عَلَى السُّيُوفِ بَقَايَا مِنْ رَحِيْـقِ دَمِي
وَفِي الصُّخُورِ طَرِيقٌ مِنْ خُطَى قَدَمِي
وَفِي البِطَـاحِ رُفَاتٌ مِنْ عِظَـامِ أَبِي
تَحْتَ الوِهَادِ وَفَوْقَ السَّـفْحِ وَالعَلَمِ
وَفِي الْمُرُوجِ نَسِـيمٌ مِنْ رِيَاضِ رُبَى
رُوَّتْ بِنَـا عَرَقًا مِنْ سَـالِفِ القِدَمِ
وَفِي السَّـمَاءِ شُـهُودٌ إِذْ تُرَاقِبُنَـا
نَبْنِي لَنَـا وَطَنَـاً بِالدِّينِ وَالقِيَمِ
نَحْمِي حِمَـاهُ إِذَا مَا جَارَ مُغْتَصِبٌ
وَنَسْـتَعِينُ بِحَدِّ السَّـيْفِ وَالقَلَـمِ
كُنَّـا وَكَانَ بِنَـا التَّارِيْـخُ مُفْتَخِرًا
وَاليَوْمَ يَحْقِرُنَا أُضْحُوْكَةُ الأُمَـمِ
تَكَالَبَ الشَّـرُّ قَوْمًـا يَفْتِكُوْنَ بِنَـا
طَوْعَ الضَـغِيْنَةِ فَتْكَ الذِّئْبِ بِالغَنَـمِ
وَأَطْبَـقَ الذُّلُّ يُؤْذِي كُلَّ ذِي شَمَمٍ
بَيْنَ الْخَلائِـقِ يَحْكِي مَنْطقَ العَدَمِ
هَذِي فِلِسْطِيْنُ تَنْعَي اليَوْمَ مَنْ لَبِسُـوا
ثَوْبَ الْمُلُوكِ عَلَى جِسْـمٍ مْنَ الوَرَمِ
وَتِلْكُمُ القُدْسُ تَشْكُو ظُلْمَ مَنْ سَقَطُوا
فِي سَـاحَةِ الغَدْرِ وَالْخُذْلانِ وَالرَّغَمِ
تَنَاوَشَ الفُجْرُ وَالطُّغْيَـانُ سَـاحَتَها
وَدَنَّسَـتْهَا بَنُـو صُهْيُوْنَ بِالوَخَـمِ
تَدَافًعَ القَوْمُ فِي صَفِّ العِدَى زُمَـرًا
هُمُ العَدُوُّ بِثَوْبِ الأَهْـلِ وَالْخَـدَمِ
وَأَسْـفَرَ الْجُبْنُ عَنْ وَجْهٍ لَهُ وَقِـحٍ
يُبْـدِي الْخُضُوعَ وَيُخْفِي أَنْتَنَ الرِّمَمِ
إِذَا اسْـتَجَارَ بِهِمْ لِلنَّصْـرِ مُعْتَقَـدٌ
تَرَدَّدَ الرَّيْبُ إِرْجَافًـا إِلَـى الصَنَـمِ
فَلا اسْـتَقَرَّ بِهِـمْ فِي الْعَـرْشِ مُتَّـكَأٌ
وَلا اسْـتَمَرَّ لَهُمْ فِي النَّسْلِ مِنْ عَلَمِ
يَا قَدْسُ لا تَشْتَكِي مِنْ سُوْءِ مَا فَعَلُوا
لا يَعْدَمُ الْحَقُّ أَهْلَ الْخَيْرِ وَالْحِكَـمِ
أَنَـا السَّمِيْرُ سَلِيـلُ الْحَقِّ مِنْ عُمَرٍ
وَابْنُ العُرُوْبَـةِ فِي دِيْـنٍ وَفِي شِيَمِ
أَنَـا النَّصِيْرُ بِكَفِّي سَـيْفُ ذِي جَلَدٍ
عِنْدَ النِّزَالِ وَسَـيْفُ الشِّعْرِ مِلءُ فَمِي
أَنَا ابْنُ مَنْ حَفِظُوا بِالسَّـيْفِ عِزَّتَهُمْ
نَبْضُ الكَرَامَةِ يَجْرِي فِي صَمِيْمِ دَمِي
قَدْ كَانَ فِي سَـالِفِ الأيَّـامِ مُدَّكَرٌ
فِي يَوْمِ ذِي قَارَ نِبْرَاسًـا لِكُلِّ كَمِي
أَلْقَى الغُرُوْرُ بِكِسْرَى فِي أَتُـوْنِ لَظَىً
مِنْ غَضْبَـةٍ نَطَقَتْ بِالفَخْرِ وَالشَمَمِ
هَبَّتْ بًطُـوْنُ بَنِي شَـيْبَانَ حَاسِرَةً
وَمِنْ رَبِيْعَـةَ أَهْـلُ العِزِّ وَالكَـرَمِ
قَامُـوُا إِلَيْهِمْ بِقَلْبٍ وَاحِـدٍ وَيَـدٍ
تَفْدِي الفَوَارِسُ مِنْهُم حُرْمَـةَ الْخِيَمِ
قَدْ كَانَ يَوْمًـا لأَهْلِ الْحَقِّ مُنْتَصِـفًا
حِيْنَ اسْـتَقَامُوُا عَلَى بَذْلٍ مِنَ الْهِمَمِ
وَاليَوْمَ أَصْبَـحَ صَوْتُ الْحَقِّ مُخْتَنِقًا
وَأَعْمَلَ الغَـدْرُ أَنْيَـابًا لِذِي نَهَـمِ
كَمْ مِنْ إِيَـاسٍ لِغَيْـرِ العَدْلِ هِمَّتُهُ
يُؤْذِي العِبَـادَ لِيُرْضِي شَهْوَةَ العَجَمِ
وَكَمْ غَيُـوْرٍ لِغَيْـرِ العِـزِّ غِيْرُتَـهُ
كَنَافِـخِ الكِيْرِ يَكْوِي الرَّحْمَ بالألَمِ
أَيْـنَ الْمُرُوْءَةُ فِي قَوْمٍ ذَوِي نَسَـبٍ
بِيْضِ الصَّفَائِحِ حَفَّاظِيْـنَ لِلذِّمَـمِ
أَيْـنَ الْمُرُوْءَةُ وَالإِسْـلامُ مُضْطَهَدٌ
فِي كُلِّ دَرْبٍ وَمِنْ كَفِّ الْهَوَانِ رُمِي
وَأَيْنَ تُرْجَى شُـعْوبٌ ذَاتُ مُعْتَقَـدٍ
وَأَيْـنَ يُرْجَى أَبِـيٌّ مِثْـلُ مُعْتَصِمِ
إِنَّ التَّوَحُّـدَ دَرْبُ العِـزِّ فَاتَّحِـدُوا
وَفِي التَشَـتُّتِ دَرْبُ الذُّلِّ وَالنَّـدَمِ
يَا بْنَ العُرُوْبَـةِ هَلْ أَبْقَيْتَ مِنْ رَمَقٍ
مِنَ الْمُرُوْءَةِ يَرْوِي العَـزْمَ بِالدِّيَـمِ
هَا قَدْ أَتَتْـكَ مِنَ الأَحْقَـادِ عَاصِفَةٌ
قَامَ العَدُوُّ إِلَى سَـاحِ الوَغَى فَقُمِ