أحدث المشاركات
صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 35

الموضوع: علامات الساعة

  1. #11
    الصورة الرمزية ناريمان الشريف أديبة
    تاريخ التسجيل : Mar 2009
    الدولة : في بلاد ٍ الموت فيها معجون بالحياة
    العمر : 65
    المشاركات : 1,387
    المواضيع : 61
    الردود : 1387
    المعدل اليومي : 0.25

    افتراضي

    بارك الله فيك وجزاك ربي خيراً
    أكمل وأنا من المتابعين بإذن الله



    تحية ... ناريمان

  2. #12
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Feb 2011
    المشاركات : 570
    المواضيع : 222
    الردود : 570
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي ماذا بقى من العلامـــــــــــــــات؟

    بقاء هذه الأمَّة

    تقدير عمر أمّة محمّد صلى الله عليه وسلم مرتبط بتقدير عمر اليهود، فليس هناك نصّ في أنّ بقاء هذه الأمّة هو 1400 سنة، بل هي حسابات قائمة على أنّ عمر اليهود والنصارى المقدّر إلى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم هو 2100 سنة وزيادة قليلة، لذلك لا يصحّ الجزم بعمرٍ محدّد إطلاقًا دون تقييد، ولكننا نجزم بما دلّت عليه النصوص من تقدير مدَى بقائنا بالنسبة لمن سبقنا.

    ومن الحساب المبني على هذه النصوص الصحيحة الصريحة نجزم بأنَّ عمر هذه الأمَّة منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم هو (1400 سنة) بناءً على أنَّ العمر المقدَّر لليهود والنصارى (2100 سنة)، وأنَّنا نعيش الآن في الزيادة التي لا يعلم قدرها إلاّ الله سبحانه وتعالى.

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إنَّما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، أوتي أهل التوراة التوراة فعملوا حتى إذا انتصف النهار عجزوا فأُعطوا قيراطًا قيراطا، ثمَّ أُوتي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا إلى صلاة العصر ثمَّ عجزوا فأُعطوا قيراطًا قيراطا، ثمَّ أوتينا القرآن فعملنا إلى غروب الشمس فأعطينا قيراطين قيراطين}(صحيح البخاري).

    وقال سلمان: (فترة بين عيسى ومحمَّد صلى الله عليهما وسلم ستمائة سنة)(صحيح البخاري).

    وقال الحافظ ابن حجر: (واستدلّ به على أنَّ بقاء هذه الأمّة يزيد على الألف لأنه يقتضي أنَّ مدّة اليهود نظير مدَّتَي النصارى والمسلمين، وقد اتفق أهل النقل على أنَّ مدّة اليهود إلى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كانت أكثر من ألفي سنة ومدّة النصارى من ذلك ستمائة)(فتح الباري).

    وقال الإمام السيوطي: (الذي دلّت عليه الآثار أنّ مدة هذه الأمّة تزيد على الألف ولا تبلغ الزيادة خمسمائة أصلاً)(رسالة: الكشف عن مجاوزة هذه الأمّة الألف).

    وذكَر أمين محمّد جمال الدِّين في كتابه (عمر أمّة الإسلام)* أنَّ أهل النقل وكتب التاريخ العامّ ذكروا أنَّ مدة اليهود تزيد عن الألفين بأكثر من مائة سنة.
    * أصل هذا الموضوع والحسابات هنا منه.

    إذاً: مدّة اليهود (بين موسى وعيسى) = 2100 - 600 (مدّة النصارى) = 1500 سنة وتزيد قليلا.

    وحيث أنَّ عمر أمّة محمّد صلى الله عليه وسلم = مدّة اليهود - مدّة النصارى
    إذاً: عمر أمّة محمّد صلى الله عليه وسلم = 1500 - 600 = 900 سنة وتزيد قليلا.

    هذا بالإضافة إلى 500 سنة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إنّ الله لن يعجزني في أمّتي أن يؤخّرها نصف يوم}(صحيح الجامع) (قيل: كم نصف ذلك اليوم، قال: خمسمائة سنة) صحّحه المقدسي في الأحاديث المختارة وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين.

    ونكمل معكم هذا الجزء
    ونبدا بأسم الله مع أول العلامات الكبرى ثبتنا الله وأياكم يارب

    محمَّد بن عبد الله (المهدي)
    قال النبي صلى الله عليه وسلم: {عمْران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح قسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال}(صحيح الجامع) وقد سبقت الإشارة إلى خراب يثرب على يد السفياني، وقبل ذلك يكون عمار بيت المقدس وربما يكون على يد الرايات السود.

    وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {يكون اختلافٌ عند موت خليفة فيخرج رجلٌ من قريش من أهل المدينة [هاربًا] إلى مكة فيأتيه ناسٌ من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام، فيبعثون إليه جيشًا من أهل الشام فإذا كانوا بالبيداء خُسف بهم فإذا بلغ الناس ذلك أتاه أبدال أهل الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه وينشأ رجلٌ من قريش أخواله من كلب فيبعث إليهم [المكي] جيشًا فيهزمونهم ويظهرون عليهم فيقسم بين الناس فيعمل فيهم بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض، يمكث سبع سنين}(رواه ابن حبان وأبي يعلى وقال حسين أسد: إسناده من طريق مجاهد حسن) وعن الخسف روى مسلم في صحيحه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: {يعوذ عائذٌ بالبيت، فيبعث إليه بعث، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خُسِف بهم} وقال: {ليَؤمَّنَّ هذا البيت جيشٌ يغزونه حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض يُخسف بأوسطهم وينادي أولهم آخرهم ثم يُخسَف بهم فلا يبقى إلاّ الشريد الذي يخبر عنهم} وقال: {سيعوذ بهذا البيت يعني الكعبة قومٌ ليست لهم منعة ولا عدد ولا عدّة يبعث إليهم جيش حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم} قال أبو جعفر: هي بيداء المدينة. وهذا الخسف هو الخسف الذي في جزيرة العرب، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: {إذا سمعتم بقومٍ قد خُسِف فيهم هاهنا قريبًا فقد أظلّت الساعة}(صحيح الجامع) يعني قريب المدينة النبوية، والخلاف المقصود هنا لعلّه الخلاف بين أصحاب الرايات السود وما يتبعه من ظهور السفياني والمذابح التي يرتكبها، والله تعالى أعلم.

    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المهدي: {لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلمًا وعدوانا، ثمَّ يخرج رجلٌ من أهل بيتي أو عترتي فيملؤها قسطًا وعدلاً كما مُلئت ظلمًا وعدوانا}(صحيح ابن حبان وقال الأرنؤوط: صحيح على شرط الشيخين) وقال صلى الله عليه وسلم: {لا تقوم الساعة حتى يملك الناسَ رجلٌ من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي فيملؤها قسطًا وعدلاً كما مُلئت قبله ظلمًا يملك سبع سنين}(صحيح ابن حبان) وقال: {يخرج في آخر أمَّتي المهدي يسقيه الله الغيث وتُخرج الأرض نباتها ويعطي المال صحاحًا وتكثر الماشية وتعظم الأمة، يعيش سبعًا أو ثمانيا}(صحّحه الحاكم والذهبي) فالمهدي هو محمَّد بن عبد الله من آل البيت شاب وسيم أكحل العينين أقنَى الأنف أجلى الجبهة برّاق الثنايا كثّ اللحية، وُلد بالمدينة.

    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن غنيمة كلب: {فيجهز إليه جزءٌ من الشام أخواله من كلب فيجهز إليه جيش فيهزمهم الله فتكون الدائرة عليهم فذلك يوم كلب الخائب من خاب من غنيمة كلب، فيستفتح الكنوز ويقسم الأموال} قال الهيثمي في الزوائد: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {المحروم من حُرم غنيمة كلب ولو عقالاً، والذي نفسي بيده لتباعنّ نساءهم على درج دمشق حتى تُرَدّ المرأة من كسرٍ يوجد بساقها}(صحّحه الحاكم والذهبي) وهذه أوّل معارك المهدي وبها تُفتح جزيرة العرب (وتشمل الشام والعراق)، والمهدي لا تُهزم له راية بتأييد الله له، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله ثمَّ فارس فيفتحها الله ثمَّ تغزون الروم فيفتحها الله ثمَّ تغزون الدجال فيفتحه الله}(صحيح مسلم) وغزو الروم هو الملحمة الكبرى وفتح القسطنطينية


    الحرب العالمية الثالثة والملحمة الكبرى

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ستصالحكم الروم} وفي روايةٍ أخرَى قال: {تصالحون الروم صلحًا آمنًا حتى تغزوا أنتم وهم عدوًّا من ورائهم، فتنصرون وتسلمون وتغنمون وتنصرفون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول، فيقول قائل من الروم: غلب الصليب، ويقول قائل من المسلمين: بل الله غلب، فيثور المسلم إلى صليبهم وهو منه غير بعيدٍ فيدقّه، وتثور الروم إلى كاسر صليبهم فيضربون عنقه، ويثور المسلمون إلى أسلحتهم فيقتتلون، فيكرم الله تلك العصابة من المسلمين بالشهادة، فتقول الروم لصاحب الروم: كفيناك العرب، فيغدرون فيجتمعون للملحمة فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كلّ غاية اثنا عشر ألفًا} وفي روايةٍ أخرَى قال: {فعند ذلك تغدر الروم وتكون الملاحم فيجتمعون إليكم فيأتونكم في ثمانين غاية مع كل غاية عشرة آلاف}(صحَّحه ابن حبان والحاكم والذهبي والألباني والأرنؤوط) وقد يكون فتح فارس (إيران) ضمن هذه الحرب أو قبلها، وكثير من النصارى يعود بعد هذه الحرب مع المسلمين مسلمين، بعدها تكون الملحمة الكبرَى.

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فسطاط المسلمين يوم الملحمة الكبرى بأرضٍ يُقال لها (الغوطة) فيها مدينة يُقال لها (دمشق) خير منازل المسلمين يومئذ}(صحيح الجامع) وقال: {لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق، فيخرج إليهم جيشٌ من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافُّوا قالت الروم: خلُّوا بيننا وبين الذين سُبوا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون: لا والله لا نخلّي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدًا ويُقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله ويفتتح الثلث لا يُفتنون أبدًا فيفتتحون قسطنطينية فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علَّقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان إنَّ المسيح قد خلفكم في أهليكم فيخرجون وذلك باطل، فإذا جاؤوا الشام خرج، فبينما هم يعدّون للقتال يسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فأَمّهم فإذا رآه عدوّ الله ذاب كما يذوب الملح في الماء فلو تركه لانذاب حتى يهلك ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه في حربته}(صحيح مسلم) وفي تفصيل أكثر لأحداث الملحمة الكبرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {...وتكون عند ذاكم القتال رِدّةٌ شديدة فيشترط المسلمون شرطة -(وهي طائفة من الجيش تقدم)- للموت لا ترجع إلاّ غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كلٌّ غير غالب وتفنَى الشرطة، ثمَّ يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلاّ غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كلٌّ غير غالب وتفنَى الشرطة، ثمَّ يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلاّ غالبة فيقتتلون حتى يمسوا فيفيء هؤلاء وهؤلاء كلٌّ غير غالب وتفنى الشرطة، فإذا كان اليوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام فيجعل الله الديرة -(الدائرة)- عليهم -(على الروم)- فيقتلون مقتلة إمّا قال: لا يُرَى مثلها وإمّا قال: لم يُرَ مثلها، حتى إنّ الطائر ليمرّ بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخرّ ميتا، فيتعادّ بنو الأب كانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلاّ الرجل الواحد، فبأيّ غنيمةٍ يُفرح أو أيّ ميراثٍ يُقسم...}(صحيح مسلم)

    ثمَّ تُفتح القسطنطينية (اسطنبول)؛ يفتحها 70 ألفًا من بني إسحاق بالتهليل والتكبير (بلا قتال).

    قال النبي صلى الله عليه وسلم: {سمعتم بمدينة جانبٌ منها في البَرّ وجانبٌ في البحر؟} قالوا: نعم يا رسول الله، (يعني القسطنطينية؛ وهي اسطنبول) قال: {لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفًا من بني إسحاق فإذا جاؤوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم، قالوا: لا إله إلاّ الله والله أكبر فيسقط أحد جانبيها. قال ثور -راوي الحديث-: لا أعلمه إلاّ قال: الذي في البحر، ثمَّ يقولوا الثانية لا إله إلاّ الله والله أكبر فيسقط جانبها الآخر، ثمَّ يقولوا الثالثة لا إله إلاّ الله والله أكبر فيفرّج لهم فيدخلوها، فبينما هم يقتسمون المغانم إذ جاءهم الصريخ فقال: إنَّ الدجّال قد خرج فيتركون كلّ شيء ويرجعون}(رواه مسلم).

    وروى الحاكم في مستدركه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: {الملحمة العظمى وفتح القسطنطينية وخروج الدجال في سبعة أشهر} سكت عنه الحاكم والذهبي.

    ثانيا: المسيح الدجال:

    سمي الدجال مسيحا؛ لأن إحدى عينيه ممسوحة، أو لأنه يمسح الأرض أربعين يوما.

    1- معنى الدجال:

    وسمي الدجال دجالا: لأنه يغطي الحق بالباطل، أو لأنه يغطي على الناس كفره بكذبه وتمويهه وتلبيسه عليهم.

    2- صفة الدجال:

    الدجال رجل من بني آدم له صفات كثيرة جاءت بها الأحاديث لتعريف الناس به، وتحذيرهم من شره. وردت صفة

    الدجال في الأحاديث وهذه الصفات هي:

    أنه رجل شاب أحمر، قصير، أفحج، جعد الرأس، أجلى الجبهة، عريض النحر، ممسوح العين اليمنى، وهذه العين ليست بناتئة (بارزة) ولا جحراء ( ليست غائرة منجحرة في نقرتها) كأنها عنبة طافئة. وعينه اليسرى عليها ظفرة الحمة تنبت عند مقدمة العين) غليظة. ومكتوب بين عينيه ( ك ف ر) بالحروف المقطعة، أو (كافر) بدون تقطيع يقرؤها كل مسلم كاتب وغير كاتب. ومن صفاته أنه عقيم لا يولد له.

    روى الإمام مسلم بسنده إلى عامر بن شرحبيل الشعبي- شعب همدان- أنه سأل فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس- وكانت من المهاجرات الأول- فقال: حدثيني حديثا سمعتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسنديه إلى أحد غيره. فقالت: لئن شئت لأفعلن. فقال لها: أجل. حدثيني فذكرت قصة تأيمها من زوجها واعتدادها عند ابن أم مكتوم. ثم قالت: فلما انقضت عدتي سمعت نداء المنادي؟ منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي: الصلاة جامعة. فخرجت إلى المسجد فصليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت في صف النساء التي تلي ظهور القوم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال: "ليلزم كل إنسان مصلاه، ثم قال: أتدرون لم جمعتكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة، ولكن جمعتكم لأن تميما الداري كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم، وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال، حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام، فلعب بهم الموج شهرا في البحر، ثم أرفؤا إلى جزيرة... فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر، لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر. فقالوا: ويلك ما أنت؟ فقالت : أنا الجساسة. فقالوا: وما الجساسة؟ قالت: أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق. قال: لما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة، قال. فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا، وأشده وثاقا، مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد. قلنا: ويلك ما أنت؟

    قال. قد قدرتم على خبري، فأخبروني ما أنتم؟

    قالوا: نحن أناس من العرب، ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم (أي هاج) فلعب بنا الموج شهرا ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه، فجلسنا في أقربها، يدخلنا الجزيرة فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر، لا يدري ما قبله من دبره من كثرة الشعر، فقلنا. ويلك ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة، قلنا. وما الجساسة؟ قالت: اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق، فأقبلنا إليك سراعا وفزعنا منها، ولم نأمن أن تكون شيطانة.

