فَليَهنِكَ الفِطْرُ !
قلتها على إثر زيارة تشرفت بها إلى شيخي شاعر الأنصار أحمد بن عبد الله الأنصاري في منزله يوم الخميس الثامن من رمضان عام ألف وأربعمائة وواحد وثلاثين من الهجرة، فأظهر لي من المحبة والتقريب والمودّة ما هو أهل له، وشفع ذلك بهدية سنيّة وصفها بأنها تليق بمقامي، فلا عدمناه مدرسة في الكرم والنبل والخلق الرفيع:
أَشِعرُكَ أم ما ليس يبلغه السحرُ؟
ونثركَ أم ما جفّ من وقعه الحبرُ؟
وجودُكَ أم نهرٌ غزارته البحرُ؟
وحِلمُكَ أم ما ليس يسبره الصبرُ؟
هو الذكرُ إمّا يذكر الخلقَ ذاكرٌ
ولا غروَ إن يعبقْ به الحمدُ والشكرُ
كما رفع اللهُ السماءَ رفعتُهُ
بلا عمَدٍ كيلا ينوءَ به السطرُ
أيا أحمداً في نسل قحطانَ واحداً
كما أن عدناناً لها أحمدُ الوترُ
وهل عجبٌ أن يبلغَ الله أمرَهُ
إذا شاء أن يروي محامدَكَ الدهرُ؟
َلأَطرقَ من سيمائك العصرُ حيرةً
وحُقَّ وأنت الحمدُ أن يُطرِقَ العصرُ
ولم أرَ قبل اليومِ عفواً مكللاً
بجودٍ وتسقيه البشاشةُ والبِشرُ
وما كنتُ قبل اليوم ِ أحسبُ أنني
لِيومٍ سيعيى عن مداركه الفكرُ
فيا لكَ من شهمٍ تقاصرَ دونهُ
رجالٌ إذا ما الحِلم واجههمْ فرّوا
ويا لك من عطر إذا فاح طيبُهُ
تمايلت الأشجار وانتفض الزهرُ
كأنّ إله الخلقِ لما أمدّهُمْ
معادنهم لم يَعْدُ معدنَكَ التبرُ
ولما تراءى في السماء هلالُها
ونودي أن الصومَ أوجبهُ الشهرُ
تناءتْ عن الزاد الزهيد أكفهمْ
وأفطرتَ بالعلياءِ فليهنِكَ الفِطْرُ