|
أتشكو البيدُ مانعةَ الرخاءِ |
أم الأرضُ اليبابُ بلا رجاءِ |
تعرَّى الليلُ حينَ أتتهُ ريحٌ |
فبرَّدَ سطوهُ ثلجُ الشتاءِ |
سرابٌ في الظلامِ فهل علمتمْ |
سراباً يستقيمُ بلا ضياءِ |
جمعتُ بساحتي ذرات وهمٍ |
فتاهتْ في المجاهلِ كالهباءِ |
ويسمعُ بالنهايـةِ كل حيٍّ |
وأذنُ الماكرينَ بلا وعاءِ |
بها وقرٌ إذا ما حلَّ قلنا |
نعوذُ بربنا من كل داءِ |
كفتكَ الشاردات بعقلِ غرِّ |
أبى إلا مخالطةَ الوباءِ |
تجاوزت الغوايةُ كل حدٍّ |
فباتَ الخلقُ في وهمِ البقاء |
تفكرَ كل ذي عقلٍ لبيبٍ |
فأبصرَ حينَ فكَّرَ في صفاءِ |
بأن ملامةَ الجهلاءِ حمقٌ |
وأن عتابهم فرطُ الغباءِ |
وأن تقلُّبَ الأخلاقِ طبعٌ |
تشرَّبهُ وريدُ الكبرياءِ |
وأن الزورَ للأكبادِ سقمٌ |
تلبَّسهُ العليلُ مع الرداءِ |
وأكبر من بوارِ السُّقمِ داءٌ |
يصيبُ القلبَ يُعطبُ بالرياءِ |
يقابلك الوجيهُ فتصطفيهِ |
وتسمعهُ فتهربُ بالحياءِ |
فلا ثوبُ الوجاهةِ شفَّ روحاً |
ولا ردَّ العُبوسَ جدا الكساءِ |
إذا المأمولُ مقطوعٌ بأمرٍ |
فإن الوصلَ حقُّ الأوصياءِ |
يعجِّلُ بالمساوئ من يراها |
محاسنَ نفعها كشف الغطاءِ |
ويسجدُ للريالِ قليلُ حظً |
يولّي وجههُ شطرَ النماءِ |
هيَ الدنيا فلا تعتبْ عليها |
تذيقكَ مرَّها بعدَ الهناءِ |
تريكَ جمالَها في ثوبِ عُرسٍ |
وتكشفُ سوءَها عند البلاءِ |
فلا تلقى الصديقَ بيومِ ضيقٍ |
ولا المحبوب يفرحُ باللقاءِ |
وإن صاحبتَ بالمعروفِ خلاًّ |
ترصَّدَ للمحبةِ بالجفاءِ |
إذا ما الظلُّ غيَّبَ كل طيفٍ |
أبانَ الخيرَ ينبوعُ الوفاءِ |
تجلَّى كل من أهدى شعاعاً |
لروحِ الليلِ من نبضِ الضياء |
وأرسلَ للعيونِ بريقَ ثغرٍ |
وهلَّل وجههُ مثلُ السناءِ |
نصافحُ كل من يُلقى سلاماً |
أجابَ بفضلهِ صوتَ النداءِ |
مكارمُ ديننا تأبى علينا |
بأن نلقى الأحبةَ بالجفاءِ |
ويرفعُ قدرنا في الناس تاجٌ |
من الحسنى ونبلِ الأتقياء |
كذاكَ جميعُ من صلَّوا وصاموا |
لهم أخلاقُ مبعوثِ السماءِ |
عليهِ صلاةُ ربي كل حينٍ |
عظيمُ القدرِ محمودُ الثناءِ |