الثقافة والإعلام وجهان لعملة واحدة
كتب: محمود سلامة الهايشة:
نظمت مكتبة مبارك العامة بالمنصورة ندوة بعنوان "الإعلام والثقافة وجهان لعملة واحدة"، وذلك في إطار الفعاليات الثقافية التي تنظمها المكتبة بشكل أسبوعي، حاضر فيها المهندس الشاعر/مصطفى السعدني- رئيس إقليم شرق الدلتا الثقافي، والكاتب الصحفي الكبير/حازم نصر- نائب رئيس تحرير جريدة الأخبار، فاجئ الحضور وكعادته دائماً السيد اللواء/سمير سلام- محافظة الدقهلية، وبرفقته السيد المهندس/إبراهيم الحديدي- رئيس المجلس الشعبي المحلي لمحافظة الدقهلية؛ وإدارة الندوة الشاعرة الأستاذة/فاطمة الزهراء فلا-مديرة العلاقات الثقافية بالمكتبة.
تناولت الندوة واقع الثقافة والإعلام في مصر في ظل التحديات التي يشهدها العالم عامة ومصر خاصة من فضائيات، وإنترنت، وعولمة، والبعد على القراءة، وقد أثار محافظة الدقهلية سمير سلام في كلمته إلى إشكالية قلة إقبال وعزوف الناس عن حضور مثل هذه الملتقيات والفعاليات الثقافية، وتعرض سيادته لكيفية حل تلك الأزمة التي يمر بها المجتمع بشكل عام والشباب الجالسون على المقاهي وفي الطرقات بشكل خاص، برغم وجود تلك المنارات الثقافية على أرض محافظتهم كمكتبة مبارك بالمنصورة، وقصر الثقافة ...الخ؛ وأكد سيادته على أهمية الإعلام والإعلان عن مثل هذه الندوات الثقافية لإخبار الجمهور عن وجودها وذلك في كافة مراكز ومدن محافظة الدقهلية. وقد حكي اللواء/سلام عن قصة أحد الكُتّاب الكبار يعرفه شخصياً، اخبره بأنه أصبح كاتباً كبيراً ووصل إلى ما وصل إليه الآن بفضل ندوة ثقافية حضرها بالصدفة البحتة خرج منها وهو مقرر أنه لابد وأن يكون كاتباً مرموقاً.
وأكد المهندس/إبراهيم الحديدي، أنه ومعالي المحافظ تركوا اجتماعاً مهماً لأكثر من خمسين من قيادات المحافظة واستأذنوهم لمدة نصف ساعة كي يحضروا إلى الندوة للمشاركة في فعالياتها، وذلك بمجرد أن علم المحافظ بإقامة تلك الندوة، لأهمية الموضوع الذي تتناوله وكذلك للقيمة الكبيرة للمحاضرين فيها م.مصطفى السعدني وأ.حازم نصر.
وقال م.مصطفى السعدني بأن اختيار عنوان الندوة كان موفقاً جداً، فالفعل الثقافة وجهها الأخر هو الإعلام، والإعلام وجهه المضيء هي الثقافة، فالتأكيد الثقافة بدون إعلام تصبح ثقافة منقوصة، والثقافة ليست مقتصرة على الشعر والأدب وفقط، بل الثقافة ممتدة لكل ما هو فن، ورياضة، ومعاملات، وعادات وتقاليد وأعراف، فالشعر نوع من الثقافة وعند يتم تلحينه وغنائه فقد تم تحويله لنوع آخر من الثقافة.
