وِلادَةُ صُبْحٍ
تَمَخَّضَ لَيْلٌ فَأَنْجَبَ صُبْحا
وقَارَبَ بَوْناً وأَغْلَقَ جُرْحا
وغابَتْ سَماءٌ عَلَيْها غُيومٌ
وجاءَ الشُروقُ وأَبْرَمَ صُلْحا
تَعافى الأَثيرُ وعادَ نَقِياً
وأَلْغى وُجوماً وأَوْسَعَ صَفْحا
تَناهَتْ جَميعُ السِنينِ العِجافِ
تَلَتْها سَنابِلُ تَحْمِلُ قَمْحا
وَهَبَّ النَسيمُ العَليلُ شَذِيّاً
يُداعِبُ وَجْهاً ويَنْشُرُ فَوْحا
تَوَرَّدَ خَدٌّ وأَرْخى جُفوناً
وجادَ لِسانٌ ورقَّقَ بَوْحا
وأَنْعَمَ ثَغْرٌ عَلَيْهِ وُرودٌ
تَنَفَّسَ حُبّاً وأَسْبَغَ فَرْحا
وقَلْبٌ يَرِفُّ كَطَيْرٍ صَغيرٍ
أَتاهُ الرَبيعُ لِيَنْفُضَ جُنْحا
ويَدْفِنَ كُلَّ هُمومِ الشِتاءِ
يُغَرِّدُ صَفْواً ويُكْمِلُ صَدْحا
وحامَ الجَمَالُ يُغَنّي نَشيداً
ويَرْفَعُ صَوتاً ويُلْهِبُ مَدْحا
يُلَوِّنُ فَجْراً بِلَوْنِ الزُهورِ
ويَغْرِفُ عِطْراً ويُمْعِنُ نَضْحا
نَهارٌ لِأَجْلِهِ نَهْرُ الحَياةِ
يُعَزِّزُ جَرْياً ويَرْفُضُ كَبْحا
يَفيضُ مِنَ الجانِبَـيْنِ شُعوراً
يُؤَوِّلُ عِشْقاً ويُحْسِنُ شَرْحا
وتَخْتالُ فيهِ حُقولُ العَطاءِ
وتُزْهِرُ نُوراً وتُغْدِقُ مَنْحا
ويَجْمَعُ بَينَ السَواعِدِ حُلْمٌ
يُشيدُ أَساساً ويَرْفَعُ صَرْحا
ويَفْتَحُ بابَ السَماءِ عَريضاً
ويَرقى بِحُبٍ ويَفْتَحُ فَتْحا