مشاهدة تحت السلاح لمشهد في فصل من مسرحية واقعية جدا ....
قصة/ محمد خليل
(قصة قصيرة .. مهداة الى الشعب الفلسطينى الصابر)
سيداتي آنساتي سادتي
من مسرح القتل العمد أحييكم.. ودون ترحيب بكم أدعوكم لمشاهدة مشهد جديد.. من المسرحية العالمية المعروفة .. (إقتلهم قبل أن يقتلوك)
والتي بهذا المشهد لم يتم فصلها الأول .. وعلى وعد صادق أن تروا كل مشاهدها أولا فأول ..
(مجموعة إرشادات وتعريفات أولية لزوم فهم المشهد) ..
(رجاء هام جدا)
سدوا آذانكم .. وافتحوا عيونكم .. إفتحوها عن آخرها ..
(ممنوعات)
قزقزة اللب .. الصراخ .. الضحك ..
(مرغوبات)
قرض الأظافر بالأسنان..البحث عن الإرادة تحت الأقدام .. نسمح بارتعاشات المفاصل والشفاه ..
(المكان)
غرفة ضيقة واطئة باهتة باردة في سجن من نار بلا أسوار ..
(الزمان)
الماضي والحاضر والمستقبل .. الإنسان الذي كان والكائن وما سيكون .. في بلاد النيل والإسلام والزيتون ..
(الديكور)
أنا وأمي وأبى ..
(الخلفية)
هواء راكد .. شمس غاضبة غائبة غاربة في محيط من الثلج .. وقمر حزين جنين يأبى أن يخرج من رحم الشمس ..
(الإضاءة)
نيران المدفعية .. وبقعة ضوئية خفيفة واهنة كومضة أمل في قلب فقد الأمل ..
(الموضوع)
هل ترون هذه البندقية التي في يدي؟ .. ذات يوم إشتراها أبى .. لتهديها لي أمي في عيد ميلادي الأول .. إشترى معها أيضا عددا من الشواخص الصغيرة .. ويوم عيد الميلاد .. وعندما حل المساء جلس أبى وأمي وأضاءا شمعة صغيرة .. (معلومة صغيرة) .. كانت الشمعة هي مصدرنا الوحيد للإحتفال والإضاءة .. قدمت أمي البندقية وأنا غارق في تعبيرات عينيها .. هل تبتسمان؟.. هل تصرخان؟.. هل تضحكان؟ .. هل فيهما مزيج من كل ذلك؟ .. أعيتني الحقيقة..
وضع أبى الشواخص أمامي ووصل عيني بعينيه وأمي تهتف:
ـ إضغط على الزناد وصوب يا ياسر..
رفعت البندقية إلى عيني ثم أنزلتها وقلت :
ـ في أي اتجاه أصوب يا أماه ؟ ..
قالت :
ـ صوب نحو الجنوب يا كبداه..
رفعت البندقية إلى عيني ثم أنزلتها وقلت :
ـ الشمال ينظر نحوى متوثبا ..
قالت:
ـ إذن صوب نحو الغرب ..
رفعت البندقية إلى عيني ثم أنزلتها وقلت :
ـ الغرب يرقبني محذرا متحفزا ..
بحزن وألم فاهت :
ـ إذن صوب نحو الشرق ..
متنهدا رددت :
ـ هل أصوب على أموات يا أمي ؟
أجابت والحسرة تملؤها:
ـ إذن أرحني وصوب نحوى ونحو أبيك..
من فزعي صرخت :
وماذا أفعل بعدكما وحدي؟ ..
ـ جأرت بقوة وجسارة :
ـ تحيا وتنمو وتصوب نحو الجميع .. وتستولد السماء جديدا يحميك ويؤاخيك ..
(واويلتاه عليك يا أماه .. واحسرتاه عليك يا أبتاه ) ..
وبينما أمي تدربني .. تدللني تعلمني .. تضاحكني تشجعني .. إرتعشت الأرض واهتزت .. ذعرت الشمعة
فانطفأت..إرتجفت المنضدة فانكسرت.. إرتعدت الجدران فسقطت .. وعلت ضحكات مديدة من أفواه حديدية
فحكمت.. والبندقية من يدي سقطت .. وأمي صرخت.. وأشلاء أبى انتثرت .. والدنيا أظلمت .. وصرخت
وصحت وبكيت .. ..كانت أمي منكفأة على وجهها بنفس الهيئة التي كانت تجلس عليها .. وبينما كانت تلفظ
آخر شعاع لها.. كانت تردد بصوت في طريقه إلى البعيد القريب.. (إمسك بالبندقية وصوب يا ياسر)..
ولكن البندقية كانت بعيدة عن يدها .. من حسن حظي أو سوئه ــ لست أدرىـ نجوت .. كيف؟.. أيضا لست
أدرى .. مددت يدي إلى ثديها وأخرجته .. بينما الضحكات المعربدة لا تزال تدوي وتعربد ..وضعت الثدي
في فمي ورحت أرتشف في نهم .. لكن ـ مع الأسف ــ كنت أرتشف دما ممتزجا بغبار الأنقاض
ورائحة الدمار.. مددت يدي أضرب حولي .. أصرخ وأبكى ..فاصطدم ذراعي بالبندقية محشورة بين
الأرض وجزء من الحطام .
( إظلام كامل ) .. إنتهت مشاهدة المشهد ..
ـ عزيزى المستمع المشاهد ..
إذا كنت قد فهمت شيئا مما رأيت فاكتب لنا .. فقد يسعدك الحظ لتفوز بجائزة من جوائزى النفيسة :
( الجوائز )
هى أشلاء أبى وأمى وجدى أيضا .. وإذا لم تكن فهمت .. والطبع لن تفوز بجائزة من جوائزى.. فإنى
أستميحك العفو .. وألتمس لك ومنك المعذرة ..
( كلمة أخيرة )
هس هس هس هس .. أرجوكم .. ممنوع التصفيق