    قال أخبروني عن نخل بيسان (مدينة بالأردن بالغورالشامي)..

    قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها هل يثمر؟

    قلنا له: نعم، قال: أما إنه يوشك ألا تثمر. قال: أخبروني عن بحيرة الطبرية؟ قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قلنا: هي كثيرة الماء. قال: أما إن ماءها يوشك أن يذهب. قال: أخبروني عن عين زغر؟ (في طرف البحيرة المنتهية في واد هناك بينها وبين بيت المقدس ثلاثة أيام وهي من ناحية الحجاز).

    قالوا: عن أي شأنها تستخبر؟

    قال: هل في العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟

    قلنا له: نعم هي كثيرة الماء، وأهلها يزرعون من مائها.

    قال: أخبروني عن نبي الأميين ما فعل؟

    قالوا: قد خرج من مكة ونزل يثرب. قال: أقاتله العرب؟ قلنا: نعم. قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه. قال لهم: قد كان ذلك؟ قلنا: نعم.

    قال: أما إن ذاك خير لهم أن يطيعوه، وإني مخبركم عني: إني أنا المسيح، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج، فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة، فهما محرمتان علي كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحدا منها استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها. قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعن بمخصرته في المنبر: "هذه طيبة، هذه طيبة، هذه طيبة- يعني المدينة- ألا هل كنت حدثتكم ذلك؟ فقال الناس: نعم. فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة، ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن، لا بل من قبل المشرق ما هو: من قبل المشرق ما هو، وأومأ بيده إلى المشرق. قالت: فحفظت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    .................................................. .............................................يت ع لاحقا...
    سبحان الله ... والحمد الله .... ولا إله إلا الله .... والله أكبر

  3. #13

  4. #14
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Feb 2011
    المشاركات : 570
    المواضيع : 222
    الردود : 570
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي ماذا بقى من العلامـــــــــــــــات؟

    3- مكان خروج الدجال:

    يخرج الدجال من جهة المشرق من خرسان، من يهودية أصبهان ثم يسير في الأرض فلا يترك بلدا إلا دخله إلا مكة والمدينة فلا يستطيع دخولها؟ لأن الملائكة تحرسهما.

    4- أتباع الدجال:

    أكثر أتباع الدجال من اليهود والعجم والترك، وأخلاط من الناس غالبهم الأعراب والنساء.

    روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفا عليهم الطيالسة". وأما كون أكثر أتباعه من الأعراب فلأن الجهل غالب عليهم، ولما جاء في حديث أبي أمام الطويل قوله صلى الله عليه وسلم: "وإن من فتنته- أي الدجال- أن يقول للأعرابي: أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك فيقول: نعم فيتمثل له الشيطان في صورة أبيه وأمه فيقولان: يا بني اتبعه فإنه ربك " أخرجه ابن ماجه.

    وأما النساء فحالهن أشد من حال الأعراب لسرعة تأثرهن وغلبة الجهل عليهن، ففي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ينزل الدجال في هذه السبخة بمرقناة فيكون أكثر من يخرج إليه من النساء، حتى إن الرجل يرجع إلى حميمة وإلى أمه وابنته وأخته وعمته فيوثقها رباطا مخافة أن تخرج إليه " رواه الإمام أحمد.

    5- فتنة الدجال:.

    فتنة الدجال أعظم الفتن منذ خلق الله ادم إلى قيام الساعة، وذلك بسبب ما يخلق الله معه من الخوارق العظيمة التي تبهر العقول وتحير الألباب. فقد ورد أن معه جنة ونارا، وجنته نار وناره جنة، وأن معه أنهار الماء وجبال الخبز، ويأمر السماء أن تمطر فتمطر. والأرض أن تنبت فتنبت، وتتبعه كنوز الأرض، ويقطع الأرض بسرعة عظيمة كسرعة الغيث استدبرته الريح، إلى غير ذلك من الخوارق، وكل ذلك جاءت به الأحاديث الصحيحة.

    وسبب افتتان الناس بالدجال أمور:

    1-ظهور زهرة الدنيا والخصب معه، واستجابة الجماد لأمره.

    فقد ثبت في الحديث الصحيح: أنه قبل خروج الدجال بثلاث سنوات يصيب الناس فيها جوع شديد، حيث يأمر الأرض فتحبس نباتها كله، فلا تنبت خضراء، فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت إلا ما شاء الله، ثم يأتي المسيح الدجال على هذه الحال فتكون من فتنته أنه يأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، ويأمر خرائب الأرض أن تخرج كنوزها المدفونة فتستجيب له ".

    فعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة.. وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ".. فيأتي على القوم- أي الدجال- فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا، وأسبغه ضروعا، وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل... " رواه مسلم.

    2- يجيء الدجال معه مثل الجنة والنار يتبعه نهران:

    فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن مع الدجال إذا خرج ماء ونارا، فأما الذي يرى الناس أنه نار فماء بارد، وأما الذي يرى الناس أنه ماء فنار تحرق، فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يرى أنه نار، فإنه ماء عذب بارد" رواه البخاري.

    وعن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه قال: ما سأل أحد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدجال أكثر ممن سألته وإنه قال لي: "ما يضرك منه؟ قلت: إنهم يقولون: إن معه جبل خبز ونهر ماء، قال: هو أهون على الله من ذلك " رواه البخاري ومسلم.

    3- سرعة انتقاله في الأرض والبلاد التي لا يستطيع دخولها:

    ففي حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه- الطويل- قال: "... قلنا: يا رسول الله، وما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرته الريح... " رواه مسلم.

    وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "... وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه إلا مكة والمدينة لا يأتيها من نقب من أنقابها إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلته حتى ينزل عند الضريب الأحمر عند منقطع السبخة، فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فلا يبقى فيها منافق ولا منافقة إلا خرج إليه؟ فتنفي الخبيث منها كما ينفي الكير خبث الحديد " أخرجه ابن ماجه والحاكم وابن خزيمة.

    4- استجابة الشيطان لأوامره:

    فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "... وإن من فتنته أن يقول للأعرابي: أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك؟ فيقول: نعم، فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه

    فيقولان: يا بني اتبعه فإنه ربك " حديث صحيح رواه ابن ماجه والحاكم في المستدرك.

    .................................................. .................................................. ............يتبع لاحقا...

  5. #15
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Feb 2011
    المشاركات : 570
    المواضيع : 222
    الردود : 570
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي ماذا بقى من العلامـــــــــــــــات؟

    قتله للشاب المؤمن ثم إحياؤه:

    في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا طويلا عن الدجال فكان فيما حدثنا به أنه قال: "يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة، فينتهي إلى بعض السباخ التي بالمدينة، فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس أو من خير الناس فيقول: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه. فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته. هل تشكون في الأمر؟ فيقولون: لا، فيقتله ثم يحييه. فيقول حين يحييه: والله ما كنت قط أشد بصيرة مني اليوم. فيقول الدجال: اقتله ولا يسلط عليه ).

    ولمسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يخرج الدجال فيتوجه قبله رجل من المؤمنين فتلقاه المسالح، مسالح الدجال فيقولون له: أين تعمد؟ فيقول: أعمد إلى هذا الذي خرج. قال: فيقولون له: أوما تؤمن بربنا؟ فيقول: ما بربنا خفاء. فيقولون: اقتلوه. فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحدا دونه. فينطلقون به إلى الدجال، فإذا رآه المؤمن قال: يا أيها الناس، هذا الدجال الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فيأمر الدجال فيشبح فيقول: خذوه وشجوه فيوسع ظهره وبطنه ضربا. قال: فيقول: أو ما تؤمن بي؟ قال: فيقول: أنت المسيح الكذاب. قال: فيؤمر به فيؤشر بالمنشار من مفرقه حيث يفرق بين رجليه. قال: ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم يقول له: قم، فيستوي قائما. قال: ثم يقول: أتؤمن بي؟ فيقول: ما ازددت فيك إلا بصيرة. قال: ثم يقول: يا أيها الناس، إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس. قال: فيأخذه الدجال ليذبحه فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاسا فلا يستطيع إليه سبيلا. قال: فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار، وإنما ألقي في الجنة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين ".
    6- الوقاية من فتنة الدجال بأمور:

    1- التمسك بالإسلام والتسلح بسلاح الإيمان ومعرفة أسماء الله وصفاته الحسنى التي لا يشاركه فيها أحد، فيعلم أن الدجال بشر يأكل ويشرب، وأن الله تعالى منزه عن ذلك، وأن الدجال أعور والله ليس بأعور، وأنه لا أحد يرى ربه حتى يموت، والدجال يراه الناس عند خروجه مؤمنهم وكافرهم.

    2- التعوذ من فتنة الدجال وخاصة في الصلاة، وقد وردت بذلك الأحاديث الصحيحة، فمنها ما رواه الشيخان والنسائي عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة: " اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ".

    وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال ".

    وكان ا لإمام طاوس يأمر إبنه بإعادة الصلاة إذا لم يقرأ بهذا الدعاء في صلاته. وهذا دليل على حرص السلف على تعليم أبنائهم هذا الدعاء العظيم.

    قال السفاريني: مما ينبغي لكل عالم أن يبث أحاديث الدجال بين الأولاد والنساء والرجال، وقد ورد أن من علامات خروجه نسيان ذكره على المنابر .

    3- حفظ آيات من سورة الكهف، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقراءة فواتح سورة الكهف على الدجال. وفي بعض الروايات خواتيمها، وذلك بقراءة عشر آيات من أولها أو آخرها، ومن الأحاديث الواردة في ذلك ما رواه مسلم من حديث النواس بن سمعان الطويل وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : " من أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف ". وروى مسلم أيضا عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال " أي من فتنته. قال مسلم: قال شعبة: من آخر الكهف. وقال همام: من أول الكهف.

    وقال النووي: سبب ذلك ما في أولها من العجائب والآيات، فمن تدبرها لم يفتتن بالدجال، وكذا آخرها قوله تعالى: (( أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا..)).

    4- الفرار من الدجال والابتعاد منه والأفضل سكنى مكة والمدينة، فقد سبق أن الدجال لا يدخل مكة والمدينة، فينبغي للمسلم إذا خرج الدجال أن يبتعد منه، وذلك لما معه من الشبهات والخوارق العظيمة التي يجريها الله على يديه فتنة للناس، فإنه يأتيه الرجل وهو يظن في نفسه الإيمان والثبات فيتبع الدجال. نسأل الله أن يعيذنا من فتنته وجميع المسلمين.

    7- هلاك الدجال:

    يكون هلاك الدجال على يدي المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة، وذلك أن الدجال يظهر على الأرض كلها إلا مكة والمدينة، ويكثر اتباعه وتعم فتنته، ولا ينجو منها إلا قلة من المؤمنين. وعند ذلك ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام على المنارة الشرقية بدمشق، ويلتف حوله عباد الله المؤمنون فيسير بهم قاصدا المسيح الدجال، ويكون الدجال عند نزول عيسى متوجها نحو بيت المقدس فيلحق به عيسى عليه السلام عند باب (لد) فإذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الملح، فيقول له عيسى عليه السلام: (إن لي فيك ضربة لن تفوتني، فيتداركه عيسى فيقتله بحربته، وينهزم أتباعه فيتبعهم المؤمنون فيقتلونهم حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم، يا عبدالله، هذا يهودي خلفي تعال فاقتله إلا الغرقد؟ فإنه من شجر اليهود).
    سبحان الله ... والحمد الله .... ولا إله إلا الله .... والله أكبر
    الدجال وما بعده إلى قيام الساعة
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {غير الدجَّال أخوَفني عليكم إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامرؤٌ حجيج نفسه والله خليفتي على كلّ مسلم، إنَّه شابٌّ قطَط عينه طافئة كأنِّي أشبِّهه بعبد العزَّي بن قطن فمن أدركه منكم فلْيقرأ عليه فواتح سورة الكهف، إنَّه خارج خلة بين الشام والعراق فعاث يمينًا وعاث شمالاً يا عباد الله فاثبتوا} قيل: يا رسول الله؛ وما لبثه في الأرض، قال: {أربعون يومًا؛ يومٌ كسنة ويومٌ كشهر ويومٌ كجمعة وسائر أيامه كأيامكم} قيل: يا رسول الله؛ فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم، قال: {لا، اقدروا له قدره} قيل: يا رسول الله؛ وما إسراعه في الأرض، قال: {كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرًّا وأسبغه ضروعًا وأمدّه خواصر، ثمّ يأتي القوم فيدعوهم فيردُّون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيءٌ من أموالهم، ويمرُّ بالخربة فيقول لها أَخرِجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ثمَّ يدعو رجلاً ممتلئًا شبابا فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثمّ يدعوه فيقبل ويتهلّل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح بن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعًا كفّيه على أجنحة ملَكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدّر منه جمان كاللؤلؤ فلا يحلّ لكافرٍ يجد ريح نفسه إلاَّ مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لدّ فيقتله ثمّ يأتي عيسى بن مريم قوم قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدّثهم بدرجاتهم في الجنَّة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى: إنِّي قد أخرجت عبادًا لي لا يدان لأحدٍ بقتالهم فحرِّز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كلّ حدبٍ ينسلون، فيمرّ أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ويمرّ آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرّة ماء، ويُحصَر نبيّ الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرًا من مائة دينارٍ لأحدكم اليوم فيرغب نبيّ الله عيسى وأصحابه فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسي كموت نفسٍ واحدة ثمَّ يهبط نبيُّ الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبرٍ إلاَّ ملأه زهمهم ونتنهم فيرغب نبيّ الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله طيرًا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ثمَّ يرسل الله مطرًا لا يكنّ منه بيت مدَرٍ ولا وَبرٍ فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة، ثمَّ يُقال للأرض أنبتي ثمرتك وردِّي بركتك فيومئذٍ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلّون بقحفها ويبارَك في الرسل حتى أنَّ اللقحة من الإبل لتكفي المئات من الناس واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحًا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كلَّ مؤمن وكلّ مسلم ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة}(صحيح مسلم).

  6. #16
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Feb 2011
    المشاركات : 570
    المواضيع : 222
    الردود : 570
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي ماذا بقى من العلامـــــــــــــــات؟

    المسيح عيسى بن مريم

    في أحد الأيام العظيمة عند المسلمين عند إقامة صلاة الفجر ينزل رسول الله عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم عند المنارة البيضاء شرق دمشق ويصلي خلف الإمام (المهدي) ثمَّ يأمر بفتح الباب فيراه الدجال فيهرب، فيلحق به ويدركه عند باب لدّ الشرقي عند فلسطين ويقتله بحربته فتنتهي فتنته الطويلة، ويقاتل المسلمون اليهود ويقتلونهم فينتهي اليهود، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لا تقوم الساعة حتى ينزل فيكم بن مريم حكمًا مقسطًا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد}(متفق عليه) وقال: {لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أو الشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله إلاّ الغرقد فإنّه من شجر اليهود}(متفق عليه واللفظ لمسلم).

