بسم الله الرحمن الرحيم
الوعد الحق : قصة قصيرة
انكمشت على جسدي مدثرا بغطاء نال منه الزمن، في محاولة يائسة لاتقاء برد شهر أبريل المتقلب، ومحاولا من جهة أخرى منع عيني من غفوة عابرة، ليصل تعب الجسد أقصاه، فيسقط في سباة عميق بحيث لا يحس قساوة البرد في فترة ما بعد منتصف الليل..
على نور شمعة كادت تكتمل، تتبعت ببصري الضعيف أسطرا من كتاب أصفر،وأنا أحاول استجماع شتات ذهني، ومنعه من استحضار ذكريات الزمن القريب..
ذكريات البيت الواسع، والفراش الوثير، والمال الكثير..
غصت رغما عني في كتاب الذكريات الجميلة، مع الزوجة الطيبة، وسمية الصغيرة وهي ترتمي بين أحضاني، وتمرر أناملها الصغيرة على وجنتاي، قبل أن أعود لحاضري، وألقي نظرة متحسرة على غرفتي الصغيرة الوحيدة، وآخذ نفسا عميقا ممزوجا برائحة احتراق خبز الشعير، وأنا أدعوا الله ألا يكون حال الزوجة في بيت والدها كحالي..
أفقت من شرودي على ظلال نور الشمعة المتمايل على صفحة الكتاب الأصفر ، لأعاود القراءة من جديد..
إنه بحق عالم مخيف، ومهيب..
عالم يأجوج ومأجوج..
ويبقى الشخص محتارا كيف استطاع ذو القرنين هزمهما و...
انتبهت مذعورا على صوت أنات، وصراخ، وعويل يأتي من الخارج، فسارعت لفتح باب الغرفة المطل على الزقاق مباشرة..
ولوهلة ،ظننت نفسي في حلم، لو لا أن لفحني برد الشارع في قسوة، فجعلني أنتبه لما يحدث..
ففي الزقاق، كان عشرات الأشخاص يموج بعضهم في بعض، وهم يهرشون أجسادهم بأظافرهم في رعب، وقد هالني مشهد مسئول معروف ببلدية المدينة، بربطة عنقه الزاهية، وهو يعوي كذئب مفترس، ملوحا بيديه في الهواء، ويعدو هاربا كأن شياطين الجحيم تلاحقه..
وفي أعقابه، ميزت مسؤولا كبيرا بعمالة الإقليم، وهو يلقي بلباسه التقليدي الذي اعتاده في المناسبات، عن جسمه ،و يسقط ملتويا على الأرض، لأشاهد بعض ذلك أغرب عملية تحول لبني البشر في التاريخ الحديث..
ففجأة بدأت أظافره تكبر، وأنيابه تبرز، وشعر جسده ينمو، وقرن شيطاني يتشكل في منتصف جبهته تماما..
ثم يتوقف فجأة عن الصراخ ويبقى للحظات منكمشا على جسمه، قبل أن يقفز على أطرافه الأربعة، ويرمقني بنظرة حاقدة مخيفة، فتراجعت للخلف مغلقا الباب علي، وأتابع المشهد الرهيب من شق بالباب..
ويا لهول ما رأيت!! فمن كان بالقريب ممثلا للملك رأيته ينقض على مواطن مطحون معروف، لا يملك قوت يومه، ويغرز مخالبه فيه ويمزقه بأنيابه تمزيقا..
أغمضت عيني في فزع وأنا أصيح..
يا إلهي.. يبدو أن الجدار الذي كان يقف سدا منيعا أمام سادية بعض البشر قد سقط..
وبإيمان ورهبة، تمتمت بآيات بينات ومنتظرا وعده..
وعد الله الحق..
انتهت بإذن الله