أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: اخترت لكم

  1. #1
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي اخترت لكم

    العنوان : الإمام الشهيد في التاريخ والإيديولوجيا شهيد الشيعة مقابل بطل السنة
    تأليف : سلوى العمد
    الناشر : المؤسسة العربية للدراسات والنشر
    سنة النشر : 2000
    عدد الصفحات : 220


    يمكن اعتبار هذا الكتاب دراسة في الأنثربولوجيا الدينية لفكرة ومفهوم الشهيد والشهادة في الفكر والتاريخ الإسلامي، تتجاوز مجرد الرصد التاريخي أو التأصيل الشرعي الذي غلب على معظم الأدبيات التي عالجت هذه الفكرة في التاريخ الإسلامي دون أن تقفز عليها أو تتجاهلها، حيث تقدم الباحثة "سلوى العمد" مقاربة بين التاريخ والأيديولوجيا في دراسة فكرة ومفهوم الشهيد عند أهل السنة والشيعة، باعتبارهما يمثلان القطاعين الأكبر في الأمة الإسلامية.

    والكتاب في الأصل أطروحة جامعية للمؤلفة نالت بها درجة الماجستير من قسم الدراسات العربية ودراسات الشرق الأدنى بالجامعة اللبنانية التي تعمل بها في تخصص الأنثروبولوجيا الدينية، وقد أدخلت عليها بعض التعديلات والاختصارات التي يتطلبها النشر.

    ويعد الكتاب محاولة لدراسة مفهوم فكرة الشهيد عند أهل السنة والجماعة، والشيعة باعتبارها قضية محورية في بناء وتشكيل العقل والوجدان الإسلامي على مرّ تاريخه، وذلك من خلال دراسة صورة رمز واحد هو الحسين سبط رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في واقعة استشهاده بكربلاء في (عاشوراء، العاشر من المحرم سنة 61هـ) باعتباره الرمز الأشهر والأكثر تجسيدًا للتمايز والاختلاف الحادث بين السنة والشيعة فيما يتعلق بتصور كل منهم لصورة ومفهوم الشهيد.

    الشهيد البطل.. والشهيد المظلوم
    لعل ما جذب المؤلفة لموضوع الكتاب - كما تروي - هو محورية فكر الشهيد والشهادة في الفكر والتاريخ الإسلامي، حيث لاحظت في فترة مبكرة من حياتها في بيروت أن كل التنظيمات المسلحة من مختلف الخلفيات السياسية والأيديولوجية كانت تركز في خطابها السياسي وعملياتها العسكرية على الشهادة. حتى الأحزاب العلمانية منها - بما فيها الحزب الشيوعي اللبناني والقومي السوري - والتي كانت شعاراتها عادة ما تترنم برموز دينية على رأسها الشهادة، كما لاحظت أن ثمّة تمايز بين الطوائف المختلفة في وصفها للشهيد بصرف النظر عن الإجماع على مكانته، حيث كان من اللافت أن كل ملصقات ضحايا الحرب في لبنان الذين امتلأت بصورهم الشوارع كانت تسبق بلقب (الشهيد المظلوم) إذا كان منتميًا للتنظيمات الشيعية، و(الشهيد البطل) عند التنظيمات السنية.

    إطلالة على الكتاب
    وقد قسَّمت المؤلفة كتابها إلى خمسة فصول سبقتها باستهلال عرضت فيه لأسباب اختيار موضوع الكتاب، ومقدمة تحدثت فيها عن المقولة الأساسية التي يقوم عليها البحث، ثم ختمتها بخاتمة تلخّص ما انتهت إليه من نتائج.

    فيعد الفصل الأول وهو بعنوان (في الأيدلوجيا والمقاربة الأيدلوجية للتاريخ)، تأسيسا للموضوع، يمهِّد للتعرف على تصور كل من الشيعة والسنة للتاريخ وللذات الجماعية، حيث يمثل السُّنَّة الوسط المركزي الذي تظهر إزاءه هوية سياسية ذات جوهر معارض هي الشيعة.

    وفي الفصل الثاني (البطل والشهيد في الإسلام) تقدم الكاتبة عرضًا وتحليلاً لصورتي البطل، والشهيد في التراث الإسلامي عامة، وتميز بين نظرة كل من السنة والشيعة للشهيد.

    و يستعرض الفصل الثالث (ظهور المعارضة في الإسلام)، الكيفية التي نشأت بها المعارضة في الإسلام (التي غالبًا ما كانت شيعية)، إلى أن استقرت كظاهرة طائفية عبر مجمل التاريخ العربي الإسلامي، مع التركيز على طائفة الشيعة الإمامية باعتبارها الأكثر تمثيلاً من حيث الانتشار والاستمرارية والأيدلوجيا المعارضة، مع التعرض تفصيليًّا " لمقولة الإمام " كركيزة أساسية في عقائدهم والتمييز بينها وبين الخليفة عند أهل السنة.

    الفصل الرابع (شهيد كربلاء في التاريخ والأسطورة) يتعرض لقصة الحسين (رضي الله عنه) في بُعْديها التاريخي (عند السنة)، والأسطوري (عند الشيعة)؛ للتعرف على حيثيات الجذر التاريخي لأسطورة الإمام الشهيد، من أجل التعرف على سرِّ الحيوية والتجدد فيها عند الطائفة الإمامية، وتسلط الضوء على الوظيفة التضامنية التي تؤديها إمامة الشهيد في أوساط المشايعين.

    أما الفصل الخامس والأخير (شهيد الشيعة في مقابل بطل السنة) فيتضمن مقارنة بين تصوري السنة والشيعة لشخص الإمام الحسين بن علي (رضي الله عنه) كنموذج للدراسة، وسنجد أنفسنا فيها بإزاء نموذجَين عقائديَّين في إطار التراث الديني والواحد.