وقد تمنى أ.حازم نصر أن يكون من ضمن الحاضرين طلاب وخريجي أقسام الإعلام واللغة العربية من كليات الجامعة، كي يستفيدون من موضوع الندوة، وكي يقوم بإجراء تطبيق عملي من خلال عدة صحف مختلفة من قومية ومستقلة وحزبية وخاصة، من خلال قراءة خبر واحدة في تلك الصحف وتوضيح كيفية معالجة الخبر من قبل تلك هذه الصحف. وقد أوضح أنه لم تعد الصحف القومية موالية للحكومة كما كانت في الماضي، فالخوف من الرقيب لم تعد كما كانت عليه في السابق، وقد بين بأنه لا توجد صحف مستقلة، لأنه لابد من وجود توجه وفكر وسياسة خاصة بالنشر في تلك الصحف. فقد سقطت جميع آراء الفلاسفة والمفكرين في رأيهم في انتهاء عصر الأيدلوجيات، فقد أثبتت أحدث العقد الأخير في نقد وانهيار تلك الأفكار، وقد زاد التمسك بالأيدلوجية الخاصة لكل طرف من أطراف الصراع في جميع أنحاء العالم.
حضر الندوة كوكبة كبيرة من الصحفيين والكُتّاب والإعلاميين والشعراء، منها على سبيل المثال لا الحصر حتى لا ننسى أحد من هؤلاء النجوم الساطعة في سماء الإعلام والثقافة؛ الكاتب الصحفي الكبير/شوقي حافظ، القاص/على عوض، الشاعر/أسامة درويش، الصحفي/محمد المنسي، الكاتب/ مجدي شلبي، الدكتورة/ فرحة الشناوي، الدكتور/محمد شاهين (من إذاعة راديو مصر)، وقد غُطت الندوة تلفزيونياً من خلال القناة حديثة العهد قناة مودرن مصر، ولا ننسى مديرة مكتبة مبارك بالمنصورة الأستاذة/نبيلة عبد الغني.
ومن الملاحظات الجديرة بالذكر عن تلك الندوة، والتي فضلت أن أنقلها للقارئ العزيز، وهم بالأحرى ثلاثة ملاحظات:
(1) الحضور المبكر لقاعة الندوة من قبل الشاعر المهندس/مصطفى السعدني، فقد وصل لقاعة الندوات بالمكتبة قبل حضور أي شخص، وبالتحديد قبل الموعد المحدد لبدايتها بأكثر من نصف ساعة، جاء الضيف المحاضر أولاً وهو للعلم وكيل وزارة الثقافة لإقليم شرق الدلتا، وهذا إن دل على شيء أنما يُدل على احترم سيادته للمواعيد وحرصه الشديد عليها،فقد دخلت القاعة فوجدته جالساً وكنت أظن أني أول الحاضرين، فدهشت جداً ولم أصدق عيني، فسلمت عليه وأنا غير مصدق ما حدث، فعلى الشباب اخذ القدوة من هذا الجيل في احترام المواعيد.
(2) التواضع الشديد الذي يتسم به محافظة الدقهلية اللواء/سمير سلام، فأني أسمع عن الكثير لما يقوم به على أرض محافظة الدقهلية، ولكني لم أجلس بالقرب منه كهذه المرة، وبمجرد أن دخل القاعة سلم هو على كل شخص موجود، الكبير والصغير، وكان حديثة بسيط وسهل وكأنك تجلس مع فرد من أفراد أسرتك، ولم يخرج من القاعة قبل أن يسلم على من أتى بعد حضور سيادته، واستمع لم أرد أن يهمس في أذنه بشيء يريده.
(3) أما ملحوظتي الأخيرة، هي عن الشاعرة/فاطمة الزهراء فلا، التي أحب أن أسميها (الدينامو)، فهي دينامو مكتبة مبارك بالمنصورة، هي عندي تجلس على المنصة لإدارة الندوات، لابد أن تجدها كتب بعض أبيات الشعر، بل في بعد الأحيان قصائد كاملة، وذلك لتأثرها بالجو العام الذي يحيط بالتي الندوة أو هذه الأمسية، فهي على ما اعتقد شديدة التأثر بأي عامل خارجي يستفز ملكاتها الشعرية، التي تحرك القلم في يدها وتستغل القارحة الشعرية وتكتب، وخاصة أنها تكتب الشعر العامي المحبب لدى عامة المصريين.
متابعة وتغطية:
م. محمود سلامة الهايشة
كاتب وباحث مصري