|
منْ فوقِ عرشِ المُلكِ قرّرَ واصطفاهْ |
اللهُ مولانا تقدَسَ في عُلاهْ |
أسماهُ منْ قبلِ التّشكّلِ أحمدا |
طوبى لإسمٍ قدْ تخيّرَهُ الإلهْ |
سارتْ بهِ مزهوةً نحوَ المعالي |
نُطفةُ الانسابِ تورقُ في رُباهْ |
في عالمِ الذرِّ القديمِ تلألأتْ |
في صلبِ أخيارٍ تشرَّفَ إذْ حواهْ |
نورٌ تميّزَ لا شبيهَ لضوئهِ |
سُبحانَ مَنْ مِنْ خيرِ صلصالٍ براهْ |
أنعِمْ بهِ نسبًا وأكرمْ نسلَهُ |
هوَ أشرفُ الأقوامِ حتّى في ثراهْ |
منْ مثلهُ جمعَ المكارمَ كلّها |
دانتْ لهُ الأخلاقُ حتّى في صباهْ |
فهوَ الحنانُ يُطلُّ وجهُ العطفِ منْ |
جنباتهِ والرّفقُ خيطٌ في عُراهْ |
لينُ العريكَةِ طبعُهُ ما كانَ فظّـًا |
أوْ غليظـًا والتّكبّرَ ما أتاهْ |
قدْ كانَ رحمةَ ربّهِ للعالمينَ |
وجُنَّةً والعدلَ دعّمهُ هـُداهْ |
طابتْ حروفُ الحمدِ إذْ جُمِعتْ لهُ |
يا أجملَ الأسماءِ تنطقها الشّفاهْ |
هوَ أحمدُ الكونينِ والثّقلينِ في |
الكهفِ الكئيبِ يرى الممالكَ في حماهْ |
فاهدأ يمامَ الغارِ إنّكَ عندَ مَنْ |
خرّت لهُ الأذقانُ تسبقُها الجّباهْ |
في عهدهِ كلُّ الفضائلِ أزهرتْ |
والعطرُ فاحَ بلا انقطاعٍ منْ شذاهْ |
واخْضرّتِ الصّحراءُ بعدَ جفافها |
وتنضّرتْ أعشابُ مكّةَ منْ نداهْ |
حفظَ الأمانةَ والعهودَ وفى بها |
لمْ يُغْوِهِ سلطانُ أموالٍ وجاهْ |
قدْ كانَ قرآنًا يسيرُ سماحةً |
فهوَ الكتابُ لكلِّ مخلوقٍ تلاهْ |
لمْ يأتِ فُحشًا ما دنا منْ زلّةٍ |
فاللهُ منْ نهرِ الطّهارةِ قدْ رواهْ |
ويداهُ والخيراتُ رتقٌ واحدٌ |
ما كانَ فتقٌ بينها تربتْ يداهْ |
منْ مثلهُ صلّى عليهِ اللهُ جاعلاً |
الصّلاةَ سبيلَ منْ يصبو رضاهْ |
آتاهُ فضلَ الذّكرِيصحبُ اسمهُ |
في كلِّ ثانيةٍ إذا أحدٌ دعاهْ |
وحباهُ قلبًا كالزّجاجةِ رقّةً |
لمدامع الضّعفاءِ تمسحُ كلّ آهْ |
زوّى له الاكوانَ معراجًا لهُ |
فكأنَّ حدَّ الأفقِ يكبُرُهُ مداهْ |
يا تلكمُ النّجماتُ في عرضِ السّما |
عجبًا أضاءتْ دونَ نجماتٍ سماهْ |
في كلِّ دربٍ سارَ فيهِ أشرقتْ |
شمسٌ على الطرقاتِ تسبقها خطاهْ |
فإذا دنا أنسًا تدلّى وارتمى |
في النّورِ لمْ يبلغْهُ منْ أحدٍ سواهْ |
كالقابِ للقوسينِ أوأدنى فهلْ |
في الحلمِ كانَ أمْ انّهُ حقًا رآهْ |
(حقّـًـا فما كذَبَ الفؤادُ وما غوى) |
والكونُ يشهدُ والخلائقُ والإلهْ |
كيفَ اختيارُ العذرِ عندَ لقائهِ |
أيُّ الحديثِ يليقُ حتّى في لقاهْ |
طوبى لمنْ نالَ الشّفاعةَ يومها |
طوبى لمنْ مِنْ حوضهِ كأسًا سقاهْ |
أتراهُ يقبلُ منْ تلطّخَ بالذّنوبِ |
صنيعُهُ أوْ يجبرُ الكابي تُراهْ |
ظنّي بعفوٍ إذْ عفا عن ثُلّةٍ |
حملوا السّيوفَ لكيْ ينالوا منْ سناهْ |
وأنا المُحبُّ لنورهِ لكنّني |
أفسدتُ حبّي في ابتعادي عنْ هواهْ |
وهوَ الكريمُ يجيرُ كلَّ منِ التجا |
خوفًا إليهِ ودونما سُؤْلٍ كفاهْ |
وأنا الفقيرُ بدونِ زادٍ قلبُهُ |
متصدّعٌ والجوعُ أحرقهُ لظاهْ |
وأنا المُضَلَّـلُ قدْ طغى في غيّيهِ |
في الغُبنِ قدْ سبقَ التّخيّلَ في مناهْ |
يا ربُّ ليسَ بما كسبتُ وإنّما |
بعظيمِ عفوكَ ليسَ يُدْرَكُ مُنتهاهْ |
فاجعلْ فؤادَ المصطفى يهوي إليَّ |
مودّةً فعساهُ يقبلني عساهْ |
فهوَ السّبيلُ إلى رضاكَ وإنّهُ |
خابَ الذي يا ربّ لمْ تقبلْ رجاهْ |
أخشى اللقاءَ أنا المُسيءُ وإنّني |
يا ربُّ أطمعُ أنْ أراكَ وأنْ أراهْ |