اليَومَ حَمَلَنِي الشَّوقُ إِلَيْكِ عَلَى أَجْنِحَةٍ نَسَجَهَا شَفِيفَةً مِنْ ضِيَائِكِ ، يَنْعَكِسُ نُورُهَا عَلَى مِرْآةِ رُوحِي فَيَحُثُّهَا النَّبْضُ عَلَى المَسِيرِ وَيَحمِلُهَا الحَضُّ عَلَى التَّحْلِيقِ فِي مَدَارَاتِ سِرَاجِكِ الوَهَّاجِ بِصِدْقِ حُبِّكِ وَعَبَقِ حَنَانِكِ. كُنْتُ أَمْتَطِي صَهْوَةِ الحَنِينِ خَيْلاً تَرْكُضُ بِي إِلَى قَصْرِكِ العَاجِيِّ خَلْفَ صَحَارَى العُمُرِ المُوغِلِ فِي الحُلُمِ السَّاجِي فِي سُكُونِ اليَّأسِ الجَاثِمِ فِي الوجْدَانِ. أَلْهَثْتُ خَيْلِي بِضَبْحِ اللَهْفَةِ الجَامِحَةِ ، وَأَلْهَبْتُ ظَهْرَ شَوقِي بِسَوْطِ الرَّجْفَةِ اللامِحَةِ، حَتَّى إِذَا وَقَفْتُ بِبَابِ رِحَابِكِ نَزَفَ الأَنِينُ مِنْ شَرَايِينِ العِشْقِ بَوْحًا وَذَرَفَ الحَنِينُ مِنْ مَآقِي التَّوْقِ نَوْحًا.


أَيُّهَا القَاطِنُ رُوحِي ، المُسَافِرُ فِي أَوْرِدَتِي ، المُتَخَلِّلُ ذَرَّاتَ وُجُودِي:
صَمْتٌ مَا هُنَاكَ يَلُفُّ بَوَّابَةَ العَيْشِ الذِي رَجَوْتُ العُمْرَ أَنْ أَرْتَشِفَهُ بِوَصْلِكَ كُؤُوسَ سَعَادَةٍ وَأَمَلٍ.

وَهنَاكَ خَلْفَ أَجَمَة الطَّيشِ الذِي أَوْرَثَهُ القَلْبَ نَزَقًا وَقَلَقَا يَدْفَعُ الأَيَّام دَفْعًا فِي انْتِظَارِ مِيلادٍ جَدِيدٍ ، فَأَينَ أَنْت؟


هُوَ الفَرَحُ ؛ صَامِتٌ يَرْقُبُ خَيْلَكَ المُسْرَجَةَ تَقْتَرِبُ فَيَغِيْبُ بُرْهَةً فِي أَعْمَاقِ شَوْقِكَ يَصِيْدُ الدُّرَ وَيَجْنِى اللُؤْلُؤَ يَنْظِمُهَا قَلائِدَ عَلَى نَحْرِ انْتِظَارِهِ. وَهُوَ الأَمَلُ يُشْرِقُ مِنْ عُيُونِ الغَدِ مُورِقَ الوَعْدِ بِالفَرَجِ بَعْدَ طُولِ انْتِظَارٍ.


فَتَعَالي نَنْسُجُ النَّجْوَى قُطَوفًا مِنْ زُهُورِ اليَاسَمِينِ. وَنُطَوِّقُ هَامَاتِ الأَمَانِي بِأَكَالِيلَ غَرَسْنَاهَا وُدًّا فِي حَنَايَا القُلُوبِ ، وَجَنَيْنَاهَا أَزَاهِرَ فِي سَجَايَا الرُّوحِ. تَعَالي نُسَابِقُ الزَّمَنَ الذِي سَبَقَ قَدَرَنَا فَأَلْبَسَنَا عَبَاءَةَ النَّدَمِ عَلَى دَهْرٍ تَوَلَّى وَخَلَعَ عَنَّا أَثْوَابِ سُرُورٍ بِكَفِّ مَنْ اسْتَكْثَرَ عَلَينَا بَهْجَةً بَعْدَ العَنَاءِ. تَعَالي نَقْهَرُ قَهَقَهَةَ المَاضِي الأَلِيمِ وَنُلْوِي أَعَنَاقِ المُسْتَحِيْلِ وَنَعِيْشُ العُمُرَ رُغْمَا عَنْهُ مَرَّتَينْ.