    شهيد السنة
    ينطلق الكتاب من فرضية أن أهل السنة الذين يشكلون الغالبية العظمى أو الوسط المركزي للمجتمع العربي الإسلامي يرون في كل رمز إسلامي شخصية تاريخية بالكامل؛ لذا فغالبًا ما يكون رمز السنة هو رجل الدولة القدير وبطل الفتوحات، أي هو صانع الانتصارات للدولة الإسلامية، وينسحب ذلك على مفهومهم للشهيد باعتباره بطلاً سقط في الطريق نحو الهدف المرجو من فعل البطولة؛ لذلك فالحسين (رضي الله عنه) عندهم شخصية تاريخية نالت الشهادة في إطار ظرف تاريخي خاص؛ ومن ثَم فهم في معالجتهم لكربلاء يسعون لقراءة الحيثيات التاريخية التي أدَّت ملابساتها إلى وقوع هذه المأساة واستشهاد الحسين (رضي الله عنه) وصحبه، وقد يختلفون في تقدير الدوافع والنتائج والصواب والخطأ فيها دون أن يلغي ذلك المكانة الدينية للحسين (رضي الله عنه) والمنصوص عليها بنصوص دينية، إضافة إلى كونه حفيد رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

    شهيد الشيعة
    في المقابل نجد أن تصور الشيعة الإمامية الإثنا عشرية للشهيد تنطوي على موقف أيدلوجي بحت؛ إذ يتم التعامل مع الحسين واستشهاده في كربلاء لا كشخصية أو حدث تاريخي، وإنما كرمز وقضية لها دلالتها ومعناها الذي يغلب على أي معنى آخر في التاريخ؛ إذ يلغي العنصر التاريخي في الشخصية والحدث، ويضفي عليها طابعًا أسطوريًّا وهالة قدسية تقترب بالحسين من مصاف الأنبياء أو تزيد عليه أحيانًا، وتعطي لعاشوراء درجة قصوى من القداسة، وهو ما يظهر في المؤلفات الشيعية المتعلقة بشخص الحسين (رضي الله عنه) وذكرى استشهاده في كربلاء، فالحسين (رضي الله عنه) يظهر فيها كأصل للنبوة وليس سليلاً لها، وهو أزلي الحضور تنسب إليه معجزات قبل مولده وبعده. كما أن مقتله في كربلاء قديم قدم الدنيا وليس حادثًا، وبركة عاشوراء ومشهد كربلاء قديم وأزلي بسبب مقتل الحسين بها، كما أن شهادة الحسين نفسها تجسيد لإرادة إلهية أزلية. وكثيرًا ما تربط هذه المؤلفات تاريخ الحسين الحي بأفكار شغلت الإنسان منذ بدء الخليقة بها رمز للوجود الأزلي للحسين في الدنيا، بل وكثيرًا ما تحدد موقف الناس من الحسين وآل البيت وما ألمَّ بهم من مصائب كمقياس للثواب والعقاب في الآخرة.

    وتؤكد الباحثة أن نقل الشيعة للحسين وكربلاء من وقائع التاريخ إلى حيّز الأيدلوجيا والأسطورة التي تحمل طابع الديمومة المتجاوزة للزمان والمكان مرتبط بشكل وثيق بموقعهم في المجتمع العربي الإسلامي الذي يمثلون فيه الهامش المعارض، حيث تساعدهم هذه الأيدلوجية في إبقاء روح الجماعة لديهم، وتعززها في مواجهة المجموع السني، حيث تبقى فيها روحها المعارضة التي يُؤججها شعار ديمومة الثورة وإمامة الشهيد في كل زمان ومكان.

    لكل عصر حسينه ويزيده
    ومن أفضل ما قدمته الباحثة للتدليل على الفرضية التي يسعى الكتاب لإثباتها هو دراستها للمشاهد الحسينية في احتفالات عاشوراء، حيث تحل عناصر الأسطورة (بما تحمله من تكثيف وترميز لواقعة كربلاء) محل الوقائع التاريخية لها، فشعائر الذكرى تركِّز على دلالة الحدث ومعناه أكثر من الوقائع الحقيقية؛ لذلك فهي توظف تعبويًّا؛ لأنها تشحن مشاعر الحاضرين باستحضار مظلمة تاريخية، وهو ما يوظف ضد سلطة الحاضر، خاصة في أوقات الاضطراب السياسي والاجتماعي، حيث تصبح هذه الذكرى إطارًا لصياغة المعارضة الضمنية أو الاحتجاج الصريح حسب ما تمليه الظروف السائدة وقت حلول الذكرى، وهو ما حدث أثناء الثورة الإسلامية في إيران، وفي الحرب اللبنانية الأهلية، وفي المقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي، حيث وُظِّفت الذكرى لمصلحة هذه الأحداث، بل وأحيانًا ما تم الربط في احتفالات عاشوراء بين ذكرى استشهاد الحسين والأوضاع التي تعيشها بلدان العالم الثالث الأخرى إذا ما تشابهت مع البلاد الإسلامية، حيث كثيرًا ما جرى الربط بين مضمون ما يجري فيها بالمعاني التي حملتها كربلاء الحسين بدعوى أن (لكل عصر ولكل بلد حسينه ويزيده)، حتى أنه في عام 1968م الذي اغتيل فيه أرنستو شي جيفارا في قراءات السير الحسينية في كربلاء هو صنو الإمام الشهيد الحسين، ورمزًا من رموز التضحية والفداء للإنسانية جمعاء، في حين ماثلت المخابرات الأمريكية Cia (التي ذكرناها والتي دبَّرت حادث الاغتيال) في القراءات الحسينية جند يزيد بن معاوية!.