    ثمَّ يبعث الله تعالى يأجوج ومأجوج وهم من كلّ حدبٍ ينسلون، فيتحصَّن الناس في مدنهم وحصونهم ويلجأ نبي الله عيسى صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين إلى الطور، إذ لا قِبَل ولا قدرة لأحدٍ من الناس على مواجهة يأجوج ومأجوج، فيدعو نبيّ الله عيسى صلى الله عليه وسلم ربّه فيرسل عليهم الدود في أعناقهم فيموتون موتةً واحدة، فتمتلئ الأرض من زهمهم ونتنهم فيرغب المسيح إلى الله تعالى فيرسل عليهم طيرًا كأعناق البخت (الإبل طويلة العنق) تحملهم إلى حيث شاء الله ثمَّ يرسل المطر فيغسل الأرض.

    ثمَّ يفتح المسيح صلى الله عليه وسلم روما ويقاتل الناس على الإسلام فلا يقبل غير الإسلام، ويُهلك الله المللَ كلَّها غير الإسلام، وتنتهي الحروب كلّها ويعمّ السلام والأمن والبركة حتى تكفي الرمَّانة الجماعة من الناس ويكفي عنقود العنب الجماعة من الناس، ويُنزع السمّ من كلّ ذي سمّ وتُنزع الحمة (الشراسة والوحشية) من الوحوش حتى يُدخل الطفل يده في فم الحية لا تضرّه ويلعب الناس مع الأسود ويمشي الذئب مع الغنم لا يضرّها ويفيض المال حتى لا يقبله أحد وترتفع البغضاء والشحّ والحسد وتُخرِج الأرض نباتها زمن آدم صلى الله عليه وسلم، وتعود أرض العرب مروجًا وأنهارا، قال النبي محمَّد صلى الله عليه وسلم: {لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض حتى يخرج الرجل بزكاة ماله فلا يجد أحدًا يقبلها منه، وحتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارا}(صحيح مسلم).

    وعيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم قد وُلد قبل عشرات القرون (أكثر ألفَي عام) من أمّ بلا أب، شاب جميل مربوع الجسم آدم كأحسن ما ترَى من أدم الرجال أقرب إلى الحمرة والبياض، ناعم الشعر تملأ لمته (شعره) بين كتفيه، كأنّه خارج من حمام من شدّة نداوته، يمكث أرعين عامًا ثم يموت ويصلِّي عليه المسلمون، وقيل إنَّه يُدفن بجوار نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما.


    فسارعو في التوبة والرجوع الى الله سبحانه وتعالى

    أختم كلامي بالحديث الشريف

    ‏حدثنا ‏ ‏هناد بن السري ‏ ‏وأبو هشام الرفاعي محمد بن يزيد ‏ ‏قالا حدثنا ‏ ‏أبو بكر بن عياش ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبو حصين ‏ ‏عن ‏ ‏أبي صالح ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏قال ‏
    ( قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بعثت أنا والساعة كهاتين وجمع بين إصبعيه )

    وتأكيدا

    ‏حدثنا ‏ ‏محمود بن غيلان ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبو داود ‏ ‏أنبأنا ‏ ‏شعبة ‏ ‏عن ‏ ‏قتادة ‏ ‏عن ‏ ‏أنس ‏ ‏قال ‏
    ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار ‏ ‏أبو داود ‏ ‏بالسبابة والوسطى فما فضل إحداهما على الأخرى ‏
    ‏قال ‏ ‏أبو عيسى ‏ ‏هذا ‏ ‏حديث حسن صحيح

    الدابة وطلوع الشمس من مغربها
    قال النبي صلى الله عليه وسلم: {إنَّ أوّل الآيات خروجًا طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى وأيهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها قريبا}(صحيح مسلم) والمقصود أوّل الآيات الكونية الخارقة للمألوف والمؤذنة بزوال الكون. فبعد ليلةٍ طويلة قدر 3 ليالٍ تطلع الشمس من مغربها حتى تتوسَّط السماء، ويُغلَق باب التوبة، ثمَّ تعود إلى دورتها كما كانت، وفي ضحى ذلك اليوم تخرج دابة عظيمة من صدعٍ في جبل الصفا، فتسِم الناس في وجوهم فتميز بين المؤمن والكافر، لا يفلت منها أحد ولا يدركها أحد، وتمكث عامًا، قال الله سبحانه وتعالى: } وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابّةً من الأرض تكلمهم أنَّ الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون {(82 النمل) وتكلمهم تُقرأ بتشديد اللام وكسرها، وفي أثرٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: {تخرج الدابة معها عصا موسى وخاتم سليمان فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتختم أنف الكافر بالخاتم حتى إنَّ أهل الخوان ليجتمعون فيقول هذا يا مؤمن ويقول هذا يا كافر}(حسّنه الترمذي وضعّفه الألباني والأرنؤوط) وقال: {تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم ثم يعمرون فيكم حتى يشتري الرجل الدابة فيقال : ممن اشتريت ؟ فيقول : من الرجل المخطم}(صحيح الجامع) وفي أثرٍ آخر في مسند الطيالسي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لها ثلاث خرجات من الدهر فتخرج في أقصى البادية ولا يدخل ذكرها القرية يعني مكة ثم تكمن زمانا طويلا ثم تخرج خرجة أخرى دون ذلك فيعلو ذكرها أهل البادية ويدخل ذكرها القرية يعنى مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمة خيرها وأكرمها المسجد الحرام لم يرعهم إلاّ وهي ترغو بين الركن والمقام تنفض عن رأسها التراب فأرفض الناس معها شتى ومعا وثبت عصابة من المؤمنين وعرفوا أنّهم لن يعجزوا الله فبدأت بهم فجلت وجوههم حتى تجعلها كأنّها الكوكب الدرِّيّ وولّت في الأرض لا يدركها طالب ولا ينجو منها هارب حتى إنّ الرجل ليتعوّذ منها بالصلاة فتأتيه من خلفه فتقول يا فلان يا فلان آلآن تصلّى؟ فيقبل عليها فتسمه في وجهه ثم ينطلق ويشترك الناس في الأموال ويصطحبون في الأمصار يعرف المؤمن من الكافر حتى إنّ المؤمن يقول يا كافر أقضني حقِّي وحتى إنّ الكافر يقول يا مؤمن أقضني حقِّي}.

    يأجوج ومأجوج:

    يأجوج ومأجوج: اسمان أعجميان، وقيل: عربيان، وعلى هذا يكون اشتقاقهما من أجت النار أجيجا إذا التهبت. وأصل يأجوج ومأجوج من البشر من ذرية ادم وحواء عليهما السلام.

    ويأجوج ومأجوج من ذرية يافث أبي الترك، ويافث من ولد نوح عليه السلام، والذي يدل على أنهم من ذرية آدم عليه السلام ما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله تعالى: يا آدم. فيقول: لبيك وسعديك والخير بين يديك، فيقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فعنده يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد. قالوا: وأينا ذلك الواحد؟ قال: أبشروا؟ فإن منكم رجلا ومن يأجوج ومأجوج ألف ".

    صفتهم: أما صفتهم التي جاءت بها الأحاديث فهي: يشبهون أبناء جنسهم من الترك الغتم المغول، صغار العيون، دلف الأنوف، صهب الشعور، عراض الوجوه كأن وجوههم المجان المطرقة، على أشكال الترك وألوا نهم.

    وقد وردت روايات ضعيفة في صفاتهم لا داعي لذكرها. والذي تدل عليه الروايات الصحيحة أنهم رجال أقوياء لا طاقة لأحد بقتالهم. ففي حديث النواس بن سمعان أن الله تعالى يوحي إلى عيسى عليه السلام بخروج يأجوج ومأجوج، وأنه لا يدان لأحد بقتالهم، ويأمر بإبعاد المؤمنين من طريقهم فيقول له (حرز عبادي إلى الطور).

    وقد دلت الأدلة من القرآن على خروجهم في آخر الزمان، فمن الأدلة من القرآن قوله تعالى: ((حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون * واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا ياويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين )) الأنبياء96 - 97.

    وقد دلت الأدلة من السنة منها ما ثبت في الصحيحين عن أم حبيبة بنت أبي سفيان عن زينب بنت جحش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوما فزعا يقول: "لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد- اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه- وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها- قالت زينب بنت جحش: فقلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث ".

    ومنها ما جاء في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه وفيه "إذ أوحى الله إلى عيسى: إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم، فحرز عبادي إلى الطور. ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون. فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمرآخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء، ويحضر نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله طيرا كأعناق البخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله "رواه مسلم.

    وزاد في الرواية بعد قوله: "لقد كان بهذه مرة ماء": ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر، وهو جبل بيت المقدس، فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض، هلم فلنقتل من في السماء، فيرمون بنشابهم إلى السماء، فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما " رواه مسلم.

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفيه: " ويخرجون على الناس فيستقون المياه ويفر الناس منهم، فيرمون بسهامهم في السماء فترجع مخضبة بالدماء. فيقولون: قهرنا أهل الأرض وكلبنا من في السماء قوة وعلوا. قال: فيبعث الله عز وجل عليهم نغفا في أقفائهم. قال: فيهلكهم. والذي نفسي بيده، إن دواب الأرض لتسمن وتبطر وتشكر شكرا من لحومهم " أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن غريب. ورواه الحاكم في المستدرك، وصححه الألباني في صحيح الجامع.

    وقد بنى ذو القرنين سد يأجوج ومأجوج ليحجر بينهم وبين جيرانهم الذين استغاثوا به منهم كما ورد في سورة الكهف آية:94.

    والذي يدل على أن هذا السد موجود لم يندك ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في السد قال: "يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يخرقونه قال الذي عليهم: ارجعوا فستخرقونه غدا. قال: فيعيده الله عز وجل كأشد ما كان، حتى إذا بلغوا مدتهم وأراد الله تعالى أن يبعثهم على الناس قال الذي عليهم: ارجعوا فستخرقونه غدا إن شاء الله واستثنى. قال: فيرجعون فيجدونه كهيئته حين تركوه فيخرقونه ويخرجون على الناس فيستقون المياه ويفر الناس منهم " رواه الترمذي وابن ماجه و ا لحاكم.

  7. #17
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Feb 2011
    المشاركات : 570
    المواضيع : 222
    الردود : 570
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي ماذا بقى من العلامـــــــــــــــات؟

    الخسوفات الثلاثة

    دلت على ذلك الأحاديث من السنة منها:

    عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الساعة لن تقوم حتى تروا عشر آيات... فذكر منها: ثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب " رواه مسلم.

    إن من أعظم ما يميز آخر الزمان ، زمن اقتراب الساعة ، ودنو أمرها ، ظهور الأحداث العظام ، المؤذنة باختلال العالم ، وانفراط نظامه ، ومن تلك الأحداث الخسوفات الثلاثة التي أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنها تكون بين يدي الساعة فقد روى مسلم في " صحيحه " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الساعة لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات فذكر الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم ) .

    وأخبرنا صلى الله عليه وسلم أن هذه الخسوفات الثلاثة تكون عقوبة ربانية على ظهور المعاصي وانتشارها كما جاء في الحديث عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( يكون في آخر هذه الآمة خسف ومسخ وقذف ، قالت قلت يا رسول الله : أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم إذا ظهر الخبث ) رواه الترمذي وصححه الشيخ الألباني .

    وقد جعل الله عز وجل هذه الآية مقدمة بين يدي الساعة حتى يعود الناس إلى رشدهم ، ويعلموا أنهم إن أصروا على ما هم عليه من المعاصي والذنوب فإن ما أعده الله للعاصين يوم القيامة لا طاقة لأحد به .

    هذا عن سبب هذا العقوبة الربانية ، أما مكان وقوعها فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أماكن يصيبها عذاب الله بالخسف ، المكان الأول جزيرة العرب ، وليس بالضرورة أن يشمل جميع أرجائها بل ربما أتى على بعض قبائلها ، كما جاء في " المسند " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى يخسف بقبائل فيقال من بقي من بني فلان ) .

    والمكان الثاني جهة المشرق والمراد به مشرق المدينة ، ولا شك أن المقصود موضع بالمشرق وليس جميع أرجائه .
    والمكان الثالث جهة المغرب والمراد به مغرب المدينة النبوية ، والمقصود منه ليس عموم المغرب وإنما موضع منه والله أعلم .

    والذي ينبغي أن يحوز اهتمام المسلم في ذلك ليس مكان العقوبة وإنما سببها ، فإن من تلبس بسبب هذه العقوبة استحقها . نسأل الله السلامة والعافية .
    هذه هي إحدى علامات الساعة وأمارات قربها وهي تصور العقوبة الربانية التي تحل بالأمة عندما تنحل من أخلاقها ، ويغلب عليها الشر والفساد . نسأل الله عز وجل أن يعصمنا من الفواحش ما ظهر منها وما بطن . إنه على كل شيء قدير
    يتبع لاحقا........

    الدخان والريح

    قال الله تعالى: } فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين، يغشى الناس هذا عذاب أليم {(الدخان) قال ابن كثير في تفسيره: عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إنّ ربّكم أنذركم ثلاثًا؛ الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة ويأخذ الكافر فينفخ حتى يخرج من كلّ مسمعٍ منه، والثانية الدابة والثالثة الدجال} ورواه الطبراني عن هاشم بن مرثد عن محمد بن إسماعيل بن عياش به وهذا إسناد جيد. . . إلى أن قال: مما فيه مقنع ودلالة ظاهرة على أنَّ الدخان من الآيات المنتظرة مع أنَّه ظاهر القرآن، قال الله تبارك وتعالى: } فارتقب يوم تأتي السماء بدخانٍ مبين { أي بيِّن واضح يراه كلّ أحد، وعلى ما فسّر به ابن مسعود رضي الله عنه إنما هو خيال رأوه (يعني قريش) في أعينهم من شدّة الجوع والجهد وهكذا قوله تعالى: يغشى الناس؛ أي يتغشَّاهم ويعميهم، ولو كان أمرًا خيالياًّ يخصّ أهل مكَّة المشركين لَما قيل فيه يغشى الناس.
    وهو بذلك يردّ على من قال إنّ المقصود بالدخان ما حدث لقريش حين أصابهم الجوع الشديد.
    وقد تقدّم الحديث {إنَّ الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات...} وذكر منها الدخان، راجع الحديث في (الفتنة الرابعة).
    ثمَّ يبعث الله الريح؛ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: {إنَّ الله يبعث ريحًا من اليمن ألين من الحرير فلا تدع أحدًا في قلبه مثقال ذرَّةٍ من إيمان إلاَّ قبضته}(صحيح مسلم) فلا يبقى إلاّ كافر، وعليهم تقوم الساعة، وهذه الريح هي خاتمة أمَّة محمَّد صلى الله عليه وسلم، والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم.

