بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اللعبة الايرانية انتهت، اللعبة الصهيوامركية تأكدت 5ب -5 الخاتمةإسأل المُجرِّب ولا تَسألِ الحَكيممثل عربي

صلاح المختار
11 – نكرر ولا نمل من التكرار لاهمية ذلك: من ابرز الحقائق التي تؤكد ان امريكا والصهيونية وكيانها مع غزو لبنان من قبل ايران حقيقة انهما لم يزودا التنظيمات اللبنانية المعارضة لحزب الله بالسلاح والمال الكافيين لخلق تعادل او توازن بين القوتين، فالان تبدو الجماعات المناهضة للوجود الايراني اضعف عسكريا من حزب الله بمراحل كبيرة، وهذه الحقيقة معروفة ولذلك لابد من طرح سؤال مهم وهو : لم لم تزود امريكا وفرنسا القوى المحسوبة عليهما بالسلاح الكافي لصد النفوذ الايراني المعبر عنه بقوة حزب الله المتفوقة بشكل مطلق وساحق على الدولة والقوى الاخرى؟
ان الجواب الواضح هو ان هناك صفقة اقليمية شاملة بين امريكا وايران ضحاياها العراق ولبنان وسيأتي دور البحرين والكويت فيما بعد.
12 – يجب عدم نسيان حقيقة نفطية اخذت تتوضح وتنتشر وهي ان ادارة بوش سعت وادارة اوباما تسعى بجدية لتقليص الاعتماد على النفط الخارجي وهو في غالبيته عربي المصدر، وهذه الحقيقة تلقي الضوء على ما يجري نفطيا، وهو احد اهم مواضيع اهتمامات امريكا الستراتجية، وتزيل بعض الغموض، فبما ان امريكا تقلص اعتمادها على النفط العربي فان حرصها على منع غزو اقطار نفطية عربية يتناقص وتحول تلك الاقطار الى موضوع مساومات كبرى. وفي هذا الاطار فان نشر تقارير عن تناقص الاحتياطي النفطي الكويتي واقتراب نفاده هو على الارجح عبارة عن تهيئة للتخلي عن الكويت وتسليمها لايران.
13 – ومن الظواهر المهمة جدا التي برزت في الاونة الاخيرة ظاهرة (تراجع) الادوار الايرانية والتركية والسعودية في تحركات حل ازمة تشكيل الحكومة في العراق مقابل ابراز الدور السوري وتعظيمه في الوصول الى ترتيبات لحل ازمة العراق، وهذه الظاهرة ليست نتاج تعاظم قوة سوريا بل هي ثمرة اتفاق امريكي – ايراني، والمطلوب منه هو تحقيق هدفين : الهدف الاول الايحاء بتراجع النفوذ الايراني لطمأنة العرب وهو ايحاء خاطئ كليا، والهدف الثاني هو منع انتقال الاستقطاب الطائفي من استقطاب قطري الى استقطاب اقليمي، فحينما برز الدور التركي وتعزز انتشرت فكرة مضللة وخاطئة تقول بان صعود الدور التركي هو عبارة عن محاولة لايجاد توازن طائفي على مستوى الاقليم من خلال دعم الدور التركي بصفته (حاميا للسنة)، وللحد من قوة الدور الايراني (بصفته ممثلا للتشيع) الصفوي، وهكذا صارت الطائفية تمارس على المستوى الاقليمي، وهو هدف امريكي – صهيوني تقليدي ورئيسي.
الا ان ردود الفعل الشعبية، وحتى بعض ردود الفعل الحكومية، الرافضة لتوسيع نطاق الطائفية وجعلها اقليمية والانكشاف التام للهدف التخريبي من وراء ذلك وادانته من اغلب الاطراف العربية جعلت امريكا تعيد النظر بالدور التركي وتجعله يتراجع ظاهريا مع انه موجود لتسهيل نجاح الترتيبات في العراق وطـمأنة العرب الخائفين على دورهم الذي الغي باحتكار تركيا وايران لدور القوى الاقليمية التي تتحرك بقوة في العراق وغيره اولا، ولمنع ما قد يهدد لاحقا اقامة مشروع (الشرق اوسط الجديد) الذي يفترض انسجام مكوناته، وهي ايران وتركيا والكيان الصهيوني وانظمة عربية مهمشة فيه، ثانيا. لقد حاولت امريكا تجنب الحاق اذى مباشر بالنظام الشرق اوسطي الذي تريد استخدامه لدخول العراق وغيره من الشبابيك بعد هزيمتها بفضل قوة المقاومة العراقية.
