رسالة إلى من جعل من الحوار أشراك غدر ومن الإخوة أسباب فجر لعلهم عن غيهم يرجعون.

مَــنْ يَــدَّعِ الــحُبَّ لا يُــؤْذِ الــمُحِبِّينَا
وَلا يُــبَــدِّلْ بِــشَــهْدِ الـــوُدِّ غِــسْلِينَا
وَلا يُــــقَــدِّمْ يَـــدًا بِــالــعَهْدِ وَاهِــيَــةً
بِــــهَــا يُــــقَــدِّمُ لِــــلأَعْــدَاءِ سِــكِّــينَا
مَـــاذَا اعْــتِبَارُ أَخٍ دَسَّ الــفِرَاقُ لَــنَا
يَــأْتِي الــتَّخَاتُلَ حِــينًا وَالأَذَى حِــينَا؟
لَــمْ يَــأْلُ عَــهْدُ صَــحِيحِ الوُدِّ مُنْتَهَكًا
حَــتَّى تَــرَدَّى بِــكَفِّ الــعَفْوِ مَطْعُونَا
تَــزَوَّجَتْ مِــنْ إِنَــاثِ الــغَدْرِ نَــزْوَتُهُ
فَــأَنْجَبَتْ مِــنْ ذُكُــورِ الــكِبْرِ قَارُونَا
كَــأَنَّ حَــافِيَةَ الأَخْــلاقِ مَــا بَــسَطَتْ
لَــهَــا الــعَجَائِبُ إِلا الــدَّرْبَ سِــجِّينَا
تَــدْنُو بِــهَا مِــنْ لَــبُونِ الكِيسِ غَايَتُهَا
قَــابَ احْــتِمَالٍ وَتَــنْأَى بِــالذِي شِــينَا
أَمَّــنْ تَــوَضَّأَ طُــهْرَ القَولِ مِنْ نَجَسٍ
وَقَــــالَ إِنِّــــي إِمَـــامٌ لِــلــمُصَلِّينَا
أَمَّـــنْ يَــغَــارُ عَــلَى لَــيلَى فَــيُغْرِقُهَا
وَيُــهْلِكُ الــبَحْرَ كَــي يَــسْتَنْقِذَ الــمِينَا
أَمَّـــنْ يَــظُنُّ بِــأَنَّ الــمَجْدَ صَــهْوَتُهُ
إِنْ قَــالَ بَــيتًا مِــنَ الأَشْــعَارِ مَوزُونَا
أَمَّـــنْ تَــمَلَّكَ عَــرْشًا غَــيرَ مُــنْتَخَبٍ
حَــتَّــى تَــمَــلَّكَ مِــنْهُ الــوَهْمُ مَــفْتُونَا
يُــفَاخِرُ الــدَّهْرَ فِــي تِــيهٍ وَفِي صَلَفٍ
وَقَـــدْ أَذَلَّ لَـــهُ الإِسْــفَــافُ عِــرْنِينَا
أَمَّــنْ يُــهَدِّدُ سَــاقَ الــعِزِّ فِــي رَفَــحٍ
وَيَــقْبَلُ الــذُّلَّ فِــي طَــابَا وَفِــي سِينَا
أَمَّــنْ يَــقُولُ: أَنَــا حُــرٌّ فَــدَعْكَ وَمَــا
عَــذَلْــتَ مِــنِّــي مُـــوَالاةَ الــمُعَادِينَا
وَمَـــنْ يَــقُــولُ: وَلِـــي أُمٌّ أَبِــرُّ بِــهَا
وَلا أُعَـــادِي الـــذِي فِــيــهَا يُــعَادِينَا
وَلا أُعَــانِــقُ مَـــنْ بِــالسُّوءِ يَــبْهَتُهَا
إِلا لأَنِّـــي أَبَــيْــتُ الــرَّأْيَ مَــرْهُونَا
فَــقَدْرُ أُمِّــي وَقَــدْرِي غَــيرُ مُــتَّصِلٍ
وَأَمْــرُ أُمِّــي وَأَمْــرِي لَــيسَ مَقْرُونَا
يَــا مَــنْ يُــبَرِّرُ بِالأَسْبَابِ كَيفَ تَرَى
عَــذْلَ الــزَّبَرْجَدِ صَــلبًا وَالنَّدَى لِينَا؟
الــمَرْءُ يَمْضِي عَلَى دِينِ الخَلِيلِ وَهَلْ
بَــرٌّ يُصَاحِبُ فِي عُرْفِ الهُدَى دُونَا؟
وَالــحُرُّ يَــأْنَفُ إِنْ يُــعْرَفْ بِــمَنْقَصَةٍ
فَــكَيفَ يُنْقِصُ فِي العُرْفِ المَوَازِينَا؟
وَكَيفَ يَقْضِي مِنَ الأَوطَارِ مَا ابْتَذَلَتْ
وَكَــيفَ يُــفْضِي إِلَى الأَعْذَارِ تَسْكِينَا؟