    النهاية وبداية جديدة
    قال النبي صلى الله عليه وسلم: {تُبعَث نارٌ تسوق الناس من مشارق الأرض إلى مغاربها كما يُساق الجمل الكسير، لها ما يتخلف منهم، إذا قالوا قالت وإذا باتوا باتت}(قال الحاكم والذهبي: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم) ثم يكون النفخ في الصور، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {ما بين النفختين أربعون، ثمّ يُنزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل قال وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة}(متفق عليه).
    } بَلِ الله فاعبد وكن من الشاكرين، وما قدَروا الله حقَّ قَدْرِه والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة والسموات مطويَّاتٌ بيمينه سبحانه وتعالى عمَّا يشركون، ونُفِخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلاَّ من شاء الله ثمَّ نُفِخ فيه أخرَى فإذا هم قيامٌ ينظرون، وأشرقت الأرض بنور ربِّها ووُضِع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقُضِيَ بينهم بالحقِّ وهُم لا يُظلَمُون، ووُفِّيت كلُّ نفسٍ ما عملت وهو أعلم بما يفعلون، وسِيق الذين كفَروا إلى جهنَّم زمرًا حتى إذا جاؤُوها فُتِحَت أبوابها وقال لهم خزَنتها ألَم يأتكم رسلٌ منكم يتلُون عليكم آيات ربِّكم وينذِرونكم لقاء يومكم هذا؟ قالوا بلى ولكن حقَّت كلمة العذاب على الكافرين، قيل ادخلوا أبواب جهنَّم خالدِين فيها فبئس مثوَى المتكَبِّرين، وسِيق الذين اتَّقوا ربَّهم إلى الجنَّة زمرًا حتى إذا جاؤُوها وفُتِحت أبوابها وقال لهم خزَنتها سلامٌ عليكم طِبْتم فادخلوها خالدين، وقالوا الحمد لله الذي صدَقَنا وعْده وأورَثنا الأرض نتبوَّأ من الجنَّة حيث نشاء فنِعْم أجر العاملين، وترَى الملائكة حافِّين من حول العرش يسبِّحون بحمد ربِّهم وقُضِيَ بينهم بالحقِّ وقيل الحمد لله ربِّ العالمين {(66-75 الزمر).
    النهاية وبداية جديدة
    قال النبي صلى الله عليه وسلم: {تُبعَث نارٌ تسوق الناس من مشارق الأرض إلى مغاربها كما يُساق الجمل الكسير، لها ما يتخلف منهم، إذا قالوا قالت وإذا باتوا باتت}(قال الحاكم والذهبي: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم) ثم يكون النفخ في الصور، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {ما بين النفختين أربعون، ثمّ يُنزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل قال وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة}(متفق عليه).


    } بَلِ الله فاعبد وكن من الشاكرين، وما قدَروا الله حقَّ قَدْرِه والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة والسموات مطويَّاتٌ بيمينه سبحانه وتعالى عمَّا يشركون، ونُفِخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلاَّ من شاء الله ثمَّ نُفِخ فيه أخرَى فإذا هم قيامٌ ينظرون، وأشرقت الأرض بنور ربِّها ووُضِع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقُضِيَ بينهم بالحقِّ وهُم لا يُظلَمُون، ووُفِّيت كلُّ نفسٍ ما عملت وهو أعلم بما يفعلون، وسِيق الذين كفَروا إلى جهنَّم زمرًا حتى إذا جاؤُوها فُتِحَت أبوابها وقال لهم خزَنتها ألَم يأتكم رسلٌ منكم يتلُون عليكم آيات ربِّكم وينذِرونكم لقاء يومكم هذا؟ قالوا بلى ولكن حقَّت كلمة العذاب على الكافرين، قيل ادخلوا أبواب جهنَّم خالدِين فيها فبئس مثوَى المتكَبِّرين، وسِيق الذين اتَّقوا ربَّهم إلى الجنَّة زمرًا حتى إذا جاؤُوها وفُتِحت أبوابها وقال لهم خزَنتها سلامٌ عليكم طِبْتم فادخلوها خالدين، وقالوا الحمد لله الذي صدَقَنا وعْده وأورَثنا الأرض نتبوَّأ من الجنَّة حيث نشاء فنِعْم أجر العاملين، وترَى الملائكة حافِّين من حول العرش يسبِّحون بحمد ربِّهم وقُضِيَ بينهم بالحقِّ وقيل الحمد لله ربِّ العالمين {(66-75 الزمر).

    خاتمة وتنبيه شديد الأهمية
    أرجو من كلّ من قرأ هذا أن يستفيد منه، فلا تذهب للقتال على جبل الذهب ولا تأخذ منه شيئًا، واحذر أن تكون في الجيش الذي يقاتل المهدي أو في الثلث المنهزم في الملحمة الكبرى، وابتعد عن مواجهة الدجال أو تحصّن منه في مكة أو المدينة فإنّه لا يدخلها فإن عجزت فاقرأ عليه فواتح سورة الكهف أو خواتمها واجتنب نهره وجَنّته وعليك بنارِه فإنّها ماء بارد، والزم التهليل والتكبير والتحميد في الأيام الشديدة قبل الدجال فإنّها طعامك واحرص على الإكثار منها الآن لتعتادها، واقدر للصلاة قدرها في يوم الدجال الذي هو كسنة والذي هو كشهر والذي هو كأسبوع، ولا تفرّ من الدابة فإنّها لا تضرّك، ثمَّ إنّه لن ينفعك الفرار.
    وعليك بالتقوَى فإنّها حصن المؤمن وأمنه وسعادته في كلّ زمانٍ ومكان
    وهذا الموضوع فيه لكلّ عاقلٍ دافعٌ للعمل والمزيد من الجهد طمعًا في أن يكون له أثرٌ صالح في أحداث المستقبل لا أن يكون من الغثاء أو الخبث الذي تتمنّى الخلائق هلاكه، وهذا الموضوع فيه دافعٌ لكلّ عاقلٍ لتغيير خططه المستقبلية بما يتناسب مع ما نحن مقبلون عليه وإعداد نفسه الإعداد الأمثل ليكون عضوًا فاعلاً بأقصى ما يستطيع وبأقصى ما يملك، وهذا الموضوع فيه دافعٌ لكلّ مقصّرٍ أو مفرّطٍ أو لاهٍ في شهواته ليترك ما هو فيه ويبدأ العمل في سبيل مرضاة الله سبحانه وتعالى وخوفًا من سخطه ونقمته
    وفي النهايه أتمنى لكم التوفيق والستر في الدنيا والأخره
    وأشكر كل من ساعد على إنجاح الموضوع وقام بتثبيته وأتمنى جزيل الشكر لكل من شاهد ورد على الموضوع وقام بإضافات ومشاركات على الموضوع .........
    دعواتكم لي هذا لكم جزيل الشكر .........

    القصّة الكبرى

    بسم الله وبحمده

    (كلُّ نفسٍ ذائقة الموت )

    ولا أحد يضمن لنفسه في الدنيا لحظة

    فأنت قد تموت الآن في هذه اللحظة

    عندها تبدأ رحلتك الكُبرَى إلى دار القرار في جنَّةٍ أو نار

    لِتحصد نتائج أفعالك في دنياك

    ففي اللحظات الأولى من هذه القصَّة

    واللحظات الأخيرة من الدنيا

    يرَى الإنسان ما يُسعده أو يُرعبه

    بحسب غَلَبَة حسناته وذنوبه

    ثمَّ تخرج الروح ويبدأ التكريم أو التعذيب

    ويتمُّ الاختبار الأخير في البرزخ

    ثمَّ يكون روضةً من رياض الجنَّة مدَّ البصر

    فينام صاحبه سعيدًا منعَّما

    أو يكون حفرةً من النيران إلى يوم القيامة

    وفي ذلك البرزخ بين الدنيا والآخرة

    يُعذَّب الذي يمشي بالنميمة والذي لا يستتر من بوله

    فكيف بالذين لا يصلُّون الفجر في وقتها قبل طلوع الشمس؟

    وكيف بأصحاب الهوائيات والأطباق التلفزيونية؟

    وكيف بهاتكات الحجاب؟

    وكيف بالمتكبِّرين؟

    الذين إذا جاءهم الحقّ رفضوه بلا سببٍ مقبولٍ شرعا

    ويوم القيامة يوم يقوم الناس لربِّ العالمين

    شاخصةً أبصارهم، ذاهلةً عقولهم، فَزِعِين خائفين

    إلاَّ عباد الله المؤمنين المتَّقين الصالِحين

    (ألا إنَّ أولياء الله لا خوفٌ عليهِم ولا هم يحزنون،

    الذين آمَنوا وكانوا يتَّقون )

    ويوم القيامة خمسون ألف سنة تمرُّ على الناس بقدْر أعمالهم

    حتَّى تكون على عباد الله المتَّقين كساعةٍ من نهار

    وفي ذلك اليوم العظيم والهول الجسيم

    يوم البعث والحساب والجزاء، يوم القارعة والطامَّة الكُبرَى

    يقف الناس حفاةً عراةً تحت شمسٍ قريبةٍ شديدة

    والعرق يحيط بهم على قدْر تقصيرهم

    حتَّى يصل إلى رقابهم وأنوفهم

    ويصيبهم من الغمِّ والكرب الشديد

    ما لا يطيقون وما لا يحتمِلون

    إلاَّ عباد الله المتَّقين الذين استحقُّوا كَرَمَ ربِّهم ورحمته

    فيُلبسهم الملابس الجميلة، ويُجلِسهم المجالِس الكريمة

    تحتَ ظِلِّ عرشه

    ويسقيهم شَرْبةً من حوض نبيّه لا عَطَشَ بعدها أبدا

    فاحرص أنْ تكون منهم وأنْ تُحِبّهم وتجالسهم

    وفي تلك السنين الطويلة الشديدة

    وذلك الكرب العظيم يوم الحسرة والندامة

    يُعذَّب تارك الزكاة بكلِّ أمواله

    في يومٍ كان مقداره 50000 سنة

    وللمسبلين من الرجال يكون ما أسفل الكعبين في النار

    في يومٍ كان مقداره 50000 سنة

    ويتعلَّق الأبناء بآبائهم الذين ضيَّعوهم

    فأهملوا تربيتهم ونُصحهم وتوجيههم

    فيا للكرب الشديد

    (قل هل ننبِّئكم بالأخسرين أعمالا؟

    الذين ضَلَّ سعيهم في الحياة الدنيا

    وهم يحسبون أنَّهم يُحسنون صنعا )

    ويُعطَى آكل الربا سلاحًا لِيحارب الله به فيا لتعاسته وخسارته

    ومَن أكَلَ حرامًا مُلئ بطنه نارًا أو جمرًا من الجحيم

    {ولا يدخل الجنَّة لحمٌ غذِّي بحرام؛ النار أولى به}

    ومِن الحرام ما جاء بطَريقٍ أو سببٍ غير مشروع

    بكذبٍ أو تحايلٍ أو غصبٍ أو ظُلمٍ

    أو بغير رِضَى صاحبه وطيبة نفسه

    {وأكثر الناس شبعًا في الدنيا أطولهم جوعًا يوم القيامة}

    يومٌ طوله خمسون ألف سنة

    وهكذا وبعد انتظارٍ طويل

    تحلُّ الشفاعة ويبدأ الحساب وتتطاير الصحف

    وفيها كلُّ كلمةٍ قلتَها وكلُّ فِعلٍ ونِيَّةٍ ورغبةٍ ورهبةٍ وهمٍّ وظنّ

    فحاسِب نفسك عليها الآن

    قبل أن تُحاسَب عليها في ذلك اليوم الشديد

    {ليس أحدٌ يُحاسَب يوم القيامة إلاّ هلَك}

    {وليس أحدٌ يُناقَش الحساب يوم القيامة إلاّ عذِّب}

    فلا تكُن كالذين قال الله فيهم

    (وغرَّتكم الأماني حتَّى جاء أمرُ الله وغرَّكم بالله الغرور )

    فمحاسبة النفس واتهامها بالخطأ والتقصير وتقويمها

    مِن صفات العقلاء الأتقياء الصالحين

    ثمَّ يُسحَب الكفَّار ومِنهم تارك الصلاة وجاحد الزكاة

    على وجوههم بالسلاسل إلى الجحيم خالِدين فيها أبدا

    ولو قالوا: لا إله إلاَّ الله، ليلاً ونهارا

    ويُنصب الصراط فوق جهنَّم وهو جسرٌ دحضٌ مَزَلَّةٌ

    أدقُّ من الشعر وأحدُّ من السيف طوله عشرات السنين

    يعبُرُ فوقه المؤمنون إلى أرضِ الأعراف بين الجنَّة والنار

    تدفعهم حسناتهم وتُثقلهم ذنوبهم

    فينطلقون فوقه بقدرِ مسارعتهم إلى الخيرات وفِعْل الواجبات

    وبقدرِ ابتعادهم عن الذنوب والشبهات

    فأوَّلهم يجتازه كطرف العين أو كلمح البرق

    وبعضهم كالريح أو كالطير أو كالخيل أو يجري أو يمشي

    أو يزحفُ على بطنه ويسقط ويتعلَّق وتلفحه النار وتخدشه الكلاليب

    جزاء تفريطه وتقصيره في حقِّ ربِّه

    وحقِّ نفسه وأهله ورعيَّته

    فيا لَه مِن هولٍ عظيم وكَربٍ شديد ومشهدٍ فضيع مخيف

    فوق جهنَّم لِسنين طويلة

    والناس عنه غافلون متساهلون أو معاندون

    (ألا يظنُّ أولَئِك أنَّهم مبعوثون، ليومٍ عظيم،

    يوم يقوم الناس لِربِّ العالمين؟ )

    ومِنهم من تُسقِطه أعماله في الجحيم، ويا للهول الجسيم!

    فأيُّ بؤسٍ وشقاءٍ ينتظر هَؤلاء؟!

    فالجحيم شيءٌ فضيع، مخيف، مفْزِع، مرعِب، مهين

    لا يمكن تصوُّر لحظةٍ منه ولا بأقصَى درجات العذاب والهوان

    والذلّ والبؤس والشقاء والجوع والعطش والألَم والمرض في الدنيا

    فكيف بمن سيبقَى فيها أيّامًا وشهورًا وسنينا؟!

    طعامهم الزقُّوم وشرابهم عصارة أهل الجحيم

    وفضلاتهم وصديدهم

    وماؤهم الحميم المغلي بحرارة الجحيم

    فيشوي وجوههم قبل شربه ويقطِّعُ أمعاءهم بعد شُربه

    وهم مُجبرون على الأكل والشرب لشدَّة جوعهم وعطشهم

    فيتعذَّبون به دون أن يخفِّف جوعهم وعطشهم

    بل هو يزيدهم جوعًا وعطشًا وألَمًا وعذابا

    ثم يخرج من النار من كان في قلبه مثقال خردلةٍ من إيمان

    بعد أن يُعذَّب بذنوبه وتقصيره في حقِّ ربِّه

    وحقِّ نفسه وأهله ورعيَّته

    ويجتمع المؤمنون في أرضِ الأعراف يتقاصُّون فيها مظالمهم

    ويدخل الفقراء الجنَّة قبل الأغنياء بخمسمائة عام

    يُحاسَبُ فيها الغنيُّ حتَّى يتمنَّى أنَّه كان فقيرا

    فما فائدة أن تكون غنيًّا مترَفًا منعَّمًا في الدنيا

    ثم يسبقك الفقير إلى الجنَّة ويتنعَّم فيها 500 عام

    قبل أن تدخلها أنت؟!

