|
إِِلَى اللهِ الحَلِيْمِ شَكَـوْتُ دَائِـي |
علَى بَلْوَى وشَاعَتْ فِـي دِمَائِـي |
فلَيسَ سِـواهُ يَملِـكُ أيَّ نَفْـعٍ |
بِدَفْعِ الضُّـرِ أو جَلْـبِ الـدَّواءِ |
ومَنْ فِي الخَلْقِ يَخلُو مِن مُصَابٍ |
أرُونِي سَالِمـاً مِـنْ دُوْنِ دَاءِ؟ |
خُلِقْنا كُلُّنَـا مِـن طِيْـنِ أرْضٍ |
ومِن رُوْحِ الإلَهِ علَـى السَّـوَاءٍ |
فَلا أحَدٌ علَـى البَلْـوَى كَبِيـرٌ |
ولا صِغَـرٌ بِعَـيـنِ الاِبْـتِـلاءِ |
هِيَ الدُّنيا سَـوَادٌ فـي بَيَـاضٍ |
خَلِيْطٌ مِـن بُكَـاءٍ فِـي غِنَـاءِ |
وأفْضَـلُ غَانِـمٍ فِيهَـا فُــؤَادٌ |
تَـدَارَكَ ذَنْبَـهُ قَبْـلَ الفَـنَـاءِ |
وعَزَّزَ دَمْعَهُ فِـي العَيْـنِ دَمْـعٌ |
جَرَىَ فِي القَلْـبِ أوَّابَ الدُّعَـاءِ |
فَمَن كَسَبَ ارْتِيَاحَاً فِي مَعِيْـشٍ |
يُعَانِي مِن مَعِيشٍ فِـي الثَّـرَاءِ! |
ومَن سَلِمَتْ بِهِ الأيّـامُ صُبْحَـاً |
فَهَل تَدرِي أيَسْلمُ فِي المَسَـاءِ؟ |
وكُلُّ صَغِيْرةٍ في الدِّيْـنِ بلْـوَى |
وإنْ كَانَـتْ كَـذَرَّاتِ الـهَـوَاءِ |
وكُلُّ كَبِيْرةٍ فِـي المَـالِ فَـدْوَى |
ولَو لَـم تُبْـقِ شَيْئـاً للبَقَـاءِ |
فَـلا تَجْـزَعْ لغَيْـرِ اللهِ رُكْنَـاً |
إذَا دَارَتْ عَليْكَ رُحَـى القَضَـاءِ |
ولَنْ يُِفْتِِيْـكَ فِـي أمْـرٍ مَرِيْـرٍ |
سِِوَى مَن ذَاقَ مِن نَفْسِ الوِعَاءِ |
فَدَقِّقْ فيْكَ عَـنْ نِعَـمٍ خَـوَافٍ |
إذَا لَم تَلقَ نُعْمَى فِـي العَـرَاءِ |
وحَسْبُكَ بَسْمَة مِن وَجْـهِ حِـبٍّ |
عَلَتْ فَوْقَ الشِفَـاهِ بَـلا رِيَـاءِ |
وحُضْـنٌ دَافـئٌ تَـأوِي إلَيْـهِ |
بقَصْـرٍ مِـن لازُورْدٍ أو ظِبَـاءِ |
لِخَمْسٍ لَم أذُقْ حُضْنَـاً لأُمّـي |
ولَم أسْمَعْ لطِفْلٍ صَـوْتَ بَـاءِ |
ولم أجْلِسْ إلَى أهْـلٍ وصَحْـبٍ |
ولم أغْمِضْ ورَأسِي فِي صَفَـاءِ |
تَنَزَّلَ دَمْعُهَـا فِـي كُـلِّ حَـيٍّ |
عَلَى وَلَدٍ تَوَغّـلَ فِـي التَّنَـاءِ |
أُهَاتِفُهَا فَتَصْرُخُ :هـا صَغِيْـرِي |
ألم يَئِنِ الرِّجُوْعُ إلَـى سَمَائِـي |
ألـم تَشْبَـعْ فِرَاقَـاً واغتِرَابَـاً |
فَقَد عَاثَتْ جِرَاحيَ فِـي أنَائِـي |
وقَدْ نَضَبَتْ عَلَيْكَ عُيُوْنُ قَلْبِـي |
ومَا عِنْدِي سِوَى نَزْفِ الدِّمَـاءِ |
تَعَالَ فَلَم يَعُـدْ فِـي العُمْـرِ إلاَّ |
عِظَـامٌ يَابِسَـاتٌ مِـنْ خَـوَاءِ |
يُتَمْتِـمُ دَاخِلِـي بُرْكَـانُ وَيْـلٍ |
أحَتَّـى الأمُّ يَغْمُرُهَـا شَقَـائِـي |
ألاَ يَكْفِـي حَبِيْبَـاً ذَابَ هَجْـرَاً |
ويَأكُلُـهُ الحَنِيْـنُ مَـعَ البُكَـاءِ |
تُمَزِّقُنِي (تَعَـالَ) فَكَيْـفَ يَأْتِـي |
حَبِيْسٌ خَلْفَ قُضْبَـانِ العَمَـاءِ؟ |