    ويكشف ذلك عما صارت تتمتع به أسطورة الإمام الشهيد عند الشيعة من طاقة وحيوية دائمتين تعكسهما بوضوح شعائر الذكرى، حيث تغذي رواية السيرة الحسينية وتمنحها معنى يتجاوز الزمان والمكان، فلا تصبح كربلاء حدثًا تاريخيًّا وقع مرة وإلى الآن؛ بل يظل مفتوحًا على مستوى الدلالة ليشمل الصراع بين قوى الخير والشر في كل زمان ومكان.. وهو ما يعكسه الشعار الشيعي (كل أرض كربلاء، وكل يوم عاشوراء).
    تظل جماعات من الأفئدة ترقب صباح الانعتاق,لترسم بسمة الحياة على وجوه استهلكها لون الشحوب و شكلها رسم القطوب ,يعانقها الشوق و يواسيها الأمل.

  2. #2
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    سأضع هنا مقالة هامة للدكتور خالص جلبي

    ثم أعود معارضاً الكاتبة في رسالتها للماجستير ومعارضاً لشيخي خالص في الكثير من الأسس المطروحة عند كليهما ...



    الشهيد
    بقلم خالص جلبي

    ليس هناك كلمة تهز الوجدان مثل الشهيد. ولا يوجد كلمة أسيء استخدامها مثل كلمة الشهيد. ولا يوجد كلمة غامضة مثل الشهيد.

    وفي القرآن جاءت مفردات هذه الكلمة 82 مرة ولم تكن مرة واحدة فيما يريده ويكرره الناس.

    وأذكر من الحقبة الناصرية المشئومة وكنت يومها طالباً في المرحلة المتوسطة، فم تكن تمر أياما قليلة إلا وخرجنا نهتف، بحياة شهيد ما من الشيوعيين والمغامرين والزعر والحرافيش والعيارين، وانتهاء بصانعي الانقلابات.

    وفي يوم كانت المظاهرة للهتاف بحياة (الشهيد) (باتريس لومومبا) وكان الناس يتهامسون من يكون هذا الرجل؟

    وبكل أسف فقد كرهونا في الرجل، حتى اكتشفت نبله، وكيف تحدى ملك بلجيكا بشجاعة، في برنامج خاص بثته الديسكفري في سلسلة الاغتيالات، وكيف يحتفظ رجل الاستخبارات البلجيكي بأسنانه الناصعة، التي انتزعها من فكه الجميل، بعد قتله في غابة مهجورة، وقال المجرم وهو يتدفأ بجنب النار إن من يعثر على بقاياه سيجد أسنانه ناقصة ؟؟

    ثم يقهقه مثل إبليس؟؟

    وفي يومٍ مررت على قبر المجرم (عبد الكريم الجندي) في السلمية، الذي لمع نجمه كجلاد ورئيس مخابرات بامتياز ، بعد انقلاب آذار المشئوم في سوريا، فقرأت فوق قبره "ولا تحسبن الذي قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون؟"

    وكان الرجل المذكور يحب ضرب كرام الناس بنعله (الشاروخ) على وجوههم، ولم ينجو أحد من يده بمن فيهن النساء.

    وفي يوم وقع تحت يده رجل دين مسيحي فقال له: أعلم أن الفاتيكان سيتدخل لإنقاذك، ولكنك ستمضي عندي يومان، هما في عمر الزمن سنتان، ثم أمر بحبسه في دورة المياه؟

    وفي 22 يوليو من عام 2003م انتهت حياة قصي وعدي قتلاً، كما قتلا هما الكثير من الناس غرقا وحرقا وتعذيبا وسلخا، فذاقا من نفس الكأس دهاقا، واتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين.

    وفي بلد عربي اجتمع الناس لتلقي العزاء على سيدي شباب أهل الجنة السبطين عدي وقصي؟

    ولا يستبعد أن تمتليء كتب التاريخ بقصة (شهادة) البطلين، وهما يقارعان (العلوج) الأمريكيين كما اعتدنا على الكذب في كتب التاريخ، التي تدرس للطلبة المنكوبين.

    وبعد مرور عام على شنق صدام المصدوم احتفل القوميين بذكرى (استشهاده) الميمونة، شهادة على ثقافة العجل التي تشربتها قلوبها (وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم؟)

    وفي يوم انتشرت موضة التحلي بالأسماء الثورية في العالم العربي فمنهم من سمى ابنه (ستالين) وآخر ابنته (جيفارا) وثالث (سيد قطب)، والأولاد يحملون أوزارا غير مسئولين عنها.

    وعندما قتل (آرنستو تشي غيفارا) الطبيب الأرجنتيني في غابات بوليفيا اعتبره الثوريون العرب سيد الشهداء، مثل حمزة بن عبد المطلب، واليوم الناس تحج لقبره فتتبرك كما يفعل كل الحمقى والمغفلين في العالم، والرجل كان شقيا قاتلا مريدا. سفك الدم باسم العدالة فكان من المجرمين، ولكن أكثر الناس لا يعلمون، ويوم القيامة عند ربهم يختصمون..

    وعندما يفجر الفلسطيني نفسه في حافلة فيقتل ويقتل يعتبر عند مفتي في بلد ثوري، أنها شهادة في سبيل الله، لا يقترب منها شهداء القادسية واليرموك.

    أما اليهود فيسمون الفاعل إرهابياً وقاتل نفسه وانتحاري.

    وما يحكم على عمل ما ليس الفتاوى والنصوص بل العواقب.

    وقل كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى؟

    وعندما يتصارع فريقان فيقدمان (قرابين) بشرية، يعتبر القتيل في عين أهله شهيدا، وفي أعين خصومه مجرما.

    والفرق بين (الجريمة) و(الجهاد) شعرة.

    وبين (الزنا) و(الاغتصاب) و(الزواج) أقل من شعرة؛ فكلها ممارسة لعمل جنسي، ولكن الأول يقوم على (السرية)، والثاني على (الإكراه)، والثالث على (الرضا والقبول والإشهار).