    وأين نعيم الدنيا كلّها أمام لحظةٍ وموضع قدمٍ في الجنَّة؟!

    لذلك قال النبي

    {قد أفلح من أسلَم ورُزِقَ كفافًا وقنَّعه الله بما آتاه}

    {ويلٌ للمكثرين} {هَلَكَ المكثرون}

    {إنَّ المكثرين هم الأرذلون}

    {هم الأخسرون} {هم الأسفلون يوم القيامة

    إلاَّ من قال بالمال هكذا وهكذا وكسبه من طَيِّب}

    يعني أنفقه في كلِّ جانبٍ في الخير

    {إيَّاك والتنعُّم فإنَّ عباد الله ليسوا بالمتنعِّمين}

    {حلوة الدنيا مرَّة الآخرة، ومرَّة الدنيا حلوة الآخرة}

    {من أحبَّ دنياه أضرَّ بآخِرته، ومن أحبَّ آخِرته أضرَّ بدنياه

    فآثِروا ما يبقَى على ما يفنَى}

    فالجنَّة . . . وما أدراك ما الجنَّة؟!

    فيها ما لا يمكن تصوُّره من النعيم العظيم الدائم أبدا

    حورٌ وقصورٌ وأشجارٌ وأنهار

    ووِلدانٌ خدمٌ مخلَّدون في طُفولَتهم الجميلة

    إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤًا منثورًا لشدَّة جمالهم وكثرتهم

    } وإذا رأيتَ ثَمَّ رأيتَ نعيمًا ومُلْكًا كبيرا {

    في جِنانٍ خَضِرةٍ نضِرةٍ وعيونٍ تجري وأنوارٍ تتلألأ
    وجمالٍ عظيم وسعادةٍ خالصة وشبابٍ دائمٍ أبدًا

    ولهم فيها ما يشتهون

    بلا جوع ولا عطش ولا برد ولا حرّ ولا شمس

    ولا خوف ولا هَمّ ولا مرَض ولا ألَم ولا تعب

    ولا شيء يكرهونه

    في حياةٍ دائمةٍ أبديَّةٍ بلا موت

    أدناهم له مثل 10 أمثال الدنيا

    وأعلاهم الذين غَرَسَ الله Y كرامتهم بيده وقال

    } أعددتُ لعبادي الصالِحين ما لا عينٌ رأت ولا أُذُنٌ سَمِعَت

    ولا خَطَرَ على قلب بشر {

    من الكرامة والنعيم في الفردوس الأعلَى من الجنَّة

    وبينهما 100 درجة بين كلِّ درجتين كما بين السماء والأرض

    ثمَّ {إذا صار أهل الجنَّة إلى الجنَّة وأهلُ النار إلى النار

    جيء بالموت حتَّى يُجعَلَ بين الجنَّة والنار ثمَّ يُذبح،

    ثمَّ ينادي منادٍ: يا أهل الجنَّة لا موت ويا أهل النار لا موت}

    ومِنهم تارك الصلاة وجاحد الزكاة في عذابٍ خالِصٍ أبديّ

    } يا أيُّها الإنسان ما غرَّك بربِّك الكريم؟! {

    ومِن العجيب بعد هذا العِلْم

    أن يحرِصَ أكثرنا على أن يكون رفيعًا في الدنيا الدنيئة

    ولا يفوته شيءٌ من نعيمها الزائف وشهواتها ولَهْوِها ولَعِبها

    وهو سيموت ويتركها، وقد يموت الآن!!

    ثمَّ هو لا يحرص على أن يكون في أعلى درجات الجنَّة

    وهي حياةٌ أبديَّةٌ بلا موت ونعيمٌ خالِصٌ بلا حدود!

    فكيف ينسَى مصالحه الأبديَّة ويُضحِّي بسعادته وأمنه

    في سبيل شهواته وشيطانه وغيره؟!

    وكيف ينسَى والموت يطلبه

    والقيامة والصراط والجنَّة والجحيم أمامه؟!!

    {كن في الدنيا كأنَّك غريب أو عابر سبيل}

    {وعُدَّ نفسك في أهل القبور}

  8. #18
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Feb 2011
    المشاركات : 570
    المواضيع : 222
    الردود : 570
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي ماذا بقى من العلامـــــــــــــــات؟

    الحور العِين والجِنان والجحيم
    الحوراء: هي المرأة الشابَّة الحسناء الجميلة البيضاء كلون اللؤلؤ المكنون مع حمرة كالمرجان صافية اللون كالياقوت يحار فيها البصر من رقَّة الجلد وصفائه، يرَى زوجها وجهه في خدّها أصفَى من المرآة كما ترَى وجهها في خدّه، واسعة العين مع حوَرٍ فيهما، لو اطلعت على الدنيا لَملأت ما بين السماء والأرض ريحًا وضياء، عليها التيجان وسبعون حلَّة ينفذها بصر زوجها حتَّى يرَى مخَّ ساقها من وراء ذلك ومن وراء اللحم والعظم كما يرَى الشراب الأحمر من الزجاجة البيضاء، تغنِّي بصوت لم تسمع الخلائق بمثله تقول هي وأترابها: نحن الخالدات فلا نبيد، ونحن الناعمات فلا نبأس، ونحن الراضيات فلا نسخط، طُوبَى لمن كان لنا وكنَّا له، ويقلن: نحن الخيرات الحسان، أزواج قومٍ كرام، ينظرون بقُرَّة أعيان.
    والجَنَّة: ترابها المسك والزعفران وحصيّها اللؤلؤ والياقوت وقصورها من ذهبٍ وفضَّة وخيامها وقبابها اللؤلؤ وأشجارها كثيفة سيقانها من ذهب وظلالها ممدودة وفواكهها دائمة بلا جوع ولا عطش ولا مرض، تتدفَّق فيها الأنهار وتتفجَّر فيها العيون، ولباسهم وحليِّهم وفرشهم وأثاثهم وآنيتهم من سندس وإستبرق وذهب وفضَّة ودرّ وياقوت، ويطوف عليهم خدمٌ وِلدانٌ مخلَّدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤًا منثورًا من شدَّة جمالهم وبهائهم وصفائهم وكثرتهم يطوفون عليهم بالأطعمة والأشربة وما يشتهون، لا يرون فيها شمسًا ولا زمهريرا، ولا يرون ولا يسمعون شيئًا يسوؤهم، وإذا رأيت ثَمَّ رأيت نعيمًا وملكًا كبيرا في سلامٍ خالص ولذَّةٍ دائمة وشبابٍ وجمالٍ أبديّ.
    } أذلك خيرٌ نزلاً أم شجرة الزقُّوم؟ { {لو أنَّ قطرةً من الزقُّوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن تكون طعامه؟}(صحيح الجامع) } إنَّها شجرةٌ تخرج في أصل الجحيم، طلعها كأنَّه رؤوس الشياطين، فإنَّهم لآكلون منها فمالئون منها البطون، ثمَّ إنَّ لهم عليها لَشَوبًا من حميم، ثمَّ إنَّ مرجعهم لإلى الجحيم {(64-68 الصافات) وقُطِّعت لهم ثيابٌ من نارٍ ونحاسٍ مذاب ويُصَبُّ من فوق رؤوسهم الحميم فيصهر جلودهم وما في البطون ولهم مقامع من حديد يُضرَبون بها، فيبكون الدموع حتَّى تنقطع ثمَّ يبكون الدم ويصيحون ويصرخون من شدَّة العذاب والهول الرهيب.
    هذا حال الفاسقين والكافرين ومنهم تارك الصلاة وجاحد الزكاة. هل أمسكت قِدرًا فيه ماءٌ يغلي؟ وهل أدخلت يدك في ماءٍ يغلي؟ وهل داست قدمك على جمرٍ مشتعل؟ فكيف لو كان أشدّ حرارة بسبعين ضعفًا؟ هل يرضيك البقاء في مثل هذا العذاب لحظة واحدة؟ ما أكثر الذين يسيرون في طريقٍ يقودهم إلى أكثر من هذا، نسأل الله العافية والسلامة
    يتبع لاحقا........

    الأمن الحقيقي
    قال الله تعالى: }وما أصابكم من مصيبةٍ* فبما كَسَبَت أيديكم ويعفو عن كثير{(30 الشورى) وقال: }أوَلَمَّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مِثْلَيها قلتم أنَّى هذا قل هو مِن عند أنفسكم إنَّ الله على كلِّ شيءٍ قدير{(165 آل عمران) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {لا يصيب عبدًا نكبةٌ فما فوقها أو دونها إلاَّ بذنْب، وما يعفو الله عنه أكثر}(صحيح الجامع) وفي روايةٍ أُخرَى قال صلى الله عليه وسلم: {ما اخْتَلَجَ عِرْقٌ ولا عينٌ إلاَّ بذنْب وما يدفع الله عنه أكثر}(صحيح الجامع)، }ما أصابك من حسنةٍ فمِنَ الله وما أصابك من سيِّئةٍ فمِن نفسك{(79 النساء) فلا تلومنَّ إلاَّ نفسك ولا تخافنَّ إلاَّ ربَّك ثمَّ ذنبك، ولولا رحمة الله تعالى لأصابك ما هو أشدُّ وأعظم، أمَّا من يحارب الله بالمعاصي ويتفضَّل الله عليه بالنعم فهو على خطرٍ جسيم، فانتبه واحذر مكر الله.
    * المصائب كالمرض والضعف وصعوبة التفكير والعمل والتعلُّم وضيق الصدر والاكتئاب والفشل والتعرُّض لسوء المعاملة والإهانة والاعتداء والحوادث والأعطال والعسر في الزوجة أو في الخادم أو في الأبناء أو في نفسك وصعوبة الطاعة وسهولة المعصية وغيرها من المصائب والمشاكل صغيرها وكبيرها، قال عمر t: (كلُّ ما ساءك مصيبة)(شعب الإيمان).
    والتأثير الضارّ للذنوب لا يتوقَّف عند صاحبها بل يمتدُّ إلى أهله وماله وبيته وسيَّارته وإلى الأرض والهواء والماء والشجر والبهائم، قال الله تعالى: }ظَهَر الفساد في البَرِّ والبحر بما كَسَبَت أيدي الناس لِيُذيقهم بعض الذي عملوا لعلَّهم يرجعون{(41 الروم) فكلُّ ما يسمُّونه آثار الزمن والكوارث والحوادث والحروب والأوبئة والجدب وقلَّة البركات ما هي إلاَّ من آثار الذنوب.
    ومِن هنا ندرك الحقيقة الكونيَّة المؤَكَّدة التي لا تقبَل الجدل؛ وهي أنَّ الأمن الحقيقي والسلامة والعافية والقوَّة والهيبة والعزَّة والنعيم لا يمكن أن تتحقَّق إلاَّ من طريقٍ واحد؛ وهو مكافحة الذنوب؛ بالتناصح والتناهي عن المنكرات والتعاون على البِرّ والخيرات، ومنع وإزالة مراكز الشرِّ ومنابع الخطر وتطهير المذنبين والمجرمين بالتأديب وإقامة الحدود وكثرة الاستغفار، وكلُّ طريقٍ آخر غير هذا هو فاشلٌ حتمًا.
    والذنوب الصغيرة تكفِّرها الصلاة والصيام والصدقة وغيرها من الحسنات }إنَّ الحسنات يُذهِبن السيِّئات ذلك ذكرَى للذاكرين{ فإنَّما الخطر في الإصرار والعمد . . . الذين يتعمَّدون الخطأ أو يصرُّون عليه بعد أن علِمُوا أنَّه خطأ أو بعد أن انتبهوا وتذكَّروا أنَّ ما يفعلونه خطأ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما أخشَى عليكم الخطأ ولكنِّي أخشَى عليكم التعمُّد}(صحيح الجامع) ومنه التساهل والإهمال {ويلٌ للمصرِّين الذين يصرُّون على ما فَعَلُوا وهم يعلَمُون}(صحيح الجامع) فالكبائر يجب فيها الاستغفار الصادق بشروطه وهي: ترك الذنب والندم على فِعْلِه والعزيمة على عدم العودة إليه، وإعادة الحقوق التي عنده لأصحابها إن استطاع ذلك أو العزم الصادق على إعادتها متى أمكنه ذلك، والتائب من الذنْب هو كمن لا ذنْب له ولو غلَبته نفسه وعاد في اليوم مائة مرَّة إذا حقَّق التوبة بشروطها خالصةً لله، والله سبحانه وتعالى يعلم الصادقين ويفرح بتوبتهم.
    وفي التقوَى وللمتَّقين فضائل عظيمة وفوائد فريدة، قال الله I: }ألا إنَّ أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هُم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتَّقون{(62 يونس) } ومن يتَّق الله يجعل له من أمره يسرا{(4 الطلاق) }إنَّ الله مع الذين اتقوا والذين هم محسِنون{(128 النحل) }ولو أنَّ أهل القرَى آمنوا واتقوا لَفَتَحْنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض{(96 الأعراف) والبركة هي مدَى استفادتك مما رزَقك الله U، تزيد بطاعته وتنقص بمعصيته، والبركات في هذه الآية هي الأمطار والأرزاق من السماء، والجِنان والأنهار في الأرض، وقال الله تعالى: }مَن عمل صالِحًا من ذَكَرٍ أو أُنثَى وهو مؤمنٌ فلَنحيينَّه حياةً طيِّبةً ولَنَجزيَنَّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون{(97 النحل) وقال: }ومن يتَّق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكَّل على الله فهو حَسْبه{(2-3 الطلاق) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذرّ t: {يا أبا ذرّ لو أنَّ الناس كلّهم أخذوا بها لَكَفَتهم}(رواه ابن حبَّان والحاكم وصحَّحه ووافقه الذهبي) لذلك قال بعض السلف: (ما احتاج تقيٌّ قَطّ) ويقول: (إنَّ الله ضَمِنَ للمتَّقين أنْ يجعل لهم مخرجًا مما يضيق على الناس وأنْ يرزقهم من حيث لا يحتسبون* فيدفع عنهم ما يضرّهم ويجلب لهم ما يحتاجون إليه، فإنْ لم يحصل ذلك دلَّ على أنَّ في التقوَى خللاً فلْيَستغفر الله ولْيَتب إليه)(مجموع الفتاوى لابن تيمية).
    * الرزق من حيث لا تحتسب هو الرزق من غير الطريق الذي تحتسب أنْ يأتيك الرزق منه كعملك وتجارتك.
    وتقوَى الله تعالى تكون بالحرص على الواجبات وأدائها كما يجب والحذر من الحرام والشبهات طلبًا لمرضاة الله تعالى وجَنَّته وخوفًا من سخطه وعقابه وبذِكْره فلا يُنسَى وبالتفرُّغ لعبادته شكرًا له على نِعَمِه هذه هي التقوَى فمَن هم المتَّقون؟؟..
    المتَّقون هم كلُّ من حرص حرصًا صادقًا على تحقيق معنَى التقوَى بإخلاصٍ وعزيمةٍ وإصرار...
    وإنْ كان غالب سؤال غير المتَّقين: هل هذا حرام؟..
    فإنَّ غالب سؤال المتَّقين: هل هذا حلال؟؟...
    فغَير المتَّقين يغلب عليهم التساهل في ارتكاب الشُبُهات {ومن وَقَعَ في الشُبُهات وَقَعَ في الحرام}(متَّفق عليه).
    أمَّا المتَّقون فيغلب عليهم الخوف والحذر الشديد من الوقوع في الحرام والشبهات، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: {لا يبلغ العبد أن يكون من المتَّقين حتَّى يدَعَ ما لا بأس به حذرًا لما به البأس}(صحَّحه الحاكم والذهبي وحسّنه الترمذي) {اجعلوا بينكم وبين الحرام سترًا من الحلال}(صحيح الجامع وابن حبان) يعني أن تترك كلَّ ما لم يثبت لك أنَّه حلال وكلَّ ما تشكّ فيه من الحلال خوفًا من أنْ يكون حرامًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما أنكر قلبك فَدَعْه}(صحيح الجامع) {دَعْ ما يريبك إلى ما لا يريبك}(صحيح الجامع وابن خزيمة وابن حبان) وهذا هو الورع، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {خير دينكم الورع}(صحيح الجامع) {كن وَرِعًا تكن أعبد الناس}(صحيح الجامع) فالورع هو ترك كلّ ما لم تتأكَّد يقينًا في قلبك لا شكَّ فيه أنَّه حلالٌ نافعٌ مشروع.
    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم}(متفقٌ عليه)، وهذا يعني أنَّ فِعْل الواجبات يكون على قدر الاستطاعة }فاتقوا الله ما استطعتم{ أمَّا ترك الحرام والشبهات فيكون على الفور لا على قدر الاستطاعة.
    أقول: إنَّ المتَّقين هم الذين يحرصون غاية الحرص على التقوَى وأسباب التقوَى وما يعين على التقوَى، ولكنَّهم مع هذا يقعون في الحرام . . وهنا يتميَّز المتَّقون بأنَّهم إذا وقعوا في الحرام أو في شبهة حرام أو فيما يشكُّون أنَّه حرام أو فيما لم يتأكَّدوا أنَّه حلال سارَعوا إلى الاستغفار والتوبة والندم يرجون رحمة الله ويخافون عذابه ولا يأمَنون مكره }فلا يأمن مكر الله إلاَّ القوم الخاسرون{ }يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافًا مضاعفةً واتَّقوا الله لعلَّكم تفلِحون، واتَّقوا النار التي أُعِدَّت للكافرين، وأطيعوا الله والرسول لعلَّكم تُرحمون، وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربِّكم وجَنَّةٍ عرضها السموات والأرض أُعِدَّت للمتَّقين، الذين يُنفِقون في السرَّاء والضرَّاء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحبُّ المحسنين، والذين إذا فعلوا فاحشةً(1) أو ظلموا أنفسهم(2) ذَكَروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومَن يغفر الذنوب إلاَّ الله ولم يُصِرُّوا على ما فعلوا وهم يعلمون، أولَئك جزاؤهم مغفرةٌ من ربِّهم وجَنَّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونِعْمَ أجر العاملين{(آل عمران 130-

