نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


جَفَّتْ دَوَاةُ الشِّعرِ مِنْ قَلَمٍ نَبَا
فَأَسَلْتُ محْبَرَةَ العُيُونِ لِتَكْتُبَا
وَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُ الدَّقَائِقَ دَاعِيًا
أَمَلا بِمَنْ يَأْتِي يُكَذِّبُ لِي النَّبَا
وَشَدَهْتُ لا فَرَحٌ يُخَفِّفُ بِالرِّضَا
فَقْدًا وَلا حُزْنٌ يَخِفُّ فَأَطْرَبَا
قَدْ كُنْتُ آمَلُ يَا سَعِيدُ بِأَنْ تَرَى
مِنِّي المَدَائِحَ لا الرِّثَاءَ مَكَبْكَبَا
وَبِأَنْ أَضُمَّكَ فِي عِنَاقِ مُهَنِّئٍ
بِالنَّصْرِ فِي وَطَنٍ يَرَاكَ الكَوْكَبَا
لا زَالَ صُوْتُكَ يَقْتَفِي فِي خَاطِرِي
قَبَسًا بَكَتْ عَيْنُ السِّرَاجِ وَقَدْ خَبَا
وَيَزِيدُنِي لَهَفًا بِفَقْدِكَ يَا أَخِي
ذِكْرَى الفُؤَادِ لِطِيبِ أَيَّامِ الصِّبَا
يَا مَنْ عَرَفْتُ بِهِ المَكَارِمَ كُلَّهَا
عِلْمًا وَحِلْمًا رَاشِدًا وَتَأَدُّبَا
وَتَرَفُّعًا فِي هِمّةٍ وَتَوَاضُعًا
فِي عِزَّةٍ وَتَسَهُّلا وَتَصَعُّبَا
وَشَجَاعَةً فِي فَرْضِ أَمْنِ موَاطِنٍ
وَبَرَاعَةً بِكْرًا مَهَرْتَ وثَيِّبَا
فَقَدَتْ فِلِسْطِينُ الحَبِيبَةُ قَائِدًا
بِكَ يَا سَعِيدُ مُحَنَّكًا وَمُجَرَّبَا
وَنَعَتْ غَطَارِيفُ الكَتَائِبِ فَارِسًا
قَدْ عَاشَ لَيْثًا إِنْ أَقَرَّ وَإِنْ أَبَى
قَدْ كُنْتَ تَنْتَظَرُ الشَّهَادَةَ ضَارِعًا
وَاللهُ بِالمَرْجُوِّ أَكْرَمَ وَاجْتَبَى
وَأَرَاكَ فِي الدُّنْيَا مَحَبَّةَ أُمَّةٍ
تَبِعَتْ جَنَازَتَكَ المَهِيبَةَ مَوْكِبَا
تَبْكِيكَ يَا صَاحِ المَوَاقِفُ فِي الوَغَى
وَالدَّارُ وَالثُّوَّارُ وَالأَبُ وَالإِبَا
وَعُيُونُ غَزَّةَ وَالحَرَائِرُ وَالعُلا
وَحَنِينُ أَهْلٍ وَالأَزَاهِرَ فِي الرُّبَى
مِنْ أَيْنَ يُنْتَدَبُ الأَمَانُ وَقَدْ غَدَا
صُبْحُ الأَمَانِ عَلَى رَحِيلِكَ غَيْهَبَا
قَدْ كُنْتَ لِلقَسَّامِ أَقْرَبَ مَوْرِدًا
فَجَعَلْتَ كَفَّ الغَدْرِ أَبْعَدَ مَطْلَبَا
وَغَرَزْتَ فِي حَلْقِ الجَبَابِرِ شَوْكَةً
وَغَرَسْتَ حَقْلا لِلمَآثِرِ مُعْشِبَا
وَأَبَيتَ إِلا أَنْ تَعِيشَ بِعِزَّةٍ
حَتَّى اتَّخَذْتَ مِنَ الكَرَامَةِ مَذْهَبَا
مَا كَانَ رَدُّكَ إِذْ تَهَدَّدَكَ الرَّدَى
إِلا التَّصَدِّي لِلعَدِوِّ مُقَطِّبَا
فَلَقِيتُهُ وَالعَينُ تَطْلُبُ رَبَّهَا
وَطَرَحْتُهُ ثَوْبًا عَلَيكَ مُخَضَّبَا
ظَنُّوا بِأَنَّكَ قَدْ قُتِلْتَ وَإِنَّمَا
أَحْيُوكَ فِينَا لِلقُلُوبِ مُقَرَّبَا
إِنْ كَانَ إِحْدَى الحُسْنَيَينِ لِطَالِبٍ
فَكَفَى بِفِرْدَوسِ المُهَيمِنِ مَكْسَبَا
قَدْ أَكْثَرَ الزُّعَمَاءِ نُصْحًا لِلوَرَى
وَالمُوتُ يَحْصدُنَا نِزَارَ وَيَعْرُبَا
لا يَرْكَبُ الجَيْشُ العَظِيمُ رِكَابَهُ
حَتَّى يُعَدُّ لَهُ بِقُوَّةِ مَنْ سَبَا
وَالعَقْلُ حِينَ العَجْزِ أَسْلَمُ لِلوَرَى
فَدَعُوا التَّهَوُّرَ بِالجِهَادِ تَنَكُّبَا
وَالدَّهْرُ إِمَّا أَنْ يُبَادِرَ مُخْصِبًا
إِنْ طَالَ صَبْرٌ أَوْ يُغَادِرُ مُجْدِبَا
قَالُوا: هُوَ السَّيلُ الذِي احْتَمَلَ القَذَى
وَنَقُولُ: هَذَا السَّيلُ قَدْ بَلَغَ الزُّبَى
لا عَيشَ لِلأَحْرَارِ بَينَ أَرَاذِلٍ
إِلا إِذَا غَلَبَ الشُّمُوخُ وَأَتْعَبَا
وَإِذَا أَعَادَ المَوتُ عِزَّةَ أُمَّةٍ
سَنَقُولُ أَهْلا بِالمَنُونُ وَمَرْحَبَا