وقَيَّـدَهُ الكَفِيْـلُ بِألْـفِ لَـيْـلٍ |
وسَمَّرَهُ (الشِّـؤُوْنُ) بألْـفِ لاَءِ |
تُوَارِيْـهِ الشَّـوَارِعُ مِثـلَ قِـطٍّ |
جَنِيْـبٍ يتَّقِـي شَـرَّ الـمُـوَاءِ |
لهَا اللهُ العُرُوْبَةُ فِـي عُرُوْقِـي |
يُمزِّقُ صَدْرَهَـا كَـفُّ الإخَـاءِ |
ألَسْنَـا كُلُّنَـا أبْنَـاءُ وَحْــيٍّ |
وِلِدْنَا ذَاتَ نُـوْرٍ مِـن حِـرَاءِ؟ |
ويَنْظِمُنَـا كِتَـابُ اللهِ عُـقْـدَا |
عَلَى صَدْرِ البَسِيْطَـةِ والجِـوَاءِ |
تَرَكْتُ النِّيْلَ لاَ مِن قَحْـطِ حَـالٍ |
ولا مِنْ فَرْطِ بَطْـشٍ أو بُغَـاءِ |
فَلا أرْضٌ وجَفَّ الـرِّزْقُ مِنْهَـا |
ولا وَطَنٌ وعَنْـهُ العَـدْلُ نَـاءِ |
هُوَ الطِّيْشُ البَلِيْدُ و وَهمُّ حُلْـمٍ |
تَلاعَـبَ بالقَنَاعَـةِ والرِّضَـاءِ |
فَبِعْتُ إلَى الدُّجَى نَـوَّارَ حَقْلِـي |
وفأْسِيَ واشْتَرَيْتُ خُطَى البَـلاءِ |
حَنَانُ اللهِ كَيْـفَ ارْتَبْـتُ فِيْـهِ |
ومَن يَرْتَابُ فِي أُفِـقِ البَهَـاءِ! |
عَصَافِيـرٌ غَـوَادٍ كُـلَّ فَـجْـرٍ |
إلَـى نَهْـرٍ تَدَثَّـرَ بالهَـنَـاءِ |
وفَـلاّحٌ يَفُـوْحُ الرِّيـفُ مِنْـهُ |
كَأُغْنِيَـةٍ وفَـاحَـتْ بالنَّـقَـاءِ |
يَحُـثُّ حِمَـارَهُ وبِكُـلِّ لُطْـفٍ |
يُعاتِبُهُ بِ (هاءٍ) أو بِ (حَـاءِ) |
تَقَلَّـدَ فَأْسَـهُ المَبْلُـوْلَ طِيْنَـاً |
عَلَى كَتِفٍ وشَـدَّ عَلَـى العَيَـاءِ |
وُجُوْدٌ لَوعَمَلْـتَ العَقْـلَ فِيْـهِ |
رَأيْـتَ اللهَ لا رَيْــبٌ بِــرَاءِ |
عَبِيْرُ الصُّبْحِ يُنْشِيْـكَ ابْتَهَاجَـا |
ويَغْسِلُ عَن حَيَاتِكَ مِثْـلَ مَـاءِ |
وأشْجَـارٌ إذَا ألقَيْـتَ سَمْـعَـاً |
لهَا ألقَتْ عَليْـكَ مِـنَ الثَّنـاءِ |
فَلا تَقْصُصْ عَلَى العَيْنَيْنِِ نَخْـلاً |
كَفَاهَا العُشْـبُ شَوْقَـاً لِلـرَّوَاءِ |
ويَنْبٌوْعٌ تَشَعَّـبَ فِـي الرَّوَابِـي |
كَبَرْقٍ شَاعَ فِي عَرَضِ السَّمَـاءِ |
إلَى حَقْلٍ هُنَاكَ وخُـذْ عُيُونِـي |
أيَا بَحْرَ الحَنِيْنِ، و صِلْ بَقَائِـي |
وأَحْسِنْ رَكْعَتَيـنِ وَرَاءَ كُـوْخٍ |
تُصَلِّي خَلْفَهُ شَمْـسُ الفَضَـاءِ |
وسَلّمْ لِي علَـى زَهْـرٍ حَنُـوْنٍ |
تَقَابَـلَ والنَّسِيْـمُ بِـلا جَفَـاءِ |
تَجَاسَرَ خَلْفَهُـمْ شَجَـرٌ عَتِيْـقٌ |
وكَشَّـرَ للـرِّيَـاحِ ولِلغُـثـاءِ |
فَقَد عَزَّ اللِقَـاءُ ومَـا بِأمْـرِي |
شِرَاعِي الآنَ فِي مَرْمَى الهَـوَاءِ |
وهَا فَوْقَ المَوَاجعِ جِسْمُ رُوْحِي |
لهَـا المَوْلَـىَ مُمَزَّقـةُ الـرِّدَاءِ |
ويَجْرُفُهَا الضَّيَاعُ كَمِثْـلِ رَمْـلٍ |
إلَى قَـاعِ الحَيَـاةِ بِـلا عَنَـاءِ |
ويَمْضَغُهَا الظَّلامُ ولَيْسَ عِنْـدي |
ولَـو حِـرْزَاً كَشَمْـعٍ لِلضِّيـاءِ |