أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: قراءة لانمطية في قصيدة بالنار لاتلعب للشاعرة نجاة الماجد

  1. #1
    الصورة الرمزية نجاة الماجد قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jun 2010
    الدولة : مع القمر
    المشاركات : 18
    المواضيع : 3
    الردود : 18
    المعدل اليومي : 0.00

    قراءة لانمطية في قصيدة بالنار لاتلعب للشاعرة نجاة الماجد


    قراءة لا نمطيّة في قصيدة : بالنار لا تلعب, للشاعرة نجاة الماجد.
    بقلم الناقد التونسي الكبير نور الدين الخبثاني

    ________________________________________
    بدءا تجدر الإشارة إلى بعض الحدود التي تقيّد بها قراءة الأغراض دلالات نص القصيدة. فلقد اعتدنا و لأزمنة طويلة على أن نصنف ضروب القول الشعريّ إلى أبواب ثابتة معيّنة نسميها الأغراض الشعريّة: كالغزل و المدح و الهجاء و الفخر و غيرها...لنسارع بذلك إلى اختزال النص في عبرة أو مثل أو حكاية. ثم نترك دواخله و تفاصيله و اعتمالاته, لنقيم خارج عوالمه. مكتفين بمقارنة قول بقول , فيما يشرّع له, إتباعا أو إبداعا,تطابقا أو مخالفة. وكثيرا ما يترك النص لشأنه و لا يتجاوز ذكره استحضاره مطيّة للإسهاب في خطاب موازي , مداره إصدار الأحكام المعياريّة و الأخلاقيّة و غيرها مما يدخل في باب الموعظة و النصح . لكنه لا يمكن بأيّة حال من الأحوال اعتماده تحليلا للنص أو مرافقة عاشقة له بالمحاورة و التدبّر.
    و لعله من باب الإنصاف و النجاعة أن نورد في هذا السياق ما يدعو إليه درس النقد المعاصر من ضرورة تجنّب "الإقصاء و الاختزال ". إذ يكتب الفرنسي "رولان بارط" في مؤلّفه "نقد و حقيقة" و نقلا عن ترجمة للدكتور منذر عياشي - من سوريا-ص 105 , ما يلي: "أما المقتضى الأول فيلزم المرء أن يرى أن كلّ ما في الأثر دالّ.. . و كذلك فإنّ نظام المعنى ليعتبر ناقصا , إذا لم يستطع الكلام جميعا أن ينتظم فيه.. " . ثم يتساءل لاحقا :" ثم ماذا عليّ أن أفعل بالكلمات النادرة؟هل أتخلّى عنها بحشرها في خانة "الشواذ" و "الانزياحات""؟
    و من هذا المنطلق بالإمكان أن نقارب قصيدة "بالنار لا تلعب...", بذلك المنحى الذي يراهن على جعل ما يبدو هامشيّا , مركزيّا . بهدف منح صوت لما سكت عنه أو أسكته التأويل الكلاسيكيّ. و هو لعمري, ليس بهيّن و يشغل من هذا النص أكثره؟؟؟
    منذ عتبتها/ عنوانها: "بالنار لا تلعب ", يبدو أن القصيدة نفسها تدعونا بل تحرّضنا على قلب أنظمة المعنى , وعلى أن لا نسلم في شأنه بالمألوف و المتداول. ذلك أن التركيب النحويّ لجملة العنوان قد خاتل قارئه بتأخيره ل: "لا" النافية. و الحال أن العبارة ذاتها معروفة و شائعة في صيغة التقديم. أفلا يعني ذلك أن في الأمر لعبة شعريّة؟ أنّ هناك احتمال ما على الأقل لرغبة ما في تأجيل النفي و النهي و في استبعاد القطع و القطيعة؟؟؟
    و عليه فإنّ مسار تأويل النص -لدينا- سيتجنّب الذهاب إلى المعنى المباشر, آخذا بعين الاعتبار الخاصية الإيحائية للقول الشعريّ, و الطبيعة المزدوجة للّغة تما هي معطى جماعيّ- مؤسساتي للاتصال و فرديّ-سيكولوجيّ بالأداء. و هي أيضا حضور مشروط بالغياب (إذ أننا عادة ما نشير إلى ما هو حاضر بينما نخبر على ما هو غائب ). و هو ما قد يمكن الخوض فيه بالاشتغال على ثلاثة مستويات من الجدل و التوتّر بين: المقيّد من العبارة و المطلق/ و الذاتيّ و الموضوعيّ من الصفات و الأفعال/ و المحايث و المفارق من الدلالة. و ذلك غاية إبراز ما نرى فيه اصطراعا توارب و تداور به القصيدة عساها تفسح مكانا للمرغوب, في فضاء -لغويّ اجتماعي قيميّ-يحكمه الواجب و المطلوب. و لتشرّع , وإن بمغالبة قواعد القول و نواميس الاجتماع, لإثبات عوالم ذاتيّة مهدّدة "بالاحتراق"؟
