|
غِيابُكِ في الفؤادِ لهُ احتِشاءُ |
وطَيفكِ في الخيَالِ لهُ انتِماءُ |
عَشقتُكِ، هلْ إلى العُشَّاقِ صَبرٌ؟ |
وهَل يُجلَى بلُقيَاكِ الشَّقاءُ؟ |
عشقتكِ في القَرارِ كعِشقِ صَبٍّ |
وَعينِي لَم يُكَحِّلها الضِّياءُ |
فشَوقِي كالخُسوفِ بلَيلِ دَهرِي |
ولَيلِي - مِن صَباً - ندراً يُضاءُ |
يُقلِّبُني مِنَ الأشواقِ ضُرٌّ |
لرُؤيَا مَن لَها يُرجى اللِّقاءُ |
فَصبرِي للِّقاءِ دَبيبُ نَملٍ |
وَشَوقِي كالجِيادِ لَها الفَناءُ |
فَلا بالصَّبْرِ تَنفلِقُ اللَّيالِي |
ولا بالوَصْلِ يكتَملُ الرِّضاءُ |
فَقُربُكِ قدْ أذاقَ النَّفْسَ حِسًّا |
لَهُ لِلرُّوحِ دِفءٌ واحتِماءُ |
فَخَوفِي بعدَما مُلئَتْ عُيوني |
رَحِيلاً زادَهُ بالهَجْرِ دَاءُ |
أُحاوِرُ مَن لَها في الرُّوحِ كَونٌ |
فَيُكرِمُني معَ الرَّدِّ الحفاءُ |
فيا لَيتَ اللِّقاءَ يشُدُّ صبرِي |
ويَمْحُو مِن هُمومي مَا يشاءُ |
لبُعدِكِ يرتَوِي في النَّفْسِ جُرحٌ |
فيَشفِيهِ إذا شُفِيَ الفَناءُ |
فجُرحِي نازِفٌ فيهِ صَلِيلٌ |
تسَامَى مِن مَجارِيهِ الدَّواءُ |
وباتَتْ - مِن قذَى أَلَمِي - عِظامِي |
كأغصانٍ يُجرِّدُها الشِّتاءُ |
فوَصْلُكِ والرحيلُ عمَى عُيُونِي |
مَنَ الأشواقِ، أدْمَاها البُكاءُ |
كِيَانِي في الفِراق ضَئيلُ قَشٍّ |
عَلاهُ العَصْفُ ليلاً والهَواءُ |
عُروقِي مِن أَسَايَ تَجِفُّ غمًّا |
فَتروِيها بِلُقيَاكِ الدِّماءُ |
فيَا ليلَ الأَسَى قدْ دُمتَ خُلداً |
فهَلْ يُجْلِيكَ مِن عُمْرِي الضِّيَاءُ |
|
لِوَصْفِكِ - إنْ وصَفتُ - لهُ انتِهاءٌ |
سوادُكِ في الرُّؤَى نُورٌ وقُدسٌ |
ورَوضُكِ لِلسَّمَاءِ لهُ السَّمَاءُ |
وَيَكسوْهَا السَّوادُ.. كأنَّ بدراً |
لهُ في اللَّيلِ وَهْجٌ يُستَضاءُ |
جَمالٌ في المقامِ لهُ مُهابٌ |
وأَركانٌ يُزَيِّنُها الغِطاءُ |
بِها الدُّنيا غَدَتْ للكَونِ قلباً |
على نبضاتِهِ دامَ البَقاءُ |
بِها الآفاقُ أكوانٌ تَجَلَّتْ |
بِها الأجواءُ مِصباحٌ يُضاءُ |
بها النَّسماتُ أفواهٌ تنادِي |
لهُ التَّهليلُ دوماً والثَّناءُ |
لها ربٌّ يُتوِّجُها بِنُورٍ |
هُوَ النُّورُ الإلهِيُّ المُضَاءُ |
لَها ضوءٌ عَلا الأضواءَ وَهْجاً |
بألوانٍ، فَيَتْبَعُهُ الفَضاءُ |
رَحَلتُ مُهاجِراً أهلِي ومَالِي |
لِلُقياها, فقَدْ طَفَحَ الإنَاءُ |
سَعَيتُ مُنادياً والقَلبُ طَيرٌ |
يُرفرِفُ نَحوَها والعَينُ مَاءُ |
تُسابِقُ مِن عظِيمِ الشّوقِ قَلبِي |
معَ السَّاقِينَ، يُسْعِفُها السَّخاءُ |
فنادَى القلبُ: يا قَدَمَـيَّ سِيْرَا |
فأَسْلَمَها إلى الرَّكْضِ الوَفاءُ |
قَرُبْتُ وَمِن فِنَاهَا عِندَ ليلٍ |
كأنَّ الأُفْقَ فَجرٌ وارتِقاءُ |
أُعانِقُها كأضلاعِي لقَلْبِي |
وأحْضُنُها فيغمُرُني البَهاءُ |
عَجِبتُ لِطَلعَةٍ فاقَتْ خَيالاً |
يؤجِّجُها بأضْواءٍ سَناءُ |
جَلستُ أمامَها والعَينُ مَلأَى |
بآياتٍ يُزخرِفُها النَّقَاءُ |
سَجدتُ أمَامَها للهِ ربًّا |
فرؤيتُها لِهَيبتِها نَماءُ |
يلازمني الأمان كأنَّ رُوحِيْ |
يُدثِّرُها بأَعْصَارٍ بِناءُ |
دخلتُ مُنادياً "اَللهُ أكبَرْ" |
فسارَعَ مِن مُناداتِي الوَلاءُ |
ستيرٌ ماجدٌ رَبُّ رحِيمٌ |
عِظيمٌ غافِرٌ أحَدٌ، رَجاءُ |
دخَلتُ مؤمِّلاً كرَماً وَفَوزاً |
ومَرضاةً بِها يعْلُو الرِّضَاءُ |
فذنبِي ذَلَّنِي، والذَّنبُ ذُلٌّ |
فمِنهُ ظاهرٌ، مِنهُ الخَفاءُ |
فكيفَ بِحيلَتِي والنَّفْسُ ثَقْلَى |
بِمعصِيةٍ بها يَكْبُوْ الدُّعاءُ |
|
دخَلتُكِ طالباً ربِّي مَلاذاً |
دخلتُكِ حامِلاً في النَّفْسِ وِزْراً |
عَلا الأكوانَ ضيق وإِسْتِياءُ |
قَدِمْتُكِ حافياً، نَدَمِي عظيمٌ |
لوجهِكِ قادَني ربِّي ابتِغاءُ |
قدِمْتُكِ شاكياً للهِ أمْرِي |
فقَدْ أضحَى معَ الذَّنبِ البَلاءُ |
دخلْتُكِ حائراً: هلْ مِن شفيعٍ |
فيأتِينِي مِنَ اللهِ النِّدَاءُ |
أَتسأَلُ شافِعاً وأنا قَرِيبٌ |
أُجِيبُ لِدعوَةٍ فيها الرَّجاءُ؟! |
تُراني هَلْ أَعِيشُ ويأتِي يَومٌ |
فيَجْمَعُنِي معَ البَيتِ اللِّقاءُ؟ |
سَلامٌ لِلمَقامِ ومَنْ بَناهُ، |
سلامٌ صَادِقٌ فيهِ الوَفَاءُ |