14 – من بين اهم شروط الصفقة الامريكية – الايرانية عرقلة تشكيل الحكومة بشكل متعمد من اجل تعظيم الدور (الكردي) وجعله بيضة القبان التي ستحدد من سيفوز بتشكيل الحكومة. ان نتائج الانتخابات المزورة، المتقاربة عمدا ووفق تخطيط مسبق، والتي لاتمكن اي طرف من حسم المشكلة بمفرده احدى اهم اهدافها منح الزعامات الكردية الانفصالية فرصة لعب ورقة تشكيل الحكومة من اجل تحقيق اهم اهدافها وهو السيطرة على كركوك، لان ذلك اهم شروط قيام دولة كردية منفصلة عن العراق ولديها موارد نفطية تكفي لقيامها واستمرارها. وبما ان انفصال شمال العراق هو احد اهم اهداف الصهيونية والاحتلال الامريكي للعراق فان تعطيل حسم امر تشكيل الحكومة له صله بمنح الانفصاليين الاكراد فرصة الحصول على موافقة الاطراف التي تريد الفوز بتشكيل الحكومة على ضم كركوك الي الاقليم الانفصالي مقابل ترجيح كفتها وتمكينها من تشكيل الحكومة.
ولذلك راينا المالكي يعمل بجدية وتهالك على كسب رضا القوائم الكردية حتى ولو تم ذلك على حساب وحدة العراق وهويته. واحد المؤشرات المهمة جدا على صحة ذلك هو اتفاق المالكي مع تركيا على منحها حق مطاردة حزب العمال الكردي التركي داخل الاراضي العراقية.
15 – لكي تكمتل عناصر (النصر الايراني) يجب ان تعقب (ضربة لبنان) ضربة اشد في العراق.
وهناك معلومات متداولة على نطاق ليس بالضيق تقول بان ايران قد دربت الالاف من جيش المهدي وفيلق بدر، بالاضافة لقوى اخرى تابعة لايران واعدتها اعدادا عسكريا جيدا من اجل القيام بحسم التنافس على الحكم بالقوة وان يبدأ ذلك بالتصفيات الجسدية لمنافسي المالكي على الحكم في العملية السياسية ثم بعد ذلك، واذا نجحت هذه الخطوة، تنتقل لتوجيه ضربات بكل ما تملك ايران من قوة للمقاومة العراقية بكافة فصائلها وللقوى الوطنية الداعمة للمقاومة، لاجل تحقيق استقرار ولو مؤقت. وضربة العراق يجب ان تسبقها عملية رفع معنويات اتباع ايران في العراق وكان استعراض القوة في لبنان اثناء زيارة نجاد اليها هو عامل مهم في رفع معنويات مرتزقة ايران ودفعهم لارتكاب مجازر اشد هولا من مجازر مقتدى الصدر في عام 2006 ومجازر الايراني صولاغ وزير الداخلية قبله.
16 – ترى ايران ان احكام قبضتها على لبنان والعراق سوف يجبر السعودية ومصر والاردن على الركوع لها ولمحورها الذي تقوده، وبذلك تتم عملية توريث امريكا لايران في بعض الاقطار وتقاسم النفوذ معها كالاعتراف الامريكي والعربي بان العراق ولبنان مناطق نفوذ ايرانية وان ضم البحرين والكويت لاحقا الى ايران تم بناء على امر واقع، تمهيدا لانخراط ايران في الحلف الشرق اوسطي تحت تبرير ايراني يقول (اننا فرضنا انفسنا بالقوة على الترتيبات الاقليمية ونحن طرف مساو ولسنا تابعين لاحد لذلك من الضروري الانضمام للنظام الاقليمي الجديد).