    أما في شأن التقييد و الإطلاق فإنّ الأبنية التركيبيّة (نحو الجمل ), فقد اكتفى بمواضع قليلة للحصر و الاستثناء: "ما أنت...إلاّ, غير أني...لا, قد..لكن...". بينما انتشرت على أغلب مساحات النص أقوال الإنشاء : بالنداء "يا من", و الأمر "دعني ", و التمني "لو" و التنبيه"إياك"...
    و بالنسبة للعلاقة بين العام و الخاص فقد تدبّر اختيار القافية (مدّ الكسر ) الأمر بكيفيّة فرض بها غلبة واضحة لما هو ذاتيّ: هواني, وجداني, أجفاني..بينما جاءت المقولات الجامعة المطلقة قليلة نادرة: الشيطان, الأكوان, الرحمان , الألوان. بحصيلة 13/4 لفائدة ما ينسب للذات؟
    أما على المستوى الثالث من النظر و التحليل, فتتجلّى ثنائيّة المحايث و المفارق في جهات عدّة من القصيدة ,لعلّ ما يصدر منها بشكل مناسب من الوضوح و الاتساق ما ورد في البيتين التاليين:
    قد كنت أحلم فيك وفق شريعتي =وفق الحلال و شرعة الرحمان
    لكن مرادك لم يصادف رغبتي = بل كان وفق شرعة الشيطان
    يستأثر المحايث بصدر البيتين . ويدعم وحدته بلحمة اللفظ: أحلم(أنا), شريعتي(أنا), مرادك 'أنت)... بينما يدفع بالمفارق و المتعالي إلى العجز و يحكمه العرف اللغويّ بالفصل متوسّطا بالإضافة : شرعة الرحمان, شرعة الشيطان.
    و عليه فإنّ حصيلة الدلالة / الدلالات سوف لن تنحاز إلى جهة التقريع و الصدّ من الحبيبة لحبيبها. ذلك أنّ ما يمكن أن يعتبر إساءة لم يسنده النص صراحة للحبيب, بل عمد إلى إظهاره و كأنّه قدر خارج عن إرادته . و أن ما أتاه كان بفعل جبريّة تفوق طاقة الجميع. أو هو في أسوأ الحالات خطأ غير مقصود: حكم الزمان, كشف الزمان و شرعة الشيطان.
    كما أن القول الشعريّ لم يحسم قط في جوهر المعنى لفائدة القطع بالقطيعة. و يظهر ذلك من خلال تواتر عبارة "دعني "(05 مرّات). و هي و حسب التحليل الذي يستند إلى علم النفس و الذي وضعه العالم الفرنسيّ غاستون باشلار, "عبارة ملحّة" . تعود بصفة لاشعوريّة في النص لتعبّر عن رغبة متحكّمة مفادها عكس الرفض و الإقصاء. و مضمونها طلب المكوث و البقاء. و ليس تكرارها إلاّ علامة على عجز الوعي الأخلاقيّ و الاجتماعيّ عن إسكاتها و عن كبح العاطفة الجياشة التي تدفع بها . و هو ما تشي به العبارات و الأوصاف المرتبطة بالحبيب , الذي رغم افتراض كونه مخطأ في حق أنا القول -الحبيبة- فإنها مع ذلك تغدق عليه من لطيف القول و جميل النعت الشيء الكثير إضافة إلى حسن الدعاء: "إياك أعني يا حبيبي, حاول سيدي, كن في أمان الله..."
    هذا بالإضافة إلى ما ورد من تعبير على ما يسببه الافتراق من عذاب و ألم : "دعني لناري للوعتي, لا تصغي لآهة مهجتي, الحبّ أهلك مهجتي...". دون أن نغفل طبعا على ذكر لحظات الغضب و ما ينفلت منها من عبارات لوم و شك تدخل في باب العتاب و إن لامست أحيانا حدود التقريع: طامع في هواني, الغرام مزيّف الألوان, يا دعيّ الحب ,لا تهواني...
    لذلك فإنه يمكن القول في نهاية التحليل, بأن القصيدة هي أقرب لكونها -من حيث الدلالة- لحظة تمنّع/ و ليس منعا و امتناعا :" و ما الشعر إلاّ وحي تمنّع.."توسلت للبحث عن التوازن الذاتي بما تمنحه الهويّة الثقافيّة من ثوابت إيمانيّة و أخلاقيّة و مجتمعيّة :""بنت قبائل". لكنها في مقابل ذلك أفسحت المجال في أغلب المساحات الكتابيّة للتعبير عن الارتباك الناتج عن الجوف من فقدان الحبيب . لذلك جاء التحذير-كعامل تحصّن و وقاية -ليفتتح القول عنوانا للقصيدة. و جاء العطف القريب من الاستعطاف "كن في أمان الله" ليختم القصيدة, مع تأخير النفي مجدّدا "لا تهواني" , كعلامة على طلب بأجيله .. و الأفضل استبعاده.
    و هكذا نرى كيف أنّ ما كان يعدّ ثانويّا و هامشيّا في النص قد صنع لنفسه -أو اصطنعنا له-من سياقات القول نظاما استطاع به أن يتبوّأ ـ مكانة مركزيّة. وأن يأتلف مع ما عداه في تجانس علائقيّ من شأنه أن يجعل من النص الشعريّ كونا يزخر بالحياة و يرشح بثراء الدلالة و المعنى دون إساءة للإيمان و دون طمس للأحاسيس و العواطف الإنسانية؟