  9. #19
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Feb 2011
    المشاركات : 570
    المواضيع : 222
    الردود : 570
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي ماذا بقى من العلامـــــــــــــــات؟

    كبيرة من كبائر الذنوب .

    (2) بصغيرة من صغائر الذنوب، ورُوي عن ابن عبَّاس t أنَّه قال: (لا صغيرة مع الإصرار)(جامع العلوم والحكم).
    وللزوم الاستغفار فضائل عظيمة، قال الله تعالى: }وما كان الله معذِّبهم وهم يستغفرون{(33 الأنفال) وقال مخبرًا عن محمَّد صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: }وأن استغفِروا ربَّكم ثمَّ توبوا إليه يُمَتِّعكم متاعًا حسنًا إلى أجلٍ مسمًّى ويؤتِ كلَّ ذي فضلٍ فضله وإنْ تولّوا فإنِّي أخاف عليكم عذاب يومٍ كبير{(3 هود) وعن هود صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: }ويا قوم استغفِروا ربَّكم ثمَّ توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارًا ويزِدْكم قوَّةً إلى قوَّتكم ولا تتولّوا مجرمين{(52 هود) وعن نوح صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: }فقلتُ استغفِروا ربَّكم إنَّه كان غفَّارا، يرسِل السماء عليكم مدرارا، ويُمْدِدْكم بأموالٍ وبنين ويجعل لكم جَنَّاتٍ ويجعل لكم أنهارا{(10-12 نوح) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {طوبَى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرا}(صحيح الجامع) {والله إنِّي لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مَرَّة}(صحيح البخاري) أو قال: {مائة مرَّة}(صحيح مسلم).
    وأختِم بهذا الحديث القدسي؛ قال الله سبحانه وتعالى }وعزَّتِي لا أجمع على عبدي خَوفَين وأمنَين؛ إذا خافَنِي في الدنيا أمَّنته يوم القيامة، وإذا أمِنَنِي في الدنيا أخَفْته يوم القيامة{
    (صحيح الترغيب والترهيب وابن حبان)