17 – يجب ان نذكّر بان امريكا قد سربت معلومات وخرائط في عام 1990 بعد دخول العراق للكويت تشير الى تقسيم الجزيرة العربية والخليج العربي وتقاسمه بين العراق واطراف اخرى، والغاء دول ذات سيادة منها الكويت طبعا، وقد اثبتت الاحداث بان نشر الخرائط كان مجرد تنبيه لخطوة مستقبلية وهي ان امريكا مستعدة للتفريط بدول الخليج العربي والسعودية مقابل تقاسم جديد للنفوذ في المنطقة كلها واقامة نظام اقليمي مختلف تماما. والان فان من المرجح ان تكون تلك الخرائط موضوعة على طاولة البحث التساومي بين امريكا وبريطانيا من جهة واطراف اقليمية هي ايران والكيان الصهيوني وتركيا، وستنضم الهند وباكستان قريبا لنادي من يريدون تقسيم وتقاسم الاقطار العربية من جهة اخرى. وعملية التقسيم والتقاسم لاشلاء الجسد العربي هذه ستكون لصالح الكيان الصهيوني وايران وتركيا والهند وباكستان، مادام الهدف المركزي الامريكي الصهيوني المتوافق مع التطلعات الامبراطورية للنخبة القومية الفارسية الحاكمة في ايران ومع تطلعات اطراف تركية معروفة هو الازالة الكاملة للقومية العربية وللهوية العربية واعادة العرب المتبقين الى الصحراء فقراء يأكلون ماتوفره لهم الصحراء.
ويمكن منذ الان رؤية ما يخطط لنا كعرب، فهناك حديث هامس حول ضم المنطقة الشرقية من السعودية الى جنوب العراق والكويت ووضع تلك المنطقة تحت الوصاية الايرانية، وهناك حديث هامس اخر يتحدث عن هدف ظاهرة توجيه الاستثمار في دول الخليج العربي للعقارات والبناء لدرجة ان دول الخليج اصبح فيها احياء سكنية ممتازة كبيرة جدا لا يسكنها احد واكبر من الحاجة المحلية، وتقول الهمسات انها مخصصة لجيوش ستاتي من المهاجرين الامريكيين والصهاينة والاوربيين والهنود والباكستانيين والايرانيين للسكن فيها بعد اجراء التغيير السياسي المطوب في الاقليم. هذا ليس سيناريو نظري بل هو مخططات مرسومة وبدأ تنفيذها في العراق ولبنان. والان نكرر التنبيه لجميع العرب بلا اي استثناء الى مخاطر ما يجري في العراق ولبنان وكونه المقدمة الطبيعية لما سيجري في اقطار عربية اخرى.
18 – ان محاولة استدراج سوريا للعب دور في الترتيبات العراقية وهي منغمسة في الترتيبات اللبنانية يستبطن هدف لاحق منظور لمن يعرف ويملك خبرة وهو تقسيم سوريا، فاذا وقعت سوريا في فخ التورط في القيام بالدور الرئيسي في الترتيبات العراقية، وهو دور الطرف المحايد بين المقاومة واطراف العملية السياسية، فانها ستجد نفسها تواجه عملية تشطير قوية داخلها. هذا ما تخطط له امريكا وايران والكيان الصهيوني وبريطانيا. لذلك نرجو من الاخوة في سوريا تجنب هذا التورط حماية لوحدة سوريا وعروبتها. ومما يدفعنا للتفاؤل هو ان القيادة السورية ربما رأت الفخ المنصوب لها لذلك لم تقطع الجسور مع السعودية ومصر والاردن رغم الضغوط التي تمارس عليها من اطراف معروفة وتجنبت حتى الان التورط في اعادة هيمنة سياسة المحورين العربيين المتقاتلين.
19 – من بين اهم اساليب المخابرات الايرانية المصممة للتضليل تكتيك ابراز وجوه او انظمة تابعة للغرب كعدو او منافس لها وتجنب جعل القوى الوطنية والمقاومة الحقيقية كعدو لها، وابرز مثال على ذلك هو تعمد مرتزقة ايران العرب مهاجمة سمير جعجع واضرابه واستفزاز انظمة عربية لها صلات بالكيان الصهيوني كي تنخرط في مهاترات مع ايران وحزب الله لا تخدم الا ايران وخدمها، لاثبات ان ايران وحزب الله يمثلان معسكر مقاومة الصهيونية وامريكا ومن ثم يجب دعمهما!