  2. #2
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 392
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.13

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجاة الماجد مشاهدة المشاركة
    قد كنت أحلم فيك وفق شريعتي =وفق الحلال و شرعة الرحمان
    لكن مرادك لم يصادف رغبتي = بل كان وفق شرعة الشيطان

    من البيتين يتضح لنا أنها قصيدة باذخة البيان والمعنى والمقصد وأنها تستحق الدراسة
    ليتك سيدتي تمنحينا متعة قراءتها كاملة
    ومرحبا بك شاعرة وإعلامية في رياض الواحة
    ونتمنى لك طيب الإقامة معنا
    تقديري وجل احترامي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية هشام مصطفى شاعر وناقد
    تاريخ التسجيل : Jan 2008
    المشاركات : 838
    المواضيع : 50
    الردود : 838
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    المبدعة / نجاة
    نشكرك لنقلك هذه القراءة القيمة للنص وإثراء المنتدى
    وأضم صوتي لصوت الأديبة الرائعة رنيم في طلب النص كاملا
    ولي عودة قريبة بإذن الله تعالي
    مودتي

  4. #4
    الصورة الرمزية نجاة الماجد قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jun 2010
    الدولة : مع القمر
    المشاركات : 18
    المواضيع : 3
    الردود : 18
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    سيدتي / رنيم مصطفى
    ..
    ..
    أسعدني مرورك الكريم وتفاعلك الأجمل وحرصك الحميل على الإطلاع على القصيدة إياها
    لذا ونزولاً عند رغبتك الكريمة فقد تم إدراج النص الكامل للقصيدة في قسم الشعر
    وبإمكانك الإطلاع عليها هناك وسيكون ذلك من دواعي سروري وفخري
    ..
    وتقبلي من الروح أزكى الورد وعميق الود

  5. #5
    الصورة الرمزية نجاة الماجد قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jun 2010
    الدولة : مع القمر
    المشاركات : 18
    المواضيع : 3
    الردود : 18
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    سيدي / هشام مصطفى ..
    ..
    أهلاً بك بحجم الشمس التي تكسو الكون بحلة الضياء
    وتلبية لرغبتك الكريمة فقد تم إدراج النص كاملاً في قسم الشعر
    مع عميق ودي وتقديري

المواضيع المتشابهه

  1. قراءة في قصيدة (جنوح للشاعرة )التونسية توليب ..
    بواسطة رفعت زيتون في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 09-12-2021, 12:54 PM
  2. قراءة في قصيدة .. ( زلزل أوتارك ).. للشاعرة .. وفاء عبد الرزاق
    بواسطة نبيل سعيد مصيلحي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 17-10-2015, 12:55 AM
  3. بالنار لاتلعب فإني جمرةٌ ... شعر : نجاة الماجد
    بواسطة نجاة الماجد في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 04-01-2011, 12:30 AM
  4. صدور الديوان الأول للشاعرة نجاة الماجد ( الجرح إذا تنفس )
    بواسطة نجاة الماجد في المنتدى أَنْشِطَةُ وَإِصْدَارَاتُ الأَعْضَاءِ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 29-07-2010, 09:07 PM
  5. قراءة نقدية في قصيدة للشاعرة مروة دياب وقصيدة لي .. أمل فؤاد عبيد
    بواسطة إياد عاطف حياتله في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 22-10-2007, 02:39 PM