    { احفظ الله يحفظك }

    الفِسْق هو البعد عن الله تعالى، ويتميَّز الفاسق بتساهله وإهماله وضعف اهتمامه بعواقب عمله، ومن نتائج ذلك الإصرار على الخطأ؛ فمن أصرّ على خطأ بعد أن علِم أو تذكَّر أو انتبه أنَّه خطأ فهو فاسقٌ حتَّى يتوب، والإصرار هو البقاء على الخطأ بلا مبالاة، سواء فعَله أو عزَم على فِعله ولم يفعله ولم يكره فعله ولم يتركه خوفًا من الله تعالى، والخائف لا يبقَى على الخطأ بلا مبالاة، بل هو لا يقع فيه بلا مبالاة، قال الله تعالى في وصف المتَّقين: } والذين إذا فعَلوا فاحشةً أو ظلَموا أنفسهم ذكَروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلاَّ الله ولم يصرُّوا على ما فعَلوا وهم يعلمون {(135 آل عمران) فالمتَّقون يقعون في صغائر الإثم وكبائره كغيرهم من الناس؛ فالكلّ يخطئ والكلّ مقصِّر في حقّ الله تعالى، ومن ظنَّ غير هذا فهو جاهلٌ مغرورٌ بنفسه وعمله، ولكن المتَّقين لا يصرُّون على ما فعلوا وهم يعلمون.
    وقوله } على ما فعلوا { بصيغة الماضي يدلُّ على أنَّ الإصرار لا ينتهي بنهاية الفعل، بل يمتدّ حتى يتوب فاعله، لذلك فإنَّ وصف الفسق يبقَى ملازمًا للفاسق ولو كان في طاعة ولو كان في صلاته ما دام هو لم يتب من معصيته، فعدم توبته منها يجعله في حكم المصِرّ عليها ولو كان قد انتهَى منها أو ترَكها منذ زمنٍ بعيد، والتوبة يسبقها الخوف والهمّ ويصاحبها انكسار القلب لله، لذلك تصعب على الفاسق بسبب تساهله وإهماله وضعف اهتمامه، فإذا تاب مِن فِسْقه توبةً صادقة كان ذلك دليلاً على حدوث تغيُّرٍ في قلبه ينفي عنه صفة الفسق، ولا يلزم أن يتذكَّر كلّ إثمٍ وقع فيه ليتوب منه، بل يكفيه أن يتوب من فسقه وعصيانه وتقصيره في حقّ ربّه عزَّ وجلّ وحقّ نفسه، فيندم على ذلك ويعزم على عدم العودة إليه ويبذل الأسباب في سبيل ذلك ويعيد الحقوق لأصحابها إن استطاع أو يجعلها دَينًا في ذمّته حتى يستطيع.
    وقد حذَّرنا الله عزَّ وجلّ من حال الفاسقين حيث قال سبحانه: } ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولَئك هم الفاسقون {(19 الحشر) نسوا الله U فما قدروه حقَّ قدره وغفلوا عن حقِّه ولم يَحرصوا على مرضاته واجتناب سخطه وعقابه وعذابه، وهذا من نتائج ضعف الإيمان به وبالآخرة والجنَّة والنار، وهذا من نتائج الجهل، سواء كان جهلاً بعدم العِلم أو بعدم الاستفادة من العِلم، وكلاهما مذموم، والجاهل بأخبث المنازل ويبغضه الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إنَّ الله تعالى يبغض كلَّ عالِمٍ بالدنيا جاهلٍ بالآخرة}(صحيح الجامع) عالِم بمأكله ومشربه وملبسه ومسكنه ومركبه ومكسبه، جاهل بواجباته ومصالحه الأبدية {وطَلَبُ العِلْمِ فريضةٌ على كلِّ مسلم}(صحيح الجامع) فيَجب أن تكون عالِمًا بما أوجبه الله عليك وكيف تقوم به كما يجب، وبما حرَّمه عليك لِتحذَره، أو تكون طالِبًا لهذا العِلْم الواجب واحذر أن تكون ملعونًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {إنَّ الدنيا ملعونةٌ ملعونٌ ما فيها إلاَّ ذِكْر الله وما والاه وعالِمًا أو متعلِّما}(صحيح الجامع) } إنَّما يخشَى اللهَ من عباده العلماءُ { العارفون بحقّه وجليل قدره وعظيم سلطانه وشديد عقابه للعاصين وواسع رحمته ومغفرته للمؤمنين المتَّقين.
    والهمّ هو أحد أقوَى الدوافع المحرِّكة للإنسان، بل هو الطاقة العليا المحرِّكة للعقل، والهمّ يتولَّد من الغاية، والغاية تثبت بالتربية؛ التربية الذاتية أو الخارجية، فإذا كانت الغاية واضحة وقويّة ومركَّزة كان الهمُّ قويًّا ومركَّزًا في سبيل تحقيق الغاية، وكان العقل قويًّا تبعًا لذلك، وكلّما ضعفت الغاية أو تشعَّبت ضعف الهمّ تبعًا لها وضعف العقل تبعًا لذلك، وهذا الضعف قد يكون عامًّا إذا كان صاحبه بلا هدف، أو يكون في بعض الجوانب، وينتج الفسق إذا ضعف همّ الآخرة، والعلاج يكون بتوجيه العقل إلى الغاية الصحيحة وتثبيته عليها باستمرار، انظر (العقل والهدف) في كتاب (الرزق والغنَى) وانظر كتاب (النجاح العظيم).
    وقد يكون ضعف الهمّ من نتائج ضعف العقل بسبب الإسراف في الطعام كمًّا ونوعًا أو بسبب خلل كيمياء الدم، انظر (العقل الأعلى) في كتاب (طريق العافية)، وضعف العقل في هذه الحالة يصاحبه أيضًا ضعفٌ في الحزم، وهذا الضعف الثلاثي يقود حتمًا إلى ضعف التقوَى بحسبه، ويقود غالبًا إلى الفسوق بحسبه إلاَّ إذا غلب همّ الآخرة على القلب، ومع غلبة هذا الهمّ يبقَى أثر هذا الضعف على التقوَى، لذلك حذَّرنا الله سبحانه وتعالى من الإسراف في الطعام مع الوعيد الشديد في قوله: } وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنَّه لا يحبّ المسرفين {(31 الأعراف) لأنَّ الإسراف هو السبب الرئيس لخلل كيمياء الدم وضعف العقل والجسم، وهناك أسباب أخرَى لهذا الخلل والضعف كالعين والسحر والخلل العصبي وغيره، والعلاج يكون بإزالة أسباب الداء وعلى رأسها الذنوب، انظر كتاب (طريق العافية) و(حقيقة التقوَى).
    قلت إنَّ الفاسق ضعيف الاهتمام بحقّ الله تعالى لذلك توعَّده بقوله: } فويلٌ للمصلِّين، الذين هُمْ عن صلاتهم ساهون {(الماعون) فكلّ من تساهل في أمر الصلاة الواجبة ولم يحرص على تعلّمها وأدائها كما يجب فهو فاسقٌ داخلٌ في هذا الوعيد، وهو لما سواها من الواجبات أضيَع، لذلك كانت هي مقياس صلاح الأعمال يوم القيامة؛ {إنَّ أوَّل ما يُحاسَب به العبد يوم القيامة من عمله الصلاة، فإنْ صلحت فقد أفلح وأنجح، وإنْ فسدت فقد خاب وخسِر}(صحيح الجامع) } إنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر {(45 العنكبوت) لمن أدَّاها كما يجب.
    والفاسق ضعيف الاهتمام بحقوق غيره وحقوق نفسه } نسوا الله فأنساهم أنفسهم { لذا حذَّرنا الله U من عواقب ذلك، ومن ذلك قوله تعالى: } يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ فتبيَّنوا {(6 الحجرات) لأنَّ الفاسق قليل الاهتمام بنتائج أعماله وأقواله، وهذا دليلٌ آخر على أنَّ وصف الفسق ليس ناتجًا عن فِعل المعصية فقط، بل هو وصفٌ للحالة التي عليها قلب الفاسق والتي تظهر آثارها في تصرُّفاته وتفكيره ونظرته للأمور.
    والفاسق يفرح بما أتاه من أمور الدنيا للدنيا } إنَّ الله لا يحبّ الفرحين {(76 القصص) } قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فلْيفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون {(58 يونس) أن تفرح بتوفيق الله تعالى لك إلى الإسلام والإيمان والعِلم النافع والتقوَى والإحسان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... وتفرح بما يعينك على مصالح الآخرة من المال الصالح والزوج الصالح والولد الصالح وغيره من المصالح بقصد استخدامها أو الاستفادة منها أو الاستعانة بها في مصالح الآخرة.
    وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم درجة من أشدّ درجات الفسق بقوله: {إنَّ المؤمن يرَى ذنوبه كأنَّه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإنَّ الفاجر يرَى ذنوبه كذبابٍ مرَّ على أنفه فقال به هكذا}(صحيح البخاري) ففي قلب الفاسق هناك بجانب اللامبالاة يوجد أمنٌ وأمانٌ زائفٌ مع ما فيه من الضيق بسبب الفسوق، وكلّما زاد هذا الأمن الشيطاني زاد الفسق وزاد ضيق الصدر، وفي مقابل هذا يوجد خوفٌ كريم في قلب المؤمن التقيّ مع ما فيه من الانشراح والهدوء النفسي والسعادة الحقيقية بسبب التقوَى، وكلَّما زاد هذا الخوف من الله تعالى ومن عواقب الإثم والتقصير في حقّ الله Y زادت التقوَى وزاد انكسار القلب وخشوعه لله U، وقد قال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: } وعِزَّتِي لا أجمع على عبدي خَوفَين وأمنَين؛ إذا خافَنِي في الدنيا أمَّنته يوم القيامة، وإذا أمِنَنِي في الدنيا أخَفْته يوم القيامة {(صحيح الترغيب والترهيب وابن حبان).
    وهذا الأمن في قلب الفاسق هو من نتائج الغرور؛ الغرور بالله أو بالدنيا؛ إذ اغترّ بنفسه أو بماله، بجاهه، بسلطانه، أو بعمله ولم يعترف بذنبه وتقصيره في حقّ ربّه سبحانه وتعالى، أو اغترّ بربّه U فظنَّ أنَّ الله يغفر له ويرحمه بلا تقوَى ولا توبة، وذلك من نتائج الجهل } يا أيها الإنسان ما غرّك بربِّك الكريم؟ {(6 الانفطار) } يا أيها الناس اتَّقوا ربَّكم واخشوا يومًا لا يجزي والدٌ عن ولده ولا مولودٌ هو جازٍ عن والده شيئًا إنَّ وعد الله حقّ فلا تغرَّنَّكم الحياة الدنيا ولا يغرَّنَّكم بالله الغرور { (33 لقمان) } أفأمِنوا مكر الله؟ فلا يأمن مكر الله إلاّ القوم الخاسرون {(99 الأعراف).
    وكلّ فاسقٍ هو كافرٌ بنعمة الله جلَّ جلاله بإصراره على استخدامها فيما لا يحبّه الله ويرضاه } وإذ تأذَّن ربُّكم لَئِن شكرتم لأزيدنَّكم ولَئِن كفرتم إنَّ عذابي لَشديد { (7 إبراهيم) فالفاسق هو الكافر بنعمة الله تعالى، والتقيّ هو الشكور، ومن نعم الله U نعمة الوقت وهو الحياة ونعمة القوَّة والمال والجاه والسمع والبصر.
    والفسق درَكات؛ فكلّما قلَّ الاهتمام وزاد التساهل والجهل والأمن والغرور في قلب الفاسق زاد بُعده عن الله تعالى وانحطاطه في درَكات الفاسقين، ومن أسوئهم الفاجر المجاهر بفسقه وعصيانه، والمجرم المنافق الذي يبغض الصلاح والصالحين ويسعَى لنشر فساده إلى غيره، والمجرم الذي يظلم الناس، والمتكبِّر المتعالي عليهم، والمترف الجاهل المتشدّق في كلامه؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: {شرار أمَّتي الذين غُذُّوا بالنعيم الذين يأكلون ألوان الطعام ويلبسون ألوان الثياب ويتشدَّقون في الكلام} (صحيح الجامع) وأكثر الفسق وأشدّه من الترف لأنه يربِّي اللامبالاة والغرور في قلوب المترفين، لذلك يأتي التدمير من جانبهم، بينما يُرزق الناس ويُنصرون بضعفائهم؛ قال الله تعالى: } وإذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقَّ عليها القول فدمَّرناها تدميرا {(16 الإسراء) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {هل تُنصرون وتُرزقون إلاَّ بضعفائكم؟}(صحيح البخاري) {بدعوتهم وإخلاصهم}(صحيح الجامع).
    وبين درجات المؤمنين المتقين السابقين ودركات الفاسقين الظالمين أنفسهم هناك درجات المسلمين المقتصدين، قال الله تعالى: } ثمَّ أورَثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالمٌ لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابقٌ بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير {(32 فاطر) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {لا يبلغ العبد أن يكون من المتَّقين حتَّى يدَعَ ما لا بأس به حذرًا لما به البأس}(صحَّحه الحاكم والذهبي وحسّنه الترمذي).
    والسابق والمقتصد كلاهما يأخذ كتابه بيمينه يوم القيامة وكلّ من زادت حسناته على ذنوبه، ويظهر الفرق بينهم في سعادتهم وانشراح قلوبهم في الدنيا، وحالهم في البرزخ حيث يُعذَّب الفاسق بفسقه، ويوم القيامة يُعامل الناس ويكون حالهم وأمنهم وسلامتهم على قدر أعمالهم، وكذلك تكون سرعتهم على الصراط فوق جهنّم فالسابق سابقٌ كالبرق أو على قدر سبقه والمقتصد مقتصدٌ في سيره والفاسق ضعيفٌ على قدر ضعفه في الدنيا وبعضهم يزحف على بطنه لسنواتٍ طويلةٍ طويلة في مشهدٍ فضيع مخيف رهيب تلفحه النار وتخدشه الكلاليب الجسام ثمّ قد تسقطه ذنوبه في الجحيم فبئس حال الفاسقين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {إياكم ومحقّرات الذنوب فإنَّهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه}(صحيح الجامع) {البرُّ ما سكنت إليه النفس واطمأنّ إليه القلب، والإثم ما لم تسكن إليه النفس ولم يطمئنّ إليه القلب، وإن أفتاك الْمُفْتُون}(صحَّحه الألباني والأرنؤوط) {استفتِ نفسك وإنْ أفتاك الْمُفْتُون}(صحيح الجامع) {ما أنكر قلبك فَدَعْه}(صحيح الجامع) {دَعْ ما يريبك إلى ما لا يريبك}(صحيح الجامع وابن خزيمة وابن حبان) } فلْيحذر الذين يُخالِفون عن أمره أنْ تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذابٌ أليم {(63 النور).
    } يا أيها الناس اتقوا ربّكم إنَّ زلزلة الساعة شيءٌ عظيم، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عمَّا أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد {(الحجّ) } قال: عذابي أُصِيبُ به من أشاء ورحمتِي وسِعَتْ كلَّ شيء فسأكتبها للذين يَتَّقُون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون {(الأعراف) } إنَّما المؤمنون الذين إذا ذُكِر الله وجِلَت قلوبهم وإذا تُلِيَت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربّهم يتوكّلون، الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، أولَئك هم المؤمنون حقًّا لهم درجاتٌ عند ربّهم ومغفرةٌ ورزقٌ كريم {(الأنفال) } يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا بالله ورسوله {(النساء) } وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا {(المائدة) فلَيس الخير ودفع عواقب السوء بالتمنِّي } ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءًا يُجْزَ به ولا يجد له من دون الله وليًّا ولا نصيرا {(النساء) } وأمَّا مَن خاف مقام ربِّه ونهَى النفس عن الهوَى، فإنَّ الجنَّة هي المأوَى {(النازعات) } إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلَها { (الإسراء) } فمن يعمل مثقال ذرَّةٍ خيرًا يرَه، ومن يعمل مثقال ذرَّةٍ شرًّا يره {(الزلزلة) } يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولْتنظر نفسٌ ما قدَّمت لغد واتقوا الله إنَّ الله خبيرٌ بما تعملون، ولا تكونوا كالذين نَسُوا الله فأنساهم أنفسهم أولَئك هم الفاسقون، لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنَّة أصحاب الجنَّة هم الفائزون {(الحشر) } أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا؟ لا يستوون {(السجدة) } إنَّ الذين هم من خشية ربِّهم مُشْفِقُون، والذين هم بآيات ربِّهم يؤمنون، والذين هم بربِّهم لا يشرِكون، والذين يؤتُون ما آتَوا وقلوبهم وجِلَة أنَّهم إلى ربِّهم راجعون، أولَئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون {(المؤمنون) } الذين يقولون ربَّنا إنَّنا آمَنَّا فاغفر لنا ذنوبنا وقِنا عذاب النار، الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار { (آل عمران) } الذين آمنوا وتطمئنّ قلوبهم بذِكْر الله ألا بذِكْر الله تطمئنّ القلوب {(الرعد) } فاستبقوا الخيرات {(البقرة) } إنَّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدِّقين والمتصدِّقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرًا والذاكرات أعَدَّ الله لهم مغفرةً وأجرًا عظيما {(الأحزاب) هذه صفات المتَّقين المستسلمين لله ولأمر الله سبحانه وتعالى الذين قوِي إيمانهم حتى غلب على تفكيرهم وتصرُّفاتهم فخضعوا لله وأطاعوه وصدَقوا في أقوالهم وأفعالهم وصبروا على التقوى فحبسوا أنفسهم عمَّا يعارضها أو يضعفها وخَشَعت قلوبهم لله ربّ العالَمين فبذلوا أموالهم وأنفسهم فيما يحبّ ويرضَى وحفظوها عمّا لا يرضَى وذكَروا الله كثيرًا بأقوالهم وأفعالهم وكلّ تصرُّفاتهم فاستغنوا بذلك عن كلّ ما لا ينفع من القول والعمل } إنَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولَئك هم خير البريَّة، جزاؤهم عند ربِّهم جَنَّات عدنٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي رَبَّه {(البيِّنة).
    } كتَب ربّكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ ثمَّ تاب من بعده وأصلح فأنه غفورٌ رحيم {(الأنعام) } يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبةً نصوحا عسى ربّكم أن يكفِّر عنكم سيّئاتكم ويدخلكم جَنَّاتٍ تجري من تحتها الأنهار {(التحريم) } إنَّ الله يحبُّ التوَّابين ويحبُّ المتطهِّرين {(البقرة) فهل تريد أن تتوب توبةً صادقةً نصوحا؟ إذًا قُلْ ببطءٍ وإخلاصٍ وخشوعٍ وخضوعٍ لله سبحانه: } لا إله إلاَّ أنت سبحانك إنِّي كنت من الظالمين(1) {(الأنبياء) {اللهم أنت ربِّي لا إله إلاَّ أنت خلَقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرِّ ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علَيَّ وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنَّه لا يغفر الذنوب إلاَّ أنت}(2) {اللهم أنت الملك لا إله إلاَّ أنت، أنت ربِّي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعًا إنَّه لا يغفر الذنوب إلاَّ أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلاّ أنت واصرف عنِّي سيّئها لا يصرف عنِّي سيّئها إلاَّ أنت، لَبَّيك وسعديك والخير كلّه في يديك والشرُّ ليس إليك أنا بك وإليك، تباركت وتعالَيت، أستغفرك وأتوب إليك}(3) {اللهم إنِّي ظلمت نفسي ظلمًا كثيرا ولا يغفر الذنوب إلاَّ أنت فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني إنَّك أنت الغفور الرحيم}(4) {ربِّ اجعلني لك شكّارا ، لك ذكّارا ، لك رهّابا ، لك مطواعا ، لك مخبتا ، إليك أوَّاهًا منيبا}(5) } ربَّنا ظلَمْنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونَنَّ من الخاسرين(6) {(الأعراف) فمن قال ذلك صادقًا من قلبه مع حرصه على ترك المعاصي والبعد عنها وعن أسبابها فقد تاب، ومن وجد في قلبه قسوةً وإعراضًا فعليه بالتكرار مرَّاتٍ ومرَّات لأيام وأسابيع حتَّى يخضع قلبه ويخشع ويلين وينتفي عنه الفسوق برحمة الله تعالى وفضله، ثمَّ احرص بعدها على تكرار ذلك مرَّتين أو أكثر في الصباح والمساء، واحرص على أسباب التقوَى، انظر كتاب (حقيقة التقوَى وفضائلها وتربيتها في القلوب) } ولا تتبع الهوَى فيضِلّك عن سبيل الله إنَّ الذين يضلّون عن سبيل الله لهم عذابٌ شديدٌ بما نسوا يوم الحساب {(ص) } قُلْ أذلك خيرٌ أمْ جَنَّة الخلْد التي وُعِد المتَّقون كانت لهم جزاءً ومصيرا، لهم فيها ما يشاؤون خالدين كان على ربِّك وعدًا مسؤولا {(الفرقان).
    وأسباب الدوام على البرّ والتقوى هي؛ العِلم بالله تعالى وحقّه، والخوف منه سبحانه، وإخلاص العمل له وحده، وتذكُّر الموت وما بعده والجنّة ونعيمها والنار وعذابها، والبيئة الصالحة، والصبر والمصابرة، والاستعانة بالله U والتوكّل عليه، والاستعاذة به من الشيطان وأعوانه وإخوانه، والبعد عن أصحاب السوء، والحذر من العُجْبِ والغرور، ومعرفة عواقب الإثم والفسوق.
    (1) هذا دعاء يونس صلى الله عليه وسلم الذي دعا به في بطن الحوت.
    (2) قال النبي صلى الله عليه وسلم: {مَن قالها من النهار موقِنًا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنَّة، ومَن قالها من الليل وهو موقنٌ بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنَّة}(صحيح البخاري) وذلك سيّد الاستغفار.
    (3)هذا بعض دعاء كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به إذا قام إلى الصلاة (صحيح مسلم).

    (4) وهذا الدعاء علّمه النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر t يدعو به في صلاته (متفق عليه).

    (5) صحَّحه الترمذي والحاكم والألباني والأرنؤوط.
    (6) هذا دعاء آدم صلى الله عليه وسلم وحوّاء بعد أن أكلا من الشجرة المحرّمة

  10. #20
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Feb 2011
    المشاركات : 570
    المواضيع : 222
    الردود : 570
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي ماذا بقى من العلامـــــــــــــــات؟

