تابع


أما الفكرة الثانية التي تراها الجماعات اليهودية فهي ضرورة الإصرار علي ألا يكون 'الفرقان' الجديد مبشرا فقط بالديانة المسيحية ولكن يجب أن يبشر بلغة مشتركة وبفكر واحد عن الديانتين اليهودية والمسيحية معا، فاليهودية لن ترتدي ثوب المسيحية، ولن نحاول أن نتعارض معهم، فكل منا يسير في طريقه إلي الرب وفي هدي الإنسانية. إن حق الاختيار يجب أن يكون مكفولا لكل فرد في هذا العالم إما بالتوجه إلي اليهودية أو المسيحية، وحتي يتم تحقيق ذلك فإن مبادئ اليهودية لابد أن تتعمق بقدر متواصل عبر كل الوسائل الحديثة.
وتري هذه الجماعات أن لديها ثقة كبيرة في أن كتاب 'الفرقان الحق' بأجزائه المتتابعة سيكون متميزا ورائعا في إقناع المسلمين بضرورة تغيير خططهم والعمل إما علي التهود وإما النصرانية.
ويقولون: إن المعركة القادمة يجب أن نكون فيها متكافئين والعمل بروح واحدة ولغة واحدة ولا نترك أحدا يسيطر علي مقدرات الآخرين، فهكذا إذا خرجنا من هذه المعركة كما لو بدا الغرب مكتسحا في مبادئه وأفكاره فإن اليهودية ستنهزم مرة أخري علي يد التبشير المسيحي القادم في هذه المنطقة.
واقترح اليهود ضرورة أن يكون هناك جزءان علي الأقل من 'الفرقان الحق' يتناولان فقط الديانة اليهودية، وجزءان آخران علي الأقل للنيل من أفكار ومبادئ الإسلام الهدامة، وجزءان للتبشير بالدين الجديد في العهد الجديد، وجزءان خاصان بالمبادئ المشتركة الأساسية بين كل الأديان السماوية، وجزءان عن مدي التحريف والضلال الذي أصاب كتاب المسلمين، ورأوا أيضا ضرورة التفكير بحزم وفي إطار متكامل في كيفية تحقيق أكبر قدر من الاتساع والمعرفة لغالبية أفراد البشر، وأن تتم الاستفادة من الوسائل الجديدة للنشر وأن المستهدفين الأوربيين والأمريكيين والإسرائيليين لن يقتنعوا بتلك الأفكار الجديدة 'للفرقان الحق' إلا من خلال إبرازها في أكثر من شكل وأكثر من هدف وأكثر من وسيلة.
ويري المتشددون اليهود أن نشر الكتاب وحده لن يحقق الغاية ولكن يجب استخدام كافة المؤثرات الصوتية والمجسمة الأخري حتي يمكن أن يكون هناك مزيد من التواصل والتفاهم وبناء الثقة في هذه المادة الجديدة.
ويري 'نيكولاي الفونس' الخبير المتخصص في ال 'سي. آي. إيه' أن هدف المشروع ينقسم إلي جزءين رئيسيين:
* أولهما محاصرة المسلمين في دولهم وسلبهم حرية التنقل إلي أمريكا والبلدان الأوربية وذلك في إطار حصار 'الإرهاب' الإسلامي والحد من حرية التكاثر في العالم الإسلامي عن طريق إقناع المسلمين بالقوة.
* ثانيهما حتي يتحقق ذلك لابد أن يحتاط العالم الغربي من وجود المسلمين بين ظهرانيهم، فالبداية يمكن أن تكون من خلال منع أي تزاوج لأي غربية 'يهودية أو مسيحية' بالمسلمين لأن منع هذا الزواج المختلط سيترك آثاره المهمة في الفترة القادمة علي انتشار أعداد المسلمين في الدول الغربية أو تحركاتهم غير الإيجابية، وكذلك بالنسبة لزواج الغربي من المسلمة.
