**هَواتِف في مَهَبِّ الرِّيح **

	خواء ....ودعتُه و دمعة سكنت مقلتيّ ،غالبتُها كي لا تفضحني، و خيم الصمت طقوس الرحيل ، كانت أنفاسي كأنها أوراق الخريف تتساقط تباعا ...متعبة ، ذابلة تتبعت الملامح ، كل الحركات ، كل اللفتات ، أتزود لليالي البرد و البعد . أغلقت جميع كتبي إلا صفحة أشعاري له ، و خنقت فيّ الدموع ، كي لا يكون آخر عهده بي ، البكاء ؟ و على شرفة جنتنا ، كانت مدينة الأشواق تبتعد شيئا فشئيا ، و يصغر معها الحلم و يضيق معها الأمل ، ترانا نلتقي من جديد ؟؟

	قُبَيْلَ اليقظة هل كان حقا ذلك الهامس من داخلي، ينظُرُ فيَ ،فَأراني ، وينطقُ فيّ ،فأَسمَعُني؟؟ هل كان حقا ذلك الهاتف في أعماق إنصاتي ،يبهرني بعلمه بالأشياء، و باستباقه جملي؟؟؟ هل كان حقا ذلك الماهر في جعل الأشياء ما بيننا تبدو مختلفة، و في مرايانا تُرى بألوان خاصة ؟؟؟ هل كان حقا ذلك الذي تربع على عرش دفاتري، يسافر فيها سُلطانا على الحروف ، يمحو منها ما يشاء، و يكتب فيها ما يريد ؟؟ كانت ليلة هادئة ، صامتة ، حزينة ، تلك التي عانقنا في حلكة ليلها موجا من الألحان العذبة ، فسرت موسيقاها كأنها خيوط قدر تشبكنا... حين نادى : هنا قصائد لا تنتهي، وامتدادات لشواطئ النسيان ، هنا بناء جديد لقاموس متآكل .. ذلك الصوت الذي يجري في دمي ، أحقا في دمي ؟؟؟

	تـنـتـابُـني كـلّما يَمّمتُ شطرَ قوافـيـكَ الـمـمـدودة فـي ضـلـوعي ، و تغْـمـرُني ، و تـأسرنـي في روضـة شِعرِك ، لا أبــالي .. مغمورة أنا ، ولكنّـي في شغـافِـك مـهْـرجانٌ مُـشْـتَـعـل .

	ربّــاه !! كـم هـالـني ذاك الـقـادم بألـغـاز الـمـجـرّات ، وأحـجـيـات الـمـطـر ، مــتـوجـسة كـنـت من مـحـيّـاه ،،، كم طـاف بـي مـنْ مرافئ الـتّـعـب إلـى عوالمِ فـنـونـِه، حـتـى غَــدَوْتُ في كَـونِـه الـحـالــم " ألِسْ " ، و هـو ، كـلـه ، " بِـلاد الـعَجـائـب ".

	أنـا الشّـمـاء فـي لُـغـة الـثّـرَيـا و وهْـجـي إلـى تـلـكَ الكَواكـب يـنـتـمـي ، أجـوب الـكـون أزرعُـهُ انـثـيـالـي ، و أنـثُـر مِـن عَـناقـيـدِ بـوْحـي أغْـنِـيَـةً ، تـلُـمُ شعْـثَ الـحزانـى ،و تعالج تـغـريـب الـسّفـر .

	كـلّـنـا فـي الـعِـشْـقِ شرْق ، والـهَوى فـي الـرّوح لا ،لا يَـعُـقُّ ، منذ انْـسِـجـامِ الألْـحـانِ في مـقـامـاتِ الأمـانـي ، أصـبـحَ بـابُ الـهُــدْبِ مَـمْـنـوعًــا ،،، يُهابُ ، فلا يُدَقُّ .

	لـعـيـونـك كـل الأغـانـي ، يـا مَـبـسـمـا بـالـسّعْدِ جــاء ، أنـت مَـعْـلَـمـةٌ كـتَـبَـها الـتّـاريـخ حلْـما لا يَـزورُ إلاّ أهْـلَ الـصّفـا ،،، و الأصْـفـيـاء .. زَيْـتـونَةٌ أنْـت ، يُـحـبّـك مَـوجُ الـبَـحـر ، وشَــدْوُ الـطّـيـور ، و يَـعْـشَـقُـك الضّـيـاء .

	رعَـيْـتُ الـوَردَ مـنْ أمَـدِ انْـسـيـابي ، فَـأَبَـيْـتَ إلا أنْ تَـجْـرحَنـي بِشَـوْكِـهِ وتُـصـيـبَ فـيّ الـوُدّ، فَـطـرَحْـتُ منَ الـعَـهْـدِ الـذّي ضَـمَّـنـا، عَـيْـنَـهُ ، وبَـدَأْتُ فـي فَـصْـلِ الـخِـتَـامِ، الـعَـد ّ .

	تَـتَـأبّـى أمـام لَـواعِـج الـفِـراق دُمـوعـي ، تـراها تَـعَـوّدتْ عـلـى صَوتِ ابـتِـعـادِ الـخَـطْـو ، حَـدَّ الـتّـطْـبـيـع !! يا أيـها الـدّمعُ ، ألا تَـعْـلـمُ أنّ وَجعـي يَـكـونُ أعْـظَـم ، حـيـن يِـراكَ عَصيّــا .

	رأيْـتُـكَ تَـسْـكُـنُ بالـخصْبِ الـقَــريــبِ ، فـيّ ، لـذلـك ، مـا هَـمّـنـي أنْ أرانـي أُساق للسُّكنى في القَــحْــطِ الـبَـعـيـد .