الغريب
صرتُ الغريب وقد جرّدتُ من لغتي
مات الكلام وجف الطين في شفتي
تلك النوارس ما أعلنتُ موسمها
إلا ليزهر صوت البحر في رئتي
كل الجهات أضاعت فيّ وجهتها
لما أضعتُ بأوجاع الندى جهتي
طفلا أشيخ بأحزاني وقد كثرت
حتى غدت لدمائي بعض أوردتي
جار الزمان كأني قد خـُلقت له
نِدا، كأنه ما أغوته أحجيتي
كل الجراح بداياتي ولست أرى
شيئا يعوض صبري عند خاتمتي
تلك المرافئ أغرتني مراكبها
والريح ترفض عمدا دفع أشرعتي
سافرتُ أبحث عن نفسي وما عثرَت
نفسي علي وقد خادعتُ أخيلتي
أي البلاد بلادي حين تخذلني
باسم العروبة والتاريخ خارطتي
من أين أبدأ؟ أين المنتهى؟ ولمن؟
وعلام؟ كيف؟ لماذا؟.. تلك أسئلتي
من ذا يجيب ومن ذا يُستثار بها
والكل فيه تجلى خوف طاغية
آمنت أنه لا عنوان لي، فأنا
منفاي ظلُّ شتاتٍ في مخيلتي
صمتي يبوح بصوتٍ ضلّ دربَه مذ
قامت بحنجرتي غابات فاجعة
إني مددتُ يدي نحوي أبايعني
ملكا تتوجني بالضوء حريتي
واحترتُ في سنواتي كيف أجمعها
حتى أشكـِّـــل من ماضِيَّ مملكتي
هذا البياض سينمو فوقه هدبي
نخلا يباركني في ساحِ معركتي
ما زلتُ أحمل طـُهر الضاد متـَّهَما
والكل مَدّ أمامي حبل مشنقتي
إذ يقتفون حروفي في بلاغتها
كيلا تكابر بالإفصاح قافيتي
يا من جعلتَ نزيف الروح يشفع لي
لمّا سقطتُ وما أفلتُّ أسلحتي
دَينٌ علي إذا ما أقبروا جسدي
ألا تـُصادر بالنسيان ماهيتي