كلما حاولت قراءة سمير العمري من خلال قصائده ؛ أجدني أمام أكثر من شخص ؛ فهو الشاعر المجيد ؛ البارع في جميع فنون الشعر ، شعره كأنه الدُّر المرصوف ، واللؤلؤ المنظوم ؛ ألفاظه الزُّلال ، ومعانيه السحر ، ليس في شعره تكلف أو تعسف ، حروفه تخترق الأسماع والقلوب بلااستئذان ، وتسحر الألباب بسحر البيان . وهو إمام أهل الشعر في عصرنا ، ولاأظنني قد بالغت أو حدت عن الحقيقة ؛ إذ أعلنت في أكثر من موضع أن سمير العمري هو أعظم شعراء الجيل على الإطلاق .

وهو الحكيم الذي فجر الله ينابيع الحكمة على أسنة قصائده ؛ المحب للخير والسلام ؛ الداعي إلى الفضائل والمكارم والمعاني السامية ، الذكي ؛ الكيس ؛ الفطن ، الخبير بالنفوس على اختلافها ، وبالقلوب على تغيرها ، ، يغلب عقله على عواطفه فيقضي بما يراه الحق ، يقدر الأمور حق تقديرها ، ويحسن معالجتها عن حكمة وبصيرة نافذة .

وهو الحليم عن قدرة ؛ عفوٌّ ؛ صفوح ؛ رحب الصدر والبال ؛ رصين ؛ رزين ؛ حصيفٌ ؛ وقور ؛ عاقل ، لا تستفزه سفاهة السفيه ، ولا لؤم اللئيم ، ولا دناءة الوضيع ، ولاسخافات الجهلاء أو تفاهات الحمقى أو افتراءات الكذابين والماكرين وخفافيش الظلام العابثين المتسترين في حلكة الضلال والجهل .

وهو عالي الهمة ؛ ماضي العزيمة ؛ صادق العزم ؛ سباقٌ إلى الخيرات ؛ حمًالٌ للأعباء ؛ متجاوز للصعاب ، لا يقف دون غاية ، ولاتثبطه العوائق أو تشغله الصغائر أويصرفه المفسدون الهائمون في أودية الغي والضلال عن إدراك أهدافه وأحلامه .

وهو قبل كل هذا ؛ الإنسان الرقيق العطوف الصدوق الخلوق النقي الوفي الشفاف الواضح المشرق ، كريم النفس ، صّفي الروح ، نبيل المعدن ، محمود الطبائع ، طيب المعشر .

وما كان لي أن أشهد في حق من هو بقدر سمير العمري ، وهذه وإن كانت شهادة من لايرقى للشهادة ؛ إلى من هو أرقى من الشهادة له ؛ فإنما هي شهادة للواحة كلها ، ذلك الحلم الذي أراه قبساً من سمير العمري ، بسموها ورقيها ورفعتها وجمالها . فقد كانت الواحة لي الملجأ الذي آوي إليه كلما أضناني القبح الضارب في أعماق الحياة ، فأرتاح على ضفافها وأنهل من عذب أنهارها المتدفقة إبداعاً وسحراً وجمالاً .
وياليتنا نحرص كل الحرص على صون حلمنا في زمنٍ تتساقط فيه الأحلام وتتهاوى داخلنا وحولنا ؛ تحت أقدام الفساد والضلال والزيف والخداع .

الحبيب الرائع د. سمير العمري
عذراً إن كنتُ قد تجاوزت أو أطلتُ ، إنما هو بوح في النفس أثاره جمال القصيدة بروعة حروفها وسمو معانيها وقطوف الحكمة المتناثرة بين روضاتها .

سر على درب الهدى والسمو الذي رسمته لنفسك ولنا أيها النقي ، وغرّد مثلما الأطيار تشدو أغاني الحب والجمال والصفاء ، واسبح في فضاءات المعالي لتستخرج لنا درر الفضائل الكامنة ، وانسج من الحروف عقوداً تزين بها حياتنا وتضيئ ليل قبحها ، ولايشغلنك خفافيش الظلام عن إدراك أحلامك التي نتوق معك لتحقيقها ، فمصابيحك المتلألئة أشد وهجاً من أن يطفئونها .

وتبقى شهادتي مجروحة في "السيد" وفي "السمير"
ويشفع لي أن لهما في قلبي من المحبة ؛ الكثير .

دمت - كما عرفناك - نقياً طاهراً شريفاً رفيع الخُلق طيب المكارم ، وحفظك الله ورعاك من كل سوء.


إسلام شمس الدين