    وعندما جاهد (الخوارج) لم يكن عملهم جهادا، وسموا أنفسهم الشراة أي من باع نفسه في سبيل الله، ولكن الأمة اتفقت على تسميتهم مجرمين وقتلة مارقين؟؟

    واليوم يعاد إحياء مذهبهم من جديد، ويفرح أبو حمزة الخارجي في قبره ويضحك للنصر المبين؟

    وإذا أراد الجراح استئصال زائدة دودية في سوق الخضار؛ فإنه يعد قصاباً، ولو كان سيد الجراحين.

    فهذه الفروق لا يستوعبها الشباب المتحمس، وهم نصف معذورين، ولكن أئمة الفكر المنحرف هم الذي يسقون عقول الشباب هذه السموم.

    وليس هناك من أمر أكثر إثارة من (الجهاد والاستشهاد) كما لا يوجد موضوع أكثر خطرا وضبابية منهما.

    وفي يوم كان أحدهم يكلمني فقال ألا تقرأ قوله تعالى: "فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين"؟

    قلت له ألا تقرأ قوله تعالى: "ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة"؟، وقوله تعالى: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا"؟

    والقرآن حينما يقرأه أحدنا لا يجد في نهايته فهرساً للموضوعات، مثل القتال والشهادة متى؟ وكيف؟ وأين؟ ومن؟ بل يجد آيات متناثرة مثل النجوم في قبة القرآن.

    وإذا كنا في نجوم القطب نصل بينها بخط فنعرف الشمال من الجنوب، ونهتدي بها في ظلمات البر والبحر كذلك الحال في آيات القرآن.

    ورؤية فراغية بنيوية من هذا النوع مفيدة في فهم آيات القرآن.

    والمشكلة مضاعفة في معالجة نظام الفكر؛ فالعقلية النقلية هنا تواجه العقلية النقدية.

    وهي مشكلة أعترف أنها ليست سهلة الحل، ولكن لا بد من خوض غمارها واقتحام لججها.

    وابن لادن اعتبر أن تفجير أبراج نيويورك عين الجهاد، وقمة الشهادة، وضرب الكفار في دار الحرب في قعر دارهم، حيث يستباح كل شيء؟

    في الوقت الذي اعتبرت أمريكا أنه جريمة نكراء وانتحاريون مجرمون.

    وكما يقول (نعوم تشومسكي) الناقد الأمريكي أن قرصاناً ألقي القبض عليه في زمن الاسكندر فبدأ في توبيخه كيف يزعج البحر؟ قال القرصان: أنا أنهب بسفينة صغيرة فأسمى قرصاناً أما أنت فتنهب شعوبا بأساطيل فتسمى إمبراطورا؟!

    وعندما انتشرت مفاهيم (الجاهلية) من فكر (سيد قطب) في الستينات من القرن العشرين، ومن ذيولها فكرة (العزلة الشعورية)، اندفع البعض في وهم وضلال، إلى اعتبار أن احترام (إشارات المرور) هو احترام الجاهلية، وأن خرق أنظمة المرور هو عين التقوى، لأنه تمزيق شبكة المجتمع الجاهلي، لمسلم يعيش في مجتمع جاهلي (عضوياً) ويحاربه فكريا وعمليا.

    ومع أن القرآن يذكر كلمة (الشهادة) ومرادفاتها 82 مرة (شهيد 36 مرة والشهداء 20 مرة والشهادة 26 مرة) ولكنه لم يذكرها مرة واحدة بصدد القتل والموت، بل بمعنى مختلف؛ هو الحضور الواعي:

    (أو ألقى السمع وهو شهيد) (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) (ما أشهدتهم خلق السموات والأرض) (والسماء ذات البروج واليوم الموعود وشاهد ومشهود) (والله على كل شيء شهيد)(أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت)(عالم الغيب والشهادة) (ما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين) أو بمعنى الإقرار والاعتراف (قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا) أو الجمع بين الأمرين (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين).

    وبهذا تكون (الشهادة) ليس ما يعنيها الناس من الموت في سبيل الله حصرا، بل على نحو أدق التمثيل المميز (لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا).

    ومنه جاء كلمة (الشاهد) في المحكمة، لأنه إنسان عاين الواقعة بدقة بأذن واعية وألقى السمع وهو شهيد؛ فهو يدلي (بشهادته) أي يفيد بما حدث صدقا وعدلا.

    و(الشهادة) بذلك أي الدخول في الإسلام والنطق بالشهادتين هي الاعتراف والإقرار بصدق ووعي (أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله).

    ولكن السياسيين يطلون أصنامهم بدهانات إسلامية خضراء فيخطئون مرتين:

    ـ أولاً بنسبة ما ليس للألفاظ منها.

    ـ وثانياً بالخطأ فيما يريد القرآن من هذا اللفظ فيوظفونه في القتل والإجرام؟

    وهذا الكلام يفيدنا في أن نرجع فنحرِّر المعاني كما يقول (ابن خلدون)، ثم نكسي المعاني ثوب الألفاظ.

    ونحن في العالم العربي مغرمون بالألفاظ فيخسر الواقع حقيقة، ويكسب القاموس لفظة كما يقول (النيهوم)؛ فنسمي الشهيد من يقتل في سبيل قضية وبدون قضية؟ كما كنا نفعل ذلك أيام العجل الناصري.

    والشهادة بمعنى الحضور الواعي للعالم، والإدلاء بالرأي شيء لا علاقة له بالإرهاب والقتل والجريمة.

    ستكتب شهادتهم ويسألون؟

    وتحت هذا المفهوم قد يدخل من يموت صادقا في سبيل قضية إنسانية كبرى، وهنا يؤدي دور الإقرار والاعتراف لصدقه وتعلقه بفكرته والإخلاص لها بغض النظر عن صحة الفكرة.

