المتدينون الجدد في اسرائيل
تأليف : يائيرشيلج ترجمة : د / يحيى عبدالله اسماعيل
عرض / محمد خليل
قبل هزيمة 1967 كانت الثقافة المصرية والعربية تستنكف ان تعرف شيئا عن الحياة فى اسرائيل وثقافة اسرائيل واعتبار ذلك تجاوزا لمشاعر الولاء والوطن و تجاهل هؤلاء الناس افضل من معرفه احوالهم و شئونهم .
وعندما حدثت النكسة التى اشعلت النار فى قلوب وعقول العرب عرفوا انهم لم يكونوا على حق .. وضرورة ان نتعرف عليهم من الداخل حتى نتمكن من سبر اغوارهم للانتصار عليهم .. كيف يفكر اصحاب الفكر الصهيونى – وكيف نتعرف على تركيبة الاسرائيلين الذين اغتصبوا ارض فلسطين ويتهيأون لابتلاع معظم الأراضى السورية.. بل و سيناء .. و لا مانع من دخول مصر التي ماتزال حلما يراودهم من خلال عبث سياساتهم في المنطقه .
من ثم ظهر شعار " اعرف عدوك " الذى كان سببا فى التعرف على الثقافة الاسرائيلية والفكر الاجتماعى والسياسى والدينى ليس بهدف التطبيع الثقافى بالمعنى الطبيعى ولكن بهدف التعرف على مفاتيح الشخصية الصهيونية الاسرائيلية .. وحدث ما حدث و حققت حرب اكتوبر المعجزه التي فجرت ادمغه القاده الاسرائيلين و التي كان ينتظرها الشعب المصري و العربي .. من ثم ياتي كتاب (( المتدينون الجدد فى اسرائيل )) الذى ألفه ((يائير شيلج )) و ترجمه الدكتور يحيى محمد عبد الله اسماعيل استاذ الدراسات العبرية بكلية الأداب جامعة المنصورة .. ياتي هذا الكتاب ليلقي الضوء على الاحزاب و المنظمات الصهيونيه في اسرائيل .. كيف يفكرون و يصنعون تاريخا فكريا و سياسيا و دينيا لأولئك الذين استوطنوا اسرائيل و صنعوا لهم دولة بدون وجه حق .
يتألف الكتاب من خمسة ابواب تجمع احد عشر فصلا و مقدمة ضافية للأستاذ الدكتور حسام كامل رئيس جامعة القاهرة و رئيس مركز الدراسات الشرقيه و تحت اشراف الاستاذ الدكتور احمد هويدي .
وكما هو واضح من عنوان الكتاب نشوء طائفة من اليهود تؤمن بأفكار دينية متباينة عن التيارات الدينية القديمة .. وكما يقول الدكتور محمود هويدى فى مقدمة الكتاب : المتدينون الجدد يختلفون عن المتدينين الاصوليين او حتى المتدينين المحافظين .
ففى اسرائيل ظهر جيل جديد من المتدينين لا يشعرون بوجود تناقض بين انماط السلوك العلمانى وبين الوعى الذاتى لديهم كمتدينين محافظين على الفروض الدينية .. والمجتمع الدينى القومى اتسم عادة و دائما بالانفتاح على معايير المجتمع العام .. وبذلك يختلفون عن المجتمع الاصولى .. فالمتدينون الجدد يتبنون انماطا علمانية فى الترفيه .. ولا يعنى استمتاع المتدينين الجدد بالمظاهر العلمانية انهم غير متدينين او انهم علمانيون .. بل ينظر اليهم على انهم صالحون يريدون الإندماج فى النخبة الاسرائيلية .. ويؤكد ذلك وجود " ملاهى " اسرائيلية ذات هوية دينية .. ولا أدرى كيف يتضمن دين من الأديان السماوية فى ادبياته وعلاقاته وواقعه أماكن تستخدم " كملاهى " تستباح فيها كل المحرمات تحت دعوى الدين .. و نحن نعلم ان الدين اليهودي الحقيقي لا يسمح بمثل هذه الخزعبلات .
فى نفس الكتاب يعتبر المؤلف (( يائير شيلج )) ان السابع عشر من مايو عام 1977 من الأيام المصيرية فى التاريخ الاسرائيلى .. وهو اليوم الذى حدث فيه اقصاء حركة " هاعفو داه " ( العمل ) من السلطة بعد ان سيطرت هذه الحركة او السلطة على الحكم حوالى 44 سنة متصلة .. وفى ذات الوقت فان هذا اليوم ايضا يعتبر يوم التحول الكبير فى وضع وقوة المجتمع الدينى فى اسرائيل .
ايضا على سبيل المثال يتحدث الكتاب عن حركة " شاس " بالتفصيل وعن كيفية تعاملها مع المنتمين اليها وكيف تبنت أو تتبنى حلولا لمشاكل المنتمين اليها .
ايضا يتحدث الكتاب على سبيل المثال عن التوترات التى تحدث بين الفكر الأصولى والفكر التراثى داخل حركة " شاس " ويصفهما الكتاب أن الأصوليين والتراثيين هما جماعتان تتواجدان بشكل متزامن داخل الحركة وانهما تعبران عن اتجاهين متناقضين فى قلب الواقع الدينى الاسرائيلى .
يفسر الكتاب ايضا هذا الصراع بين من ينتمون الى عالم المعاهد الدينية " الاشكنازية " وأنهم يتميزون بالالتزام الزائد بالشريعة اليهودية كما هو عند الأصوليين ..
اما العناصر الذاتية كما يقول الكتاب فهم لم يتربوا فى المعاهد الدينية مثل " الاشكنازيين " .. وأن هويتهم الدينية ليست ثابتة حيث يحافظون على بعض الفروض التى تقرها الشريعة اليهودية .. لانهم يسافرون احيانا أيام السبت ويشاهدون مبارايات كرة القدم وغير ذلك مما لا يتفق والفكر الاصولى للجماعة .
الكتاب يتناول عدة موضوعات هامة تعتبر تشريحا دقيقا للمجتمع الاسرائيلي وفهم تياراته وجماعاته المختلفة .. فأبواب الكتاب تتحدث عن الصهيونية الدينية وعن المجتمع الاصولى فى اسرائيل .. وعن التدين الشرقى وما يحدث بين معسكرى العلمانين والدينين .. وينقسم كل باب الى مجموعة من الفصول المختلفة التى تشرح بدقة أدق تفاصيل ثقافة المجتمع الدينى الاسرائيلى والخلطة المجتمعية العامة بين الدين والسياسة والفن .
أيضا يتضمن الكتاب مجموعة من الهوامش التى تشرح وتفسر كثيرا من الاسماء والمنظمات أو تواريخ بعض المواقف السياسية او الحزبية وغير ذلك مما يساعد على شرح وفهم الحياة الاسرائيلية بصورة دقيقة وهي اضافة هامة للمترجم تساعد القارئ على فهم مادة الكتاب و استيعابها .
أعتقد ان هذا الكتاب من الكتب الهامة التى يمكن ان يتعرف القارىء من خلالها على حقيقة النسيج الثقافى و الديني الاسرائيلى وأظنه ايضا من الكتب التى تحاول في النهايه ان ترسخ لتاريخ اسرائيلى دينى مواز للتاريخ الاسلامى و حركاتهفي المجتمعات الاسلامية حتى تبدو وكانها دولة ذات تاريخ طويل فى المنطقة والعالم .
محمد خليل[/SIZE][/FONT][/COLOR][/CENTER][/B]