زرتـه لـيـلاً لأطـمـئـن عـلـيــه فاستـقـبـلـني بكل حـب ، وقال : أدنـو مني أرغـب الـتـحدث إليك ، اقتربت منه ، فجذبني إليه فعانقني والدمعة تذرف من عينيه .
نظرت بوجهه ، شاحب اللون ،بارد القسمات ، رسمت على وجهه لمسة وهن . قلت له : سمعاً وطاعة أخي أنا رهن إشارتك .
قال : رفقا بالأولاد ، فأنت لهم الناصح والأمين .
قلت : أنت فينا أكثر الناصحين خيراً ، وشأنك العالي خير معين لنا .
قال : إني اسمع صوتا يناديني ، وجسدي منهوك القوى ، ينتظر اللحظة الأخيرة .
قلت : أنت العز فينا ، وأنت الرأي السديد ، أنت الكبير الذي يقود السفينة فينا ، ونحن بعدك عبيدا .
قال : صبراً ... فإني مغادر ، غدا أو بعد غدِ ، والكل ينتظر ساعة الخروج .
عبئا ً ثقيلاً أصبحت بينهم ، ودونك الحب بين الأخوة معدوم .
لن يسألوا عن طفل ٍ ، أو أَمَةٍ تريد النصيرَ ، والكل في مشاغله ، يبحث عن قوت ، ومستقبل ، وأنت من الناصحين عند كل باب ،
فكن بينهم دون مواربة الأبواب . وادنو من الكبير موجها ، احضن الصغيرَ .
لم تكن يوما عما ً لهم ، بل الموجه الرشيد ، ولا تبخل بنصح لهم ،
فأنت خير راع في رعية ، وأنت السند في النوائب معينا .
قلت : لا تكمل .. ورب العباد ... ما أنت مفارق ، فلا تظن السوء آت . باق بإذن الله فوق رؤوسنا ، نسمع لك ، ونطيع الأمر دون نردد
* * *
ضمني إلى صدره كأنه يودعني ، وخرجت أحمل هما آتياً ، اذرف الدمع بلا انقطاع ، فإن ما قاله حق ، والمنية أقرب ، والموت لاح على وجهه ، شاحب القسمات ، ذابل القـدِّ ، متأرجح التفكير ، والنظر لمن حوله مفقود .
ما طال الانتظار .. حتى علا الصراخ ، وإذا به مسجى على فراش الموت ، قد فارقته الروح قبل ثواني .
فليرحمك الله أخي .. ولتكن جنة الله خير مثوى للعباد ، فارقتنا جسدا ، لكنك بيننا ذكرى كل غالي ، فليضمك الثرى بقبر فيه روضة من المولى لخير الأعمال ، وتكون في الآخرة صحبة للرسول الأعظم ، لك الجنة بإذن الله خير مقام .
* * *