    وليس هناك من صدق أكبر من أن يقدم الإنسان حياته في سبيل قضية كبيرة.

    وقد يقتل الناس من أجل عفونات كثيرة من الصراع القومي والعرقي والطبقي والفئوي.

    ويحصد الناس حصدا في الحروب الأهلية مثل الذباب كما حدث في لبنان ورواندا والجزائر.

    كما قد يموت أناس من أجل حفنة دولارات أو مصالح تافهة أو صراع على أرض. ولا تساوي كل الأرض سفك دم إنسان واحد. ولا يوجد أرض مقدسة في نظر الإسلام؛ فالقدسية لا تخلع على التراب، ولكن تستمد قدسيتها من (القدوس) السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر عالم الغيب و(الشهادة).

    ولا يوجد تحرير أرض في الإسلام بل تحرير الإنسان، والأرض لا قيمة لها إلا من الإنسان فيها.

    وأنا شخصيا نفضت يدي من وطني، وغادرت ديار البعث إلى يوم البعث، بعد أن تحول إلى سجن كبير، وقلت كما قال إبراهيم إني مهاجر إلى ربي..

    وهنا يجب التفريق بين (الموت) من أجل فكرة و(صدق) تلك الفكرة؛ فليس كل من يموت من اجل فكرة يعني تلقائياً (صحة الفكرة).

    ومات الكثير من الشيوعيين والفاشيين والملحدين والنصارى والناصريين من أجل أفكارهم؛ فلا يعني هذا أن الشيوعية كبد الحقيقة، أو أن الفاشية منتهى التاريخ، أو أن العجل الناصري ليس له خوار؟

    وهناك أناس تافهون ماتوا من أجل قضايا تافهة.

    وتذكر صحفية مصرية راقبت المشنوقين على يد (العشماوي) أن أثبت الناس جنانا، كان تاجر مخدرات، دخَّن سيجاره قبل الموت، وضحك لمن حوله، وقال: هي موتة، وهي موتتي، وكل الناس تموت، ولا يفر أحد من الموت، وسنموت على كل حال بشكل وآخر.

    فعاش مجرما ومات فيلسوفا.

    وأمام هذه الحقيقة كان الفيلسوف البريطاني (برتراند راسل) عندما يسأل: هل عندك استعداد أن تموت من اجل أفكارك؟

    كان يقول: لا .. لأنني قد أكون مخطئاً فأموت عبثا؟!.

    وفي الفلسفة المسيحية ينقل الإنجيل في أعمال الرسل أن البذرة حتى تتحول إلى شجرة يجب أن تدفن.

    وعلى ما يبدو أن الأفكار تخلد وتنتشر بهذه الطريقة.

    وهي تفسر طرفاً من الآية أن من يقتل في سبيل الله حي عند الله بطريقة وأخرى. ومن يموت من أجل أفكاره يدفع الحياة في أفكاره.

    وكسبت أفكار سيد قطب طابع القدسية بعد شنقه؛ فخدمه عبد الناصر أكثر مما آذاه. فنشر أفكاره من حيث أراد القضاء عليها.

    والرجلان بين يدي رب العزة الآن يختصمان.

    ومن ظلمات الديكتاتورية والظلم ولدت ظاهرة (الظواهري) فانتقل إلى أفغانستان؛ فكان عبد الناصر مثل الجراح الخايب، الذي فتح بالسكين على السرطان؛ فلم يستأصله بل نشر السرطان بأشد مما كان.

    ونفس سيد قطب يقول إن "كلماتنا تبقى عرائس من الشمع حتى إذا متنا في سبيلها دبت فيها الحياة".

    ولكن الكلمات منها الصحيح ومنها القاتل؛ فإذا عاد فرانكشتاين إلى الحياة تعدى أن يكون مزحة ثقيلة.

    ومع إعدام مروان حديد في سوريا غرق البلد في حرب شبه أهلية؟

    فهذا قانون وكل كتاب ممنوع ينتشر أكثر . وكل محظور مرغوب. وكل أشجار الجنة لم تكن كافية لآدم؛ فذهب إلى الشجرة الوحيدة المحرمة فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما. وليس ألذ من اتصال جنسي في الحرام. وترك الملك إدوارد الثامن كل الملك والمال من أجل عيني امرأة؟ وسقط سور الصين من اجل محظية جنرال.

    في مناسبة ما يسمى يوم الشهداء تبارى الخطباء في تمجيد الشهداء بحضور مجموعة من الأمهات الثكلى، حتى جاء دور رجل فتوجه إلى الأمهات قائلاً: لا يغرنكم قول هؤلاء؛ فلم يكن أولادكن سوى قرابين بشرية لأصنام هؤلاء؟

    فاحمرت الأحداق، ولكنه نجا من أيديهم، وخرج من بينهم، بدون أن يضربوه على الوجوه والأدبار.

    ويأتي في هذا الصدد قصص النساء المكافحات مثل (ريشيل كوري) التي تذكر بالنساء المكافحات للسلام على امتداد التاريخ بدءً من امرأة فرعون التي قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة، وسمية التي كانت أول شهيد في الإسلام، فسبقت المرأة الرجل إيمانا بإيمان خديجة واستشهادا بمصرع سمية، وانتهاء بروزا باركس التي رفضت الامتثال لقانون التمييز العنصري في ولاية ألاباما، أن يفرغ السود أماكنهم للبيض إذا صعدوا الحافلة، فحركت الشارع لإعادة الاعتبار للسود في أمريكا مع خمسينات القرن العشرين. وبيع باص العصيان كتحفة بمبلغ 492 ألف دولار أمريكي، وتذكر باركس بعد أن بلغت الثمانين في كتابها (القوة الهادئة): "في ذلك اليوم تذكرت أجدادي وآبائي والتجأت إلى الله فأعطاني القوة التي يمنحها للمستضعفين". وهي تذكرنا بدعاء نوح "فدعا ربه أني مغلوب فانتصر".