وهذه اللعبة لا يظهر بؤسها الا حينما نتذكر ان المقاومة الحقيقية والتي حافظت على صفتها كمقاومة للاحتلال ولم تكن مقاومة صنعت لتكون غطاء مضللا لامرار مخططات توسعية واستعمارية كما هي حال حزب الله، هي المقاومة العراقية والمقاومة الفلسطينية قبل اغتيالها، فالمقاومة العراقية لم تقاتل امريكا وايران في العراق الا لانهما احتلا العراق ومن اجل تحريره. ولذلك علينا دائما تذكر ان ابسط طريقة لالحاق الهزيمة بحسن نصر الله ومؤيديه هي طرح السؤال التالي : اذا كنتم مقاومة حقيقة وباهداف تحررية حقا لم تتذكرون سمير جعجع ولا تتذكرون ان المقاومة الام والحقيقية في الوطن العربي كله هي المقاومة العراقية والتي تدينكم وترفضكم مادمتم عبيدا وخدما لايران وحلفاء ستراتيجيين لعملاء الاحتلال في العراق؟
20 – لنتذكر دائما ولانكل من التذكير بحقيقيتين بارزتين : الحقيقة الاولى ان صراع امريكا مع ايران هو صراع خلبي اي مصطنع وكاذب كما اكدت كل الوقائع، والحقيقة الثانية ان حزب الله انشأ من قبل ايران ليكون غطاء لامرار خطط ايران الامبراطورية والتوسعية، ولذلك كان لابد من عرضه بطريقة تتقبلها الجماهير العربية فكان دوره المرسوم في محاربة الكيان الصهيوني عبارة عن عملية صنع صورة ايجابية له كي يستغلها في دعم وامرار خطط الاستعمار الايراني.
وهاتان الحقيقتان تفسران ظاهرة تبلورت منذ حرب عام 2006 وهي ان حزب الله كف عن المقاومة المسلحة ولم يقم بعملية واحدة وتحول الى حزب استعراضات وصنع احداث مثيرة بطريقة هولي وود، وبدأ الخطوة الاساسية التي اعد لها وهي محاولة السيطرة على لبنان وتحويله الى قاعدة ايرانية تكمل تشكل البدر الفارسي معتمدا كليا على ما اسماه (سلاح المقاومة) في تنفيذ الانقلاب المسلح والمتدرج في لبنان. اسئلوا انفسكم وضمائركم ايها العرب: كم عملية قام بها حزب الله منذ حرب 2006؟ ولم لم يقم بشن هجمات على مزارع شبعا من اجل تحريرها كما تحرر الجنوب؟ وهل كان ضروريا ان (يتورط) حزب الله في تنظيم احتفال لنجاد يكشف هويته الحقيقية وكونه ايراني التبعية والولاء والهوية؟ ان الجواب واضح جدا وثابت تماما وهو ان مرحلة القتال مع الكيان الصهيوني لتكوين صورة ايجابية لحزب الله انتهت وبدأ دوره النهائي وهو العمل على فرض سيطرة ايرانية كاملة على لبنان.
لقد بدأت المرحلة الاخيرة والحاسمة من واجباته الايرانية والتي تجعل من المستحيل اخفاء عمالته لايران كما كان يفعل سابقا، لذلك نظم احتفالا لاستقبال نجاد لا يقوم به الا مواطن مخلص لايران وليس للبنان، وانتقل للتنمر ومنطق القوة وسحق الاخرين بالقوة المجردة، وهو يقول مباشرة وبلا لف او دوران (انا عميل ايراني عمليا ورسميا ومن يعترض سأفقأ عيونه بسلاح المقاومة)! استمعوا الان لما يقوله نصرالله في مرحلة اكمال مخطط ايران وستجدون انفسكم امام خلد كان نصف مكشوف اما الان فهو مكشوف بالكامل.
