جلس على صخرته ينتظرها ، وطال به الإنتظار وهو ينظر إلى البحر ، يرشق ركبتيه في صدره ، يتفاعل معه البحر ما بين مدٍّ غاضب وجذْرٍ بحسرة
شبك أصابع يديه خلف رأسه ونام على الصخرة ، ثم أغمض عينيه ، لعلّه يريد حضورها بعد أن انقطع به الأمل حتى زاد به الحنين ، فاعتدل في جلسته ، وأمسك قشة وخط بها على الرمال الناعمة أربعة أسطر :
أتيْـت ولهْفتـيْ تـوًّا
حنيْنيْ زاْد منْ شوقـيْ
بدأْت أتوْه فـيْ بحْـرٍ
كطفْلٍ داْئـم الْغـرقِ
وعندها تكالبت في رأسه أحاسيس الشوق والحنين والذكريات الجميلة وعينا حبيبته ، انهمرت الدموع ، وكأن ماء البحر يصب ماءه من حدقتيه ، وسالت على الرمال ، حتى وصلت الى ما خطه بالقشة ..
وقف غاضبا .. وقرر الرحيل إلى الأبد ، وقبل أن يرحل ألقى نظرة أخيرة على ما خطه بالقشة ، ففوجئ بأن دمعه مسح السطور الأربعة ولم يتبق إلا الحرف الأول من كل سطر .