وعودة إلي كتاب 'الفرقان الحق' الذي يجري إنجاز كافة أجزائه علي قدم وساق، فالجزء الأول من الكتاب يحوي 368 صفحة ومشروع الجزء الثاني يقع في 300 صفحة، أما مشروع الجزء الثالث فيقع في حوالي 257 صفحة، ومشروع الجزء الرابع 301 صفحة وهذه المشروعات هي التي تتم مراجعتها الآن وقد تم الانتهاء من إعداد مشروعاتها في حين أن بقية المشروعات ما زالت تخضع للتخطيط والكتابة.
وإذا كان الجزء الأول قد صدر بالفعل فإن إيراد آياته المزيفة لن يمثل جديدا في هذا التقرير ولكن يلاحظ علي الجزء الأول أن أسماء سوره تتشابه بشكل رئيسي مع أسماء سور القرآن الكريم، فهناك فاتحة الكتاب، وهناك سورة الأضحي وسورة الإعجاز وسورة الروح وسورة الكافرون وغيرها من السور.
أما مشروع الجزء الثاني فإنه يستمر في ذات الإطار، ولكن الجديد الذي نكشف عنه أن الجزء الثاني الذي لن يصدر إلا بعد معرفة ردود الفعل علي الجزء الأول يبدأ بالفاتحة الثانية ومطلعها يقول: 'الحمد لله رب العالمين الذي هدانا للحق، وإن إيماننا الخالص ينبع من نفسنا البشرية بأنك إله واحد، وأن كل إنسان في حاجة إلي نورك، مبادئك الواحدة تجسدت فيها البشرية الظاهرة للإخاء والمحبة، والتعاون والسلام.
إن الدين الواحد، بالمبادئ الواحدة هو طاقة النور التي تضيء للبشرية طريقها إلي الله، وإن كل إنسان يهتم بهذا الدين من أجل سعادته ورقيه، الله في السماء، الملائكة من حوله في السماء والبشر في الأرض، أخطاؤنا إلي السماء صاعدة ومغفرة الرب إلي الأرض قائمة في كل وقت، وكل حال، والتسامح والأخلاق هما العنوان والانطلاق نحو بناء المجد الإنساني، والتعاون بين البشر هو تأكيد ديني علي البناء الشامل للتعاظم والتعاضد الإنساني، فلتكن مسيرة البشرية بالمحبة والإخاء والتعاون'.
ويتضمن الجزء الثاني أيضا سورة 'القديس' حيث تقول: 'الطيب لا يؤمن إلا بإله السماء والشرير لا يؤمن إلا بآلهة الأرض، تلك الآلهة التي ما كان لها مبتغي إلا النيل من كلمات السماء وتحريفها عن مواضعها الحقيقية حتي تبدو وكأنها مبتورة، ناقصة، غير ذات معني، والطيب بحسه الصادق وإدراكه المتميز المتعالي هو القادر علي أن يميز بين الحق وعدمه، وبين الخير ونقيضه، بين الشر ومعانيه. إن آلهة الأرض لا طائل لهم إلا اقتتال البشر، وهدم منازلهم، وجعل لقمة عيشهم في بيوتهم غير صالحة لأن يأكلها جائع آخر، هكذا أرادوا أن تكون الحياة، وهذه الإرادة الشريرة لا تعبر عن حياة السماء. إن العدالة جسدها المسيح عيسي، والنبي موسي، وسبقهما الكثير، وكان لإبراهام روح واحدة للعدالة. إن حياة الأرض ستعلو شيئا فشيئا، حتي تكون مثل حياة السماء، فلنبدأ مجدنا المشترك بالأخوة والمحبة. إن إله السماء هو رب كل البشر وهو خالق كل البشر وجميعنا نعبده ولكن الآخرين 'يقصد المسلمين' قصروا العبادة عليهم فقالوا 'لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد'، فهو تشبيه يضر بالإنسانية ويقسمها إلي طوائف غير متحدة في المعاني والأهداف وأنماط الحياة، نحن نعيش علي كوكب واحد، وكل ما في هذا الكوكب يخضع للإله العظيم، فالمخطئ يمكن أن يتوب، والذي يحمل النفس المؤمنة أدرك سعادته في جنة الآخرة، فلنكن معا طريقا واحدا نعبد جميعا ما نحن عابدون من إله عظيم، ولا نقول: لكم طريقكم ولي طريق، فالطريق واحد لأن الأمنية واحدة، والهدف واحد، فلابد أن تكون الوسيلة واحدة، عشنا وكلنا سيموت، وسيكون لنا جزاء مشترك في حياة الآخرة، فالموت إذا كان بيننا رابط، فالحياة بيننا رابط مشترك، أصلنا واحد، فلابد أن يكون ديننا واحدا، قد نختلف في اللغة وقد نختلف في اللون، إلا أن ذلك لا يعطل مسيرتنا نحو بناء نموذج الإنسانية العظيم'.
وفي سورة الموت يقول الكتاب: 'الموت قادم لا محالة، كل نفس ذائقة الموت، وكل إدراك يعلم أن الموت هو النهاية الطبيعية لكل مخلوق، ولكن الموت دائما يقول: انتظروني ولا تأتوا إليٌî، لا تحاولوا أن تكونوا في طريقي، أو تفعلوا ما يقربكم إليٌî، لأن الله عندما خلقكم في هذه الحياة كان لتعميرها وتواصل أجيالها حتي يحين ميعاده فينتهي هذا الكون ويتلاشي في الكون الأكبر الذي يتحرك بمشيئة الله وإرادته. إن كل من في هذا الكون يخضع لإرادة الله في يوم موته، وإذا كان هناك بشر يريد أن يستعجل إرادة الله في أن يموت فهو آثم لأنه يريد أن يخالف إرادة الله التي حددت له موعدا وزمانا محددا بعيدا عن تلك الأفكار الضالة التي انتشرت لدي البعض بالإقدام علي الموت وقتل النفس من أجل قتل الآخرين 'مفهوم الشهادة في الإسلام' بالإرهاب والعدوان والظلم، وأن ذلك هو الطريق لجنة الله، فلنعمل العقل ونجعل الفكر هو الميزان فيما إذا كان ذلك حقا أم ضلالا، هل من يقتل نفسه لغرض قتل الأبرياء الآخرين يمكن أن يرضي الله عنه ويدخله جنة الخلد؟ إن عدالة السماء لن تغفر لذلك القاتل أن يزهق أرواح الآخرين أو يدمر أسس الحياة لبعض البشر الأبرياء. فإن هذا لابد وأن يكون مصيرهم نارا حامية الوطيس. نار جزائه لأنه قتل نفسه التي كان يمكن لها أن تعمر هذا الكون وتلقي في رحابه الواسعة الأمن والطمأنينة، ونار جزائه لأنه قتل الآخرين وحرم أطفالهم من أن يقولوا أبي أو أمي أو أخي أو عمي أو خالتي أو ابني أو ابنتي، فكيف نحرم طفلا من ذويه قتل غدرا وخيانة من شخص مخبول؟ كيف نحرم امرأة من ذويها؟ كيف نحرم رجلا من ابنه؟ إن هذه الأفعال المشينة لا يمكن أن تلتصق بدين أو مبادئ إنسانية. الموت قادم، فلتمت وحدك إذا اختارتك عناية الله، ودع الآخرين يمرحون في هذه الحياة إلي حين يلحقونك، لا تقتل نفسك ودعك من أوهام الضالين وأحلام المخبولين، فالجنة لك ولغيرك طالما أننا جميعا نحب الآخرين، وندرك أن للحياة معني وللآخرة معني.
وهناك أيضا سورة الأرض وهي ضمن الجزء الثاني وقد تم تسريبه من خلال إحدي الجماعات المسيحية * اليهودية التي رأت أن صياغته ضعيفة ولا ترقي إلي قوة الجزء الأول: تقول هذه السورة المزيفة التي تبدو وكأنها موجهة إلي الفلسطينيين بالأساس: 'أيها البشر الأرض واسعة، عمروها بأيديكم، وفكروا بعقولكم، فأرضكم ليست مقدسة، وحدودكم ليست ثابتة، فأجيال تتنقل وتترك الديار، وأجيال تحل وتتمسك بالديار، فلا تجعلوا الأرض أبدا مثارا لخلافاتكم وعداواتكم، فالعداء يولد البغض والحقد والكراهية، والأرض التي تحمل العداء بين البشر وبعضهم لابد وأن تتأملوا في أركانها وأجزائها ستجدون أن الجزء الأكبر تشغله الجبال والصحراء الشاسعة، وهي الأراضي التي لا يتحمل الإنسان أن يطأ بقدميه عليها، فطالما أنها أرض مهجورة وغير مأهولة، ولا تحمل إلا الطبيعة المؤقتة فلماذا نقاتل بعضنا بعضا من أجلها؟ دعنا نعش جميعا في منزلي أو منزلك، أنت في غرفة وأنا في الأخري وكلانا سيعمر هذا المنزل بالفاكهة والروائح والياسمين، الأرض لله، يورثها من يشاء، ونحن عليها نعمرها ونموت، فلماذا القتال؟ ولماذا الحقد والكراهية؟ دعونا نعش في هذا العالم بسلام، لا اعتداء ولا عدوان، من يمسك التفاحة بيده فهي له، ولا يحق للآخر أن يدعي ملكيته لها، ولكن علي من يمسك التفاحة أن يعطي من يدعي الملكية جزءا من تفاحته حتي يأكل الاثنان، وتصبح القسمة المشتركة بينهما عنوانا للحياة.
وهناك أيضا سورة الأسطورة تقول: لقد جاء رجل عربي وبيده سيف باتر وأسلحة مضاءة، وهجم علي قوم آمنين فانقادوا لأفكاره تحت وطأة السيف والإجبار وعاشوا قرونا طويلة يحملون نفس الأفكار ويجبرون الآخرين علي اتباع مبادئهم الضالة، حتي تزايدت أعدادهم وأصبحوا هم المهدد لأمن وسلامة البشرية. لقد جاء الوقت الذي لابد فيه أن تتخلص البشرية من هذا الكم الهائل من تلك المعتقدات الموروثة خطأ، والتي ما هي إلا تعبير إضافي عن الصراع البشري بين الحضارات الإنسانية. إن هذه الحضارة لدول الشرق الأوسط ما هي إلا حضارة الشرق التي لم يعل بنيانها أو تكتمل حلقات اكتمالها إلا من خلال الاتصال بالآخرين وتحديدا أبناء المسيح وأبناء اليهود'.
إلي هذا الحد وصل بهم التزييف في كتابهم المزعوم، ناهيك عن الكثير من السور الأخري التي تمثل إهانة للإسلام وللمسلمين.
وأمام ما يجري من تخطيط خطير يبدو المسئولون غائبين عنه وعن أبعاده، فإن المؤامرة تبدو هذه المرة جادة للغاية في التنفيذ، فقد اجتمع مؤخرا أعوان الشر والشيطان من اليهود والعديد من الملل والأجناس الأخري ليبدأوا حملة واسعة تحمل عنوان 'لا للقرآن.. نعم للفرقان' تمهيدا لمنع طباعة القرآن الكريم ومنع تدريسه أو بثه عبر وسائل الإعلام ومعاقبة كل من يردد آياته.
بقي القول أخيرا: إن مرحلة الغزو الفكري قد بدأت بالفعل من خلال المشروعات التي تطرحها الإدارة الأمريكية تحت عنوان وشعارات مختلفة إلا أن القادم سيكون الأكثر صعوبة والأكثر خطورة علي دين المسلمين.
إن أحد مفكري هذا المشروع الشيطان يقول: إنه في خلال العشرين عاما القادمة يجب أن يتخلص كوكب الأرض من دين الإسلام وألا يكون هناك مسلم واحد إلا وقد حوصر في أفكاره وعقيدته فيعود الصليب من جديد معانقا لشعار داوود 'نجمة داود'.
انتهي التقرير وبقي أن نقول: إن للدين ربا يحميه، ولكن الله سبحانه وتعالي يدعونا إلي الدفاع عن الدين والعقيدة.. قال تعالي: 'واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم'. صدق الله العظيم.




منقول


عن جريدة الاسبوع المصرية

http://www.elosboa.com/elosboa/issues/373/0401.asp