    وريشيل كوري التي ماتت دهسا تحت عجلات البلدوزر الإسرائيلي وهي تدافع عن بيت فلسطيني أن لا يهدم، هي الشهيدة حقا بدون حرب وقتال.

    ومن التراث الشرقي امرأة إيرانية هي (قرة العين) هزت الأوساط السياسية في منتصف القرن التاسع عشر بنشاطها الجم في تحرير المرأة وإعادة الاعتبار إليها وأنها كائن مساوي للرجل. فاعتلت المنابر وخطبت في الناس فأثرت وأبكت. وكانت في غاية الجمال والفصاحة وقوة الشخصية والحجة وكان مصيرها عام 1852 أنها حكمت بالإعدام فقدمت منديلها الحريري لتشنق به فجرت من شعرها بذنب بغل ثم أحرقت حية على أحد الروايات.

    ويقول عنها (علي الوردي) في كتابه (موسوعة تاريخ العراق الحديث) أنها سبقت عصرها ولو جاءت متأخرة لكانت من أعظم شخصيات القرن.

    وينضاف إلى هذه القائمة (بيرتا فون سوتنر Bertha von Suttner)(1843- 1914) التي نشأت من عائلة ارستقراطية في (براغ) ونشرت قصتها بعنوان (ألقوا السلاح die waffen nieder) عام 1889م أصدرها ناشر على استحياء وطبع منها ألف نسخة فقط. ليتحول الكتاب إلى أفضل الكتب رواجاً ويترجم إلى كل اللغات الأوربية. وهي قصة آسرة تروي قصة زوجة عاصرت أربع حروب متتابعة في القارة الأوربية خسرت زوجها وولدها في ساحات القتال وقررت أن تقول لا للحرب. حاولت (بيرثا فون سوتنر) أن تنظم حركة عالمية من أجل السلام، وكانت تشم رائحة الحرب وترى سحبها القاتمة القادمة عبر الأفق الأوربي، فالحرب التي سميت (بالعظمى) كانت فاجعة الفواجع وهي التي فرخت الشيوعية والنازية والفاشية ومهدت للحرب العالمية الثانية. وأهم إنجاز للمرأة أنها من خلال علاقتها الطويلة مع (الفرد نوبل) عالم الكيمياء السويدي أنها كانت من أوحى إليه بفكرة (جائزة نوبل للسلام). وفي جو الحرب المشحون عام 1914 منعت (فون سوتنر) من المحاضرات، وضحك الجميع من سذاجتها، وهلل الجميع للحرب، وخذلها أقرب الناس إليها من أصدقاءها الذين كانوا معها في الصف السلامي. ووضعت تحت الإقامة الجبرية، وماتت قبل قبل طلقات (جافريلو برنسيب) على الأرشيدوق النمساوي في سراييفو بسبعة أيام في 21 يونيو من عام 1914م.

    أما السيدة (أوانج سا سو كايا) البورمية البالغة من العمر ستون عاما فشكلها النحيف يذكر بالمهاتما غاندي، وترتسم على وجهها علامات الخشوع والهدوء، وبعد أن خرجت من الاعتقال الإجباري في بيتها بعد 19 شهرا أجرت معها مجلة در شبيجل الألمانية مقابلة وسألتها: من أين لك كل هذه القوة في مواجهة حكومة العساكر؟ قالت أنا مؤمنة.

    قالوا لها لقد عانيت كثيرا وسمعنا أن ولديك الاثنين حرما من زيارتك كما أن زوجك أصيب بالسرطان ومات ولم تتمكني من مشاهدته. قالت نعم هذا صحيح ولكن أين معاناتي من معاناة الشعب البورمي على يد العساكر؟

    وتأتي قصة داعية السلام الهندية (أراندهاتي روي Arundhati Roy) التي جاء في مقالة لها" أن (علم) الدولة يخدم تماماً في لف الرؤوس كي تختنق عن أي تفكير فإذا مات الناس في ميادين القتال خدم مرة أخرى في لف الجثث المقطعة المشوهة. وكان عنوان مقالتها :الحرب تعني السلام أو السلام هو الحرب" لتصل إلى جملة لاذعة: إنهم يريدون منا أن نعتبر فجأة أن الخنازير أصبحت خيلا وأن العذارى انقلبت فحولا وأن الحرب هي السلام؟

    وتذكر أن حرب العشرين سنة كلفت 40 مليار دولار في أفغانستان، وسبعة ملايين لاجيء، ومليون ونصف قتيل، و14 مليون من الألغام الأرضية ما يفوق عدد السكان، يموت منه كل شهر أربعين من الأطفال. وإذا كان التقدم والحداثة قد دخلت أفغانستان، فقد جلب التقدم على صورة مدفع فوق ظهر حمار، فلم تعرف أفغانستان التقدم إلا بتوريد الأسلحة الحديثة، فأتقنوا صناعة الموت وانتزعت الرحمة من قلوبهم.

    ونكتشف بحزن أن حرب الجهاد الإسلامية كانت حربا أمريكية خاضها شباب مسلمون مغفلون.

    إن اللعب بالنار لا يجعل النار لعبة.

    تقول (روي) أن أربع مؤسسات في أمريكا هي مصانع السلاح والبترول والإعلام مع الخارجية، يشكل ورما متجانساً وخطيرا في توجيه أمريكا والعالم وأن (ديك شيني) و(بوش) لهم علاقات خاصة مع هذا (الكارتل).

