عليه الأمة وتكون ينبوع دائم لرفد الجهاد نحو غايته في تحقيق أوضاع أفضل للمجتمع وخاصة أنه لم يبق لديهم شيء ليفقدوه سوى أرواحهم .
ثانياً : عدم وجود أي أمل في التغير نحو الأفضل .. بل العكس ، ناهيك عن الازدياد في المواليد والتضخم السكاني والتلوث البيئي وزيادة الفقر والبطالة وانتهاك حقوق الشعوب والأفراد .
ثالثاً : قد تكون هذه الصحوة تمرداً على واقع مؤلم لشريحة عريضة من المجتمع بعد استفحال اليأس والإحباط .
رابعاً : إن الثورة البلشفية وتكون الاتحاد السوفيتي في العقد الثاني من القرن العشرين قد أخر تحقيق الحلم الإمبريالي في السيطرة على كوكب الأرض والبشرية والمستقبل حتى نهاية القرن .. وجاء تبلور الفكر الإسلامي كبديل لمواجهة المد الإمبريالي .
خامساً : سقوط البدائل التي تشكل قاسم مشترك بين مجموعة بشرية كبيرة ومستغلة إنسانياً واقتصادياً وإسلامها يعطي التنظيمات الإسلامية روافد هائلة لمواصلة الجهاد العالمي ، وغياب أي محفز آخر ضد الظلم الواقع على أفراد العالم وخاصة أن التشريع الإسلامي أممي ويأخذ في حسابه حق الشعوب الغير مسلمة .
سادساً :لو أن الإسلام غير موجود وكان الشيطان بديلاً للخلاص من الأوضاع القائمة العالمية والإقليمية لاتخذته الشعوب قدوة لهم كطريق للخلاص ، مع العلم أن الذي يحدث هو العكس .
سابعـاً : بروز تناقض حقيقي واختلاف في قسمة هذا الكوكب مستقبلاً بين التكتلات الاقتصادية التي أخذت تتشكل في بداية هذا القرن مما قد يؤدي إلى حرب نووية انقاد إليها الجشع والطموح الإمبريالي العالمي .
ثامناً : دخول الحكام في دوامات الخدع والألاعيب السياسية وجعل الحكومات أسرى معادلات سياسية تزيد من معاناة الشعوب ويدفعون بسببها المزيد من الدماء والقهر ، ماعدا اتحاد كل القوى العالمية والإقليمية المهيمنة على ضرب أي تحرك للخلاص حتى ولو لم يتخذ شكل الخلاص الإسلام طريقاً .


aldsoki



نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي