النبر مفهومه وحدوده وفاعليته
من قلم/ غالب احمد الغول
تشرين 2/ 2010
@@@@@@@@@@@@
معنى النبر :
المعنى العام للنبر لغوياً : ارتفاع الصوت , والنبّار :/ الصيّاح
وللنبر عدة خصائص , ندرجها كما يلي :
* نبر لغوي
* نبر شعري
أما النبر اللغوي فليس له علاقة أصيلة أو قوية بالنبر الشعري , أي أن المقطع اللغوي الذي يقع عليه النبر , له قواعده , ولمزيد من التوسع , ينبغي مراجعة ما كتبه ( إبراهيم أنيس ) .
والنبر في قواعد اللغوية له قاعدة ثابتة تقريباً , حيث يقع على الممدود ما قبل الأخير , مثال ذلك . محمود ( يقع النبر اللغوي على المقطع (مو ) من كلمة محمود , كما يقع في كلمة ( جمالها ): على ( ما ) من جمالها , ونتجاهل المقاطع القصيرة بعد الممدود ما قبل الأخير .
وهذا البحث , ليس من مضمون دراستنا الشعرية .
وهناك لغات أجنبية تتعامل مع النبر اللغوي , أو الشعري , ولكن بمفهوم آخر , قد يكون للفعل نبر يختلف عن نبر الاسم , أو قد يكون للشعر عندهم له أنظمة نبرية ومعنوية تختلف عن مفهوم النبر في لغتنا العربية , وأيضاً ليس هذا من تخصص النبر الشعري العربي .
وقد يتفق موقع النبر اللغوي في لغتنا العربية مع موقع النبر الشعري في الوحدات الإيقاعية للشعر العربي , مثل:
مستفعلن ــ ~ ب ــ ( يقع النبر اللغوي والنبر الشعري على المقطع ( تف ) من مستفعلن ,
متفاااااعلن ب ب ~ ب ــ ( ويقع النبر الشعري واللغوي على ( فاااا ) من متفاااعلن .
مفعولاتُ : ــ ــ ~ ب ويقع النبر الشعري واللغوي على المقطع ( لا ) من مفعولاتُ .
فاااعلن : ~ ب ــ ويقع النبر الشعري واللغوي على المقطع ( فااا ) من فاعلن .
أما باقي التفاعيل , فإن مواقع النبر يختلف موقعها ولكل تفعيلة مكان محدود للنبر .
وعندما تدخل الكلمة اللغوية في إيقاع البيت الشعري , فلا يبقى موقع نبرها على ما كان عليه في النص اللغوي , بل قد يكون هو هو , أو قد ينتقل من مكان إلى آخر , حسب ضرورة الإيقاع الشعري لهذا الموقع النبري , لأن موقع النبر في الإيقاع الشعري , ليس اختيارياً بل هو مفروض فرضاً إجبارياً ليناظر موقع النبر على كل تفعيلة . هذا لأن التفاعيل تختزن الإيقاع الشعري في ترتيبها السببي والوتدي ,
ومكان الوتد المجموع هو دليل التفعيلة , بل هو دليل إيقاعها , ولذلك يجب أن نبحث عن مكان الوتد المجموع لنعرف أين يكون نبر هذه التفعيلة بالضبط , حيث يكون لكل تفعيلة موقع واحد للنبر القوي , وموقع أخر للنبر المتوسط الذي يكون في معظم حالاته على الوتد المجموع .
فإذا كان البيت الشعري يتشكل من أربع تفاعيل ,لكل شطر , فينبغي أن يكون للبيت الشعري الكامل ( 8 ) مواقع للنبر ,
مثال:
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
يقع النبر على ( لن ) من كل تفعيلة , وهذا المقطع المنبور لا تزيد مدته عن السبب الخفيف , إلا بنصف ثانية أو أقل , بحيث أن المتلقي لا يحس به إلا حين شدة الصوت عنده , وهي ما يسميه الموسيقيين ( النقرة القوية ) أو ( الدم ) . أو السوداء المنقوطة .
وينبغي أن تكون النقرات ( النبرات ) هذه تحصر فيما بينها أزمان متناسبة أو متساوية , فإن كانت التفاعيل على مقياس موسيقي واحد , مثلاُ مقياس ( رباعي ) فينبغي أن تكون النقرات متساوية الأزمان فيما بينها , مثل بحر الرجز والكامل والهزج والرمل وغيرها .
أما نقرات بحر الطويل والبسيط والمديد فتكون على الشكل الآتي
فعو ـــ لن ..... مفاعي .... لن ..... فعو .... لن ..... مفاعي ... لن
بين لن الأولى والثانية أربع وحدات زمنية
بين لن الثانية والثالثة ( ثلاث ) وحدات زمنية وهكذا
وتسمع النبرات والنقرات على رتابة واحدة وتتوقعها الأذن بانتظام تام ,
لآنه إذا حدث أي خلل بين الأزمنة , وقع خلل في الإيقاع , وإذا وقع خلل في الإيقاع , وقع خلل في الوزن , لإن الوزن صورة من صور الإيقاع , وصورة الكلام صورة من صور الوزن , وكل هذه الأشياء تمم بعضها البعض لخلق إيقاع منتظم ,وهو ما يسمى بالوزن الشعري الإيقاعي الموسيقي .
قلنا لكل تفعيلة موقعاً مخصصاً للنبر على الشكل الآتي:
فاعلن يقع النبر على ( فا ااا ) من فاعلن
فعولن يقع النبر على ( لن ) من فعولن )
فاعلاتن يقع النبر على ( فااا ) من فاعلاتن
مفاعيلن : يقع النبر على ( لن ) من مفاعيلن
مفاعلتن : يقع النبر على ( تن ) من مفاعلتن .
مستفعلن : يقع النبر على ( تف) من مستفعلن
متفاااعلن . يقع النبر على فااا من متفاعلن .
مفعولاتُ : يقع النبر على ( لا ) من مفعولاتُ
وقبل أن يردني السؤال المتوقع وهو :
لماذ اخترت مواقع النبر على هذه المقاطع ؟
والجواب , فإذا لم يقع النبر على أحد السببين فأين سيقع ؟؟ لا يوجد لأي تفعيلة إلا سبب واحد للخماسية , وهو ( فااا ) من فاعلن , وعند تدوير التفعيلة أو تتابعها مع نفسها , فإن النبر سيقع على ( علن فااا ) أي على ( لن ) من فعولن .
لكن إذا أراد السائل أن يجعل نبر تفاعيله على السبب الآخر ( مُتَ ) من متفاعلن ,( مثلا) أو يضعه ( على أي سبب آخر , فليفعل ذلك , بشرط أن يخلق لهذا الموقع أزمنة متساوية بين النبرات ) ثم ليتحمل مسؤلية اخيار مواقع نبره , ولذا لا أريد مناقشة هذا الاحتمال .
أو أن يقول أحدنا :
ولماذا لا يقع النبر على الوتد ؟ نعم , إن الوتد يحمل النبر المتوسط البارز في صوته أيضاً ولكن بروزاً أقل حدة من وقوعه على السبب الذي يسبق الوتد .
ومن هنا نستطيع القول , لا يوجد إنشاد شعري , ولا يوجد موسيقا إيقاعية تـُتابع نغمات القول إلا بوجود النبر المنتظم بين الوحدات الإيقاعية التي تمثلها التفاعيل .
لأن كلمة موسيقا لها مفهوم عام ومفهوم خاص , فإن قلنا الشعر الموسيقي , فهو كلام عام , لأننا لم نذكر كلمة الإيقاع الشعري الموسيقي , فالموسيقا يمكن أن تكون إيقاعية ويمكن أن تكون غير إيقاعية , مثل زقزقة العصافير قد لا تكون إيقاعية , لكن هديل الحمام فهو إيقاعي .
وأما زحاف التفاعيل :
فلا تصنع التفاعيل المزاحفة انتظام شعري موسيقي من غير إعادة زمنها ومقياسها الموسيقي إلى أصلها ,
أي لا يجوز أن نقرأ التفاعيل المزاحفة والسالمة من الزحاف على نمط واحد من لفظها التي هي عليه ؟
أي أن (متعلن مستفعلن متعلن ) لا تساوي
........( مستفعلن مستفعلن مستفعلن
إلا إذا أنشدناها بشكل تتعادل فيها ( متعلن مع مستفعلن ) زمنياً على أقل تقدير , أو لفظياً عند (مط) الحركات ليعادل لفظها لفظ التفعيلة الأصلية .
مثال ذلك :
مُ . تَ . علن = مستفعلن
أو ( مو تا علن ) = مستفعلن ولهذا السبب سميت هذه التفعيلة بالتفعيلة المكروهة , ليس لحروفها , وإنما لتكلف إنشادها .
ولعل أحدنا يقول :
لقد خرجنا عن لغتنا العربية عندما نجعل ( مُ = مو ) وبأي لغة جاءت هذه ؟
والجواب , لا بدّ من تعويض النقص الذي طرأ على التفعيلة التي لحقها الزحاف , سواء بالسكتة , أي ( مُ ) ثم يليها سكتة قصيرة جداً ) لا يشعر المتلقي بها بتاتاً . والسكتة أشرت إليها ( بالنقطة ) وهي تساوي زنة حركة ,ونصف الحركة .
وأما إذا انتهي الضرب الشعري بتفاعيل معلولة مثل
السريع : مستفعلن مستفعلن مفعولاااااا ( ضرب مكشوف )
الرجز : مستفعلن مستفعلن مستففف ..علن ( ضرب مقطوع )
فينبغي أن نحدد موقع النبر على مقاطع الضرب الشعري , لكي نفرق بين إنشاد السريع ( من أصل مفعولاتُ ) من ضرب ( الرجز من أصل مستفعلن ,) ولا يجوز أبداً أن نجعل الضربين وكأنهما شيء واحد ( هكذا ( 2 2 2 ) فهذه الأرقام لا تعني شيئاً ولا تعطي أي مفهوم إيقاعي البته , لأن الضربين لهما الوحدة الإيقاعية الغامضة , التي لا يمكن أن يفهما المنشد . ولقد فرق الخليل بين الضربين باللقبين ( مكشوف السريع ) ( ومقطوع الرجز ) لأن المجتمع في زمن الخليل , لم يكن لديهم الكتابة الموسيقية كما نعرفها اليوم , ولذا فاستعاض عنها بألقاب التفاعيل التي تفسر حدود كل تفعيلة , للرجوع إليها عند الانشاد الشعري .
@@@@@@@@@@@@@@
بهذا القدر اكتفي بالشرح الإجمالي وليس التفصيلي للنبر الشعري الموسيقي .
وأفسح المجال للإخوة الكرام بالأسئلة ,
وشكراً لكم