قصيدتي في شيخي أبي أويس رشيد الإدريسي حفظه الله وبارك في علمه
ذكـــرت الهوى أيــــام كنت طريدة
لألحــــــاظ رئــــم بـــالفتور تصيد
أطارد أطيــــاف الحبيبة تـــــــائها
رجــــــاء لقـــاها، والمنــال بــــعيدُ
يقولون لي أغرقت في طلب الهوى
فـــــــــإنك ممسوس بـــــــه مصيد
ومــــا بــيَ مسٌّ مـن جنون، وإنـما
أضَـــــرَّ بقلبـــــي هـجرة وصـدود
وشبَّ بــــــأحشــائي لهيب لشوقـها
فَـــــأَنَّى سَيُطْفَـــــا والهيـــــام يزيد
وَإِنِّــــــي ـ لَعَمِرُ اللهِ ـ صَبٌّ معذبٌ
وسُقمي دليلي، والدُّموعُ شهــــــودُ
وأمضيت عمرا في الغواية والهوى
فمـــــا جد فــــي قفر الفؤاد جديد
فكيف يطيق الهجر صبٌّ يرى النوى
براكــــين يـــــــشوى من لظاه وريد
إذا كان هـــــذا الحب يشقي مريده
ففي صحبة الأخيار عـــــنه محـيد
فكم صاحب تأتيك منه ســــــــعادة
فلــــــــست ترى إلا وأنـــت سعيد
قَرِيبٌ ـ عَلَــــى بُعْدِ المُقَــامِ ـ "رَشِيدُ"
وَمَا كُل نَاءٍ فِـــي الــــوُجُودِ بَــــــعِيدُ
أَخٌ عَزَّ مَــا يَـأتِي الزَّمَــــــــانُ بِمِثْلِهِ
طَلِيقُ المُحَيَّــــا ـ مَــــــا تَرَاهُ ـ حَمِيدٌ
هَوَ البَدْرُ يَهْدِي السَّائِرِينَ إِلَى الهُدَى
وَفَضْلُ سَنَــــاهُ لِلنَّجـــــــاَةِ بــــَرِيــدُ
لَهُ مَنْطِقُ مَـــــاضٍ وَرَاءَ فُــــــؤَادِهِ
وَعَقْلٌ رَجِيـــــحٌ يَصْطَفــــِي وَيُجِيدُ
لَهُ عَزْمَةٌ فِي الحَقِّ عَـــــزَّ نَظِيرُهَـا
وَرَأْيٌ أَصِيــــلٌ فِـــي الأُمورِ رَشِيدُ
وَقُــــــورٌ، يُقِيمُ العَزْمَ بِالحَزْمِ، ثَابِتٌ
تَــــــمِيدُ الرَّوَاسِــي، وهْو لَيْسَ يَمِيدُ
تَقَلَّدَ سَيْفَ الحَقِّ بِــــالبَحْثِ وَالضَّنَى
وَوَصْــــلِ اللَّيَالِي وَالــــعُيُونُ رُقُودُ
تَمَنَّعَ بِـــالوَحْيَيْنِ فِـــــي كُــــــلِّ قَالَةٍ
فكُلُّ مَقَـــــــــــالٍ مَا يَقُــــــولُ سَدِيدُ
فَبِالحُجَّةِ البَيْضَـــاءِ يَـــــهْدِمُ بَــــاطِلًا
وَبِــــــالمَنْهَجِ الأَسْنَى الـــعُقُولَ يَـشِيدُ
وَيَـــجْهَرُ بِـــالتَّوْحِيدِ فِـــي كُلِّ مَحْفَلٍ
يُدَافِعُ عَنْ ديــــــنِ الـــــهُدَى وَيَـذُودُ
وَلــــــَيْسَ بِثَــانِيهِ عَنِ الـــــحَقِّ فِتْنَةٌ
وَلَوْ كَـــــــانَ حَبْسٌ دُونَــهُ وَحَــــدِيدُ
صَبُورٌ، فَسِيحُ الصَّدْرِ، مَا ضَاقَ ذِرْعُهُ
حَـــــلِــيمٌ عَـــلَى أَهْلِ الخِـــلَافِ، وَدُودُ
سَبَقْــــتَ البَرَايَا فِي عَطَايَـــــا كَثِيرَةٍ
كَذَاكَ العَطَايَـــــــا قِسْمَـــةٌ وَجُــــدُودُ
أَيَا شَيْخَنَا مَـــــا جِــئْتُ أنْشدُ مِـــدْحَةً
وَلَا ذَاكَ مَــا أَخْتَــــــــارُهُ وَأُرِيـــــــدُ
فَهَيْهَــــاتَ يُــوفِي المَدْحَ فِيكَ تَمَدُّحِي
وَبَحْرُكَ طَامٍ فـــــــي العَطَاءِ مَـــدِيدُ
وَلَــــكِنَّمَــــا عَهْــــدُ المَحَبَّـــــةِ بَيْنَنَا
تَأَوَّبَنِي، إِنِّـــــــي بِــــــه لـــــــسِعِيدُ
فأنشأت أروي مــــن عطائك قطرةً
وسيــــل عطـــــائك لم تحطه سدود
عَرَفْتُكَ تَنْهَـــــــى مَادِحِيــكَ تَوَرُّعاً
فَبَرّأْتُ شِعْـــــرِي، فَــــــالمَدِيحُ فَقِيدُ