    نافذة على دار النعيم
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
    أخي الحبيب: لقد كتبت لك هذه النافذة على دار النعيم، تلك الأمنية الغالية؛ ليطول فكرك في نعيمها وسرورها، ويعظم رجاؤك في طلبها، فإنَّ من رجا شيئاً طلبه، ولست أعني بالرجاء رجاء مَنْ ينهمك في المعاصي مع رجاء العفو من غير توبة، فهذا غرور، وحاله كحال من بثَّ البذر في أرض سبخة ورجا الزرع بعد ذلك، أو كمن انتظر زرع الجنة ببذر النار، أو كمن يزرع السيئات ويريدها حسنات يوم القيامة.
    ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها *** إن السفينة لا تجري على اليبسِ
    لكن الرجاء المحمود هو الرجاء بعد بذل الأسباب وتأكيدها كما في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرجُونَ رَحمَتَ اللهِ [البقرة:218]، وأين هذا الرجاء من رجاء رجل ترك الصلاة وارتكب المحرمات، فلمَّا قيل له: فلان، ما هذا؟ قال: الله غفور رحيم! فأجابه: يا هذا، إن الله يقول: وَإِنِّى لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهتَدَى [طه:82]، فأين التوبة والعمل الصالح؟
    أخي الحبيب: الدنيا مزرعة الآخرة. والقلب كالأرض، والإيمان كالبذر فيه، والطاعات تزيده، والمعاصي تنقصه، ويوم القيامة يوم الحصاد، فمن زرع خيراً وجد خيراً، ومن زرع شرَّاً حصد شرَّاً، كما في حديث زيد الخير وفيه: كيف أصبحت؟ قال: أصحبت أحب الخير وأهله، وإذا قدرت على شيء منه سارعت إليه وأيقنت بثوابه، وإن فاتني منه شيء حزنت وحننت إليه.
    والمقصود أن مَنْ طال فكره في نعيم الجنة وسرورها وما أعدَّه الله فيها من النعيم المقيم الموعود لأهل الجِنان دعاه ذلك إلى حسن العمل.
    فيا عجباً لمَنْ يؤمن بدار الحياة التي لا موت فيها ولا سقم، ولا تحل الفجائع بمن نزل بفنائها، كيف لا يطلبها؟ والله لو لم يكن فيها إلا سلامة الأبدان مع الأمن من الموت والجوع والعطش لكان جديراً بأن يهجر الدنيا بسببها، فكيف وأهلها ملوك آمنون، وفي الفرح والسرور يتمتعون، لهم فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذُّ الأعين وهم فيها خالدون، وعلى الدوام بين أصناف النعيم يترددون، ومن زوالها آمنون، ففي الحديث: { ينادي مناد أهل الجنة: إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تشبُّوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً } [رواه مسلم]، فالنعيم الصافي لا مطمع فيه إلا في الجنة.
    أما الدنيا فأحلام مشوبة بالنغص، إن ضحكت قليلاً أبكت كثيراً، وإن سرَّت يوماً أحزنت أياماً، وآلامها تزيد على لذَّاتها، أول نعيمها مخاوف وآخره متالف.
    لكن نعيم الجنة لا يقدَّر بقدر. ولا يخطر على بال، وكيف يُقدَّر قَدْر دار غرسها الله بيده وجعلها مقراً لأحبابه، وملأها من رحمته وكرامته ورضوانه، ووصف نعيمها بالفوز العظيم وملكها بالملك الكبير، وأودعها جميع الخير بحذافيره، وطهَّرها من كل عيب وآفة ونقص، وقد أخبرنا ربنا في كتابه الكريم عما أعدَّه لعباده المترفين في جنَّات النعيم من أصناف المطاعم والمناكح والمساكن والملابس، فأخبرنا أن فيها لبناً وعسلاً وخمراً وماءً ولحماً، وحريراً وفضة وذهباً وفاكهة وحوراً وأنهاراً وقصوراً، وليس بين نعيم الجنة ونعيم الدنيا إلا التوافق في الأسماء، وكل ما ورد من أخبار عما في دار القرار في جوار رب العالمين يخالف ما هو موجود في هذه الدار كيفيةً وماهيةً مع اتفاقهما في الإسم واختلافهما في الحقائق والطعوم والروائح، فقد أعدَّ الله لمن أطاعه في الجنة ما لم ترَ عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر، ولا يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرَّب، يقول الله: فَلا تَعلَمُ نَفسٌ مَّا أُخفِىَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعيُنٍ [السجدة:17].
    يقول الإمام المنذري: ( الجنة وأهلها فوق ذلك كله، ومن جملة ذلك النعيم المعد للمؤمنين أنها لا تبلى ثيابهم، ولا يفنى شبابهم، ونعيمها دائم في جميع الأوقات، فلا تعتريهم شدة ولا آفة من الآفات، ويقع نعيم أهل الجنة على أتم الوجوه وأحسنها، ولا يترتب على ذلك النعيم ما يترتب على نعيم أهل الدنيا، ففي الحديث: { إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون، ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون } قالوا: فما بال الطعام؟ قال: { جشاء ورشح - أي عرق - كرشح المسك، يلهمون التسبيح والتحميد كما تلهمون النَّفَس } [رواه مسلم].
    وأهل الجنة لا ينامون لئلا يُشغلوا بالنوم عن الملاذ والحياة الهنيئة، فهم في النعيم مستغرقون، وليسوا كأهل الدنيا ينامون فقد سُئِل رسول الله : أينام أهل الجنة؟ فقال: { النوم أخو الموت، وأهل الجنة لا ينامون } [رواه الطبراني والبزار]. وذلك لكمال حياتهم فيها.
    أما نساء أهل الجنة الطاهرات فقد ورد في وصفهن ما يبهر العقول ويدعو كلَّ عبد صالح يرجو الله والدار الآخرة إلى كل عمل صالح مبرور؛ حتى ينال ما وعد الله عباده المتقين من التلذذ بالحور العين، فقد ورد في الحديث { للرجل من أهل الجنة زوجتان من الحور العين، على كل واحدة سبعون حلة يُرى مخ ساقيها من وراء الثياب } [رواه أحمد]، وذِكْر القليل هنا من الزوجات لا ينافي الكثرة، وهم في تلك الكثرة متفاوتون، فقد ورد عند أحمد وإسناده حسن بأن ( للرجل اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين سوى أزواجه في الدنيا ). وعند أبي يعلى: ( يدخل الرجل على ثنتين وسبعين زوجة مما ينشىء الله وزوجتين من ولد آدم ) [فتح الباري:ج6].
    وقد ورد أيضاً في وصف نساء الجنة ما يحرك النفوس إلى المسارعة إلى طاعة رب العالمين، ففي الحديث: { لو أن امرأة من أهل الجنة اطَّلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأتها ريحاً، ولنصيفها على رأسها - يعني الخمار - خير من الدنيا وما فيها } [رواه البخاري]، بل إن الشمس على قوة نورها وضيائها إذا أشرقت في الصباح أطفأت كل نور، وإذا غربت لم يستطيعوا أن يطردوا الظلام كله ولو أضاء الناس كلهم جميع كهرباء الأرض ولكن { لو أن امرأة من نساء أهل الجنة أشرفت لملأت الأرض ريحاً ومسكاً، ولأذهبت ضوء الشمس والقمر } [رواه الطبراني].
    ومع ذلك فقد سُئِل رسول الله : أنساء الدنيا أفضل أم الحور العين؟ فقال: { بل نساء الدنيا أفضل من الحور العين } قيل: وبما ذلك؟ فقال: { بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن } [المجمع:ج10].
    وورد كذلك في وصف نساء الجنة قوله : { إن الرجل لينظر إلى وجهه في خدها أصفى من المرآة } [رواه أحمد وإسناده حسن].
    أما ما ورد في المزيد في الجنة كما في قوله تعالى: وَلَدَينَا مَزِيدٌ [ق:35] ( أن السحابة تمر بأهل الجنة فتقول: ما تدعون أن أمطركم، قال: فلا يدعون بشيء إلا أمطرتهم ) [رواه ابن المبارك]، قال كثير بن مرَّة: ( لئن شهدت ذلك لأقولن أمطرينا جواري مزينات ).
    فنعيم الجنة وما فيها من السرور فوق ما يخطر بالبال أو يدور في الخيال، فلا يُقاس عليه شيء من نعيم الدنيا مهما كان، فشجرة طوبى لا يقاس عليها شيء، ولا يُوجد لها مثيل في الدنيا، وورد في وصفها ما يبهر العقول ففي الحديث: { إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، اقرءوا إن شئتم وَظِلٍ مَّمدُودٍ } [رواه البخاري ومسلم]، وورد عند أحمد أن رجلاً سأل رسول الله فقال: وما طوبى؟ قال: { شجرة في الجنة مسيرة مائة عام، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها }.
    أما صفة أهل الجنة الذين يدخلونها فأسنانهم وألوانهم وطولهم واحد، ففي الحديث: { يدخل أهل الجنة جرداً مرداً بيضاً جعاداً مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين، وهم على خَلق آدم ستون ذراعاً في عرض سبعة أذرع } [رواه أحمد].
    يقول ابن كثير: ( وفي هذا الطول والعرض والسن من الحكمة ما لا يخفى، فإنه أبلغ وأكمل في استيفاء اللذات، ولأنه أكمل سن القوة مع عظم آلات اللذة، وباجتماع الأمرين يكون كمال اللذة وقوتها بحيث يصل الواحد مائة عذراء، ففي الحديث: أن رجلاً من أهل الكتاب سأل رسول الله فقال: إنك تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون؟ فقال: { نعم والذي نفسي بيده، إن أحدهم ليُعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع } قال: والذي يأكل ويشرب يكون له حاجة والجنة طيبة ليس فيها أذى؟ قال: { حاجة أحدهم عرق هو كريح المسك } [رواه الدارمي].
    وسئل رسول الله : أنفضي إلى نسائنا في الجنة؟ فقال: { أي والذي نفسي بيده إن الرجل ليفضي في اليوم إلى مائة عذراء } [رواه الطبراني]، بل ورد { أن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم في الجنة عُدن أبكاراً } [رواه الطبراني أيضاً]، فهم مع أزواجهم في الجنان في غاية الأماني والأمان، نسأل الله من فضله.
    وأهل الجنة في ازدياد من قوة الشباب ونضرة الوجوه وحسن الهيئة وطيب العيش وذلك على الدوام وَفِى ذَلِكَ فَليَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ [المطففين:26]، و لِمِثلِ هَذَا فَليَعمَلِ العَامِلُونَ [الصافات:61].
    أما أخلاق أهل الجنة وقلوبهم فكما قال تعالى: وَنَزَعنَا مَا فِى صُدُورِهِم مِّن غِلٍ إِخوَاناً عَلَى سُرُر مُتَقَابِلِينَ [الحجر:47]. وفي الحديث: { لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم على قلب رجل واحد، يُسبحُون الله بُكرة وعشية } [رواه البخاري].
    أما ما ورد في ذكر ريح الجنان وطيبه وانتشاره حتى إنه ليشمُّ من مسيرة سنين عديدة ومسافات بعيدة فشيء لا يخطر ببال، ففي الحديث: { تراح رائحة الجنة من مسيرة خمسمائة عام، ولا يجد ريحها منان بعمله ولا عاق ولا مدمن خمر } [رواه الطبراني]. سبحان الله العظيم، هل يوجد في هذه الدنيا دار أو طيب يوجد ريحها أو ريحه من مسيرة ساعة فقط، لكن ريح الجنان يوجد من مسافات بعيدة.
    أما ثمار الجنة فليست كثمار الدنيا، إن ثمار الدنيا تأتي في بعض الفصول ولا تأتي في وقت آخر، وتكتسي أشجارها بالأوراق في وقت وتسقط في وقت آخر، أما ثمار الجنة فأُكُلها دائم لا ينقطع أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلكَ عُقبَى الَّذِينَ اتَقَواْ [الرعد:35].
    وثمار الجنة سهلة المنال قريبة المتناول حتى لو كانت الثمار في أعالي الأشجار فأراد أخذها لاقتربت منه وتذللت إليه تذليلاً وَذُلِلَت قُطُوفُهَا تَذلِيلا [الإنسان:14]. وما في الجنة شجرة إلا ولها ساق من ذهب وتربتها زعفران ومسك فما ظنك بما يتولد منها، إنه لا يخرج منها إلا الثمار الراتقة الناضجة الأنيقة.
    أما صفة ثمر الجنة ففي الحديث { ثمر الجنة أمثال القلال والدلاء أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وألين من الزبد، وليس فيه عجم } [رواه ابن المبارك]. بل ثبت أن الرجل إذا قال: ( سبحان الله وبحمده )، غرست له نخلة في الجنة.
    أما خيام أهل الجنة فليست كخيام الدنيا. ففي الحديث: { إن للمؤمن لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلاً، للمؤمن فيها أهلون، يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضاً } [رواه البخاري].
    أما أعلى نعيم الجنان فشيء عظيم يبهر العقول ويشوَّق النفوس، وذلك إذا كَشف الرب جل جلاله الحجاب، وتجلَّى لأهل الجنان نسي أهل الجنة ما هم فيه من النعيم وشُغلوا عن الجنان وعن الحور العين بالنظر إلى رب العالمين، وذلك لكمال جلاله سبحانه وتعالى.
    وذكر ابن كثير عن أبي المعالي الجويني أن الربَّ تبارك وتعالى إذا كشف لأهل الجنة الحجاب وتجلى لأهل الجنة تدفقت الأنهار، واصطفت الأشجار، وتجاوبت السرر والغرفات بالصرير، وغردت الطيور وأشرقت الحور العين. قلت: ومع هذا كله فإن أهل الجنان يشغلون عما هم فيه بالنظر إلى الرب تبارك وتعالى نسأل الله العظيم أن يرزقنا لذة النظر إلى وجهه الكريم.
    وفي الحديث: { إذا دخل أهل الجنةِ الجنةَ وأهل النارِ النارَ نادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه فيقولون: وما هو؟ ألم يثقل موازيننا، ويبيّض وجوهنا، ويدخلنا الجنة ويزحزحنا عن النار؟! قال: فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم الله شيئاً أحب إليهم من النظر إليه ولا أقر لأعينهم } [رواه أحمد وصححه الألباني].
    ومن أحسن ما قال الشعراء وفصحاء الأدباء في الجنة:
    فحلت سويدا القلب لا أنا باغياً *** سواها ولا عن حالها أتحول
    يقول الله: خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبغُونَ عَنهَا حِوَلا [الكهف:108]. فكيف بأهل الجنة إذا ذبح الموت بين الجنة والنار، وذلك عندما { يؤتي بالموت كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار فيقول: يا أهل الجنة، فيشرئبون وينظرون. ويقول: يا أهل النار، فيشرئبون وينظرون. ويرون أنه قد جاء الفرج فيذبح الموت ويقال: يا أهل الجنة، خلود ولا موت، ويا أهل النار، خلود ولا موت، فازداد أهل الجنة فرحاً إلى فرحهم، وازداد أهل النار حزناً إلى حزنهم } [رواه أحمد والبخاري]، وزاد ابن أبي الدنيا: ( فيأمن هؤلاء، وينقطع رجاء هؤلاء
    واعلم أخي الحبيب أن الجنة لا تُنال بالأماني واتباع الهوى، ولا سبيل إليها ولو تمنى المتمنون إلا بطاعة الله ورسوله، قال : { كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى } قالوا: ومَن يأبى يا رسول الله؟ قال: { مَن أطاعني دخل الجنة، ومَن عصاني فقد أبى }. واحذر من نفسك فإنها عقبة كؤود، وفي هذه العقبة أودية وعقبات ولصوص يقطعون الطريق على السالكين ولا سيما أهل الليل المدلجين، فإذا لم يكن معهم عُدة الإيمان ومصابيح اليقين تعلقت بهم تلك القواطع، وفي الحديث: { مَنْ خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا سلعة الله الجنة } [رواه الترمذي]، وكلما رقى السائر في ذلك الجبل اشتد به الصياح والتخذيل والتخويف، فإذا لم يلتفت إليه وبلغ قلته انقلبت تلك المخاوف كلهن أماناً ورأى طريقاً واسعاً آمناً يفضي به إلى أعلى المنازل والمناهل، وعليه الأعلام وفيه الإقامات قد أعدت لركب الرحمن، فما بينك وبينها إلا قوة العزيمة وصبر ساعة وشجاعة نفس ودعاء عريض، والكَيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.
    قد هيؤك لأمر لو فطنت له *** فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
    واعلم أن سلعة الله غالية، وأن دونها أهوال وكروب وهموم، ففي الحديث: { حُفت الجنة بالمكاره، وحُفت النار بالشهوات } فحفت الجنة بالمكاره والأعمال الشاقة من فعل الخيرات وترك المحرمات ولكن داخلها فيه من اللذات والمسرات ما لا يخطر ببال، وحفت النار بالشهوات شهوات الغي في البطون والفروج ومضلات الهوى والفتن وهي سهلة لكن من دخل النار فداخلها كله مضرات وحشرات وعذاب فظيع.
    نسأل الله العظيم أن يُقسم لنا من خشيته ما يحول بيننا وبين معصيته، وأن يهب لنا من الطاعة ما يبلغنا به جنته بمنه وكرمه، وأن يرزقنا لذَّة النظر إلى وجهه الكريم والشوق إلى لقائه في غير ضرَّاء مضرَّة ولا فتنة مضلة، وأن يرزقنا رضوانه الأكبر والفردوس الأعلى

صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. علامات الساعة ظهور الدخان
    بواسطة مصطفى امين سلامه في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 29-05-2011, 08:41 AM
  2. ظهور إحدى علامات الساعة في فلسطين..!!!
    بواسطة عطية العمري في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 10-06-2006, 06:30 PM
  3. عقارب الساعة الفلسطينية
    بواسطة ميرفت شرقاوي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 14-03-2006, 02:59 PM
  4. من علامات الساعة ((الــفــتــن))
    بواسطة أماني محمد في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 18-10-2005, 09:03 PM