اننا في يوم الاستيقاظ الكامل للمناجد التي اعدها الاحتلال الامريكي والايراني للعمل لاحقا، انها تكشف كلها الان وتزج في معركة الحسم وكسر العظم علنا وبلا مواربة او تضليل مباشر، لذلك علينا ان نعيد النظر بالكثير من المواقف من اجل ضمان حسم الصراع لصالح حركة التحرر الوطني العربية وطليعتها المقاومة العراقية.
21 – الاعلان الاكبر الذي بثته ايران من بيروت على لسان رئيسها نجاد هو انتهاء مرحلة تاريخية ودخول المنطقة كلها مرحلة جديدة ميزتها الاخطر محاولة ايران الحلول محل امريكا في استعمارها جزئيا او كليا، لان خروج امريكا من العراق خطط له ان يؤدي الى ملأ ايران لما اسماه علي خامنئي (الفراغ في العراق)، وهذه العملية تعني ان الاحتلال سيتغير شكله ويصبح ايرانيا مباشرا. لذلك علينا ان نعيد النظر بستراتيجية المواجهة لنستعد لتوجيه قوانا للمحتل الاخر وهو ايران بعد خروج امريكا، والمعركة القادمة ستكون مع ايران مباشرا بكل اشكال الحرب الممكنة، مادامت ايران مصرة عل غزونا وتفتيت اقطارنا ومعاداة امانينا وطموحاتنا المشروعة في الحياة الحرة الكريمة والاستقلال والوحدة مدعومة من الغرب والصهيونية.
لقد رسمت زيارة نجاد للبنان حدود وطبيعة المعارك القادمة، ولسنا نحن، واكدت ايران من خلالها وبلا مواربة او تمويه انها مصممة على وراثة امريكا ومواصلة خطتها التوسعية القائمة على غزونا واستعمارنا تحقيقا لاهداف قومية عتيقة معروفة. وفي الحروب القادمة مع ايران لن يكون حزب الله حزب مقاومة كما يدعي بل سيتحول رغما عنه الى حصان طروادة ايراني رسمي تماما وستخرج من بطن الحصان ايران، بعلمها ونشيدها ولحى حرسها وياقاتهم غير النظيفة، لتنتشر في لبنان رسميا وعلنا وتقوم بتصفية كافة من يعارض اللحى الايرانية، وسوف يستثمر حزب الله كل ما زرعه في الاقطار العربية من عملاء وجواسيس عرب في ترويج افكار الاستعمار الايراني الجديد.
22- لقد اكدت تلك التطورات حقائق بارزة كنا نراها ونحذر منها كل العرب واهمها ان التحالف الامريكي مع ايران ليس مجرد تكتيك مؤقت ولا حاجة عابرة بل هو تعاون وتحالف مصالح ستراتيجية عظمى التقت عند قاسم مشترك هو تقسيم وتقاسم الاقطار العربية كلها والغاء الهوية العربية واقامة نظام اقليمي ليس للعرب فيه دور سوى دور الاقمار الدائرة في افلاك غير عربية ايرانية وتركية وصهيونية وامريكية. ان توريث ايران غزو العراق هو النهاية الطبيعية لشن خميني الحرب على العراق نيابة عن الغرب الذي نصب خميني ديكتاتورا امسك بيده كل السلطات في ايران، والتتويج المتوقع للتحالف الامريكي الايراني الصهيوني.
والا واذا كان ما قلناه ليس دقيقا ليفسر لنا اي ذكي او عبقري ما يلي : لم تعاونت امريكا ودول اوربية وبدعم وتحريك صهيوني واضح من اجل غزو وتدمير العراق مع ان كل هذه القوى تعرف ان العراق كان سدا يمنع التمدد والتوسع الايراني بنجاح وفاعلية؟ واذا كانت امريكا قد اكتشفت انها اخطأت في غزو العراق لانه ادى الى تحقيق ايران لاكبر نصر ستراتيجي لها، كما يقول بعض السذج العرب، فان السؤال الذي يتحدى هذه الفكرة السخيفة هو : لم لا تتفاوض امريكا مع المقاومة العراقية ومع قوى وطنية عراقية لكي تحل ازمة العراق بصورة لا تسمح لايران بمواصلة سياستها التوسعية؟ من البديهي ان التفاوض مع المقاومة والقوى الوطنية العراقية وتسلهما للحكم يضمن ايقاف ايران عند حدها في العراق والمنطقة كلها ويحل لامريكا مشكلة الانسحاب من جانب واحد، ومع ذلك تصر امريكا على رفض هذا الخيار وتعمل بوضوح على ترك العراق لايران، واول خطوات ذلك هو تأييدها للتجديد للمالكي مع انها تعرف انه سيسلم العراق لايران مباشرة بعد خروج اخر جندي امريكي.
