طول عمري ( حمَار ) في الكورة .. وطالما أن النهيق هو من أهم الميزات التي ينفرد بها الحمار دون خلق الله , فقد دابتُ على أن ألجأ للنهيق ( عوضا عن الرفس ) - عندما أشعر بأني بحاجة للتعبير عن امتعاظي !!! ..
أثناء دراستي في المنصورة كنتُ أسكن بجوار المستشفى الجامعي العام , وكان مقابل شقتي محل بقالة (لعمِّي محمود) حيث كان يدَّعي بأنه هو الذي أسر " لويس التاسع " وسجنه في " لــومان طُـــــرَّة " مع أن كل الروايات تؤكد بان " لويسا " قد سُجٍنَ في بيت " ابن لقمان التابع للقناطر الخيرية " والمقابل ( لدمنهور , غربي السنبله وين؟ )
ولعل من سائلٍ ( أو واحد حِشَري ) يقول " ..وما شأننا ( بعمِّنا محمود ) !! فأقول هنا مربط الجحش والفرس والتيس ( أكرمكم الله وأعزَّ قدركم )..
كان لعمي محمود بقالة بسيطة كما أسلفتُ آنفا .. ( آنفا لا تمتُّ بصلة للأنف وملحقاته طبعا), وعنده تلفاز قديم ذو لون واحد ( أسود فقط ) فاللون الأبيض اختفى لانتهاء مدة صلاحيته , وفي عام 1978 كانت الدورة الاولمبية على أوجها, وكل يوم عصرا كان يجتمع عشرات الشبان والعواجيز أمام بقالته ليشاهدوا المباريات , وطبعا كلما اهتزت شباك أي فريق أقوم مفزوعا من النوم من شدة هتاف مشجعي زبائن عمِّي محمود ( لفريق نيكاراجوا ..).
ذهبت لعمِّي محمود , وقدمتُ له عريضة احتجاج وشجب واستنكار مبينا فيها بأنه هو وزبانيته قد حرموني النوم عصرا لكثرة الصخب والجلبة من علو هتافاتهم , ولكن للاسف لا حياة لمن تنادي وباءت كل محاولاتي بالفشل وحزنتُ حين قال لي بأنني (حاقد ,وعيني ضيقه , وعاوز اقطع عيشه )...
عدت لشقتي , وأخذت أفكر في حل ناجع لهذا الكابوس الكارثي والذي لن ينتهي قبل ثلاثة أسابيع حتى نهاية الألومبياد وما أن تنتهي ( الماتشات) ستكون بالتأكيد ( نتيجتي ) في جميع المواد أكثر سوءا , وخيبة أمل من نتيجة المنتخب السعودي أمام المانيا...
تذكرتُ أنه كان عندي بندقية صيد ( دُمدُم) فقمت بنفض الغبار عنها , وحشوتها بالذخيرة الحيَّة , وصويتها من الشباك إلى ( تابلوه ) فيوزات الكهرباء لمحل العمِّ محمود , فكسرت إحداها ..فانقطعت الكهرباء عن المحل وصمتَ التلفاز لأني متأكد بأن القذيفة قد أصابتُ المعلق ( الكابتن لطيف ) في عينه , " وانفض المولد " , ونمت تلك (العصرية) وذاكرت دروسي ليلا .. وفي اليوم الثاني كان عمي محمود قد أصلح الفيوز واشترى" دزينة فيوزات" تحسبا لأي طارئ ,, فعاد الهرج والمرج والحماس الملتهب .. ولازلت ... وللآن , أستغرب وبجد , لماذا كان يهلل الجمهور عندما يهزُّ فريق الارجنتين شباك مالديفيا !! فما دخلنا نحن باهتزاز شباكهم بينما كل يوم تهتز أبداننا مئات المرات , ولا نحرك ساكنا ؟ ولماذا لا نقيم الدنيا ولا نقعدها ؟؟
وإلى التكملة في الجزء الثاني ... بإذن الله !!!