|
فتقتَ جرحي فهلاّ كنتَ ترتقُهُ |
وانفكّ بوحي فهلاّ عُدتَ توثِقُهُ |
وكنتُ أقسمتُ خنقَ البوحِ في كبدي |
فخنتَ عهدي بأشعارٍ تمزّقهُ |
كم هدّني جِنُّهُ حبساً بقمقمِه |
وأنت ترصدني بغْتاً وتطلقهُ |
وكم حسبتُ حنايا القلبِ قد بردتْ |
ونفخةٌ من هوىً تسري فتحرقُهُ |
أيقظتَ فيَّ شجونَ الفكرِ هاجسةً |
بعقْبِ غفوتِه عادت تؤرقهُ |
حططتُ عن كاهلي أوزارَه ورعاً |
وجئتَه بقديمِ الوزرِ توبقهُ |
ومحرمًا من ثيابِ الشِّعرِ منسلِخاً |
فجدَّ ثوبٌ له هيهات يُخلِقه |
رميتُ بالجمراتِ الصُّم عبقرَه |
كأنما الرجمُ يحييه ويَخلُقه |
أطلّ من كُوّةِ الأفكارِ يحفزها |
ويبعث الحلمَ فينيقاً يحلِّقه |
يسري دماً بشراييني فيفجُرُها |
ضاقت عليه وأعياها تدفّقُه |
يحيي اليباب بقاعِ النفسِ هامدةً |
ويسكبُ الماءَ بالأوهامِ يمذقُه |
كأنما هو ذا الدجالُ يفتنني |
بجنةٍ وأرى قلبي يصدقه |
وفاغرٍ من سياطِ الجوعِ ثَمَّ فماً |
وهو الذي من جبالِ الخبزِ يرزقهُ |
يحيي أبيدَ خيالٍ رُمَّ ميتُهُ |
بساحرِ النفخِ في رَوعي ويُنطقهُ |
يرفُّ قلبي تبيعاً ساقه دجلٌ |
يسبي ولمّا يزلْ عقلي يحقّقهُ |
حتى إذا حطَّ فوق الأرضِ أجنحةً |
بان السرابُ لصديانٍ فيصعقهُ |
وتلك حيتُه من سعيِها انقلبتْ |
حبلاً تلفُّ العُرى عنقي وتخنقه |
وذلك الخبزُ في أيديه ذاب كما |
يذوب طَلٌّ إذا ما الشمسُ ترمقه |
وانماثَ ما زيَّن الدجالُ من كلِمٍ |
وباطلُ الليلِ فجرُ الحقِّ يزهقه |
وكلُّ عَذبٍ سقاني منه في علَلٍ |
فجٌّ يعافُ فمي منه فيبصقه |
قد هدّني ناهجاً في كلِّ معمعةٍ |
بمسعفٍ خلفَه بالسلوِ يلحقه |
أكلما خاطراً شاقتك قافيةٌ |
ركضتَ في إثرِها بالجُنحِ تخفقه |
ما لي وللشعرِ قد طّلّقتُه ردَحاً |
وفات عِدّتَه قاضٍ يوثّقه |
هجرتُ من أمدٍ هذا الطريقَ وها |
أنت العشيةَ بالأهواءِ تطرقهُ |
وكنتُ أجمع في دَنٍّ صُبابتَه |
كسرتُ دَنّي وجئتَ الآن تلصقه |
هَرقتُ خمرتَه الصهباءَ عن شفتي |
وها هو الآنَ يغري بي تذوُّقهُ |
يا شعرُ لو كان للألحانِ مستمعٌ |
لكنما النايُ لا يشجي ترقرقُهُ |
سما رويبضةٌ والدهرُ أسعده |
وشاعرُ القومِ أشقاه تفيهقهُ |
لو كان يحسن سقطَ اللغوِ من هذَرٍ |
لكنه حائكٌ سحراً ينمّقهُ |
فاكسرْ يراعَك ليس الدهرُ مكترثاً |
وكاسدٌ عنده أنى تسوِّقُهُ. |