الاغبياء فقط هم من لا يرون هذه الحقيقة، اما العملاء فانهم يرونها لكنهم لانهم عملاء يريدون خيار توريث امريكا لايران في العراق.
23 - من الشروط الحاسمة لتمييز العدو عن الصديق التذكر الدائم وبلا اي تقطع او انشغال بان ثمة جريمة كبرى وذات سمة تاريخية لاتمحى اثارها لعشرات القرون ارتكبت وهي جريمة ان لم تكن اخطر من جريمة احتلال فلسطين بدلالاتها الستراتيجية العظمى وعواقبها اللاحقة فهي لاتقل خطورة عن احتلال فلسطين، وتتمثل فيما نراه باعيننا الان في العراق وهي جريمة غزو وتدمير العراق وتقصد أبادة الملايين من شعبه. لقد خسر العراق اكثر من مليوني شهيد منذ الغزو فقط وهو اكبر من كل شهداء فلسطين منذ عام 1948، وهجّر من تبقى ناجيا من الموت والتغيير المتعمد لهويته الوطنية والقومية وبلغ عدد المهجرين العراقيين سبعة ملايين مهجر وهو اكبر من عدد مهجري فلسطين، كل ذلك تم ليكون العراق غريبا عن امته العربية. اما العدد الاجمالي لشهداء العراق منذ وصل خميني للسلطة وبدأ حروبه ضد العرب وحتى الان فهو خمسة ملايين عراقي وهو رقم يساوي العرب الفلسطينيين كلهم.
وهنا يجب ان ينتبه كل داعم لايران من العرب الى حقيقة محفورة في انهر دمنا المسفوح فوق اديم العراق وصار اهوارا جديدة ممتدة على طول كارثتنا، حقيقة مغموسة في تلافيف ضمائرنا التي ارتعشت بعنف متطرف وتقوض استقرارها وهي ترى (العربي الفلسطيني) خالد مشعل وامثاله من العرب يضغطون على مقابض سيوف ايران بايديهم بثبات كي تنغرس اكثر في سويداء قلوب العراقيين مقابل دولارات ايرانية وسخة، حقيقة منقوشة على جذوع نخيلنا في البصرة التي اعدمها جماعيا عماد مغنية زارع الموت في العراق بتدريبه لجيش المهدي على قتل العراقيين، حقيقة مرسومة في حدقات عيون اطفالنا المرعوبين من رؤية امهاتهم وهن يغتصبن على يد وحوش صولاغ والمالكي وليس في ابي غريب فقط، حقيقة تنبض بها شهقات شهدائنا وانتفاضات اجسادهم الطاهرة ورقابهم تقطع بسكاكين عمياء، كما حصل للشهيد المحامي خميس العبيدي، لزيادة الالم على يد (ابو درع) الذي درب في قم على القتل الاكثر ايلاما.