    إن قصة النساء المكافحات للسلام تظهر بأجلى صورة في قصة ملكة سبأ، وهي نصوص ذكرها القرآن عن امرأة في غاية الذكاء والحكمة، استطاعت أن تطوق الصراع المسلح مع سليمان، بحكمة اقتربت فيها من حكمة النبي، ففي الوقت الذي هدد سليمان عليه السلام بإرسال جنود لا قبل لهم بها وليخرجنهم منها أذلة وهو صاغرون؟ كانت تقوم هي بإطفاء نار الحرب من خلال الرسل والهدايا، ثم تذهب بنفسها لمقابلته، وتعتنق الدين الجديد حبا في العدل أكثر من الخوف، من جيوش جرارة من الجن والإنس والطير فهم يوزعون.

    هذا الأسلوب الهاديء البسيط هو الذي يكسر أشد القوانين جبروتا وتيبسا، ولكن على ما يبدو فنحن نؤمن بأن سيد الحلول هو القتل، الذي لا يولد إلا مزيداً من القتل، وبيننا وبين الفهم سنة ضوئية.

    إن كفاح (اراندهاتي روي) و (روزا باركس) و(بيرتا فون سوتنر) ومن قبل (ايميلين بونكهرست) البريطانية التي قادت مظاهرة في عام 1910 من أجل حقوق المرأة فتعرضن للضرب من 1000 من الشرطة والغوغاء لمدة ستة ساعات متواصلة مات فيها سيدتان، فيما عرف بيوم الجمعة الأسود في 18 نوفمبر في تاريخ الحركة النسائية.

    وكذلك (روزا لوكمسبرغ) من ألمانيا التي خطبت في 791 وفدا نسائيا من 27 دولة من العالم عام 1900 م ضد التسلح وبناء الجيوش الخرافية والأجهزة الأمنية العملاقة وخوض حروب الجنون كل هذا يشكل رفدا متواصلا في نشاط المرأة أن تعيد الإنسان إلى بناء الحضارة والحب والتخلص من مرض العنف والدمار.

    إن المرأة موديل متطور عن الذكر الذي كتبت مجلة در شبيجل الألمانية عددا كاملاً عنه بعنوان ( الجنس الهش) ولعل مستقبل الجنس البشري سينتهي في يد المرأة التي تنتج الحياة وتصون الحياة.

    وكما يقول النيهوم:"المرأة في بلادنا لم تشارك في هندسة مجتمعنا. ولا نريد مجتمعا يوزع امتيازاته حسب طول الشوارب"

    في محفل سياسي بمناسبة عيد الشهداء ضم العديد من الأمهات وتقدم الخطباء يتكلمون عن أهمية الأم في تقديم الشهداء للمعارك قام أحد المتكلمين فقال أيتها الأمهات أريد أن أقول لكم أن لا تسمعوا لأقوال هؤلاء، وأن عيد الشهداء هو موسم تقديم القرابين البشرية لآلة الحرب، وأن كل فريق يدعى أن من مات على مذهبه ملاك وشهيد، ومن مات من الفريق المقابل مجرم وشيطان رجيم فلا يخدعنكن السياسيون بعد اليوم وانتبهوا أن لا تقدموا أولادكم طعاما لفوهات المدافع. فاحمرت الأحداق وهمت الأيدي أن تمتد إاليه بالضرب وكان محظوظا أن نجا بجلده. أما الرجل فكان جودت سعيد داعية اللاعنف السوري.
    الإنسان : موقف

  3. #3
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    في تصوري
    الشهيد من مات من أجل مبدأ و فكرة و عقيدة صادقة
    فكرة بدون عقيدة تنتج بطل لا شهيد
    الشهيد دلالة مقدسة تستلزم صدقية الاعتقاد و صوابية الفكرة

  4. #4
  5. #5
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي حبِّي للعربيَّة أرشدني للإسلام

    حبِّي للعربيَّة أرشدني للإسلام



    ذات يوم كنتُ جالسةً في مسجد الحمراء بغرناطة, أُحدق في المخطوطات المعلَّقة على الجدران, والمكتوبة بلغة من أجمل ما رأيتُ في حياتي, فتساءلت "ما هذه اللغة؟" فأجابني من حولي: "إنها اللغة العربيَّة".


    في اليوم التالي, سألتني مرافقتي في الجولة السياحيَّة أي لغة ترغبين البحث عنها في الجولة الكتابيَّة؟ فأجبتُ: "العربية", فقالت مندهشة: "اللغة العربية؟ وهل تتكلمين العربية؟", فقلت: "لا"!
    وفي نهاية رحلتي كانت حقيبتي مملوءةً بالأدلة السياحيَّة لجميع المواقع التي زُرتها في إسبانيا باللغة العربيَّة، في الواقع, اضطررتُ للتخلِّي عن بعض ملابسي حتى أتمكن من حملها معي، وتشبّثت بكتب اللغة العربية كما لو كانت مصنوعةً من ذهب, وكنت أحب مطالعتها كل ليلة، وإلقاء نظرة على حروفها في كل صفحة، شعرتُ بعد ذلك أنه ينبغي أن تكون لديَّ القدرة على كتابة هذه الحروف الجميلة, وأنه لا بدّ من الاطّلاع على الثقافة التي تشمل هذه اللغة الفنيَّة, فعزمتُ دراسة هذه اللغة عندما تستأنف الكلية العمل في الخريف.
    قبل شهرين فحسب, تركتُ عائلتي في ولاية "أيوا" بالولايات المتحدة, للقيام برحلة في أنحاء أوروبا, وحدي، كنت في سنّ السادسة عشر فقط, وبسبب دخولي جامعة نورث وسترن في الخريف, كنت أرغب في مشاهدة العالم في البداية, هذا ما قلته لأصدقائي وعائلتي على الأقل, لكني في الواقع كنت أتحرَّى عن الأجوبة, فقد تركت الكنيسة منذ بضعة أشهر ولم أكن أعرف إلى أين وجهتي, وبرغم أني لم أكن أشعر بالراحة فيما أتلقاه من تعاليم, إلا أنني لم أكن أعرف أي بدائل.
    وحيثما نشأت وترعرعت, لم تكن هناك مساحة للارتباك أو الحيرة, فإما أن تكون جزءًا من الكنيسة أو لا؛ لذا لم تكن لديَّ أي فكرة عن شيء آخر, وكنت أتمنى أن أجد في أوروبا ما أبحث عنه.
    وفي كنيستي, لم يكن يسمح لنا بالصلاة لله, فقط يمكننا الصلاة ليسوع ونبقى على أمل أن يقوم بتوصيل الرسالة إلى الله, وبالحدس شعرتُ بأن هناك شيئًا خطأً, لذا ودون أن أخبر أحدًا, صليت "لله" سرًّا, لقد كنت أؤمن حقًّا أنه لا يوجد سوى كينونة واحدة نصلها من أجلها, ولكني شعرت بالذنب بعد ذلك بسبب أن هذا منافٍ لما أتعلمه.
    بعد ذلك لاحظت الخلط بين ما تعلِّمه الكنيسة يوم الأحد حول الصدق والرفق والرحمة, وبين ما أشاهده من تصرُّفات وسلوك الناس بشكلٍ مختلف للغاية طوال الأسبوع, بحثت عن بعض التوجيهات... ولكني لم أجد شيئًا.

