أخطاء لا تغتفـر/ آخر نبض ...
ليس من الصعب أن تضحي من أجل صديق و لكن من الصعب أن تجد الصديق الذي يستحق التضحية
و عيون الناس كلها ترقبُ خطوي ، و كأنّ بعرتها لا تترك في الرمل غير الطهر و النقاء ، و هي تلك / في تجليات الوحي تنساب كقطرة عذبة من ورق الزهر ، و هي ليست تلك / عندما تمتزج بتراب الرغبة و الأنانية و أخطاء التقدير و التنوير ، ليس فيها ما يرفع سوى الرسم المكيف لا المزيف ، و ليس فيها ما يحطّ سوى الفعل المدرك اللا مدرك ، قد تراني أتفلسفُ على عتبات الحرف ، و أطوّق المعنى في قبضة غموضي ، و لكنّ الكشف يفضح فواجع الخطو و الذوق ، و يمُضِغُ المرء مرارة العلقم في علكة حلوة !!
لا تلمني يا صاحبي ، فأنا في حيرة أكبر من أدرك تفاصيلها ، أو أطوّع تداعياتها ، و أغلب الظن لا يغني من الوقائع شيئا ، فقد حدث و انزلقت روحي و معها عقلي ، و قبلهما ذاب قالب المبادئ التي كنتُ أحسبها ثابتة ، و لطالما تباهيتُ مغرورا واثقا بها ، غير أنّ العاقل حقا يدرك أن الغرور و الثقة لا يجتمعان إلاّ لمن وهبه الله نعمة البصيرة و الحق و النور ، و تلك نعمة لم أحظى بها بعد !!
هذهِ الليلة غريبة، و لا أعتقدُ أنني أهذي، و لكنني واثق من أن تحليل النفس و معرفة أسرارها ضرب من المحال، و تسييرها وفق خط مستقيم لا ينحني عند ضعف أو وهم من المحال كذلك. و لكم أتعبني رتق ثقوبها التي تضيق و تتسع، و تتقي و تبتدع، و تنتفي و تجتمع .
كم هو سهل جدّا علينا أن نسوق التبريرات قوافل كلم نغطي بها عجزنا، و نوهم الغير بصحوتنا، و نسلطّ أنفسنا قضاة عدل، و سيوفنا المسلولة عليهم أولى بأن تطعنَ بطوننا الخاوية منّا الممتلئة بالغير !! لستُ أهذي يا هذا، و لكنها حبة اللوز المرة التي ندسها في قلب حبة بقلاوة تمتاز حلاوة و ذوقا، أطعمتني إياها في لحظة ذهول !!
هناك أخطاء لا تغتفر، حتى و لو غفرها الغير لنا، فلن نغفرها لأنفسنا عندما تتأملنا آية صحو أمام مرآة الحقيقة. و تلك الحقيقة يا صاحبي لا مفر منها ، و لكم يهونُ علينا من أن يجلدنا الآخر بدل من أن نجلد لحمنا و تنبعث منه تلك الرائحة التي تحيلنا إلى مجرد دمى تتمايل كأراجيز يجيدُ أصحابها فن تحريك الأنامل و تطويعها حسب شهوة الحركة و الغاية و الجنوح !!
ما أرضيتُ أنا و لا عمّرتُ !!
لكما هذه المساحات فاعبثا فيها كما شئتما ، و ليقرأ كل واحد منكما الآخر كيفما و متى شاء ، أمّا أنا – و أعوذ بالله من قولها – فقد اخترتُ أن أعود إلى واقعي رغم مرارته فهو على الأقل أكثر وضوحا و أكثر رجولة حتى في طعناتهِ القاتلة التي يفعلها دون أن يتوارى خلف كلمات مزيفة أو شعارات ملونة .
أنا و بعدي الطوفان / كم أمقتُ هذه الثقافة الجوفاء، و كم أمقتُ الأنانية التي تجعل من حب المرء لأخيه أداة انتقام !!
أنا ما بعتُها يا هذا، و إنما اشتريتها لحظة وجدتني في الوحل ( وحل النرجسية الحمقاء ) و ليست الألقاب من تُكسبُ المجد و إنما الناس من يكسبونها المجد.
من المؤسف و المؤلم أن تضحك بصوت مرتفع كي تخفي بكائك، أو أن تمر عليك لحظة تتمنى التخلص فيها من ذاكرتك و إلى الأبد.
أخطائي لا تغتفر و لن أغفرها لنفسي ، و لكنني غفرتُ أخطاء كلّ الآخرين، و من صميم قلبي الحزين.
آخر نبض ...