هذه الحقيقة هي ان جريمة العراق لم ترتكبها امريكا وبريطانيا وحدهما وانما كانت ايران هي
الشريك الاهم الذي كان نجاح الغزو مرتبطا ومشروطا بتعاونها معهما، وهذا هو ما اعترف به اكثر من مسئول ايراني وامريكي رسميا. ثم، وهذا هو الاخطر والاكثر اجراما بحق كل العرب والمسلمين، تحولت ايران بعد نجاح الغزو من الشريك الثاني لامريكا بعد بريطانيا الى الشريك الاول والاهم لامريكا في تنفيذ اهداف ما بعد نجاح غزو العراق وهي خطط اهم واخطر من تحقيق الغزو، انها خطط تدمير العراق وافناء ابناء العراق بمئات الالاف سنويا عمدا وتخطيطا، وتغيير هويته وترحيل وتهجير حوالي 7 ملايين عراقي من ديارهم قسرا، والاعداد لتقسيمه الى دويلات طائفية وعنصرية، وممارسة ايران مباشرة او بواسطة عملاءها لوسائل قتل وابادة لم تقم بمثلها لا الصهيونية ولا امريكا، كل ذلك تم ويتم من خلال تولي ايران (واجب) تشكيل حكومات الاحتلال في العراق واستخدامها لتنفيذ الخطوات الاكثر خطورة في غزوه. هل اغمض مشعل عينيه كي لا يرى تلك الحقيقة هو واضرابه العرب من داعمي ايران الذين غطت وجوههم دماء ابناء العراق والاحواز؟ واذا فعل ذلك هل يظن ان عيون الضمير الشعبي العربي لم تر مثله كل تلك الجرائم بحق العراقيين؟
ايران في مرحلة مابعد نجاح الغزو هي العدو الاخطر والاقسى والوجه الثاني لعملة الاحتلال هو امريكا، وعلى كل من لديه ضمير انساني عربيا كان او اجنبيا ان لا ينسى هذه الحقيقة لان نسيانها سوف يفضي الى خيانته للامة العربية وتحوله الى مرتزق ساهم في اكبر جريمة بحق العراق عبر ثمانية الاف عام.
ومن يستخدم حجة تافهة ولئيمة بالقول ان غزو العراق سينتهي وتخرج امريكا لذلك يجب ان لا نعادي ايران هل نسى ام تناسى ثمن الغزو الفادح جدا؟ وهل يتجاهل ان امريكا جاءت لتبقى وتمحي العراق من الخارطة لكن المقاومة العراقية حولت الغزو الى كارثة امريكية داخلية ففشل مخطط الغزو كله مع انه كان يستبطن هدفا ستراتيجيا خطيرا وهو استيطان امريكا وغيرها للعراق كما حصل في فلسطين بعد تهجير ملايين العراقيين؟ وهل ينسى من يقول ذلك ان خروج امريكا الاضطراري يقترن كما تدل كل التطورات الحالية بتوريث امريكا لايران في الغزو وهو خيار اكثر تدميرا للعراق وللاقطار العربية الغزو بحد ذاته بحكم التداخل الديني والطائفي بين العرب وايران وما يعنيه ذلك من ضعف حصانة بعض العرب امام الفايروسات الايرانية القاتلة؟ وهل توريث امريكا لايران بلا دلالات ومعان خطيرة تحدد الهوية الحقيقة لايران؟
كلمة لابد منها : من يعتقد ان ما اشرنا اليه قدر لا يغير واهم، فمن خطط لنا الكارثة والحق بنا الدمار والكوارث بشر يشبهوننا وليسوا مثلنا، ونحن نملك ما يملكون من ذكاء وغيره، فقط نحن نحتاج للحكمة والوعي والارتقاء فوق الانانية وتذكر بديهيات النصر وتحقيقه كما حصل في التاريخ. بوحدة شعب العراق وقواه الوطنية وطليعتها المقاومة المسلحة سنعيد صناعة التاريخ كما صنعه اجدادنا، وسيكون اول واجب لنا بعد تحرير العراق هو بناء (جبل النار) الذي تمناه الامام عمر بن الخطاب (ر)، بيننا وبين بلاد فارس ليوقف شرورها القاتلة بعد ان انبعث فيها كورش مدمر بابل ومنقذ اليهود.
حينما اوردنا المثال الذي يقول (اسأل مجرب ولا تسأل حكيم) فلاننا، نحن العراقيون، جربنا ايران الاف السنين ونعرف سايكولوجيا ايران وما تضمره ايران، لذلك فاننا لا نريد لمن يؤيد ايران ان يقول بعد فترة (كنا مخطئين لاننا لم نكن نعرف ايران جيدا) باعلامه الان بمعاناتنا التاريخية والحالية من ايران وعدوانها وتوسعيتها.
أيها العرب أيها العراقيون تذكروا كل ذلك ولا تنسوه ابدا، ولنستعد جميعا موحدين لمعركة الحسم وكسر العظم مع ايران الشريك الاساسي للتحالف الامريكي الصهيوني، لنستعد للقادسية الثالثة التي تفرض علينا مرغمين كما الثانية.
شبكة البصرة