خازوق الأمة في مؤتمر القمة
بقلم منير حمدي
قدر الشعب الفلسطيني أن يتجرع مرارة الحسرة مرات و مرات و الذي يتجرع الحسرة من شعبنا هم الرجال و بالطبع من يصنع الحسرات هم أشباه الرجال الذين لا يضيرهم الأضرار المترتبة على فعالهم و ماتعود به على نفوسنا من آثار بالقهر و الشعور بالعجز عن فعل أي شيء يصلح ما أفسده أولئك أشباه الرجال .
في ضوء ما جرى و يجري على الساحتين الفلسطينية و العراقية في مشهد لا يختلف عن الآخر حيث الاحتلال الغاشم لكلا الشعبين اللذان يتجرعان مرارة البطش الاحتلالي حيث تمارس جرائم حرب و إبادة بحق مدن في العراق و مخيمات في فلسطين ما يظهر في هذان المشهدان صور لا تختلف تماما عن الأخرى حيث التشابه الذي لا فارق بين المشهد و الآخر من حيث الحدث و الواقع
وهنا ان تكلمنا عن كلا الحدثين فلابد لنا أن نتطرق إلى أن مايدور من أحداث ووقائع على كلتا الساحتين الفلسطينية و العراقية هي احداث ووقائع فرضها الاحتلال الغاشم لكلا الشعبين .
فلكل احتلال اهدافه التي يسعى لتحقيقها على أرض الواقع المغتصب لتحقق أطماعها التي تصبوا اليها ضمن مخططاتها و استراتيجياتها الموسعة في المنطقة بأكملها و نحن هنا لسنا بصدد التطرق أو التوسع في شرح و فضح السياسات الامريكية و الاسرائيلية التي تطلان بها على العالم أجمع غربا و شرقا بمكر و كذب و الضحية في المرتبة الأولى الرأي العالمي و من ثم شعوبهم المخدوعة بهم ثم الضحية الثالثة فهي فريسة الوحشين المتعطشين بشهية للدم العربي و الإسلامي في كل أقطار العالم الذي أصبح مقبرة أو سجنا لكل عربي أو مسلم هذا مادعت إليه و تدعو له الديمقراطية و حقوق الإنسان التي ترتكب الجرائم البشعة في العراق و فلسطين بكل وحشية .
بلاشك تحول العالم بل و الكرة الأرضية و ما عليها إلى ميدان ملاحقة و سجن خانق و غابة يحكمها وحشين ذوا شهية واسعة و متنافسة في من يفترس أكثر و يسيطر على بقعة من العالم أكبر .
التطورات التي شهدتها المناطق التي يهيمن عليها كل من الاحتلالين الأمريكي و الاسرائيلي مازالت تشهد و بشكل يومي مجازر لا يذهب ضحيتها الا الأبرياء من المدنيين و السكان الآمنين في جرائم يندى لها الجبين و بالطبع ترتكب هذه المجازر باسم تنفيذ القانون و الحرب على الإرهاب و التي هي في الحقيقة حرب على حياة الأبرياء و الآمنين بينما الإرهاب الحقيقي يكمن في الاحتلالين الأمريكي و الإسرائيلي و اللذان هما أولى أن تشن عليهما حرب مكافحة الارهاب حتى يندحران و يسحقان و يدمران تدميرا كليا لأن إرهابهم الغير معهود يدفع إلى خلق منظمات و خلايا تحارب هذا الإرهاب الغاشم ردا على إرهابهم و إجرامهم البربري بحق الإنسانية و الأبرياء الآمنين من الشعوب الواقعة تحت ظلمهم و هيمنتهم .
بينما تشهد بلادنا فلسطين مجازر بحق الإنسان الفلسطيني من قتل للإنسان و هدم للبيوت و قلع للأشجار كنا ننتظر الرد العربي على مايجري ضدنا من إرهابين إسرائيلي و أمريكي داعم للإرهاب الإسرائيلي .
ولكن دون جدوى فقد سادت التصريحات الإعلامية و المؤتمرات الصحافية تتحدث عن القمة العربية التي اقترب موعد انعقادها في تونس فظننا أن الرد العربي سيكون قرارا يتخذ بإجماع من قبل الزعماء العرب الذين سيحضرون القمة و ربما يكون هذا القرار هو القرار الذي تنتظره الشعوب العربية منذ سنوات طوال و لكن للأسف كان القرار الذي تم الإجماع عليه قرارا تعيسا و هو بمثابة إصرار على الانغماس في وحل التبعية لأمريكيا و الصهيونية في طريق مغاير لطموحات ورؤية الشعوب العربية و التي منذ عشرات السنين لم يتغير من زعاماتها إلا خمسة اثنان منهم صالحون و هما : . الرئيس السوري بشار الأسد حفظه الله و الذي رفع إجابة الرفض و الـ لا في وجه أمريكيا و إسرائيل و الزعيم العربي البطل صدام حسين الذي وقف في وجه أمريكيا و دخل معها في حرب ضروس و يقبع الآن في أسرها نتمنى له الإفراج العاجل أما الثلاثة الآخرون فهم ملعونون بلعنات من الله ثم شعوبهم جاء بدلا منهم من هم ألعن من من سبقهم و هم من أضافوا إلى الأمة نكسات و نكسات إضافة الى نكستيها اللتان مازلنا نعاني منهما حتى يومنا هذا .
فما القرار الذي خرجت به الزعامات التي حضرت القمة ماهو إلا الخازوق الذي تعودوا أن يطالعوا به الأمة العربية و إني أرى فيه خازوق بكل المقاييس .
ما رأيته على شاشة التلفاز وجود شخص يمثل مجلس الحكم العراقي المؤقت الذي عينته أمريكيا يحضر و يشارك في اجتماعات القمة العربية و هذا يعني تكريس للاحتلال الأمريكي للعراق و إضفاء شرعية عربية على الرؤية الأمريكية في تغيير مجريات الحالة العربية و خاصة عندما يمس التغيير حكومة دولة عربية
و ما استنكارهم للعمل الفدائي الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني إلا مهزلة يشهد لها التاريخ و يوصمهم بعارها إذ لم يستنكر الزعماء العرب ذبح الشعب الفلسطيني بقدر استنكارهم للعمل الفدائي الفلسطيني و في هذا إضفاء شرعية على ماتقوم به إسرائيل من أعمال عسكرية في الأراضي الفلسطينية تؤدي إلى مجازر يقع ضحيتها مزيد من الأبرياء الفلسطينيين و مزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني
لهذا فإنني أرى أن القمة العربية في هذه المرة اجتمعت لإقرار ما هو اخطر من الجريمة نفسها و هي الصمت على الجريمة التي ترتكب بحق العالم العربي و من ثم وصم شرف العمل العربي المتمثل بمقاومة الاحتلال في فلسطين و العراق بالإرهاب و استنكار العمل الفدائي دون استنكار جرائم الحرب الأمريكية و الإسرائيلية بحق الشعبين الفلسطيني و العراقي في مقاومة الاحتلال و الرد على جرائمه .
و من هنا علينا نحن الشعوب العربية أن نتحرك ضد هذا التخاذل لنسجل في لوحة الشرف التاريخي أن شعوب الأمة العربية ترفض الانغماس في نفس الوحل الذي انغمست فيه زعاماتنا المنحطة .