كشف المستور
الذي يبطن غير مايظهر دوما معرض لان يكشف وكما قيل الكذب حبله قصير يحضرني هذا وأنا اتابع ما ينشر من تسريبات عبر الموقع الذي اشتهر فجأه ( وكيليكس) وأنا لا أتعجب مما ينشر لأن أي عاقل يعي جيدا حالنا وحال العالم من حولنا ويدرك إن المال ومصالح أصحابه هي المحرك الرئيس لكل ما يحدث علي الساحه العالميه من أحداث سواء أكانت إقتصاديه أو سياسيه أو أدبيه أو حتي رياضيه ، وأنا لا استبعد ان يظهر بعد أيام برقيات أو رسائل تخص الجوائز العالميه مثل جوائز نوبل والأوسكار وغيرهم تفضح طرق منح هذه الجوائز وتبين كيف إن الأوامر تصدر من هذه الجهه أو تلك لتذهب الجائزة إلى جهه أو شخص بعينه بغية تحقيق نتائج تخدم مصالح القوي المهيمنه علي سير الأحداث في العالم ،
وأنا هنا لا أتبني نظرية المؤامره كي لا يفهمني أحد خطأ ، فأنا ضد هذه النظريه لأنها تتخذ كمشجب نعلق عليه كل أخطأئنا وندعي كذبا إنها المؤامره العالميه ضد أمتنا وضد شعوبنا ، المؤامره موجوده لكن ليست ضد شعب أو اشخاص بعينهم ولكنها مؤامره محسوبه تتغير وجهتها طبقا لمصالح سادة المال في العالم ، ولا يخفي علي أحد ما حدث ويحدث لأي بلد أو شخص يفكر في الخروج عن الخط الذي ترسمه تلك المصالح ، وما حدث للعراق أو ما يحدث مع ليبيا خير شاهد ودليل وقبل هذا ما حدث لبطرس غالى الوزير المصري الذي وضعوه علي رأس هيئه أمميه عالميه كي ينفذ ما أرادوا ويمرر ما يبغون ، فسار شوطا ثم حاول أن يكون نفسه فأطيح به بكل بساطه ، أقصد إن الأمر لا يعني الدول أو الموسسات وفقط بل قد يتخطاه ليصبح موجه إلى أشخاص بعينهم وكل هذا تبعا للمصالح،
ولعل ما كشف حتي الأن لا يعدو أن يكون واحد علي ألف مما يمكن أن يتم كشفه ولكن استوقفني مثلا رأي الخارجيه الامريكيه في الرئيس الافغاني والذي يوصف بأبشع وصف في مراسلاتهم السريه ، رغم ما يعلنونه ويصرون علي تصويره دوما من إنه الحليف القوي والذي يعتمد عليه ، أيضا كذبهم المكشوف بشأن الشراكه الاستراتجيه لهم مع أطراف عربيه كمصر والسعوديه ، وما كشفت عنه الوثائق السريه من منعهم لأي صفقة اسحلة متطوره لهذين البلدين تحديدا ، ناهيك عن التسريبات المتعلقه بعلاقتهم بالصين والصفقات التي تعقد سرا بينهم وبين ايران وكوريا وتباين ما يصرون علي إعلانه دوما مع ماتم كشفه من خلال الوثائق المنشوره ،
وهذا إن دل علي شيء فأنما يدل علي إن هذه هي طريقة إدارة الامور بصفه عامه لكن الوثائق فقط أكدت علي هذا ولم تقدم جديد سوي إنها فضحت كذب الدبلوماسيه العالميه التي تتخفي وراء الكثير من الاقنعه الزائفه التي تسقط واحدا وراء الأخر لكنها لاتنتهي، فلكي تبقي المصالح وتزدهر يجب ستر الكثير من تشوهاتها وراء عناوين جاذبه ( كاذبه ) ولكي تتجمل الفعال القبيحه يجب ان ترتدي ثوب هيئه أمميه او جائز عالميه وتضع شعارات براقه تخدع البسطاء ولا مانع من بعثرة بعض الهبات والجوائز والمشاريع الصغيره والوعود الوهميه هنا وهناك للوصول إلى الاهداف المنشوده بأقصر طرق ممكنه ،
