|
مَـدَاخِنُ أَحْـلاَمٍ غَشينَ حَصَاتِي |
فَمَاجَ بِـذِي الأَوْهَـامِ حِبْرُ دَوَاتِي |
وألسنـةُ الأيـامِ تَلْحَسُ نَـاظِري |
وَتُحْـرِقُ لَـوْنَ الصُّبْحِ فِي عَبَرَاتِي |
وَأَنَّـات أَوْتَـارِ الْجَوَانِحِ أَشْعَلَتْ |
شُمُوعَ الْبِلَى الْمَخْمُورِ فِي خَلَجَـاتِي |
يُغَـالِبُ كَـفَّ اللَّيْلِ ضَوْءُ مَشَاعِلِي |
وَيَخْنُقُ صَـوْتِي غَيْهَبُ الْحَسَـرَاتِ |
وَتَحْمِـلُ لِي رِيحُ السِّنِـينَ غُبَـارَهَا |
تَبُثُّ سُمُومَ الشَّيْبِ فِي حَرَكَـاتِي |
أَسِـيرُ عَلَى حَبْلِ الْخُطُوبِ تَلُفُّـنِي |
زَوَابِـعُ شَـكٍّ تَعْـتَرِي لَفَتَـاتِي |
أجُرُّ قطـار الذِّكريـاتِ مُعَـاتِبـاً |
تَعَـرُّجَ حَنْــوَاتٍ ومُنْعَطَفَـاتِ |
تَعَجُّ بِهَـا الأَفْكَـارُ أسحب هامها |
على الرَّمْلِ ملَّتْ ثقلـها خطـواتِي |
عَلَى قِمَمٍ بِالْجَمْـرِ كُلِّلَ صَخْرُهَـا |
زَرَعْتُ زُهُـورَ اللَّيْلَكِ النَّضِـرَاتِ |
وَبِعْتُ لِنَخَّـاسِ الزَّمَـانِ رَخِيصَـةً |
دَقَـائِقَ مِنْ عُمْرِ الْهَوَانِ مُخْتَصَرَاتِ |
طَمَسْتُ نُقُوشَ الْمَوْتِ حِينَ لَمَسْتُهَا |
وَأَثْلَمْتُ حَـدَّ الرُّمْحِ وَالشَّـفَرَاتِ |
فَأَعْرَشَ فِي صَدْرِي الشُّعُورُ بَلاغَـةً |
وَذَوَّبَنِي شِعْـراً مَـدَى السَّهَـرَاتِ |
وَأَوْرَدَ قَلْـبِي مِنْ ضِـرَامِ صُهَـارَةٍ |
تُشَـوِّهُ خَلْـقِي حِينَ تَلْمَسُ ذَاتِي |
تدَاعتْ كَكُتْبـانِ الرِّمـالِ قَصائِدِي |
تَـنَزُّ بحُـزْنٍ دامــعِ النَّـبَرَاتِ |
ورَجْـعُ الصَّدى يغتالُ نبتةَ سوْسَنٍ |
يُعَشْعِشُ فيهــا أرْقَـمُ الفَلَـوَاتِ |
يَمُدُّ لسان الذُّعْرِ صَوْبَ حَمـامةٍ |
تُبَـدِّدُ رَيْبَ الْحَـيْنِ فِي الرَّعَشَـاتِ |
على شفَتَيْهـا سَـال دَفْقُ مَواجِعٍ |
يُهَــدِّدُ حَبَّـات الْحِجـا بِشَتاتِ |
فَتَمْضَغُ شَوْكاً حِينَ تَعْصِرُ قَلْبَهَـا |
دُرَى شَوْقِهَـا فِي صَحْوَةٍ وَسُبَـاتِ |
وَتَلْعَنُ رِيشـاً خَانَ خِفَّةَ سَبْحِهَـا |
وأَلْبَسَهَـا كُبْـلاً بِسَـاحِ بُــزَاةِ |
تَبُثُّ مُتُـونَ الـِّريحِ حَرَّ حَنِينِهَـا |
لرِفّةِ أَسْـرَابِ الـرُّؤَى الْعَطِـرَاتِ |
عَلَتْ رَحْبَ كَفِّي إِذْ بَسَطْتُ لَهَا يَدِي |
وَأَثْنَتْ: هَـدِيلاً رَائِـعَ النَّغَمَـاتِ |
وَسُقْتُ بُحُوراً مِنْ نَدَى طَابَ رِيحُهَا |
إِلَى بُـؤَرٍ فِي الـرُّوح مُسْتَعِـرَاتِ |
أَمَاطَتْ سُدُولَ الصَّمْتِ عَنْ شَجَنٍ بِهَا |
بِوَصْلاَتِ "صَبَا" في الْمَدِّ مُخْتَلِفَاتِ |
طَرِبْتُ وَهَـزَّتْنِي اللُّحُـونُ لِعَـالَمٍ |
تَسَامَى عَنِ التَّصْـوِيرِ بِالْكَلِمَـاتِ |
كَأَنَّ فُنُـونَ اللَّفْظِ عَـادَ شَبَـابُهَا |
بِمَلْحَمَـةٍ فِي أَرْوَعِ اللَّوَحَـاتِ |
وَلاَمَسَ ثَغْرُ الشَّـدْوِ خَـدَّ خَوَاطِرِي |
فَأَنْسَى جُرُوحِي حِـدَّةَ اللَّسَعَاتِ |
تَرَكْتُ لِنَابِ الشَّـوْكِ مِلْحَ لَوَاعِجِي |
وَمِلْتُ بِدَامِي الْـوَخْزِ نَحْوَ فَـوَاتِ |
فَـلاَذَ بِرِيحِ السَّهْلِ زَوْجُ جَنَـاحِهَا |
وَصَـفَّقَ يَـرْوِي قِصَّـتِي لِـرُعَاةِ |
وَعُدْتُ لِوَادِي الْمِلْحِ أَحْرُثُ شَطَّـهُ |
تُطَـارِدُ فِكْـرِي غَفْـلَةُ الْعَثَرَاتِ |
كَـأَنِّي عَـزِيزُ الْقَـوْمِ ذُلَّ مَكَـانُهُ |
أَوِ الْبَطَـلُ الْمَهْزُومُ فِي الْحَلَبَـاتِ |