حَــقُّ الــمَبَادِئِ فِــي الأَحْرَارِ رَاسِخَةً
كَــمَا الــعَقِيدَةُ فِــي الأَحْــشَاءِ تَــمْكِينَا
وَلِــلــعَدَالَةِ عَــيــنٌ غَــيــرَ مُــبْــصِرَةٍ
لَــيْــسَتْ تُــمَــيِّزُ ذَا سَــطْوٍ وَمِــسْكِينَا
وَمَــا الأَمَانُ اجْتِنَابُ البَأْسِ مِنْ وَجَلٍ
وَلا الأَمَــانَــةُ غَــمْــطُ الــحَقِّ تَــزْيِينَا
أَلَــيــسَ مِــنْ تُــرَّهَاتِ الــحَالِ أَلْــسِنَةٌ
رَعْــنَاءُ تَــلْحَنُ فِــي قَــدْرِ الــمُجِلِّينَا؟
وَخَــائِنٌ يَــشْتَكِي مِــنْ غَدْرِ أَهْلِ وَفَا
لَــمَّــا تَــسَــمَّى بِــأَوصَافِ الــوَفِيِّينَا؟
قَــدْ مَــلَّتِ الــرُّوحُ لَــمْ تُدْرِكْ غَلالَتَهَا
مِــمَّا اسْــتَقَرَّ لَــهَا فِي الصَّدْرِ مَكْنُونَا
وَضَــجَّتِ الــنَّفْسُ مِنْ حَالٍ تَكَادُ تَشِي
بِــمَــنْ يَــسُــلُّ لِــسَــانَ الــوُدِّ تَــلْقِينَا
لَــــهُــمْ إِهَـــابُ ثَــعَــابِينٍ مُــرَقَّــطَةٍ
يَــفُــوقُ مَــرْتَــبَةَ الــحِــرْبَاءِ تَــلْــوِينَا
يَــبْقَى الــغُرَابُ غُــرَابًا لا يَــطِيبُ لَهُ
إِلا الــخَــرَابَ وَإِنْ سَــمَّــوهُ شَــاهِينَا
نَــفْسِي فِــدَاءُ فِــلِسْطِين الــتِي نَــزَفَتْ
مــنِــهْاَ الــكَرَامَةُ مَــقْتُولا وَمَــسْجُونَا
تَــكَــادُ تَــنْــخَلِعُ الأَنْــفَاسُ مِــنْ فِــتَنٍ
عَــزَّتْ عَــلَى الــعَقْلِ تَــدْوِينَا وَتَأْبِينَا
قَــدْ خَضَّبَتْ مِنْ دَمِ الأَعْرَافِ شِرْذِمَةً
وَخَــضَّــبَتْ مِــنْ دَمِ الــعِزِّ الــمَلايِينَا
وَبَــاتَ يَــعْرِفُ أَهْــلُوهَا إِذِ انْــقَسَمَتْ
مَــنْ يَعْشَقُ الفِلْسَ مِمَّنْ يَعْشَقُ الطِّينَا
يَــا لَيتَ شِعْرِي أَلَمْ يَأْنِ اجْتِبَاءُ خُطَى
نَــــهْــجِ الأُبَـــاةِ وَإِقْـــدَامِ الــمُــلَبِّينَا؟
وَســطْوَةٌ مِــنْ صَهِيلِ السَّابِحَاتِ عَلَى
وَقْـــعِ الــحَــوَافِرِ تَــأْمِــيلا وَتَــأْمِينَا؟
مَــا قِيمَةُ السَّيفِ فِي غِمْدَينَ مِنْ ذَهَبٍ
حَــتَّى نُــجَنْدِلُ مَــنْ بِــالذُّلِّ يَــرْمِينَا؟
وَمَـــا صَــلاحُ إِذَا ارْتَــدَّتْ فَــوَارِسُهُ
عَــنِ الــبُطُولَةِ فِــي إِدْرَاكِ حِــطِّينَا؟
كُــنَّا وَكَــانَتْ بِلادُ العُرْبِ صَرْحَ عُلا
وَدَارَ قَــــومٍ إِلَـــى الآدَابِ دَاعِــيــنَا
أَيَّــامَ كَــانَتْ خُــيُولُ النَّصْرِ مُسْرَجَةً
وَكَــانَ مَــنْبَعُ صَــافِي الــدِّينِ يَرْوِينَا
حَــتَّى دَهَــتْنَا الــقُرَى مِــنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ
وَكَــشَّرَتْ عَــنْ نُــيُوبِ الــقَهْرِ تُرْدِينَا
مَاذَا اصْطِبَارُكِ يَا دَارِي وَقَدْ عَصَفَتْ
فِــيكِ الــنَّوَائِبُ مِــمَّنْ قِــيلَ: أَهْــلُونَا؟