حين ينكشف المستور في بعض الاحيان ويظهر قبح المعادله ، يكون كبش الفداء معد وجاهز للتضحيه به ولا فرق في هذا بين كبش فداء تم تسمينه وإعتماده من قبل أصحاب تلك المصالح بل والدفاع عنه بشراسه في كثير من الاحيان حتي يأتي دوره وتحين ساعته ، وبين كبش فداء بأتي دوره عرضي وبالمصادفه ، المهم ان تكون تلك المنظومه الفاسده حاضره دوما بالدفوعات والاعذار ولديها ما يمكنها من الإفلات بجرائمها حين تبرز عورتها وينكشف المستور الذي تكون حريصه علي ستره بكل ما أوتيت من قوه لكنها أيضا تعرف إن الخطا وارد وقد تعلمت تلك القوي صاحبة المصالح من التاريخ لذا فهي دوما تعد العدة لأي احتمال ،
ولعل تصريحات الساسه الامريكان بعد ما نشرته ( وكيليكس ) من فضائح يظهر قدر الاستعداد لمثل تلك السقطات فبرغم أن إحتمال كشف هذا الكم من الثوائق السريه كان بعيد عن الذهنيه المتحكمه في تلك المصالح بما أداركته من وسائل حمايه تكنولوجيه حديثه ، إلا إنها وفي الوقت ذاته كانت تضع ولو إحتمال واحد بالألف أن يتم التسريب ، لذا وبعد الصدمه الأولي بدأت ترتب ردود أفعالها وتسوق الحجج والبراهين بل وتشكك في بعض الوثائق ، ثم عمدت إلى تحريك بعض القضايا ضد الرجل الذي أسس الموقع ونشر الوثائق ، ولم تختلف أساليبها الرخيصه عن اساليب الحكومات البوليسيه في منطقتنا العربيه كثير فحركت دعوي نائمه علي الرجل بداعي الإغتصاب ، ولسنا هنا بصدد الدفاع عن الرجل أو إدانته لكن ألم يجد اصحاب المصالح تهمه أخري أكثر اقناعا من هذه التهمه ليتم توقيفه ليرضخ لطلباتهم أو ليسمح لهم الوقت بإتخاذ تدابير لمنع وصول باقي الوثائق إلى الرأي العام العالمي مما سيتسبب في تعريتهم وفضحهم أكثر ،
ما حدث يظهر بجلاء أن العالم يعاني من إزدواجيه رهيبه وإنفصام فكري حاد وتفشي للكذب والخيانه وإنحدارا أخلاقيا علي كافة الصعد ، مما ينبئ بأننا مقبلون علي حقبة سوداء ستنهار خلالها الحضاره الإنسانية التي شيدناها علي مدار ألفي عام وذلك جراء الطمع والأثرة التي سيطرت علي الجميع وجعلت الشغل الشاغل للجميع خداع بعضهم البعض والكذب لاستخلاص المنافع وسرقة الثروات والسيطره الشامله علي مقدرات وثروات هذا الكوكب بحق وبغير حق وإظهار الود مع إخفاء العداء والكيد ، ربما يكون كشف بعض ما جاء في هذه الوثائق رادعا للجميع كي يكون ظاهرهم كباطنهم فتتحسن الأحوال والعلاقات بين شعوب الأرض قاطبة ، وإن كنت أشك في هذا كثيرا لأن المحرك كما قلت في صدارة كلامي هو المصالح والمصالح لا تعرف غير طريق واحد هو الاخذ وفقط ، وهذا يستدعي ستر النوايا .