|
لَا تَلُومِي الَّذِي تَنَاءَى صَدَاهُ |
وَتَدَمَّتْ مِنْ حَرْفِهِ شَفَتَاهُ |
غَالَبَ الهَمُّ قَلْبَهُ فَتَمَادَتْ |
تَخْدِشُ الصَّبْرَ حُرْقَةً دَمْعَتَاهُ |
خَضَّبَ الحُزْنُ جَانِبَيْهِ فَأَضْحَى |
مُوغَلَ الجُرْحِ مَا احْتَوَى جَانِبَاهُ |
لَا تَلُومِيهِ إِنْ قَسَا أَوْ تَعَنَّى |
مُبْغِضاً كُلَّ مَا تَدُوسُ خُطَاهُ |
بَلْ دَعِيهِ فِي ظُلْمَةِ التِّيهِ يَخْطُو |
حَيْثُ لَا تَهْتَدِي بِهِ قَدَمَاهُ |
حَيْثُ يَنْأَى بِشِدَّةِ البَّأْسِ فِيهِ |
حَيْثُ لَا يُدْرِكُ النُّهَى مُلْتَقَاهُ |
فَشُحُوبُ الدُّجَى يُفَتِّشُ فِيهِ |
عَنْ دَبِيبِ الأَسَى لَهِيبِ حَشَاهُ |
وَشِعَابُ الدُّنَى تُسَائِلُ عَنْهُ |
أَ هْوَ فِيهَا أَمْ أَنَّهَا مَنْكِبَاهُ |
شَحَّتِ الشَّمْسُ أَنْ تُصَحِّيهِ صُبْحاً |
فَتَسَرَّى يَتُوهُ صَوْبَ لَظَاهُ |
أَفَلَ البَدْرُ مُكْفَهِرّاً بَخِيلاً |
عَنْهُ لَمَّا اشْتَهَى الهُدَى مِنْ سَنَاهُ |
خَطُهُ السَّعْدُ وَالهَنَا أَبْهَمَاهُ |
نَقْشُهُ الحُزْنُ وَالعَنَا أَفْصَحَاهُ |
نَوْمُهُ الدَّمْعُ والقِلَى أَجْهَضَاهُ |
سُهْدُهُ الجَفْنُ وَالحِجَا أَنْجَبَاهُ |
فِي صِرَاعَيْ ضَنْكٍ وَبُؤْسٍ تَمَنَّى |
أَنْ يَكُونَ احْتِوَاءُ سَعْدٍ مُنَاهُ |
خُنِقَ الصَّمْتُ وَهْوَ يَصْرُخُ سِرّاً |
ثُمَّ دَوَّى جَهْراً عَلَى مَنْ يَرَاهُ |
مَا اسْتَلَذَّتْ بِهِ الحَيَاةُ حَيَاةً |
وَهْيَ أَدَنَى مِمَّا تَرَى مُقْلَتَاهُ |
وَدَّعَ النَّفْسَ لَا يُحِيطُ مَدَاهَا |
ثُمَّ وَلَّى لَا شَيءَ يَحْوِي مَدَاهُ |
وَتَلَقَّى وَحْيَ المَنِيَّةِ وَهْماً |
بِيَقِينَيْ تَوَجُّسٍ شَيَّعَاهُ |
فَكَفَى المَرْءَ إِنْ تَضَيَّقَ حَالٌ |
سَرْمَدِيٌّ أَنْ يَبْتَغِي مُنْتَهَاهُ |