يجب أن يعي كل فرد من هذه الأمة أن الحق هو الحق ولا مناص من إلباسه الباطل في الواقع الراهن بدعوى أن الاسرائيليين اختاروا رئيسا مجرما هذه المرة وأن العملية هي قضية قتل مدنيين أوعسكريين أو إمكانية الزحف نحو أصدقاء السلام من داخل الكيان المحتل وكسب ودّهم وما إلى ذلك من الأمور التي تضفي على الحق أشباحا من الباطل تزينه بأزاهير كاذبة وتشده إلى الأسفل ليستنطق أصحاب العقول الهشة ممن يركض وراء مآرب آنية من صنع بعض أصحاب القرار اليوم، والموضوع أعمق من أن نسميه مفاوضات ومناقشات واستجداء وانحناء وتماهي في النرجسية الانسانية، فالأمر هو حق شعب فلسطيني عربي مسلم ولاكتمال الصورة فهو حق إنساني بما تحمل كلمة الإنسانية من معاني ودلالات على مر العصور.
تتعالى الأصوات بالتهدئة والمسالمة متذرعة بالظروف القائمة والأحوال الدولية والضعف المستفحل بأركان الأصدقاء، وتنادي بمقولة: دولتان متجاورتان متعايشتان جنبا إلى جنب في سلام ووئام، ثم نسيان ما وراء ذلك من حقوق، وكأنني أرى أفلاطون ينادي وينادي ولا من مجيب، ولا ندعي بأن نضرب بعرض الحائط كل الظروف المحيطة والمؤثرة على معادلة عدم التوازن المرعب إلا أننا ندعو بأن لا تذهب الحقوق الأساسية في رحلة إلى عرض المحيط لتغرق دون عودة، ويجب أن لا ننسى أن الحقوق لايفرط بها من أراد ممن يمتلك قسطا من السلطة أو القرار الآن، فها هو ذا شعب وله حقوق مقدسة حفظتها له الشرائع الأرضية الحقيقية ومن فوقها وأعمها الشرائع الإلهية المقدسة، ومن واجب هذا الشعب وواجب كل حر في العالم اليوم أن يعتنق الفكرة الصحيحة ويعمل على إزالة الظلم والعدوان باستنكاره والتنديد به على أقل تقدير، أما التنازل عن المستحقات والحقوق فهو ليس من حق أي شخص أو هيئة لا تعي خطورة المستقبل في ظل الضغوط الدولية الجائرة والظلم الواقع من القوانين العالمية الوضعية.
ومن كبرى المصائب التفكير في وجوب نهاية الصراع بقيام دولتين متعايشتين بسلام (هل نستطيع الجزم بأنهما ستكونان متكافئتين؟) ، فالصراع لن يتوارى ويختفي إن قبلنا أو لم نقبل بهذه الفكرة ، فالأمر هو مشروع توسعي، وفكر استيطاني ملتهم للأراضي ، مسيطر على المقدرات ، متحكم بالاقتصاد ولا حدود لهذا التوسع ، فمن جبلت أفكاره على الغطرسة والخبث لا يرتدع إلا بالتفوق العقدي والفكري وبالقوة المادية المناسبة.
في التاريخ دروس وعبر ، وفي الحاضر عبر من نظرة واقعية ملموسة، فلماذا نخاطر ونرمي بأنفسنا في أحضان من ساهموا على الأقل في سلبنا حقوقنا وحرية الكلام والتقدم والتطور ، أليس من الأحرى أن نعمل التفكير في عقولنا بما يمكن أن يكون من الضرر في الاستسلام وهناك نظرية في إدارة الحياة تعتمد على إنجاحها بتقليل عوامل الخطورة في أسلوب ما أو مشروع ما، وبذلك أرى أن الاستسلام لما هو مفروض على أرض الواقع مما حصل دون إرادتنا لا يشكل حافزا أو درجة لكي ننطلق منها، فالانطلاق يجب أن يكون من الحقائق والمسلمات في حتمية الوجود الكامل وفكرة السيطرة على الأرض والمقدرات كما أمر الله عز وجل، والإنسان الفطن الحر يعلم بأن العظة ليست دائما متمثلة في النتائج الفورية والمكاسب الآنية، وإنما في الاستمرار على نهج يحفظ الحقوق المقدسة من الضياع بين مفاوضات مشينة غير متكافئة وقرارات أممية ظالمة وآراء مستسلمة، ولتستمر فكرة الحقوق المستحقة موارة في نهج وعقول الأجيال التي تلي
.