كَــأَنَّ لَمْ يَكْفِ مِنْ صُهْيُونَ مَا هَتَكَتْ
حَــتَّى سَــقَوكِ الرَّدَى عَونًا لِصُهْيُونَا
قَــالُوا الإِخُــوَّةُ فِــي الأَوْطَــانِ مُلْزِمَةٌ
وَلا خِــلافَ وَإِنْ هُــمْ خَــالَفُوا الــدِّينَا
وَمَــا الإِخُــوَّةُ إِلا الــنَّهْجَ مَــا حَفَظَتْ
فَــــإِنْ تَــــوَلَّــتْ فَـــإِنَّ اللهَ يِــكْــفِينَا
إِذْ قَـــالَ نُـــوحٌ فَــقَالَ اللهُ فَــانْطَلَقَتْ
تَــحْكِي الــسَّفِينَةُ مَــنْ مِــنَّا وَمَنْ فِينَا
يَا مَنْ يُحَاوِرُ مَنْ يَخْتَالُ يَخْصفُ مِنْ
صَبْرِ الحَرِيصِ يُوَارِي القَومَ مَا شِينَا
كَــيفَ الْــتِقَاءُ نَــدِيمِ الــكَأْسِ مُــفْتَخِرًا
بِــمَــا أَصَـــابَ وَأَتْــبَــاعِ الــنَّــبِيِّينَا؟
أَطَــلْتَ صَبْرَكَ عَنْ جَورٍ وَعَنْ جَنَفٍ
حَــتَّى كَــأَنَّا نَــرَى فِــي الدَّهْرِ صِفِّينَا
لَــمْ يَرْدَعِ الحِلْمُ أَشْرَارًا وَلا اجْتَرَأَتْ
كَــفُّ الــفَسَادِ سِــوَى مَــا كَانَ تَهْوِينَا
وَمَــا الــقَوَانِينُ فِــي عَــهْدٍ بَغَى زَمَنًا
وَلا يَــرَى غَيرَ عَضْلِ العَدْلِ قَانُونَا؟
وَفِــي الــبَوَائِقِ جِــلْدِي خَلفَ أَوْرِدَتِي
أَقَـــلُّ رِيـــحٍ مِــنَ الإِنْــكَارِ تُــدْمِينَا
إِنَّ الــحِــوَارَ أَرَاجِــيــفٌ يُــرَادُ بِــهَا
سَــفْــكَ الــحَــقِيقَةِ بِــالنَّجْوَى قَــرَابِينَا
وَمَا الحِصَارُ سِوَى بُرْهَانِ مَا اقْتَرَفُوا
فَــكَــيفَ نُــلْــجِمُ بِــالرَّأْيِ الــبَرَاهِينَا؟
لَــنَــا الــقَــتَادَةُ مِـــنْ أَبْــنَــاءِ جِــلْدَتِنَا
وَلِــلغَرِيبِ أَطَــابُوا الــوَصْلَ نِــسْرِينَا
مَــا انْــفَكَّ يَرْعَى مَعِ البَاغِي وَلاؤُهُمُ
حَــتَّــى اسْــتَــقَرَّ بِــوَادٍ غَــيرَ وَادِيــنَا
يَــظَلُّ مِــنْ سَــرَفٍ يَسْعَى إِلَى سَرَفٍ
وَجْــهًا وَيَــطْعَنُ ظَهْرَ الصِّدْقِ تَخْوِينَا
لَــمْ يَــجْزِ غَــزَّةَ فِي الحَالَينِ غَيرَ دَمٍ
أَجْـــرَوهُ خَــنْــقًا وَتَــجْوِيعًا وَتَــوهِينَا
فَــلا وَرَبِّــكَ لا صُــلْحٌ عَــلَى ضَــغَنٍ
وَلا ابْــتِسَامٌ يَــرَى الــتَّقْطِيبِ مَــدْفُونَا
وَلا تَــنَــازُلَ لا تَــفْــرِيطَ فِــي وَطَــنٍ
سَــمَا عَــلَى الــدَّهْرِ تَــقْدِيسًا وَتَــثْمِينَا
نُــرِيدُ كُــلَّ أَرَاضِــينَا الــتِي انْــتُهِبَتْ
الــنَّــهْرَ وَالــبَحْرَ وَالــزَّيتُونَ وَالــتِّينَا
وَحَـــقَّ عَــودَةِ شَــعْبٍ مَــلَّ غُــرْبَتَهُ
وَحَـــقَّ دَمْــعَــةِ أُمٍّ أُهْــرِقَــتْ هُــونَا
هَــذَا نِــدَاءٌ لِــمَنْ يَــأْتِي الــحِوَارَ جَدًا
بِــصَــوتِ كُـــلِّ مُــصَلٍّ قَــالَ آمِــينَا
يَــا مَــنْ جَــعَلْتُمْ إِلَى الكُرْسِيِّ هِمَّتَكُمْ
خُــذُوا الــكَرَاسِي وَأَعْــطُونَا فِلِسْطِينَا