    وبعد عودتي من رحلتي في أوروبا, ذهبت إلى الجامعة, شاعرةً بخيبة أمل لعدم عثوري على أجوبة لما يحيِّرني, ولكن كانت هناك عاطفة قويَّة للشيء الوحيد الذي حصلتْ عليه من رحلتي، وهو اللغة العربيَّة.
    انخرطت في دروس اللغة العربيَّة منذ اليوم الأول لي في الجامعة, وانغمست في دراسات اللغة العربيَّة بالعاطفة ذاتها, ورجوتُ معلمي أن يمنحني بعضًا من كتب اللغة العربيَّة حتى يمكنني إلقاء نظرة على نصّ المخطوطات, وبمرور الوقت, وقدوم السنة الثانية من الجامعة, قرَّرت أنه ينبغي عليّ التركيز في دراسات الشرق الأوسط، لذا, فقد التحقتُ ببعض الفصول التي تركِّز على المنطقة, وفي إحداها كنا ندرس القرآن.
    وذات ليلة, فتحتُ القرآن حتى أقوم بواجباتي ولم أستطع التوقُّف عن القراءة, وكأني أقرأ رواية جيِّدة ممتعة, فقلت لنفسي، متعجبةً: "رائع, هذا شيء عظيم, وهذا ما آمنت به دومًا, إنه يجيب على أسئلتي, ويؤكِّد بما لا يدع مجالًا للشك أنه لا يوجد سوى إله واحد".
    لقد شعرتُ بالذهول لوجود نصّ مكتوب يتناول كل ما أؤمن به ولديه أجوبة عما أبحث عنه, وفي اليوم التالي ذهبت لأسأل عن مؤلِّف الكتاب حتى أتمكَّن من قراءة المزيد من كتبه, حيث أن النسخة التي كانت معي كان منقوشًا عليها اسم, فاعتقدت أنه مؤلف الكتاب, فأبلغني معلمي أن هذا ليس المؤلف ولكنه المترجم.

    ومن نافلة القول, لقد فُتنتُ به, بعد ذلك, أصبحت أكثر تشوقًا ليس فقط لدراستي للغة العربيَّة, ولكن لدراسة الإسلام والذهاب إلى الشرق الأوسط.
    لقد كانت سنتي النهائيَّة في الجامعة, وذهبت إلى مصر لمواصلة دراستي, وقد أصبحت "القاهرة الإسلاميَّة", المكان المفضَّل بالنسبة لي, فدائمًا كانت تمنحني المساجد شعورًا بالراحة والخشية, وبدخولك إلى المساجد يمكن للمرْء أن يشعر حقا بالجمال والقوة والخشية من الله, وكما هو الحال دائمًا, استمتعت بالتحديق في الخط الراقي على الجدران.
    وذات يوم سألتْني صديقتي لماذا لا تعتنقين الإسلام ما دمت تحبينه كثيرًا, فأجبتها "ولكني مسلمةٌ بالفعل", وهذا الجواب أدهشني شخصيًّا, ولكن بعد ذلك, أدركت أن هذه مسألة بسيطة من المنطق والحس السليم, فالإسلام هو من أرشدني إلى ما كنت أبحث عنه, وكنت على يقين بأنه الحق, إذن ما المتبقي حتى أعتنقه؟
    أبلغتني صديقتي أنه من أجل أن أكون مسلمةً بشكلٍ رسمي فيلزمني الذهاب إلى المسجد وإعلان اعتناق الإسلام أمام اثنين من الشهود, وقد فعلتُ ذلك, لكني وبعد تسلّمي شهادتي بدخولي في الإسلام وأني لن أتركه مطلقًا, فلم أكن في حاجة إلى تعليق هذه الشهادة على الجدار لأثبت أني مسلمة, لقد عرفتُ أني أسلمت منذ اللحظة التي تناولت فيها القرآن، لقد شعرتُ منذ الوهلة الأولى لقراءتي القرآن أني عثرتُ على أسرتي المفقودة منذ زمن طويل, ومن ثَمَّ فقد علَّقت صورة لمسجد الحمراء على الحائط بدلًا منها.

    كريمة بيرنز/ موقع أون إسلام
    ترجمة/ الإسلام اليوم

المواضيع المتشابهه

  1. اخترت أن أكون إبتسامة
    بواسطة عادل حجازى في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 14-09-2008, 11:48 PM
  2. هل من أوصاني بالانضمام لكم كان ناصحا ً ؟؟؟
    بواسطة مـتـذوّق في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 23-06-2003, 03:12 PM
  3. لكم الحور العين ... فماذا لنا؟؟!!!
    بواسطة روح في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 23-03-2003, 04:37 AM