وصية نبي
فــــديت النـــــــور مـــــن عينيــــك منســـكبا
فديت الـــدمــــع و الأجفـــــان و الهــــــــــدبا
فديت الصــــــبح يأتي منهمـــــا شـــمـــــــساً
تسل الضــــــوء تردي اللــــيل و الحــــجــــبا
و حـــــق الله فــــــي عيــــــنيك سيـــــــــدتي
أرى عـــــمــــري بلــــــون الحـــــب قد خضبا
أرى شــــــــلال أغــــنية لــــــــه نــــغــــــــم
بـــــــه حتى أصــــم الصخر قــــــد طــــــــربا
حنــــــان يمــــــلأ الدنـــــيـــــا و يمطــــرها
ربيــــــعا أخضـــــر الغيمــــــــات منســـــــكبا
أيــــــــا أمــــــــي و تتلى فيــــــــك آيــــــــات
فتا عـــيــــنٌ تــــضم التـــــبـــر و الشـــــــهبا
و تا عــــينٌ تـــوشـل قــــطــــــر غــــــــادية
بـــه يخــــضـــــر قلـــب يشــتــــكي التعبا(1)
أقــــلـــب فـــــوق جــمــر الشـــــوق أمنيتي
و أرسم فـــــي ســــمـــاء الصبر لي سحبا
و حـــــــولي الفــــكـــر أوقــــــــد هــام شعلته
و أســــــــــرج خيـــل ســــــــــافــية لمن ركبا
تــهــب بــــه الـــى الافـــــــــــاق مــســـرعة
فيحـــصـــــد مــــــن ســنـــابـــل حـــــرفه أدبا
و يــقــرأه عــــلــى الأفـــــــــلاك أغـــــنــية
و يــطــعــمـــــه لــشـــوق حــــــــــارق حطبا
ســــــجـــــــى فــــــي داخلي حـــــب له كتب
و أمي خـــــــيــــر حــــــــــب يمــلأ الكــــتـــبا
أيــــا مـــــــن يســــكــــر الأنـفـاس في رئتي
و يقطف مــــــــن جــــــنى روحـــــي له عنبا
و يبني فــــــي جـــــفــــوني ألـــــف مــمـلكة
و يـــــروي كــــل ظــــــامئــــة و مــــا شربا
أتدري كـــيف فــــعــــل الحـــــب في جـسدي
و كيف غـــــزى نـــوى قلبي و مــــــا انسحبا
و كيف استوطنت فـــــي القــــــلـــب أسراب
مــــن الأشـــجــــان يــــــشــــــدو لحنها طربا
إذا مــــــا الــــحــــب طــــهــــر قــلب حامله
فــــــلا حــبــتــه أفـــــــئـــدة و لا حَــــــبـَّــــا
و مــــــن عــيــنــيّ يــبــحـــر مــشـرعا حـبا
يــزيــد بـــــعـــــاده وجــــــدا إذا قـــــــــــربا
إلــــــى مــــــــن تـــــحــــت أرجـــلها فراديسٌ
تـــكـــون لــــمـــــن أذل وللـــــرضـــا طـــلـبا
لصــــــافيةٍ مـــصــــفـــاةٍ صـــفــــا عــــــينٍ
تضاهي الشــــمس إشـــــــــــــراقا و مغتربا
بـــــــهـــــــــا لا تفقد الأيـــــــــــــــام بسمتها
و إن ضــــحـــكت لنا خــــمــــــر الرضا سكبا
لـــهــــا فــــــي الــــروح ما للبدر من شمس
تـــــشـــــع فيـــســـتقى مـــــــن ضوئها ذهبا
إذا ســــألــــــوك و الآذان مــــــصـــــغـــيـــة
أهــــــــذا الـــــحــــــب تــبــجــيـلٌ لمن وجبا؟
لأمــــي ثـــــم أمــــــي ثــــم أمــــي قــــــــل:
أحــــــــق النــــــــــاس إحســانـا و مصطحبا
-------------------------------------------------------
*القصيدة من البحر الوافر التام ( بكامل دائرته العروضية ) و هو مما لم تشتهر العرب بكتابته كما ذكر ذلك ابن القطاع .
* توشل : الوشل المطر الخفيف .