عام 1996 زرت الإمارات , وعندما طلب مني ضابط الجوازات جواز سفري مددت له الجواز مع التأشيرة ,, وفجأة قال لي :
هل انت متأكد بأن هذا جوازك ؟ فقلت له نعم !! ما المشكلة ؟
فقال لي .. ولكن رقم جوازك في التأشيرة يختلف عن رقم جوازك هذا ..
هنا تداركتُ الأمر فقلت له عفوا لقد أعطيتك الجواز الثاني .. فها هو الجواز الموافق لرقم التأشيرة ..
فقال لي باستغراب .. وهل معك جوازا سفر ؟ فقلت نعم .
ما هي الا لحظات حتى أتاني جندي واصطحبني لمكتب عقيد وأدى له التحية ووضع الجوازين والتأشيرة أمامه وخرج ..
سألني العقيد .. " بشوف معك جوازين "!! فأجبته نعم وما المشكلة ,! فكلاهما لي وعليهما نفس الإسم والمعلومات ولكنهما يختلفان في الرقم فقط !
فقال لي : هل تستطيع أن تشرح لي لماذا عندك جوازا سفر؟
بسيطة يا سيدنا .. أنا عندي جوازان لأنني استعمل إحدهما للدول التي لا تعترف بإسرائيل وأما الثاني فأستعمله لزيارة أهلي في غزة أي لا بد لي من ختم إسرائيلي على الجواز ..
تفهَّمَ العقيدُ السَّببَ ورحَّب بي في الإمارات وختم على الجواز وتم كل شئ بسلام ..
مكثتُ في الإمارات اسبوعين ومن بعدها سافرت لمصر .. في مصر لا نحتاج لتاشيرة بل نأخذها في المطار . وعند وصولي أعطيت ضابط الجوازات الجواز الثاني ( غير الجواز الذي دخلت به الإمارات ) .. ختموا عليه دخول وطلب مني الضابط أن اقوم بالتسجيل لدى اقرب قسم شرطة قريب من سكني في مصر خلال ثلاثة ايام ..
بعد يومين ذهبتُ لقسم النزهة للتسجيل فأعطيته الجواز ..وفجاة قال لي ..إنتَ دخلت مصر من فين ؟
- من المطار قادما من ابو ظبي قبل يومين ..ما المشكلة ؟
- بس أنا مش شايف ختم خروج من الإمارات على جوازك !
- يا سيدي دخلت الإمارات في جواز ثاني .. وها هو الجواز الثاني عليه ختم الدخول والخروج . ما إن رأي الأفندي الجواز الثاني فإذا به يصرخ بصوت عال ..مدام عنايات ..مدام عنايات .. الحقيني وشوفينا حل للمشكلة دي .. جاءت مدام عنايات ..فيه إيه ؟
- ابدا البيه معه جوازين سفر .. ما إن سمعت مدام عنايات كلمة جوازي سفر حتى انقلب وجهها إلى الشاويش عطية ..
- معاك جوازين بمناسبة إيه ؟؟؟
- يا ستي معاي جوازين لأن حكومتي تسمح لي بإخراج عشرين جوازا وما المشكلة في ذلك ؟؟
- إسمعني كويس .. أنا هبعت الجوازين لمجمع التحرير وهناك إنتَ اصطفل وياهم !!!
- يا ستي ..وليه التعب والمناكفة ؟ الجوازات مش مضروبة وهي سليمة 100% ولكني ببساطة باستعمل ده لإسرائيل ومصر والأردن وتونس والثاني للخليج والبلاد اللي ( مبتعترفش (بإسرائيل , أو لنكن أكثر دقة للبلدان التي لا تعترف بها "إسرائيل " !
- قُطُعتْ " إسرائيل " وسيرتها .. قالت مدام عنايات ..ثم اردفت .. بقول إيه .. مشكلتك ملهاش حل إلا في مجمع التحرير . وانا هبعت الجوازين لهناك وهديلك قسيمة تراجع فيها مجمع التحرير بكرة أو بعد بكرة ..
ذهبت لبيت صهري وقلت له القصة فقال لي يا ولدي خليها على الله .. إحنا العرب مغضوب علينا وين ما رحنا ..
عرب ..عرب ..فشر !!
اعطني الهاتف لو سمحت !! ليش يا ابني ؟
بدي أكلم السفارة السويدية واحل الموضوع بطريقة البشر مش ( طيطي طيطي )..
والله معك حق يا ابني ..
الو : رطنت بالسويدي بأن الموضوع كذا كذا كذا .. فضحكت المرأة التي أجابتني وقالت لي اسمها وبأن الدوام اليوم تقريبا سينتهي بعد ساعة ولكن بإمكانك أن تأت للسفارة غدا الساعة العاشرة على العنوان وسأكون في انتظارك في الموعد!
بالفعل في اليوم التالي كانت المرأة في استقبالي في الوقت المحدد وأخذت أقنعها بأن القصة حقيقية وبأن مدام عنايات لم تستوعب الأمر تماما كما حدث معي في الإمارات .. طلبت لي القهوة وقالت لي سأغيب عنك ربع ساعة واعود ... أوكي ..رافقتكِ السلامة !
عادت المرأة بعد 10 دقائق لتقول لي لقد اتصلت بالداخلية وقاموا بالاتصال بقسم النزهة وجوازاتك هناك لم تُرسل بعد لمجمع التحرير وقال لي المسؤول الذي حدثته بأنه أمر بإبقاء الجوازين هناك وبإمكانك أن ترافق سائق من السفارة لقسم النزهة لأخذ جوازاتك وأتمنى لكَ إجازة سعيدة في مصر .. شكرتها ورافقت رجلا سويديا مهذب سلم عليَّ كانه كان جارا لي في السويد ووصلنا للقسم ووجدت مدام عنايات تبتسم وتعطيني الجوازين وتقول لي : لا مؤاخزة يا بيه , متزعلش , سوء فهم واتحل ..
شكرا لكِ .. وخرجنا .. فقال لي الموظف السويدي .. بإمكاني إيصالك للبيت إن أردت .. شكرته ووافقت فأخذني للبيت في ميدان صلاح الدين – مصر الجديدة ... وطلبتُ منه أن يصعد للشقة ليتناول حاجة ( ساقعة ) فشكرني ورفض واعطاني كرته للإتصال به عند الضرورة ... ومن حينها وأنا أردد ( الله يعز الدولة والمليك والوطن !) .... خاصة عندما اتذكر قصة مبيتي ثلاثة ليال بقرب جسر الأردن وأنا مسافر لعمَّان من غزة – عندما كنتُ عربيا - !!
تحياتي يا عرب
جمال حمدان